جذران الصمت
كنت جالسا بين الجذران المشيدة من مملكة الصمت.. السكون المرعب يشق طريقه إلى قلبي.. يشُلُ تفكيري وحركت كأنه شبحٌ مخيف يحاول النيل مني. ماذا؟ هل أن أعيش في مكان منفي، بعيد عن الحركة والكلم؟ أم أنا أغرق في دوامة من التخيلات والأوهام؟.. كل شيء من حولي مرتبا موضوع بعناية .كأني أعيش داخل صورة إطارها صيغ من السكون..فجأة شعرت كأن شيء يهمس لي.. فالتفت نحوه فإذا به قلمي الذي بدا وكأنه يغريني بنحافة جسمه، وتحته دفتر الذكريات الذي كان بيني وبين صديقة لي توفيت رحمة الله عليها (غرقا في البحر)،لم أتوانى ثانية.. حملته بين أناملي أمسكت ورقة.. كي أقاتل شبح الصمت..فتحت الدفتر الذي رحل بي مع كل عبارة أقرئها إلى الماضي أياما وذكريات جميلة صرت ألان أعيشها بخيالي.. أمر على الجمل أنتشي الكلمات أبتسم تارة أحزن تارة ..أخيرا بدأت الكتابة ومع كل جملة أخطها أذرف دمعة على فراقها وكأني أفقدها للتو بتلك المرارة كأن أحدا أضرم النار بداخلي. اختلطت دموعي بحبر القلم فصرت أكتب بقلم حبره من دموعي، فهذه الذكريات والأسطر أحية حزنا عميقا كان مدفونا في قعر الكيان، شعرت كأن الجدران عادت لتطبق على روحي فلا يسمع بالغرفة سوى صوت لفض أنفاسي المكسورة ودموعي حين تصطدم بالورق..وأنا أصرخة بلا صوت متمنيا لو أن أحد يضمني يمسح دموعي..يواسيني.. فجأة المؤذن ينادي لصلات ينير المكان كأنه قنديل نور وسط ظلمة وحدتي كأنه بردٌ أخمد ناري فاستعدت بالله حين أدركت أن بحرا من الدموع والحصرت لن يعيد شخصا فقدناه يوما ودعوت لها بالرحمة والمغفرة..بقلم القاص
نبيل أولاد عبد العزيز