Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ثورة 14 تموز في نهوضها وانتكاستها واغتيالها / الحلقة/ 13

8/11/2009
سادساً:انقلاب العقيد عبد الوهاب الشواف الفاشل في الموصل:
كان الانقسام في صفوف القوى الوطنية في أوائل عام 1959 قد بلغ مداه، ورفضت القوى القومية والبعثية أي دعوة للتعاون والتلاحم من أجل مصلحة الشعب والوطن.
لقد جرت في تلك الأيام انتخابات النقابات، والمنظمات الجماهيرية، وبذل الحزب الشيوعي جهوداً كبيرة ،من أجل لمّ الشمل، والخروج بقائمة موحدة في الانتخابات، ولكن القوى القومية والبعثية رفضتا ذلك رفضاً قاطعاً، وأصرتا على خوض الانتخابات بصورة منفردة، قاطعة الطريق على أي تقارب وتعاون.
جرت الانتخابات بروح ديمقراطية، بإشراف ممثلين عن القائمتين [الديمقراطية]التي ضمت الشيوعيين والديمقراطيين والبارتيين، والقائمة [الجمهورية] التي ضمت البعثيين والقوميين، وقد لفوا حولهم كل العناصر الرجعية، المناهضة للثورة أساساً، تلك القوى التي وجدت فرصتها في هذا الانقسام للظهور بمظهر القومية الزائفة، والوحدوية في حين أنها كانت، ولعهد قريب، من أشد أعداء الوحدة وعبد الناصر، ولا تزال تلك الأحداث في ذاكرتي عندما فازت القائمة الديمقراطية [المهنية] للمعلمين، وكنت أحد مرشحيها، بفارق كبيرفي الأصوات، وأعترف ممثلي القائمة [الجمهورية] بتوقيعهم على محاضر الانتخابات وفرز الأصوات بان الانتخابات قد جرت في جو ديمقراطي لا تشوبه شائبة، وكانت نقابة المعلمين، تمثل قطاعاً كبيراً من المثقفين، وقد تجاوز عدد أعضائها أكثر من خمسة وخمسين ألف معلم ومدرس وأستاذ جامعي آنذاك.
كانت الانتخابات تلك خير مقياس لتوزيع القوى، حيث كان لها دور فاعل في الحياة السياسية للبلاد، وجرت بعد ذلك انتخابات الطلاب، حيث جرى الاستقطاب بين القوى السياسية، على غرار ما جرى في انتخابات نقابة المعلمين، وفازت القائمة الديمقراطية المسماة بـ [اتحاد الطلبة] فوزاً ساحقاً، وتبع ذلك انتخابات نقابة المهندسين، والأطباء، والعمال والجمعيات الفلاحية، وفشلت تلك القوى الرافضة للتعاون في الحصول على أي مكسب فيها.
لقد تعمق الاستقطاب في صفوف الحركة الوطنية، وأخذ التباعد يتسع يوماً بعد يوم، وأخذ الجانب الخاسر في التنافس الحر، منحى آخر يستند إلى العنف في تحقيق ما عجز عن تحقيقه عن طريق التنافس الديمقراطي الحر، وبدأت عقولهم تفكر في استخدام القوة والعنف لتغيير الأوضاع لصالحهم.
وجد العقيد الشواف ـ آمر موقع الموصل ـ فرصته الذهبية في ركوب الموجة، فقد كان يشعر بأنه قد أصابه الغبن الكبير عند ما جرى تعينه آمراً للواء الخامس، وآمر موقع الموصل، وكان يطمح في الحصول على منصب وزاري، أو منصب الحاكم العسكري العام عند قيام الثورة، حتى لكأنما قامت الثورة لتوزيع المناصب على القائمين بها، وليس من أجل خدمة القضية الوطنية.
كنت في تلك الأيام مديراً لإحدى مدارس الموصل [مسقط رأسي]، وكنت أرى وأحس والمس ذلك الصراع يتطور ويتعمق، والانقسام يبلغ مداه، ويتحول إلى عداء واعتداء، وتحول ذلك الجانب الخاسر في الانتخابات إلى عصابات تنتشر هنا وهناك تتحين الفرص للاعتداء على العناصر الديمقراطية والشيوعية، بوجه خاص، وكانت توجيهات الحزب الشيوعي آنذاك تقضي بعدم الإنجرار وراء تلك الأعمال، وتجنب الصدام، وكان أمله في إعادة الصواب إلى رشد تلك القوى والعودة إلىالتلاحم والتعاون من أجل مصلحة الشعب والوطن، وديمومة الثورة ونضوجها، وتعمقها من أجل تحقيق أحلام الشعب العراقي في الحرية التي ضحى من أجلهاسنين طويلة.
كان يدرك معنى الانقسام في صفوف الحركة الوطنية، والمخاطر التي تسببها، وفعل كل ما يمكن من أجل إعادة اللحمة للقوى الوطنية.
إلا أن كل محاولاته ذهبت أدراج الرياح، وراحت تلك القوى تعد العدة وتهيئ لمحاولة انقلابية في مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق،وكانت تحركاتهم وإعدادهم لذلك الانقلاب بادية للعيان، وتجري على قدم وساق، فيما كان الجانب الثاني من الاصطفاف ـ الشيوعيون والديمقراطيون والبارتيون ـ يراقبون الأوضاع بدقة، فالخطر لا يعني عبد الكريم قاسم وحده، أو الثورة وحدها، وإنما يعني أيضاً تعرض كل القوى المساندة للثورة للتصفية إذا ما تحقق النصر لمحاولتهم الانقلابية.
كان العقيد الشواف ومعه عدد من الضباط القوميين والبعثيين ينشطون بهذا الاتجاه، وينسقون مع القوى الرجعية للإعداد لتك المحاولة.
وأنتهز أعضاء المؤتمر الأول لنقابة المعلمين في الموصل ـ وكنت أحدهم ـ وجوده في بغداد، لحضور المؤتمر الأول للنقابة المنعقد في أواسط شباط 1959 الفرصة طالبين مقابلة الزعيم عبد الكريم قاسم لأمرٍ يخص الثورة والجمهورية وأمنها. . وافق عبد الكريم قاسم على استقبال الوفد في مقره بوزارة الدفاع، وحضر الوفد في الوقت المحدد، ولم تمضِ سوى دقائق معدودة حتى حضرالزعيم
عبد الكريم قاسم ودخل القاعة وسط التصفيق والهتاف بالثورة وقيادتها.
بدأ الزعيم الحديث موجهاً كلامه للوفد مرحباً به وقائلاً:
{ إنني كنت واحداً منكم، أنتم مربي الأجيال، نعم لقد كنت معلماً، في إحدى قرى الشامية بعد تخرجي من الإعدادية، وقبل أن أدخل الكلية العسكرية، وأنا فخورٌ بذلك}.
ثم تحدث الزعيم طويلاً عن دور المعلم في المجتمع، وبعد نهاية حديثه طلب من الوفد الحديث.
بدأ أكبر أعضاء الوفد سناً، الشهيد المناضل [ يحيى ق الشيخ عبد الواحد] الذي كان في العهد الملكي، مشهوداً له بالوطنية، والمواقف الجريئة ضد حكم الطاغية نوري السعيد، وضد النظام الملكي، وناله بسبب مواقفه تلك صنوفٌ من الاضطهاد والاعتقال، وأستحق محبة الشعب العراقي وقواه الوطنية.
بدأ يحيى بالحديث عن أوضاع الموصل المتدهورة، والنشاط التآمري الذي يجري على قدم وساق، وموضحاً للزعيم أن العراق في خطر، وإن الثورة في خطر كذلك، إذا لم تسارع حكومة الثورة في معالجة الأمر بأسرع وقت ممكن من أجل نزع الفتيل قبل حدوث الانفجار، مشيراً إلى العناصر التي تقود ذلك النشاط، وعلى رأسها العقيد الشواف، وزمرة من الضباط القوميين والبعثيين المتعاونين معه بالإضافة إلى القوى الرجعية والإقطاعية، وعلى رأسها شيخ مشايخ شمر[أحمد عجيل الياور].
وتحدث يحيى عن السلاح الذي كان المتآمرون ينقلونه عبر الحدود مع سوريا، ويخزنوه في الموصل، وكذلك عملية تسليح قبائل شمر التي تدين بالولاء لرئيسها أحمد عجيل الياور، أكبر إقطاعيي المنطقة الشمالية قاطبة، والنائب السعيدي المزمن في العهد الملكي، والحاقد على الثورة، وعلى قانون الإصلاح الزراعي الذي جرده من سلطانه.
كما تحدث يحيى عن نشاط عملاء شركات النفط في [عين زالة] في الموصل في هذا الاتجاه.
إلا أن الزعيم عبد الكريم قاسم رد على رئيس الوفد بكل برود مردداً عباراته المشهورة [الصبر] و[ التسامح ] و[ والكتمان ] و[المباغتة] ، والتي كان يرددها دائماً، وقد رد عليه يحيى قائلاً:
يا سيادة الزعيم: إن هناك حكمة تقول [الوقاية خيرٌ من العلاج]، إن انتظار حدوث الكارثة ومعالجتها بعد ذلك أمرٌ خطيرٌ جداً، إذ ربما تكون لها ارتباطات مع قطعات عسكرية في مناطق أخرى من العراق، وربما تؤيدها غيرها من القطعات العسكرية في مناطق أخرى، وربما تنجح تلك المحاولات في اغتيال الثورة، وفي أحسن الأحوال، حتى لو قامت المحاولة وفشلت، فلا أحد يستطيع تقدير خسائرها وأضرارها، لذلك فأن منع وقوعها أفضل بكثير من انتظار وقوعها والقضاء عليها.
كان جواب عبد الكريم قاسم غير متوقع إطلاقاً، لقد غضب قاسم من حديث يحيى وأجابه قائلاً:{ إننا ندرك الأمور إدراكاً جيداً، وإن العقيد الشواف هو أحد الضباط الأحرار وأنتم تهولون الأمور وتضخمونها، نحن أقوياء واثقون من أنفسنا}.
وعاد الأستاذ يحيى مخاطباً الزعيم قاسم قائلا:
سيادة الزعيم: إننا لا نطلب من سيادتكم سوى طلب بسيط، فنحن لا نطلب أن تعاقب أحداً، أو تسجن أحداً، وكل ما نطلبه هو نقل زمرة الضباط المذكورة إلى وحدات عسكرية غير فعّالة، أو تفريقها في مناطق أخرى، منعاً لوقوع الواقعة.
لكن الزعيم قاسم رفض ذلك رفضاً قاطعاً وأجاب بحدة:
{ إن هذه الأمور تتعلق بنا وحدنا ونحن لا نسمح لأحد بالتدخل فيها}.
وهكذا فقد بدا جو اللقاء مكفهراً، مما دفع بالمرافق الأقدم للزعيم [وصفي طاهر] إلى التدخل لتحسين الجو قائلاً:
{إننا لا نهاب الشواف، ونحن قادرون على جلبه إلى هنا هاتفياً في أية لحظة}.
وأخيراً بدا عبد الكريم قاسم يغير اتجاه الحديث، عارضاً منجزات الثورة، وطموحاتها المستقبلية، وقبل نهاية اللقاء نهض الزعيم وتناول مجموعة من صوره الموقعة من قبله، وأخذ يوزعها على أعضاء الوفد، وبذلك أنتهي اللقاء، وغادر الوفد وزارة الدفاع، والكل يضرب أخماساً بأسداس، كما يقول المثل، ويسأل بعضه بعضا:
هل ستقع الواقعة؟ بل متى ستقع بالتأكيد؟ وماذا ستكون النتائج؟
عاد الوفد إلى الموصل والقلق بادٍ على وجوه الجميع، فقد كان الجو مكفهراً وينذر بالخطر.
وفي تلك الظروف البالغة الخطورة، قرر الحزب الشيوعي بالتعاون مع حركة أنصار السلام، التي يساهم فيها الحزب بنشاط كبير، تحدي المتآمرين، وتوجيه تحذير إليهم بأن مدينة الموصل سوف لن تكون مسرحاً لاغتيال الثورة ومنجزاتها، وأن الشعب العراقي سوف يقف بالمرصاد لأي تحرك، معلناً عن تنظيم مهرجان لأنصار السلام في الموصل في أوائل آذار 1959.
واستعدت القوى الديمقراطية والشيوعية والديمقراطية الكردستانية لذلك اليوم الموعود، وتقاطرت الوفود من أنحاء القطر للمشاركة في ذلك المهرجان، وكانت المظاهرة من الضخامة وحسن التنظيم ما أقلق قوى الظلام، وأثار غضبها، فنصبت الكمائن لتصب جام غضبها على المسيرة، وأمطرتها بوابل من الرصاص والحجارة، فجرح من جرح، وأدى ذلك إلى وقوع صدامات عنيفة مع المهاجمين.
أكفهر الجو، ونزلت قوات كبيرة من الجيش والشرطة لإيقاف الصدام، وانتهى ذلك اليوم، وعادت الوفود إلى مدنها، وخيم الوجوم على الموصل وأبنائها، وتصاعد القلق كثيراً، فقد بدا واضحاً أن الوضع قد ينفجر في أية لحظة.
وبالفعل لم يكد يمضِ سوى يومين حتى نفذ المتآمرون فعلتهم بادئين ليلة 7/8 آذار باعتقال كل القادة والناشطين في الأحزاب والمنظمات الديمقراطية، وبوجه خاص منتسبي الحزب الشيوعي، وقد جرى الاعتقال بأسلوب الاحتيال، حيث طلب الشواف اللقاء معهم في مقره لدراسة الأوضاع السياسية المتدهورة، وسبل معالجتها، ولبى من لبى ذلك النداء ووقع في الفخ الذي نصبه الشواف لهم، واختفى من أختفي مشككاً بأهداف الاجتماع، وكان ما كان، فقد تم أخذَ الجميع بالشاحنات العسكرية معتقلين، وأودعوا الثكنة الحجرية.
وفي الصباح كان المتآمرون قد هيئوا إذاعة منصوبة في شاحنة طويلة تحمل صندوقا كبيراً، كانت قد وصلتهم من الجمهورية العربية المتحدة عبر الحدود السورية، وبادروا إلى إعلان بيانهم الأول معلنين قيام الانقلاب، ومطالبين عبد الكريم قاسم بالاستقالة.
وفيما يلي نص البيان الذي أذيع في تمام الساعة السادسة والنصف من صبيحة ذلك اليوم 8 آذار.
نص بيان العقيد عبد الوهاب الشواف الانقلابي (26)
أيها المواطنون:
عندما أعلن جيشكم الباسل ثورته الجبارة في صبيحة 14 تموز الخالد، عندها حطم الاستعمار وعملائه، وقضى على النظام الملكي، وأقام بمؤازرتكم وتأييدكم النظام الجمهوري الخالد، عندما فعل جيشكم ذلك كله، لم يدر بخلده، ولا بخلدكم أن يحل طاغية مجنون محل طاغية مستبد، وتزول طبقة استغلالية بشعة، ليحل محلها فئة غوغائية، تعيث بالبلاد والنظام والقانون فساداً، ويُستبدل مسؤولون وطنيون بآخرين يعتنقون مذهباً سياسياً لا يمت لهذه البلاد العربية الإسلامية العراقية بمصلحة. أجل لم يدر بخلد جيشكم الباسل، ولا بخلدكم أنتم أيها المواطنون الأباة، وقد انصرم على قيام ثورتكم الخالدة ثمانية أشهر، ولم تكن بلادكم الوفيرة الخيرات، إلا مسرحاً للفوضى، والبطالة، فيتحطم اقتصادها الوطني، وتتعطل مشاريعها العمرانية، وتنتزع الثقة من النفوس، ويختفي النقد من الأسواق، وتعيث بالبلاد مقابل ذلك فئة ضالة باغية لا دين لها، ولا ضمير، تخلق لها صنماً به لوثة في عقله وتعبده، ولا تخشى الله وتنادي به رباً للعالمين، وتُسخر موارد الدولة لتخلق منه زعيماً أوحداً، ومنقذاً أعظم. هذا الزعيم الذي خان ثورة 14 تموز، وعاث بمبادئها وأهدافها، ونكث بالعهد، وغدر بإخوانه الضباط الأحرار ونكل بهم، وأبعد أعضاء مجلس الثورة الأشاوس ليحل محلهم زمرة انتهازية رعناء، وقادته شهواته العارمة إلى تصدر الزعامة، وأعتمد على فئة تدين بعقيدة سياسية معينة لا تملك من رصيد التأييد الشعبي غير التضليل، والهتافات الغوغائية، والمظاهرات، وغير الزبد الذي يذهب جفاء، وركب رأسه وأعلنها دكتاتورية غوغائية، فنحى زعماء الثورة عن المسؤولية، وأطلق للإذاعة والصحف عنان الفوضى، تخاصم جميع الدول، وتشنها حرباً عدوانية على الجمهورية العربية المتحدة، التي جازفت بكيانها من أجل نجاح الثورة، ودعم كيانها وكيان الجمهورية، وأستهتر بدستور جمهوريتنا المؤقت، وسلب مجلس السيادة المؤقت كل مسؤولياته الدستورية، وأحتكرها لنفسه، وأعلنها حرباً شعواء على الجهات الوطنية، والعناصر القومية المخلصة، فزج في المعتقلات آلافاً من المواطنين الأبرياء، بما لم يسبق له مثيل حتى مع الطاغية [نوري السعيد] ولا المجرم [عبد الإله]، ولم يجرأ على فعلته الإجرامية أحد، وأنحرف منفذاً أوامر الجهات الغوغائية عن أغلى وأثمن ما يعتز به العراقيون عرباً وأكراداً، ألا وهو السير بسفينة البلاد إلى التضامن مع سائر البلاد العربية المتحررة، وأعلنها حرباً شعواء على الأمة العربية، لدرجة أن صار الهتاف بسقوط القومية العربية شعاراً له ولزمرته الباغية الفاجرة، وسلك في سياسته الخارجية مسلكاً وعراً، فلم يتقيد بمبادئ الثورة التي ترى من سياسة الحياد الإيجابي شعاراً لا يمكن الانحراف عنه.
لهذه الأسباب كلها، أيها المواطنون الأباة في شتى أنحاء جمهوريتنا الخالدة، عزمنا باسم العلي القدير، بعد اتفاقنا مع أخينا الزعيم الركن[ناظم الطبقجلي] قائد الفرقة الثانية، ومع كافة الضباط الأحرار في جيشكم الباسل، وبعد مشاوراتنا مع سائر العناصر السياسية المخلصة عزمنا في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ جمهوريتنا على تحرير وطننا الحبيب من الاستعباد والاستبداد، وتخليصه من الفوضى، معلنين لكافة المواطنين، عرباً وأكراداً، وسائر القوميات العراقية الأخرى التي يتألف من مجموعها شعبنا العراقي، الأبي الكريم إننا المحافظون على العهد متمسكون بأهداف ثورة 14 تموز الخالدة، مراعون مبادئ دستور جمهوريتنا الفتية، نصاً وروحاً عاملون على حسن تنفيذ وتطبيق قانون الإصلاح الزراعي، وتطبيق سياسة اقتصادية اشتراكية ديمقراطية، تعاونية، ونطالب بحزم وإصرار تنحي الطاغية المجنون وزمرته الانتهازية الرعناء عن الحكم فوراً، والقضاء على السياسة الغوغائية، التي أخذت تمارسها فئة ضالة من شعبنا، لكي يسود النظام وحكم القانون في أرجاء الوطن العراقي الحبيب.
ونعلن في هذه اللحظة التاريخية للعالم أجمع أن سياستنا الخارجية منبثقة من مصالح شعبنا وأمتنا، وإننا إذ نتبنى سياسة الحياد الإيجابي الدقيق إزاء الدول الأخرى، نصادق من يصادقنا، ونعادي من يعادينا، نعلن باسم الشعب العراقي أننا سنحافظ على التزاماتنا الدولية بوصفنا عضواً في الأمم المتحدة، ونعتز بصداقة البلاد التي أدت لنا ولأمتنا العربية أجل العون في محنتها الماضية، ومن تلك البلاد الاتحاد السوفيتي، وسائر البلدان الاشتراكية.
وإلى جانب هذا، نعلن بإصرار تمسكنا باتفاقاتنا النفطية مع الشركات الأجنبية مراعين في ذلك مصالح اقتصادنا، وحقوقنا الشرعية، وسنضمن بحزم سير أعمال الشركات النفطية بكل حرية. ويسرنا أن نفتح صفحة جديدة من الصداقة القائمة على أساس الند للند مع كل دولة، ونود أن نوضح بجلاء أن أي تدخل خارجي في شؤوننا الداخلية من أي دولة كانت، في هذه الفترة التي تسبق قيام مجلس السيادة بمسئوليته الدستورية، ليؤلف وزارة شرعية في العاصمة بغداد، بالتعاون مع مجلس قيادة الثورة، فأن هذا التدخل يعتبر ماساً باستقلال وسيادة جمهوريتنا، ويؤدي ذلك إلى أوخم العواقب.
أيها المواطنون:إننا، إلى أن يستجيب عبد الكريم قاسم، فينصاع للحق، ويتنحى عن الحكم فوراً، وإلى أن يمارس مجلس السيادة سلطاته، ليؤلف وزارة بالتعاون مع مجلس قيادة الثورة، قد أخذنا على عاتقنا بعد الاتكال على الله، مسؤولية إدارة البلاد، طالبين من إخواننا المواطنين الكرام شد أزرنا وعوننا، بالإخلاد إلى الهدوء والسكينة، دون أن يلزمونا إلى اتخاذ تدابير من شأنها الأضرار بالممتلكات، أو إلى سفك الدماء، وليكن كافة أبناء الشعب مطمئنين إلى إننا سنكون عند حسن ظنهم بتولي المطالبة بتحقيق أمانيهم. ونحذر في الوقت ذاته العناصر الهدامة من أننا سنأخذهم بالشدة إن عرضوا حياة المواطنين وحياة الأجانب وممتلكاتهم للخطر، وليعلم الجميع أن حركتنا الوطنية تستوي عندها جميع الفئات والهيئات، وأنها تحفظ لهم حقوقهم في الحرية إن لم يتجاوزا حدود القانون المرسوم والله ولي التوفيق.
العقيد الركن عبد الوهاب الشواف
قائد الثورة ـ 8 آذار 1959

نظرة فاحصة في بيان الشواف:

بنظرة فاحصة لبيان العقيد الشواف، يتبين لنا أن هذا الشواف لم يكن سوى رجل متعطش للسلطة والتزعم، فلقد تجاوز قائده ورفيقه الزعيم [ناظم الطبقجلي]، قائد الفرقة الثانية، التي كان اللواء الذي يقوده العقيد الشواف تابعاً له، متخذاً له صفة قائد الثورة، مما دفع الزعيم الركن الطبقجلي ناظم إلى عدم التحرك والمشاركة في الانقلاب، على الرغم مما ورد في البيان حول الاتفاق معه لتنفيذ الانقلاب.
كما أن الحركة كانت قد اعتمدت على الدعم الخارجي من قبل الجمهورية العربية المتحدة، فقد أرسلت للانقلابيين محطة إذاعة متنقلة، منصوبة فوق شاحنة كبيرة، مع كمية كبيرة من الأسلحة، بالإضافة إلى الدعم المادي والإعلامي الكبير، عبر محطتي إذاعة دمشق، وصوت العرب من القاهرة، اللتان بادرتا إلى إذاعة بيان الشواف مراً وتكراراً، وكان من المنتظر تقديم الدعم الميداني للحركة لو قدر لها الصمود فترة أطول، ولكن سرعة قمع الحركة، ومقتل قائدها العقيد عبد الوهاب الشواف حال دون ذلك.
حاول العقيد الشواف مغازلة شركات النفط، وكسب ودها من أجل دعم انقلابه، مطمئناً إياها بأنه:[سيلتزم بحزم بالاتفاقيات المعقودة مع الشركات، ويضمن مصالحها] .
لم يكن العقيد الشواف صادقاً بمواصلة تطبيق قانون الإصلاح الزراعي وهو الذي لف حوله العناصر الرجعية والإقطاعية، والتي كان على رأسها شيخ مشايخ شمر[احمد عجيل الياور ]،الإقطاعي الكبير، والنائب السعيدي المزمن، حيث جرى تسليح القبائل الموالية له، وزجها في الحركة، كما ركز العقيد الشواف حملته الشعواء على الشيوعيين متهماً إياهم بنفس التهم التي كان [نوري السعيد] يستخدمها ضدهم، في العهد الملكي في محاولة لكسب ود الغرب ودعمهم لحركته.
واستخدم العقيد الشواف شتى النعوت والكلمات البذيئة بحق عبد الكريم قاسم والتي تعبر عن سوء الخلق والضحالة، وعدم النضوج، ونال استهجان غالبية الشعب العراقي الذي يكن الولاء لقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم.
لقد تبين أن حركة العقيد الشواف لم تكن سوى حركة لمجموعة من الضباط المغامرين التواقين إلى السلطة، ولا يستندون إلى أي قاعدة شعبية، ولا عسكرية، فقد وقف فوج الهندسة التابع للواء القائم بالحركة بكافة ضباطه وجنوده ضد الحركة الانقلابية منذُ اللحظة الأولى، وقاومه بقوة السلاح، أما الجنود وضباط الصف، الذين كانوا بإمرة الانقلابيين، والذين انساقوا تحت وطأة الخوف من قادتهم فإنهم سرعان ما انتفضوا على ضباطهم المتآمرين
وانضموا إلى جانب السلطة، ومقاومة الانقلاب.
وخلال المعارك التي دارت بين الانقلابيين، والقوى المساندة للسلطة، سقط من بين الانقلابيين [47 فرداً]، وذلك حسبما ورد في تقرير الطب العدلي، وأكده المقدم [ يوسف كشمولة]، أحد أركان المشاركين في الحركة الانقلابية خلال الاحتفال الذي أقيم في ملعب الموصل، بعد وقوع انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963، وإسقاط حكومة عبد الكريم قاسم، إحياءً لذكرى انقلاب الشواف، كما أن المجلس العرفي العسكري الذي أقامه انقلابيوا 8 شباط، قد أكد العدد المذكور.
في ذلك الحين كانت إذاعة صوت العرب من القاهرة تذيع أخباراً مذهلة عما سمته بالمجازر التي وقعت في الموصل، وادعت أن عدد القتلى من البعثيين والقوميين قد جاوز [20 ألفاً]، في محاولة منها لإثارة القوى القومية والبعثية للانتفاض على حكومة الثورة وإسقاطها.
لقد جرى تسخير هذه الإذاعة في تلك الأيام للهجوم على حكومة الثورة، وعلى القوى الديمقراطية والشيوعية، مستخدمة أبذأ الكلمات والعبارات التي لا تليق بدولة، كان لها من الاحترام والحب لدى الشعب العراقي إبان العهد الملكي ما يفوق الوصف، وخاصة عندما خاضت مصر بقيادة عبد الناصر معركة السويس عام 1956 ضد العدوان الثلاثي البريطاني والفرنسي و الإسرائيلي، ويتلهف لسماع إذاعة[صوت العرب]!!.
لقد تكشف للأمة العربية وللعالم أجمع زيف وكذب تلك الإذاعة عما كانت تبثه من أخبار المجازر المزعومة في الموصل، وأساليب التحريض الرخيصة ضد ثورة 14 تموز وقيادتها، ليس حباً بالعراق وشعبه، ولا حرصاً على مصالحه، وإنما حباً في السيطرة على العراق، وضمه قسراً للجمهورية العربية المتحدة، دون أخذ رأي الشعب العراقي في مثل هذا الأمر الخطير، والهام الذي يتعلق بمصيره ومستقبله.
كان من المؤسف أن ينبري الرئيس عبد الناصر في خطاباته آنذاك، يومي 11، و13 آذار لمهاجمة عبد الكريم قاسم، واصفاً إياه بالشعوبي تارة، وقاسم العراق تارة أخرى، ومركزاً حملته على الشيوعيين، متهماً إياهم بالعمالة لموسكو، وبخيانة الأمة العربية، كما صورت أجهزة إعلامه الأحداث التي جرت خلال وبعد القضاء على تمرد الشواف بأنها أحداث رهيبة.
لقد كان ذلك الموقف من عبد الناصر من الأخطاء الكبرى في سياسته تجاه العراق وثورته، فقد كان الأجدى به أن يمد يده لعبد الكريم قاسم من أجل دعم ونهوض حركة التحرر العربي، ومكافحة النفوذ الإمبريالي في أنحاء العالم العربي، والعمل على إيجاد أحسن الوسائل والسبل للتعاون والتضامن مع العراق، واتخاذ الكثير من الخطوات التي تعزز التعاون والتكامل في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية، وغيرها من المجالات الأخرى، وصولاً إلى إقامة أفضل أشكال الارتباط بين البلدين حين تتوفر الشروط الموضوعية والضرورية لنجاحها وديمومتها.
إن الوحدة العربية هي فعلاً أمل كل الملايين من أبناء شعبنا العربي، لكنها ينبغي أن تقام على أسس صحيحة ومتينة، وبأسلوب ديمقراطي بعيداً عن الضم، وأساليب العنف.
لم تصمد حركة العقيد الشواف الانقلابية سوى أقل من 48 ساعة، فقد كان رد الفعل لحكومة الثورة، والحزب الشيوعي، وحزب البارت الكردي وسائر الجماهير الشعبية المساندة للثورة سريعاً وحازماً، حيث جرى التصدي للانقلابيين، وقام فوج الهندسة التابع للواء المنفذ للانقلاب، بالإضافة إلى جانب كبير من الجنود وضباط الصف، وآلاف المسلحين العرب والأكراد، والذين نزلوا إلى الشوارع للتصدي للانقلابيين، وإفشال خططهم للإطاحة بالثورة وحكومتها، وقامت طائرات من سلاح الجو العراقي بقصف مقر قيادة الشواف الذي أصيب بجروح خلال القصف، ونقل إلى المستشفى الميداني، في معسكر الغزلاني حيث قتل هناك على يد النائب ضابط المضمد [يونس جميل] وبمقتله تلاشت مقاومة الانقلابيين.
وهكذا فشل تمرد الشواف، وتمت السيطرة على المدينة خلال أقل من 48 ساعة، وتم اعتقال عدد من الضباط المتآمرين، فيما هرب البعض الآخر إلى سوريا، وذهب ضحية ذلك الانقلاب حوالي (135) فرداً من الجنود الذين ساهموا في قمع الانقلاب.

الأحداث التي رافقت قمع المحاولة الانقلابية:

لا أحد يستطيع أن ينكر وقوع أحداث وتصرفات وأخطاء ما كان لها أن تحدث، قامت بها عناصر معينة، أساءت إساءة كبرى للحزب الشيوعي، فقد جرى قتل وسحل عدد من المشاركين في المحاولة الانقلابية، وجرى نهب وحرق بيوتهم، وكان ذلك عمل لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال، وهو بعيد كل البعد عن المبادئ والمثل الإنسانية.
لقد وقف الحزب الشيوعي موقف المصدوم على ما يجري، دون أن يبذل الجهد الكافي لإيقاف تلك الأعمال والسيطرة على الغوغاء.
كما أقترف الحزب خطاً أكبر، عندما نصّبَ عدد من كوادر الحزب أنفسهم حكاماً، وقاموا بمحاكمة عدد من المشاركين في المحاولة الانقلابية، وحكموا على [17] منهم بالإعدام، وجرى تنفيذ الحكم في منطقة الدملماجة في ضواحي الموصل، وهذا أمرٌ لا يمكن قبوله إطلاقاً، وقد شكل إساءة كبيرة للحزب الشيوعي.
لقد كان الأجدى بأولئك القادة اعتقال هؤلاء المتآمرين، وتسليمهم للسلطة الشرعية لتحيلهم بدورها إلى المحاكم المختصة لمحاكمتهم، والحكم على من يثبت مشاركته في المحاولة الانقلابية، فليس من حق أحد أن يمارس السلطة القضائية، ويصدر الأحكام وينفذ الحكم، دون تخويل.
كما أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الزعيم عبد الكريم قاسم نفسه، الذي جرى تحذيره كما ورد سابقاً من حدوث ما لا يحمد عقباه ، ولكنه صمّ أُذنيه عن سماع التحذير، ورفض اتخاذ أي إجراء لمنع وقوع الكارثة، في حين كان بإمكانه أن يفعل ذلك.
والأنكى من كل ذلك فأن قاسم نفسه، اتخذ فيما بعد من تلك الأحداث ذريعة ليصفي نفوذ الحزب الشيوعي في العراق، موجهاً الاتهامات لهم، ولاصقاً بهم الجرائم، بعد أن كان قد أستقبل وفداً من قيادة الموصل للحزب بعد قمع انقلاب الشواف، وخاطبهم قائلا:
{ بارك الله فيكم، وكثّر الله من أمثالكم من المخلصين لهذا البلد}!!.
غير أنه لم يمضِ سوى بضعة أشهر على ذلك اللقاء، حتى بادر قاسم إلى اعتقال كافة الشيوعيين النشطين، وأودعهم سجن بغداد، ثم أحالهم إلى المجالس العرفية التي أصدرت بحقهم أحكاماً قاسية وصلت حتى الإعدام، وأبقاهم رهائن في السجن لكي يأتي انقلابيوا 8 شباط 1963، وينفذوا فيهم حملة إعدامات بشعة، ويعلقون جثثهم على أعمدة الكهرباء، في شوارع الموصل وكركوك، بعد أن مارسوا أشنع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي بحقهم.
لقد كان لموقف قاسم الجديد، خير مشجع لنشاط الزمر الرجعية، والعناصر التي شاركت في محاولة الشواف الانقلابية، والتي تكّن أشد العداء له ولثورة الرابع عشر من تموز، ولم يدرك قاسم أن عمله هذا إنما يعني انتحاره هو، ونحر الشعب العراقي، ونحر الثورة كذلك.
لقد اتخذت تلك القوى من موقفه الجديد ذريعة لهم لشن حملة واسعة من الاغتيالات استمرت أكثر من ثلاث سنوات، وذهب ضحيتها مئات الوطنيين الأبرياء، وسوف أعود إلى هذا الموضوع في فصل قادم.
وللحقيقة والتاريخ، أقول أن الحزب الشيوعي لم يكن يستحق من قاسم هذا الجزاء رغم كل ممارساته الخاطئة، فقد كان الحزب وفياً لقيادته، سانده وحماه، وحمى الثورة في أشد الأيام صعوبة وخطورة، ولم يفكر يوماً في خيانته أو محاولة سلب السلطة منه آنذاك، في حين أن فرصاً كثيرة كانت لدى الحزب للسيطرة على الحكم بكل سهولة ويسر لو أراد ذلك.
لقد كانت مواقف قاسم تلك من الحزب الشيوعي أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اغتيال الثورة، واغتياله هو بالذات.
لقد جرد نفسه من كل سند يحميه، وأخذ منه الغرور مكانه، معتقداً أن تلك القوى المعادية لمسيرة الثورة ستعود إلى رشدها، وتغير موقفها من السلطة لكن الواقع كان يشير إلى تنامي الخطر الرجعي، والنشاط التآمري، على المستويين المحلي والدولي، من أجل إسقاط الثورة، وهذا ما تم فعلاً على يد تلك الزمرة الانقلابية يوم 8 شباط 1963، ويذكرني هنا قول الشهيد [جلال الأوقاتي] قائد القوة الجوية آنذاك، حيث قال:
{ إن الزعيم عبد الكريم قاسم سوف يدمر نفسه، ويدمر الشعب معه بسياسته الخاطئة}.
لقد حكم الإمبرياليون بالموت على عبد الكريم قاسم منذُ اللحظة التي قاد فيها ثورة 14 تموز ضد النظام الملكي المرتبط بهم، وقد حاولوا اغتيال الثورة في أيامها الأولى بالتدخل العسكري المباشر، عندما نزلت القوات البريطانية في الأردن، والأمريكية في لبنان، وعندما حشدت تركيا وإيران قواتها على طول الحدود العراقية للمشاركة في العدوان.
لكن موقف الاتحاد السوفيتي الداعم للثورة، وتهديدهم للإمبرياليين من مغبة العدوان على العراق حال دون ذلك، وأضطر الإمبرياليون إلى تغير خططهم من أجل إسقاط الثورة.
وعندما أقدم قاسم على إصدار قانون رقم 80 لسنة 1961، واستطاع انتزاع 99,5 % من المناطق التي تحتوي على احتياطات نفطية هائلة بلغ استفزاز الثورة لهم أقصى درجاته، وجعلهم يركزون جهودهم بشكل محموم لإسقاط حكومة الثورة.
لقد كان على قاسم أن يقدر طبيعة الصراع مع الإمبريالية، ويأخذ الدروس من مصير الدكتور مصدق، رئيس وزراء إيران، الذي أمم النفط الإيراني، لكنه لم يتخذ الإجراءات الاحترازية من أساليب الإمبرياليين ومؤامراتهم، فكان الانقلاب الذي دبرته الإمبريالية الأمريكية، والذي انتهي بكارثة كبرى على الشعب الإيراني.
لكن قاسم لم يتعظ بدروس التاريخ، ووقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه مصدق، وانتهى إلى الموت صبيحة التاسع من شباط 1963، وحلت الكارثة الكبرى بالشعب العراقي، حيث جرّت تلك الأحداث المآسي والويلات على شعبنا منذُ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا.
ملاحظة:للحصول على نسخة من ذا الكتاب يرجى الاتصال بالمؤلف على العنوان التاليِ: Alhamdany34@gmail.com
www.Hamid-Alhamdany.com
Opinions