Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تذكار الراهبة تقلا ورفيقاتهما الشهيدات

الراهبة تقلا ورفيقاتها الشهيدات: في السنة السابعة من اضطهاد شابور، وشي لدى نرساي طمشابور برجل منافق يدعى بولا في قرية كشا، وكان بالاسم يدعى كاهناً. فقيل للحاكم أن لهذا الرجل مالاً كثيراً وثروةً طائلة. فأرسل الحاكم جنوده على الفور وأحاطوا ببيت الرجل وقبضوا عليه، ونهبوا بيته واستولوا على أمواله. وبسببه قبضوا أيضاً على الراهبات اللواتي في قريته وهن: تقلا ومريم ومرتا ومريم وايمه. واتوا بهم جميعاً مقيدين بالسلاسل إلى قرية حزة. وادخلوا الرجل أولاً أمام الطاغية طمشابور فقال له: " إذا امتثلت إدارة الملك وسجدت للشمس وأكلت الدم فإني أعيد لك أموالك ". وإذ كان الأثيم المنافق جائعاً إلى غناه، وتواقاً إلى ثروته ليحترق بها، امتثل لأمر الحاكم في كل شيء. وحينما رأى طمشابور أن لا يجد علة لقتله، فكر أن يقول له أن يقتل أولئك الراهبات، فلعله يخجل ولا يقدم على هذا الفعل الشنيع، فيستحوذ على أمواله ولا يعيدها إليه. وإذ ذاك أمر بإدخال الراهبات أمامه. فقال لهن بصراحة: " امتثلن لإرادة الملك واسجدن للشمس، وتزوجن فتخلصن من العذابات، وتنجون من الموت بحد السيف. وإذا لم تطعن فإني سأنفذ فيكن ما أوت به، ولن يخلصكن أحد من يدي ". فرفعت القديسات أصواتهن قائلات: " أيها المتكبر المتعجرف، لا تفزعنا وتخدعنا بكلماتك المضلة، بل أنجز سريعاً ما أمرت به. فمعاذ الله أن نحيد عن إلهنا، ونفعل ما يقوله لنا ". حينئذ أمر بإخراجهن من الموضع الذي كان جالساً فيه. ثم جلدوا كلاً منهن مائة جلدة. أما هن فكن يعترفن بأعلى أصواتهن ويقلن: " أننا لا نستبدل الله بالشمس، ولن نكون جاهلات وغبيات مثلكم، أنتم الذين تركتم الخالق وسجدتم لخليقته ". وعلى الفور صدر عليهن الحكم بالموت، وقيل لبولا المنافق: " عليك أن تقتل هؤلاء الراهبات، وتستعيد كل ما أخذ منك ". فدخل فيه الشيطان الذي دخل في يهوذا، وخدعه ذاك الذي وسوس الإسخريوطي، وأغراه الذهب وأغواه المال. فأهلك نفسه بطمعه مثل ذاك الخائن، فأصابه في الأخير النصيب الذي أصاب ذاك، وجنى حبل المشنقة نظيره. ولعل هذا أيضاً مثل ذاك الذي انشق وسطه، واندلقت أمعاؤه كلها. ولعل ذاك السارق ترك أرثه لهذا. فذاك قتل يسوع، وهذا قتل المسيح في شخص العذارى. فإن الذين اعتمدوا بالمسيح، قد لبسوا المسيح. فأية دينونة ونقمة تصدر على كليهما. فإن العدالة تكيل لهما العقاب دون قياس، لأنهما أذنبا بغير قياس. أما بولا الجشع فبدافع محبة ماله الذي لم يسترد إليه، إلا بامتثاله أمر الحاكم الأثيم، صلب وجهه وأمسى قلبه كالجلمود. وتناول السيف وتجرأ فتقدم نحو البتولات. وحينما رأته الراهبات قادماً نحوهن. صرخن بصوت واحد وقلن: " أيها الراعي الجبان، أو بدأت بذبح نعاج قطيعك؟ أهذا هو الجسد المقدس الغافر الذي كنا نتناوله من يدك؟ أهذا هو الدم المحيي الذي كنت تقدمه لأفواهنا؟ والآن أيضاً فإنما السيف الذي تمسكه سيكون سبب حياتنا وخلاصنا. أما نحن فإننا ماضيات إلى يسوع الذي هو مالنا وميراثنا الأبدي. وأما المال الذي أحببته أنت، فإنك لن تكسبه. فها نحن نسبقك إلى المحكمة الإلهية، ولن نتأخر مرافعتنا عليك، وسرعان ما يدركك عدل الله. والسبب الذي يدفعك إلى قتلنا، لن يبقى في حوزتك في الحياة. فنحن إنما نموت من أجل المسيح، ولكن الويل للرجل الذي على يده نموت. فاقترب إذن أيها الجشع، وكمل بنا لائحة أخطائك، فتبدأ منا بداية دينونتك الصارمة. هلم أيها الوقح وحل قيودنا سريعاً، وأنقذنا من منظرك قبل أن نراك معذباً بحبل المشنقة، فتتمزق أوصالك وتنذهل في ضيقك، وتفيض روحك في صلبك الأليم ". لكن الوقح لم يبال بهذه الأقوال، بل اقترب ورفع السيف، وضرب الراهبات الخمس، وقطع رؤوسهن كسياف ماهر. وكان استشهاد هؤلاء الراهبات في السادس من حزيران سنة 347. ألم يكن هذا الغبي قد قرأ أو سمع ما جاء في الإنجيل عن الغني، الذي درت عليه أرضه غلات وافرة فقال: " يا نفسي كلي واشربي وتنعمي؟ ". وما أن أنهى كلامه هذا حتى قيل له: " أيها الجاهل في هذه الليلة تطلب نفسك منك، فالذي أعددته لمن سيكون؟ ". فحدث لهذا الكاهن المنافق ما حدث لذلك الغني الجاهل. فحينما ظن أنهم سيعيدون إليه أمواله التي في سبيلها هلك نفسه، إذا به يُقتل في تلك الليلة نفسها. فقد خان الحاكم من أن تؤدي جسارة هذا الرجل إلى رفع الأمر إلى الملك، فيؤخذ ما كان قد سلبه منه. فأرسل إلى السجن بعضاً من أعوانه، ووضعوا حبلاً في عنق الرجل وعلقوه مشنوقاً، ولم يكشف أمر قتله لأحد. فما أشبه موته بموت يهوذا، وما أشبه جشعهما! ولعل يهوذا مغرور أكثر من هذا. فإن ذاك قد ندم فشنق نفسه، أما هذا فلم يخجل فشنقه آخرون. ولا عينه نظرت إلى الدم البريء الذي سفكه. فإن كل حكم أو عذاب يأتيه، هو أقل من النقمة التي يستحقها. وتحتفل كنيسة المشرق بتذكار الراهبة تقلا ورفيقاتها الشهيدات في 6 حزيران من كل سنة.



Opinions