Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

حكومة المالكي والحكم الذاتي لشعبنا وتمثيله في البرلمان

تشكل الأقليات الدينية والعرقية العراقية ركناً اصيلاً من تكوينات الشعب العراقي المجتمعية ، وقد ساهمت هذه الأقليات ببناء الحضارات العراقية ، وإذا شخصنا في هذا المقال الدور التاريخي الذي لعبه المسيحيون في العراق سنتوصل الى حقائق مثيرة تفيد بأنهم قبل الفتح الأسلامي كانوا يشكلون الأكثرية الساحقة من المكوناة الدينية العراقية ، حيث كان اصحاب الديانة المسيحية هم الذين يشكلون الأكثرية الديمغرافية في هذه الأصقاع ، إن كانوا من الكلدان او العرب او الآشوريين او الأكراد او السريان ، والى جانب اقليات دينية تشكل نسباً قليلة من الديانات الأخرى كاليهودية والزرادشتية والمانوية واصحاب الديانات الوثنية المعروفة وقتذاك .
بعد الفتح الأسلامي في القرن السابع الميلادي ورغم مساهمة المسيحيين في بناء الحضارة الأسلامية الجديدة وسعيهم لبناء دولة عربية متقدمة ، إلا ان القوانين المجحفة التي تحط من قدر اصحاب الديانات اللاإسلامية ، والضرائب المرهقة التي فرضت على اصحاب هذه الديانات افرزت ظروف عسيرة ، فكانت اعداد غفيرة تلتحق بالديانة الجديدة المنتصرة ، وهكذا بمرور السنون والعقود والدهور سجلت الغلبة لاصحاب الديانة الأسلامية وكان ميزان الثقل الديموغرافي يصب في خانة الديانة الأسلامية وعلى حساب الديانة الرئيسية السائدة يومئذِ في العراق وهي الديانة المسيحية .
وبمرور اربعة عشر ونيف من القرون الهجرية كانت الديانة المسيحية بمهدها في بلاد ما بين النهرين مهددة بالأضمحلال والأنقراض ، وجاءت الحملة الأولى على يد الطاغية تيمور لنك ، الذي انهى بوحشية الوجود المسيحي في مدن العراق الرئيسية ، واصبح مصيرهم متعلقاً بلجوئهم الى المناطق الجبيلة العاصية .
بعد 9 نيسان 2003 كانت الأنتكاسة الثانية والخطرة التي استهدفت الأقليات اللاأسلامية منهم اليزيدية والصابئة المندائيين والمسيحيين بكل تكويناتهم من الكلــــدان والسريان والآشوريين والأرمن .
ونحن نعترف بالمقولة التي تقول ان الأرهاب قد استهدف كل مكوناة الشعب العراقي ، ولا خلاف على ذلك لكن هذه الحقيقة الساطعة التي تقابلها والتي تعتمد على لغة الأرقام التي لا تقبل الجدل تقول :
إن الهجرة قد طالت الآلاف من المسيحيين والأحصائيات المحايدة المعتدلة تقول بأن عدد المسيحيين في العراق قبل 2003 كان بحدود مليون وربع المليون نسمة واليوم بعد مرور خمس سنوات من الأرهاب والأغتيال والخطف والتشريد هبط عددهم الى حوالي 600 ألف نسمة اي ان الهجرة والتشريد شملت حوالي 50 بالمئة من المسيحيين بكل تكويناتهم القومية . ونسال : هل شكلت هجرة المسلمون 50 بالمئة من نفوسهم أي هل هاجر حوالي 14 مليون مسلم من العراق ؟
من المؤكد ان العدد لم يصل الى هذه الملايين وبهذا تكون الأقليات القومية والدينية غير الأسلامية ، رغم ضآلتها ، لها حصة الأسد من الظلم والقتل والتشريد .
اليوم بعد ان لاحت بوادر الأستقرار والسلام في سماء وافق الوطن العراقي بات من حقنا ان نفكر ملياً ونطالب بحقوقنا .
فيما مضى من السنين دأبنا على المطالبة بحمياتنا وكان جلّ طموحنا يتمحور حول البقاء على قيد الحياة ، واليوم يمكن ان يكون لنا تصور حول حقوقنا واعتقد الجهة المعنية بالدرجة الرئيسية هي الحكومة العراقية المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان .
والآن نستعين مرة اخرى بالتاريخ ونصادف في عهد الدولة العثمانية التي كانت تعني بحقوق الأقليات على اسلوب نظام الملل ، فكان الحاخام اليهودي هو الرئيس الديني والزمني لليهود ، ونظام الملل هذا كان يطبق على المسيحيين في الدولة العثمانية ، وتشير المصادر أن المسيحيين شهدوا نمواً ديموغرافياً واقتصادياً في عهد الأمبراطورية العثمانية ، ولا يدخل في مقالنا ايراد هذه الأرقام .
وإذا انتقلنا الى العهد الملكي نلاحظ تمثيل مسيحي كلــــــداني في الدولة العراقية حيث كان لهذا القوم موقف مشهود في تأسيس الدولة العراقية الحديثة على انقاض الأمبراطورية العثمانية بعد الحرب الكونية الأولى . ولهذا كان الشعب الكلـــــداني يحظى باهتمام خاص من مؤسس الدولة العراقية الملك فيصل الأول ، حيث كان البطريرك الكاثوليكي للشعب الكلداني عضواً في مجلس الأعيان المتكون من عشرين عيناً يجري تعيينهم من الملك مباشرة من وجهاء وقادة العراق المشهورين ، وكان لليهود والمسيحيون مقاعد ثابتة في مجلس الأمة المنتخب ، فكان لليهود اربعة اعضاء ومثلها للمسيحيين وبعد عام 1948 أصبحت ثمانية مقاعد من حصة المسيحيين فحسب .
أين تقف حكومة المالكي من هذه الحصة الثابتة ( الكوتا ) ؟ ويمكن القول ان حكومة اقليم كردستان قد حسمت هذا الأمر وأعطت خمسة مقاعد ثابتة في البرلمان الكردي ونتمنى ان تقتدي حكومتنا بهذا الأجراء وتمنح شعبنا مقاعد ثابتة في البرلمان العراقي وحسب نسبتنا من السكان التي كانت تشكل 3 بالمئة من السكان قبل العمليات الأرهابية التي طالت شعبنا ، أي تكون نسبة تمثيلنا كالتي كانت في العهد الملكي اي 8 اعضاء .
إن شعبنا من الكلــــدان والسريان والآشوريين ينبغي ان يكون لهم حكم ذاتي تضمن لهم حقوقهم بعد معاناة استمرت مئات السنين إن هذه الشريحة العراقية الأصيلة ينبغي ان تنصف وتكافئ بما يناسبها من حقوق وامتيازات بعد كل هذه السنين من الظلم والقهر والأستبداد . إن حكومة المالكي وحكومة اقليم كردستان ينبغي ان يتعاونا على منح حقوق قومية واسعة لشعبنا على اعتبار ان هذا الشعب هو من السكان الأصليين في هذه الأرض .
هنالك قضية مهمة جداً وهي ، ان ايقاف هجرة هذا القوم ينبغي اشعارهم بأن حقوقهم مضمونة ومن هذه الحقوق حصتهم من الميزانية العراقية وينبغي ان يكون لهم 3 بالمئة من الميزانية العراقية لتعمير مناطقهم وفتح المشاريع الأنمائية لأيقاف نزيف هجرتهم الى خارج الوطن .
إن المسيحيين العراقيين إن كانوا من الكلدان او السريان او الآشوريين ، إنهم أخلص الناس لهذا الوطن وإن كانوا قد ساهموا ببناء حضارته العريقة في سيرورة التاريخ العراقي فإنهم اليوم من العاملين الأوفياء المخلصين لهذا الوطن ولبنائه وتطوره وتقدمه .
المطلوب من حكومة المالكي إنصاف هذا القوم العراقي الأصيل ومن حكومة اقليم كردستان تعزيز وتعضيد هذا القوم لمنحهم المزيد من الحقوق القومية والأجتماعية والأقتصادية والسياسية ، وإن منحهم الحكم الذاتي يشكل العلامة الصريحة لهذا الوفاء . إن مكافئة وأنصاف شريحة اصيلة من تكوين النسيج المجتمعي العراقي ينبغي ان يقع على عاتق الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان . وبارك الله كل الجهود الخيرة التي تعمل على خدمة شعب العراق وفي مقدمته الأقليات العراقية المظلومة .

بقلم : حبيب تومي / القوش
Habeebtomi@yahoo.no
Opinions