Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

تقسـيم شـعبنا فاشل ، والمصر يراوح مكانه

ليس خافيا أن انقسامات شـعبنا ترافقت ما مـا حصل في كنيسته الموحدة ( المشـرق ) من انقسـات مذهبية وطائفية نتيجة تدخلات خارجية ، وترسـخت هـذه الإنقسامات نتيجة تأجيجها من قبـل كبار رجال الدين في طوائفنا كافة ، المستحدثة والسائرة على النهج القديم ، وبتشجيع من نفوذ القوى الخارجية التي كانت السبب في المحنة الانقسـامية .

واسـتمرت هـذه الحالة نتيجة الإنغلاق المتواصل الذي ظـلّ قائما بين طوائفنا المذهبية ، خصوصا ان الأحاديث ظلت دينية ، لأن الحديث في الشؤون القومية لشـعبنا حتى سنوات قريبة كان جريمة تعاقب عليها القوانين الحكومية ، والمؤسـف أن البعض ، خصوصا من كبار رجال الدين ، لـم يهتـموا بإزالة التراكمات المشـتتة لشـعبنا الواحد ، بـل حاولوا أخيرا تأجيجها من خلال تحويلها الى تسميات قومية ، فصار الانتماء الى الكنيسة الآثورية ( الآشورية ) يعني القومية الآثورية أو الآشورية والكنيسة الكلدانية يعني القومية الكلدانية وكذلك الكنيسة السريانية الذي صار يعني القومية السريانية . . وهـو أمر غريب لم يشـهده شـعب آخر بأن تتحول تسميات طوائفه الدينية الى تسميات قومية . . لكن المسـر أن البعض أدرك عـدم صوابه فالتـزم التسمية الموحدة بينما البعض الآخر لايزال مصرا يراوح مكانه وأملنا أن يعيـد النظر في موقفـه ويتخلى عن تـشتـيت شـعبنا . .

والأدهـى أن البعض الذي واصل اصراره على ابتداع القوميات ، قـد سـار على منواله البعض المغترب من شعبنا من غير رجال الدين ، هـذا البعض المغترب الذي وان ظـلّ هـو على شـئ من الارتباط بجذوره في أرض آبائه وأجداده ، فقـد انمـزج هـذا الارتباط بتأثيرات الظروف الخارجية المحيطة بـه ، وفي كل الأحوال فـإن هذا الارتباط ، مهما كان نوعه ، لن يتجاوز جيله الحالي لأن أولاده وأحفاده سـيفقدون كل صـلة لهم بلغة وتراث ومذاهب أرض آبائهم وأجـدادهم . . وأيضا صرنا نسـمع أخيرا أن هـذا البعض يطالب بـ ( كعكة ) الداخل وهـو يعلم جيدا أنـه يلاحق السـراب لأن هـذه ألـ ( كعكة ) هي فـقط للمحافظ على وحـدة شـعبنا في الداخل ، أما ( كعكة ) الرافض لوحدة شـعبنا في الداخل فهي في الخارج حيث كبار دعاة الانقسام والتشتت وأصحاب الوعود التي ظلت وعـودا وستبقى كذلك كما يبـدو .

ويبـدو أن البعض من كبار رجال الدين لطوائف شعبنا لايزال يعتـقد ، بضرورة سيره على النهج القديم ، وأن أوامره مهما كانت فهي مطاعة لدى اتباع طوائفه من دون تمحيص أو اعتراض ، على رغم مـا أفرزته الوقائع بأن اتباعه يطيعون فقط أوامره التي تكون ضمن المجال الديني ، وفي غير ذلـك فلا يجدون ما يستوجب عليهم الإلتزام بـه . . فشـعبنا على اختلاف طوائفه ، والمقصود داخل العراق ، صار واعيا بقضاياه وأن الخيار الذي اختاره هـو مقت الانقسام والتشتت والضعف والهزال والمصير المجهول ، ولهذا كان خياره في اختيار ممثلي شعبنا في برلمان اقليم كردستان هو انتخاب المؤمنين بوحدته ، وحتى الرسالة التي بعثها أحد المطارنة الى قسس ابرشيته في اقليم كردستان لقراءتها في الكنائس من اجل التصويت لقائمة معينة لم يقرأهـا إلاّ قس واحد فقط يعمل ضمن كنيسة المطران نفسه ، بينما تجاهل بقية القسس قراءتها لأنها أمر غير ديني . . فهل يتعظ هـذا المطران وغيره مـما رسـى عليه أمر هـذه الرسالة غير الدينيـة .

من حـق رجال الدين كافة التعبير عن آرائهم واقتراحاتهم خارج المجالات الدينية ، ووضعها في مجال التفاهم والحوار وقناعة شـعبنا ( داخل العراق صاحب القضية ) على أن يلتزموا بالتالي موقف غالبية شـعبنا في الداخل . . وفي هـذا الإطار أيد الكثيرون ونحن أيضا دعوة سيادة المطران لويس ساكو الى الحوار والتفاهم وعدم الاصرار على تسمية موحدة واحدة ، كما وقف الكثيرون من شعبنا ونحن أيضا الى جانب اقتـراح الأب الباحث ألبير أبـونا في شـأن ( القومية الآرامية ) . . وأبدينا رأينا بأن التسمية الموحدة المركبة ( كلداني سرياني آشوري ) ليست مثالية ، ولكننا أيدناها باعتبارها توفيـقية مرحلية جامعة راهنة للأسماء المتداولـة وردا ضروريا مرحليا لاسـقاط محاولات التقسيم والتفرقة والتشتت والهزال والعودة الى الماضي البغيض ، هـذه المحاولات الخارجية التي بلغت درجة جعل شـعبنا في الداخل في حيرة من أمـره ومصيره مما يجعله يضطر الى اللحـاق بدعاة التشـتت وبالتالي افراغ العراق مما تبقى فيـه من شـعبنا . . أسـوة كما فرغت البـلدة التي ينتمي اليها زعماء التـقسـيم من أهلها الأصليين وأصبح نصفها مسرحا لهيمنة من لاينتمون الى شعبنا والنصف الآخر من شـعبنا ولكن من غيـر سكانها الأصليين . .

ونؤكـد بوضوح وجلاء أن موقفنا الشـخصي هـو البقـاء مؤيـدا للتسمية المركبة ( كلداني سرياني آشوري ) أسـوة بموقف غالبية شـعبنا داخل العراق الذي بـرز في انتخابات محافظتي نينوى وبغـداد ومن ثـم بنتائج كوتا شـعبنا لانتخابات برلمان اقليم كردستان ، وذلـك لقطع الطريق أمام محاولات التقسيم والدفع باتجاه افراغ العراق نهائيا من شـعبنا ، وسيبقى موقفنا هـذا قائما حتى التوصل الى تسمية قومية غير مركبة لشعبنا تكون مقبولة من معظم شعبنا داخل العراق الذي لـه الحق وحـده بتقـرير مصيره بعيـدا عن كل تدخل خارجي .

ونوضح أيضا ، أن التجارب أثبتت أن الاعتماد على الخارج فاشل دائما وهو سبيل الضعفاء ، كما أن تشكيل تنظيمات بعبارات رنانة مثـل ( عالمي ) غير مفيدة واقعيا لدى شعبنا داخل العراق ، وإلاّ ماذا يمكن أن نقول عن ( الاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان ) حيث عند النظر الى أسماء السادة أعضاء هيئته التأسيسية يظهر أن 7 منهم فقط هم من داخل العراق بينما 18 الباقي من خارج العراق ، فكيف يمكن أن يدوم هذا الاتحاد فعالا في العراق إذا كان فقط أقل من ثُـلث أعضائه من داخل العراق ، وأن أكثر من الثُـلثين هم من الخارج الذي ينتمي الى الجيل الذي غادر العراق خلال العشرين سنة الأخيرة تقريبا وبقيت بعض أرتباطاته بأرض آبائه وأجداده ، ما يعني أنه بانتهاء هـذا الجيل لن يكون لهذا الاتحاد أعضاء في الخارج ، بينما لا ضمان ، والحالة هذه ، لبقاء القلة من أعضائه وأولادها التي هي في الداخل في اطار هذا الاتحاد . .

وفي هذا المجال كان على الداعين لهذا الاتحاد الذي أكـد انعـزاليته حتى عن مديرية الثـقافة السريانية في وزارة الثـقافة لاقليم كردستان ، أن يأخذوا درسا من تجربة مصير ( الاتحاد الآشوري العالمي ) الذي تأسس منذ أكثر من خمسين سنة في أميركا ولا يزال يراوح مكانه من دون أن يحقق أي هدف له من أهدافه الرنانة داخل العراق ، فلم يرجع أحد من أعضائه الى ديار آشـور ولم يستطع أن يجد مؤيدا له داخل العراق ، وظل عالميا وسـيبقى حتى ينتهي وجوده ، من دون أي فعل داخل العراق ، وبقي نشاطه مقتصرا على ( المؤتمرات العالمية ) خارج العراق التي سرعان ما يعتري مقرراتها الرنانة النسيان وتـذهب مع الريـح .

وازاء هـذا ، وانسجاما مع نهجنا القائم على الوثائق التاريخية ومواقف الجهات الخبيـرة المحايدة تجاه خلافات شـعبنا ، فإننا سنتناول في موضوعنا المقبل ما كتبه مصدران تاريخيـان لغـويان محايـدان تجاه أمور شعبنا القومية ، همـا : الأول : ( المنجد في اللغة العربية المعاصرة ، والمنجد في الإعلام ، الصادر عن دار المشرق التابع للآباء اليسوعيـين في لبنان ـ الكاثوليك ) والمصدر الثـاني ( الموسوعة العربية الميسرة الصادرة عن دار الشعب ( القاهرة ) ومؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر باشراف محمد شفيق غربال ) .

Opinions