Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

حراك اجتماعي في مواجهة أنظمة فاسدة

يشكل الحراك الاجتماعي الراهن في العديد من البلدان العربية، ومن بينها جمهورية تونس، على خلفية أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية، وأهم مظاهرها تعمق الفوارق الاجتماعية بسبب الاستقطاب الكبير في توزيع الدخل والثروة، وهي احد صور الاحتجاج على الأوضاع المزرية التي يعيش مواطنوها تحت ظلها، ومؤشرا واضحا لسخطهم على الأنظمة المستبدة المتسلطة على رقابهم، ورفضهم لها.

وتبدو أزمة الأنظمة المذكورة واضحة لا ريب فيها، ويتجلى احد مظاهرها في استخدام العنف المفرط ضد الحركة المطلبية في محاولة لقمعها، كما ينعكس في عجزها عن إقناع الجماهير الغاضبة بصدقيتها، وجدية وعودها بالاستجابة لمطالبهم العادلة، وعزمها على تحسين أوضاعهم وتوفير فرص العمل لجيوش العاطلين. لكن القبضة البوليسية التي طالما رفعتها الأنظمة المستبدة في وجه كل مطالب بالحقوق والحريات، والوسائل الأخرى القاسية التي تستخدمها بهدف إركاع المواطن وإذلاله، وبضمنها مواجهة انفجار سخطه بالنار والذخيرة الحية، لا تستطيع شيئا أمام إرادة المحرومين والمجوعين العازمين على انتزاع حقوقهم من غاصبيها. مثلما تعجز الاتهامات المفبركة إليهم بـ " العمالة للخارج" او القيام بـ " أعمال التخريب بتوجيه من وراء الحدود" عن تبرير تعاملها الوحشي معهم، والتغطية على سعيها للبقاء بأي ثمن في قمة هرم السلطة، متسلطة عليهم وعلى المجتمع بأسره.

ان الحركة الاحتجاجية العارمة في تونس، التي انخرطت فيها أحزاب اليسار والنقابات ومنظمات المجتمع المدني الأخرى، وتقدمها محامون ونشطاء في حركة الدفاع عن حقوق الإنسان، قد شملت لغاية اليوم العاصمة تونس والقيروان وامتدت الى العديد من مناطق البلاد الأخرى، بعد ان انطلقت من مدينة سيدي بو زيد. وينتشر تأثير هذه الحركة وتنتقل "عدواها" حتى خارج حدود الجمهورية التونسية، في هذا الشكل او ذاك، الأمر الذي يؤكد ان شغيلة تونس وشبيبتها ليست الوحيدة التي تعاني الأمرّين في معيشتها وحياتها، ولذلك تقف متأهبة لخوض غمار حركة الاحتجاج على سياسات وممارسات أنظمة الحكم المتجبرة، والفساد المستشري في هياكلها، كاسرة حواجز التردد والترقب والخوف.

في الجزائر أيضا جوبهت حركة الاحتجاج على غلاء المواد الغذائية بعنف مبالغ فيه من قبل أجهزة الأمن، سقط بسببه 4 شهداء وعشرات الجرحى، على رغم ان النظام سارع الى الاستجابة لبعض مطالب الحركة الاحتجاجية، وصرح وزير الداخلية الجزائري قائلا : "لدينا الوسائل التنظيمية والوسائل المالية التي تمكّن الجزائر من التدخل لحماية مواطنيها من ارتفاعات ربما غير محتملة لأسعار أية مواد". لكن ذلك لا يحل الأزمة. فهذه تفاقمت منذ الاستجابة الى وصفة البنك الدولي، والقيام بهيكلة اقتصاد البلاد وفقا لها. وهي كما يعرف الجميع لا يوجد في قاموسها تأمين حياة معيشية كريمة للطبقات المسحوقة. وقد تجرعت هذه الوصفة عن طيب خاطر اغلب دول المنطقة، وبضمنها المغرب حيث الفساد المستشري في أجهزة الدولة، ومشكلة المديونية الخارجية التي بلغت حوالي 20 مليار دولار. ووجد ذلك وغيره انعكاسه في ارتفاع كلف الحياة وأسعار المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن يوميا، الى جانب العديد من القضايا الاجتماعية والمشكلات السياسية، وبضمنها مشكلة الصحراء الغربية.

فيما تعيش مصر تذمرا وسخطا غير مسبوقين، جراء استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتبرز التهديدات الأمنية والعمليات الإرهابية التي طالت كنائس المسيحيين، فضلا عن أزمة الحكم ومصيره ارتباطا بتدهور صحة الرئيس.

ان هذه الأحداث تدلل على عدم إمكان تصور نجاة اي نظام عربي من مجابهة الحركة الاحتجاجية والمطلبية عاجلا ام آجلا ، فحتى الطابع الخاص للنظام في السعودية لم يحل دون قيام 250 خريجا جامعيا بتنظيم احتجاج نادر في العاصمة الرياض، من اجل توفير فرص عمل لهم.

ان ما تقدم يكشف أزمة أنظمة الحكم في المنطقة العربية، بسبب الأوضاع المعيشية والحياتية القاسية، وانتشار الفقر والبطالة، وشيوع الفساد والظلم وقمع الحريات وتغييب الديمقراطية، وغير ذلك من العوامل.

لكن ما يقلقنا بوجه خاص هو وضع بلادنا، حيث يعيش أزمة محورها الصراع الدائر حول شكل الدولة ومحتواها، ويتخذ التنافس بين القوى المتنفذة إشكالا متعددة، وتستخدم فيه أسلحة خطيرة، بينها سلاح الطائفية والتهميش، فيما تشتد حاجة الناس الى فرص العمل ومقومات العيش والخدمات الأساسية، وتتزايد المطالبة بتوفيرها. وليست هناك بالطبع قناعة بان حكومة محاصصة وترضية ستكون قادرة على مكافحة الفقر، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وتأمين معيشة كريمة وخدمات للمواطنين، ومحاربة الفساد. هذا الى جانب ذلك عجزها عن تحقيق الاستقرار الأمني المنشود.

وحين لا تتمكن الدول “المستقرة” من معالجة أسباب الحراك الاجتماعي المتنامي فيها، فكيف تستطيع ذلك دولة ما زال الوضع السياسي والأمني فيها هشا؟ الأمر الذي يتطلب التمعن بمسؤولية في قضايا الناس وحاجاتهم ومطالبهم المشروعة، والعمل على الاستجابة السريعة لها.


Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
النجيفي يوجه بزيادة الإجراءات الأمنية لحماية المسيحيين شبكة اخبار نركال/NNN/الموصل/ وجه محافظ نينوى اثيل النجيفي بوضع خطة مدروسة وزيادة الإجراءات الأمنية لحماية جماعة مسلحة تصدر حكما بإعدام صحفي في ديالى.. والكشف عن اختطاف آخر ببغداد أصوات العراق/ أصدرت جماعة مسلحة في محافظة ديالى حكما بالإعدام بحق نائب مدير فرع الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين في المحافظة الاعتداء بالضرب على احد افراد الشرطة من قبل جيش المهدي في قضاء الهندية نركال كيت/كربلاء/أيمن العراقي/ ذكر مصدر مسؤول في شرطة كربلاء اليوم ان مجموعة من أفراد جيش المهدي قامت بالاعتداء على احد منتسبي الشرطة التابعة لسرية الهندية استشهاد صحفي يعمل في اذاعة دار السلام التابعة للحزب الاسلامي في الموصل نركال كيت/الموصل/روسن زهير/ اغتال مسلحون مجهولون يوم امس الخميس الموافق20-9-2007 مهند غانم احمد العبيدي الذي كان يعمل معدا للبرامج الاجتماعية ومقدما للبرامج في إذاعة دار السلام
Side Adv2 Side Adv1