جامعة طهران تقيم مؤتمرا حول الصابئة المندائيين
20/02/2006نظمت جامعة طهران، ولأول مرة في تاريخ ايران، مؤتمرها الأول حول الصابئة المندائييــن تحت شعــار (( ثقافة وتراث المندائييـن في ايـــران )) وذلك بتاريخ 28 كانون الأول 2005 على قاعة (( أبن خلدون )) التابعة لقسم علوم الاجتماع في الجامعة المذكورة. وقد اخذت جمعية الأنثروبولوجيا الأيرانية على عاتقها عقد هذا المؤتمر / المهرجان بالتعاون مع الجمعية المندائية في ايران وبمشاركة العديد من الأكاديميين والباحثين الأيرانيين وغير الأيرانيين وبمشاركة عددا من صابئة ايران تجاوز الأربعين . وقد تميز هذا المؤتمر بالجهد الواضح الذي بذلته اللجنة المنظمة والتي تكونت من كل من الدكتور جمشيديها، رئيس قسم علوم الاجتماع في جامعة طهران، والدكتور فاكوهي رئيس الجمعية الأنثروبولوجية الأيرانية والسيد ميهرداد عربستاني والسيد سالم الكحيلي. وبدأ المؤتمر الأول للمندائيين في الساعة التاسعة من صباح يوم الأربعاء 28/12/2005 بكلمات قصيرة رحب بها كل من الدكتور جمشيديها والدكتور فاكوهي والسيد عربستاني بالحضور اعقبتها مباشرة اعمال المؤتمر والتي تضمنت اربعة اقسام :
القسم الأول: مقدمة حول المندائيين ـ تعريف عام ـ القاها السيد ميهرداد عربستاني وأشار فيها الى الأصول التاريخية للمندائيين مذ كانوا قبائل هاجرت من اورشليم باتجاه بلاد وادي الرافدين وإلى استقرارهم في ما بعد في كل من ايران والعراق بشكل رئيسي. وأشار كذلك الى اعتقادهم بأن دينهم هو اقدم الأديان وبأن آدم (ع) هو اول انبيائهم كما ان يحيى ابن زكريا هو آخر انبيائهم.
القسم الثاني: 1) الأنثروبولوجيا والأديان: تعريف بمندادهيي ودوره في المفاهيم المندائية. وقد حاضر في هذا الموضوع الباحث الأيراني السيد فروزنده، والذي صدرت له عدة دراسات عن المندائيين باللغة الفارسية، وقد وصف السيد فروزنده (( مندادهيي )) على انه كائن نوراني و (( ملاك المعرفة )) وهو الشافي والمعلم وغافر الخطايا في العقيدة المندائية. 2) النظام الأسري لدى المندائيين: عالج هذا الموضوع الباحث الأيراني السيد رضائيان الذي تحدث عن القوانين والتشريعات المندائية التي تنظم المجتمع المندائي في ايران. وأشار الى ان الفرد المندائي يحمل اسما دينيا (ملواشا) اضافة الى اسمه المدني، وفي الملواشا يسمى الفرد المندائي (ذكرا ام انثى) على اسم والدته. وتطرق السيد رضائيان الى ان المندائيين لايتزوجون الا من طائفتهم وان هناك اعرافا وضوابط تنظم حالات الزواج والطلاق بين المندائيين.
القسم الثالث: طقـــوس مندائــــــية وأهمية التعميد في المعتقدات المندائية : الطقوس المندائية ـ طقس التعميد ـ قام بشرحها كل من الاشكندا سالم الكحيلي والترميدا وليد. وقد شارك بعض المندائــيين، من الذين حضروا المؤتمر، بعمليــة (( صباغة )) وهمية على مسرح قاعة المؤتمرات بينوا من خلالها للحضور خطوات طقس التعميد المندائي والذي يختلف اختلافا جوهريا عن طقوس التعميد لدى الطوائف الأخرى. وقد حضيت هذه الطقوس باهتمام شديد من قبل المشاركين بالمؤتمر.
القسم الرابع: وقد تضمن القسم الرابع والأخير من المؤتمر عرض فيلم هام عن الصابئة المندائيين في ايران. وقد استغرق تصوير هذا الفيلم مدة ثلاث سنوات قضاها مخرجه السيد تحويلدار مع المندائيين في الأهواز وهو يصور كل مايتعلق بالحياة اليومية والطقوس الدينية للصابئة المندائيين في ايران .
هذا وقد اقيم على هامش المؤتمر معرضا للكتاب المندائي ومعرضا آخر للمقتنيات المندائية مثل المخطوطات والكتب والدوايين المندائية القديمة وكذلك لملابس التعميد والزواج المندائي مع بعض الأطباق والأدوات التي تستخدم في الطقوس المندائية. وقد استمع المشاركون باعجاب الى المندائيين الذين حضروا المؤتمر وهم يتخاطبون فيما بينهم باللغة المندائية الجميلة بكل طلاقة. ودعى الأكاديميون المشاركون بالمؤتمر الى المحافظة على هذه اللغة بشكل خاص وبالمندائية بشكل عام باعتبارها جزءً من الأرث الأنساني الذي يتوجب على ذوي العلاقة المحافظة عليه بكل الوسائل. وقد لوحظ بأن النسوة المندائيات اللواتي حضرن المؤتمر كن يضعن شالاً ابيضاً فوق رؤوسهن وقد تقلدن بقلادة ذهبية تمثل رمز المندائيين المقدس (( الدرابشا )).
اختتم المؤتمر الأول للمندائيين، الذي اقامته جامعة طهران وحضره حشد غفير من طلبة واساتذة الجامعة، بصلاة مندائية اعقبتها أدعية وتراتيل باللغة المندائية اداها جميع المندائيين صغارا وكبارا من الذين حضروا المؤتمر وكان السيد سالم الكحيلي هو المشرف على هذه الصلاة والتراتيل وكان له دوراً مهما في انجاح هذا المؤتمر، ويعد السيد سالم الكحيلي من الناشطين المندائيين وله الفضل الأكبر في انشاء المدرسة المندائية في الأهواز كما يقوم بجمع وطباعة كل الكتب والدوايين المندائية وتوزيعها على المندائيين في كل انحاء العالم، كما شارك السيد سالم الكحيلي في كل المؤتمرات العالمية التي اقيمت حول المندائية مثل مؤتمري هارفارد وأكسفورد وأخيرا مؤتمر طهران.
ان اقامة مثل هذا المؤتمر في جمهورية ايران الأسلامية ومن قبل جامعة طهران العريقة له دلالة عظيمة على انتباهة الأكاديميين الأيرانيين والجهات المعنية الأيرانية بأهمية الصابئة المندائيين التاريخية في بلاد عيلام القديمة وبضرورة المحافظة عليهم باعتبارهم شريحة مهمة من شرائح المجتمع الأيراني. وقد حضي المندائيون في ايران في الآونة الأخيرة باهتمام أولي الأمر في الجمهورية الأسلامية الأيرانية حيث اسقبل الرئيس الأيراني السابق خاتمي سنة 2003 وفدا منهم وأكرمهم وتعهد لهم بتلبية كل مطاليبهم اسوة ببقية الأيرانيين بدون اية تفرقة.