Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

بعضنا يختار .. والاخر يحتار

الاختيار والحيرة .. مصطلحين مترادفين في العمل متعاكسين في الاتجاه .. وكثيرا ما يصادفانا في حياتنا ،وان لم نبالغ نقول في عملنا اليومي ، فبين الخيار والحيرة نقع احيانا ضحية تصورنا الخاطيء للشيء الذي نرغب بعمله .. وهذا الشعور طبعا ، ينتابنا في جميع مفاصل حياتنا سواء كان ذلك على المستوى الشخصي ، ام العائلي وحتى في مستوى العمل والسياسة واحيانا حتى في اولادنا .. ولنأتي بامثلة .. فحين نرغب شراء بدلة مثلا ، نضع في تصورنا ونصب اعيننا قبل شراء تلك البدلة ، اللون والحجم ونوع القماش والموديل و...الخ من تصورات ، وحين ندخل احد محال التسوق ، ينتابنا الذهول من كثرة الالوان الجميلة ، وانواع الاقمشة والبدلات المحلية والمستوردة .. وهنا .. فاننا قد نفقد في احيان كثيرة ، تصورنا السابق وننغمس في اختيارات عديدة ، اذ نجرب هذه ونترك تلك ، ومن ثم نعود لنختار اللون الفلاني ونترك هذا اللون ، واخيرا نترك المحل دون شراء ونتحول الى محل اخر .. وهكذا ، الى ان نصل الى قناعة وتصور قد يختلف عن تصورنا السابق ، فنعود الى المحل الاول لنختار بدلة لا علاقة لها ابدا بتصوراتنا وانما لعبت كثيرا من الامور الثانوية باختيارنا هذا ..
وهكذا الحال ايضا حتى في اختيار طعامنا ، فحين ندخل مطعم معين لنشبع غريزة الجوع حالما تنتابنا ، وما ان يأتي عامل المطعم ويقدم لنا قائمة انواع الماكولات المغرية والشهية ، تاخذنا الحيرة ونبقى نختار هذا ثم ذاك.. فهذا كباب وذاك معلاق والاخر تشريب وفي الاخير وتلافيا لكل تلك الحيرة نلغي هذا وذاك ونطلب ( ماعون مشكل ) ...!! وكذا الحال حين يتطلب الامر اختيار شريك الحياة ، حيث تسيطر الحيرة على الفرد ومن كلا الجنسين في اختيار هذا ورفض ذاك..اذ ان مواصفات العروس التي يرغبها الفتى او الشاب قد تكون موجودة في فتاة معينة دون غيرها ، ولكن متى ما دخل في اعماق الوصف قد يصادف امورا تبعده عن تلك الاوصاف . وكذك الفتاة حين يتقدم شاب ما لخطبتها .. فقد ترفض احيانا وتقع اسيرة حيرة في الاختيار والرفض احيانا اخرى .. وهكذا
اذن تأخنا الحيرة ونبقى نتأرجح بين هذا وذاك . وتلك حالة غريبة فعلا ، فلو ركزنا قليلا لوجدنا باننا نضيع احيانا باختياراتنا في بحيرة الحيرة ، وحينها نقع ضحية تصوراتنا الغير المنطقية للأمور ، وهذا الامر ينعكس حتى على الواقع الاجتماعي للفرد.. ولنكن صريحين اكثر .. وعلى واقعه السياسي ايضا .. فمثلا .. بعد سقوط النظام في 9/4/2003 ظهرت على وجه الحقيقة ، العديد من التنظيمات السياسية الخاصة بابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ، بعضها مؤسس ومنطلق على الساحة منذ عدة عقود ، والاخر حديث التكوين والتنظيم ، ولكن الكل ودون استثناء ينادي بالشعارات نفسها ، ، وحين تقرأ انظمتها الداخلية ستجد بانها جميعا منطلقة من مبدأ خدمة ابناء شعبنا وعلى جميع الاصعدة .. وهنا يبدأ المواطن بالحيرة ، اذ يتساءل عما هية تلك المؤسسات فاذا كانت كل تلك الفئات السياسية لأبناء شعبنا تدعي وتطلق الشعارات نفسها ولها نفس الاهداف ، اذن ، لِمَ كل هذا الكم من تلكم التنظيمات، الم يكم الاجدر ان يكون هناك تنظيم واحد يقود ابناء الامة نحو تحقيق امانيها القومية ..؟ اليس بالامكان توحيد كل تلك التنظيمات في مؤسسة سياسية واحدة .. الخ من الاسئلة التي تراود المواطن وتجعله اسير حيرة من امره ،مما تصعب الامور اكثر واكثر في اختياره من يتولى قيادته ،ولكنه في الاخير يذعن لهذا او ذاك سواء كان ذلك برغبته او بغيرها ـ ويقوم فعلا باختيار واحدا منها .. وحين يدخل في تفاصيل تلك الفئة يلاحظ ان الشعارات التي رفعت .. قد تكون حبرا على ورق احيانا.. اذ لا تطبق الا على الورق فقط .. وهذا ما يفقد هذه الفئة او تلك ثقة المواطن والشعب.. اذ ان المواطن يريد التطبيق العملي لشعارات هذه الفئة او تلك .. فهو يريد العمل الملموس على ارض الواقع ،لأنه ( المواطن ) قد مل لغة الشعارت نهائيا وتركها جانبا . لذا فانه يترك خياراته السابقة عن رؤيا وتصور منطقي صحيح ، ويبدأ البحث عن خيارات اخرى تحقق له اهدافه بالشيء الملموس والمحسوس وبعيدا عن لغة الشعارات الكلامية المغرية والتي لا يمكن تطبيقها الا في اذهان بعضنا وللأسف الشديد .. ولكن بعضنا لا تزال الحيرة تأخذ منه مأخذها ، فهو اما مخدوع بشعار معين او ربما لا يعي اي من الاختيارات هو صحيح .. ومن جهة اخرى فان بعضنا قد حسم امره على الاختيار سواء كان في هذا الاتجاه او ذاك ، وترك الحيرة جانبا لتكون اسيرة نفسها لأنه بالفعل مؤمن بان اتجاهه هذا سيحقق له ما تصبو اليه امنياته وتطلعاته . وهكذا تأخذنا الحمية الى عدم التمييز بين الصح والخطأ .. بين الشعار والتطبيق.. بين الوهم والحقيقة ... بين الحلم والواقع .. اذن هنا ، لا بد لنا ان نكون في كامل وعيينا حين نختار .. وعلى جميع الاصعدة وخصوصا المصيرية منها ,, ولننظر الى الواقع بجدية والى الذي يطبق الشعار، والذي يطلقه فقط دون تنفيذ.. والذي يراوغ ويتلاعب بالفاظ غير منطقية و الذي يتكلم بالمنطق ويبني حقائقه على واقع فعلي.. وهنا يستطيع المواطن ان يختار بجدية بعيدا عن كل المغريات الزائفة والغير المنطقية .. وتبقى حقيقة ما تقدمه هذه الفئة او تلك من خدمات ملموسة تخدم المواطن ، هي المحك الاساسي لإختياراته سواء كان ذلك على مستوى الانتماء او حتى مستوى الانتخابات .
Opinions