بولس فرج رحو هل يكون الأخير...؟
أصبحنا ننام ونصحو بين فترة وأخرى على أخبار خطف أو قتل أو على أصوات قنابل وتفجيرات تؤدي بحياة أبرياء ليس إلا، وهذا هو ديدن جميع العراقيين منذ ربيع 2003 مع الأسف فقد وعد الرئيس الأمريكي بجعل العراق نموذجا للديمقراطية في المنطقة وهو يستعد لتنفيذ مخططه الشنيع في تدمير العراق، وهو لا زال ماضيا قدما بهذا المخطط ومستمرا بإيهام العالم بأنه مستمر على نهجه الديمقراطي السليم رغم كونه جمهوريا صميميا، ونحن بمقالنا هذا لسنا بصدد الحكم على سياسات هذا الرئيس ولا على أسلوب تنفيذها رغم أننا جميعا نعاني وبشدة منها وننزف من دمائنا أطنانا ونعطي الضحايا بأرقام مذهلة كل يوم ولو حدث ذات الشيء في دولة متقدمة لسقطت الحكومة وتم خلع الرئيس ومحاسبة المسؤولين ....لكننا في العراق تعودنا أن نقول: الحمد لله .. أو قل لا يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا ... أي مكتوبة!!! وإلى غير ذلك من المقولات التي لا تغني ولا تسمن وتقود المجرم لإيغاله في الجريمة وتصعيده لإجراءات القمع والعنف تجاه الضعفاء والأبرياء والعملية عامة ولا تقصد مكونا عراقيا دون آخر، فالعربي أو الكردي أو الكلداني السرياني الآشوري أو التركماني أو حسب الديانات : المسلم أو المسيحي أو الصابئي أو الإيزيدي ... كلهم مقصودون ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ...
مع شديد الأسف هذا هو الحال، ولكن مسيحيوا العراق ينالون من كل هذا أمرا مضاعفا،؛ الأول كونهم عراقيون يصيبهم ما يصيب العراقي من الهول والدمار نتيجة الفلتان الأمني وغياب سلطة القانون، والثاني لكونهم مسيحيون وهناك الكثير ممن يعتبرون أن قوات الاحتلال مسيحية ويفترضون جدلا أن مسيحيوا العراق يتعاونون مع المسيحي المحتل لتوحدهم في ذات الدين!!!
وهذا قطعا ليس هو حال المسيحيين، وكذلك ليس هذا دين الأمريكيين، فجيش الاحتلال ليس بجملته مسيحيا بل به حتى من المسلمين، إلى جانب المسيحيين والبوذيين والكفار واليهود وغيرهم لأن أمريكا هي بلد يجتمع على أرضه مختلف أديان العالم لأن الهجرة من العالم هي التي كونت هذا البلد بهذا الشعب متعدد الأشكال والأعراق. كما أن المسيحيين في العراق ليسوا كلهم طائفة واحدة بل أن القوانين النافذة تقسمهم إلى (14) طائفة رسميا، وإن نظرنا إلى المذاهب فسنجدهم منقسمين إلى (4) مذاهب رئيسية وهي:
1 . المذهب الكاثوليكي
2 . المذهب الأرثذوكسي
3 . مذهب الكنائس الآثورية (النسطورية!!؟)
4 . المذهب البروتستنتي
فكيف لنا أن ندمج كل هؤلاء بوحدة واحدة مع الأمريكيين الذين يحق لكل مجموعة من البشر لا تتجاوز (500) إنسان أن يكوّنوا مذهبا دينيا خاصا بهم!!! فإن كنا في العراق ذو الملايين التي لا تصل إلى (30) مليونا من البشر 14 طائفة من المذاهب الأربعة المذكورة أعلاه، فكيف سيكون الحال في أمريكا ذات الملايين التي تربوا على (200) مليونا من البشر، بكل تأكيد سنجد الطوائف هناك ربما بالمئات حيث أنني لست مطلعا على واقع الحال في أمريكا.
لذلك ألفت نظر من يستهدف المسيحيين في العراق وأقول له أيا كانت الأجندة التي تعتمدها فإن المسيحيين منها براء وأقصد هنا مسيحيوا العراق، لأن هؤلاء وعلى مر الزمن هم مخلصون لبلدهم ويعملون لخدمته بأمانة ولو عدنا إلى صدر الرسالة الإسلامية سنجد أن المسيحيون كانوا أطباء لخليفة المسلمين، وكانوا مترجمون وكان بطريركهم من جلساء الخليفة الدائميون، وحتى في زمن الحروب الصليبية فإنهم حاربوا في جيش صلاح الدين ضد الغزاة الأوربيين، واختلطت دمائهم بدماء أخوة لهم على مر التاريخ منذ دخول الاسلام أرض الرافدين، فلم يكن ولائهم يوما لغير العراق بل أن الصلوات التي يرفعونها تفرض عليهم الصلاة من أجل حكامهم لأنهم يعتبرون أن السلطة هي من السماء وإن كانت ظالمة فلأنهم مخطئون!!! وكلنا يعرف في كتاب المسيحيين المقدس آية تقول (أحبو أعدائكم ... صلوا من أجل مبغضيكم) فمن كانت هذه مبادئه فكيف له أن يؤذي الإنسان الآخر بالإضافة إلى أن المسيح له المجد قال بوصية واحدة هي (المحبة) ولم يوصي من تبعه أن مكانه في الجنة سيكون مضمونا، بل قال (كثير من المشارق والمغارب يدخلون ملكوت السماوات وأنت تطرحون خارجا).
إذا أنكم قد حددتم الهدف الخطأ لإيذاء مسيحيي العراق، وبذلك تبرهنون ما أنتم سوى سراق لا قضية لكم فمجمل هدفكم هو الحصول على حفنة من المال لاعتقادكم بأن الكنيسة هي تنعم بالغنى والمال، لكن الأمر أيضا ليس هكذا رغم ما تجدونه من مظاهر هذا الحال عليهم، لأنهم يعرفون كيف يلبسون وكيف يرتبون مقتنياتهم لكي تظهر بأبهى حلّة ويظن الذي يراهم أنهم من الأغنياء!!!
ولم يكن باسيليوس جرجس القس موسى أول مطران يتم خطفه في العراق وربما لن يكون بولس فرج رحو الأخير لأن المجرمون لا زال امامهم حيز ينتقلون بموجبه على أرض العراق الطاهرة ويدنسوها بأقدامهم القذرة ويشوهون صورة الإسلام السمحاء ويعطون المجال للأجنبي كي يبقى ويؤسس لاحتلال بعيد المدى في أرض ما بين النهرين الصامدة الطاهرة، فلهؤلاء نقول لتنفتح أذهانكم كي ترى عيونكم الإشارات الصحيحة لواقع الحال الذي تحدثونه في أرض العراق والجرح العميق الذي تحدثونه في أبناء العراق والخسارة التي تلحقونها بنا وبكم وبكل هذا الوطن الجريح.
فهل ننتظر منكم تغييرا لمواقفكم أم أنكم ستستمرون في غيكم، واعلموا أن المطران الذي بين أيديكم قد نذر نفسه من أجل الرسالة التي يحمل علامتها على صدره ولا يهم مصيره بقدر ما يهم الأساس الذي تقومون بتخريبه وإن ذهب هذا المطران لاسامح الله فسيكون العشرات غيره مستعدون لإكمال رسالته وستبقى مؤسسته قائمة لأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها، فنأمل أن يكون لكم آذان تسمع وعيون ترى، وفي العودة عن الخطأ فضيلة ... نأمل أن تستغلون هذه المقولة لكي تعملون شيئا مفيدا لأنفسكم ولأخوتكم في العراق إن كنتم تحبون العراق.