حكومة .. أم محكومة ؟
من العجيب والغريب مايحدث في انحاء العالم .. ولكن الأعجب والاغرب مايحدث في بلدنا ووطننا الحبيب العراق , فالمتابعين للأحداث والنقاد والكتاب والمثقفين وكل حسب رأيه وخياله يكتب ويصف ومنهم من يعالج القضايا والمشاكل المطروحة .. سياسيا ً أو اقتصاديا ً أو أجتماعيا ً .وفيما يخص موضوعنا نقول ان مشاكل العراق في تاريخه الحديث وتوالي الحكومات والحكام والرؤساء.. سواء في العهد الملكي أو بعد تاسيس الجمهورية عام 1958 ولحد سقوط النظام السابق , وبالرغم من أختلاف أنظمة الحكم وأختلاف الحكام والسياسيين , وعلى طول العقود المنصرمة وبأجماع الكثير من الكتاب والنقاد والمثقفين في الداخل والخارج والكثير من كبارالسياسيين في الدول العربية والصديقة .. والتي تؤكد بأن ما يشهده العراق بعد الأحتلال الأمريكي ولحد الآن لم ير العالم مثيلا ً له في التاريخ بعد أنواع المعاناة وشتى الظروف التي خلقها الأحتلال , والتقاطعات والأختلافات الحزبية والفكرية والطائفية التي أدت الى أن يتذابح افراد الشعب الواحد ! ويتقاتلون وينتقمون سواء بالتفجيرات أو الأغتيالات أو الخطف والتهديد والتهجير ألخ ..
والمشكلة الكبرى والأعظم والأخطرهي أن الحكومة عاجزة أو تتعاجز عن فعل أي شيء أو تغيير أي شيء أو حتى محاسبة الجناة .. سوى الأستنكار والشجب والتهديد عبر اللقاءات والأحاديث في الصحافة والفضائيات .. ولاأكثر من هذا ! وأصبح من الواضح أن مايجري ماهو ألا نتيجة الصراعات والتحديات والتقاطعات بين الأحزاب والكتل والسياسيين وعلى كل الأصعدة .. رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والبرلمان , والكتل السياسية الكبيرة والمتنفذة والتي لها الدور الكبير في ذلك لما تملك من أرضية وتأييد وأموال خاصة وأن المنتفعين والمستفيدين من هؤلاء كثرة وحدث ولا
حرج بالنسبة للمناصب والأستثمارات والأمتيازات وعلى كل المستويات ولأن الأغلبية من أجهزة الدولة الأمنية والدفاعية مخترقة بعناصر تخدم تلك التوجهات .. وتخدم تلك الجهات الكبيرة والمتنفذة والتي لكل منها أجندتها وأسلوبها .. فمنهم من أعطى المجال لتدخل دول الجوار في كل صغيرة وكبيرة تخص البلد وبما يخدم مصالحهم .. الأقليمية والدولية المستقبلية طالما انه المستفيد من تلك الحالة طالت أم قصرت , وتحت مختلف الشعارات دينية أو سياسية ألخ . ومنهم من هو متمسك بالسلطة وبكل قوته وكأن السلطة والحكومة والبرلمان هي ورث شرعي لهم متناسين الديمقراطية ! التي كانوا
ينادون بها قبل مجيئهم الى سدة الحكم والتحكم بمقدرات الشعب والتصرف بأمواله وموارده .. ومتناسين أيضا ً ماعاهدوا به المواطن حيت اقسموا بأن يصونوا الأمانة وبخدموا البلد بكل تفاني وأخلاص ولكن شتان بين القول والفعل , فكل ماقالوه وكل ماأقسموا به ومانادوا لأجله وضعوه خلف ظهورهم جاعلين المناصب والأمتيازات والأستثمارات نصب أعينهم وفي كل الأوقات متجاهلين , ماحدث ويحدث من خراب ودمارلأوضاع البلد السياسية والأقتصادية والأجتماعية وكل هذا نتيجة أختلافاتهم وتنافرهم فيما بينهم , صحيح أنهم يجتمعون وصحيح أنهم يلتقون تحت قبة البرلمان أو غيرها من الأماكن , لكنهم يجتمعون ويلتقون ظاهريا ً فقط أما من الداخل فأنهم متفرقين ومتشرذمين .. تفرقهم مصالحهم الشخصية والضيقة وهيمنتهم وأستحواذهم على السلطة ولأطول فترة ممكنة والدليل على ذلك قراراتهم ومقرراتهم .. التي أن أرادوا وأتفقوا تسري بكل سهولة ويسر ! والقرارات التي لاتخدمهم ولاتتفق مع مصالحهم فانهم يتلكأون ويتأخرون في أقرارها وأن اقروها فأنها تخرج مشلولة .. ومعطلة لاتفيد ولاتخدم , وكل منهم حسب ماتمليه عليه مصالحه الذاتية والحزبية الضيقة, والجهات المتنفذة التي يمثلها هؤلاء ويحاولون تطبيق أجنداتها ومخططاتها بكل قوتهم وذكائهم ولكي يثبتوا وجودهم على الساحة أطول فترة ممكنة ومايعود عليهم وعلى ذويهم من أمتيازات وحصانات ألخ وكل هذا وهم غير مبالين بمعاناة المواطنين والأفراد وبحال البلد الذي وصل الى ماوصل أليه من فساد أداري ومالي وأنتشارثقافة التخلف والكراهية بين أبناء الشعب الواحد , ناسين ماسيكون لهذا من تأثير على مستقبل الأجيال القادمة وكأنهم في هذا خائفون ومتخوفون على مستقبل البلد وحريصين على ثرواته ومقدراته ووطنيتهم وحبهم للبلد التي أثبتوها خلال السبع سنوات الماضية والتي أوصلتنا الى مانحن فيه .. وفوق كل هذا فأنهم لم يتراجعوا أو ينسحبوا !! بل تراهم متشبثين بالمناصب والكراسي بكل قوة وثبات ومرشحين أنفسهم ثانية وثالثة لشغلها لسنين أخرى قادمة , وتراهم أيضا ً منشغلين بدعاياتهم الأنتخابية وفي هذا أثبتوا ثانية تقصيرهم بالواجب وأستهانتهم بالوطن والمواطن بصرف مئات الملايين من الدولارات والتي لايعلم أحد مصدرها ؟ خاصة وأن فيهم من كان موظفا ً عاديا ً أومتقاعدا ً أو أو ..يعني بالمختصر منأين هذه المبالغ ؟ أن لم تكن مما نهب وسرق .. من قوت هذا الشعب المظلوم والمبتلي على حاله بهم , وفي كل هذا وكما أسلفنا في بداية المقال فأنهم ينفذون أجندات معينة ولجهات معينة هم أدرى بها من الكل وكل ظنهم في هذا انه لايوجد من يقود البلد غيرهم وأنهم فقط المؤهلون لذلك علما أن الأكثرية منهم مستعد لأن يبيع البلد بأرضه وناسه طالما أنه حائز على الكرسي والمنصب وماوراءهما ..
ليأتي ويقول بعد كل هذا أن لنا دولة وحكومة , أنها ليست حكومة بل محكومة.
22 / 2 / 2010 / تركيا