Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

حميد الكفائي: إغلاق مكتب قناة العربية في بغداد يتنافى مع مبادئ حرية الإعلام

09/09/2006

الجيران ـ بغداد ـ انتقد الخبير الإعلامي والناطق الرسمي السابق باسم مجلس الحكم العراقي، حميد الكفائي قرار الحكومة العراقية إغلاق مكتب قناة العربية في بغداد وقال إنه يتنافى مع مبادئ الديمقراطية وحرية وسائل الإعلام التي يفترض أن الدولة العراقية الجديدة تلتزم بها.

وقال الكفائي في تصريح لوسائل الإعلام إن قناة العربية قناة معتدلة وتتميز تغطيتها بالتوازن والحيادية في ما يتعلق بقضايا العراق خصوصا منذ أن تولى الأستاذ عبد الرحمن الراشد إدارتها قبل عامين تقريبا. وأضاف أنه حتى لو كانت هناك بعض الأخبار أو التقارير غير الدقيقة أو التي لا تعجب بعض الجهات الرسمية فهذا لا يعطي الحكومة العراقية الحق في إغلاق مكتب أكبر وسيلة إعلامية في الشرق الأوسط وأكثرها اعتدالا ومهنية. وقال إنه كان بإمكان الحكومة العراقية أن تلجأ إلى القضاء لو كانت لديها قضية عادلة وكما نعلم فإن التحريض على العنف أو القتل هو جريمة يحاسب عليها القانون العراقي ولو كانت القناة متهمة بذلك كان على الحكومة العراقية أن تثبت ذلك قانونا لا أن تلجأ إلى القوة لإغلاقها.

وقال الكفائي إن علينا أن نكون ممتنين لوسائل الإعلام العربية والعالمية التي تعمل في العراق في هذه الظروف الصعبة جدا التي يُعرِّض فيها الإعلاميون والعاملون في الإعلام حياتهم للخطر من أجل إيصال المعلومة إلى متلقيهم، وإن على الحكومة العراقية أن تقدم التسهيلات اللازمة والمعلومات الأمنية لوسائل الإعلام كي تساعدها على تجنب الأخطار، لا أن تعرقل عملها وتغلق مكاتبها دون أن تقدم الدليل على ارتكابها تجاوزا قانونيا. وقال إن مبدأ "حسن النية" يجب أن يفترض دائما في ما يتعلق بعمل وسائل الإعلام، وهو مبدأ متبع في المحاكم في البلدان الديمقراطية لأن الإعلامي لا يهدف إلى ارتكاب الخطأ في عمله لأنه دائما يبحث عن النجاح، والنجاح لا يتحقق إلا عندما تكون المعلومة التي يقدمها لمتلقيه دقيقة وجديدة. لكن الخطأ أمر متوقع بشكل يومي في العمل الإعلامي في كل وسائل الإعلام في العالم، لأنها تعتمد على ما يقوله مراسلوها أو ما ينقله شهود عيان أو ما يقوله محللون أو متخصصون، أو مسئولون رسميون يشترطون عدم ذكر أسمائهم، أو تنقل الأخبار والتحاليل التي تنقلها وكالات أنباء، ولا يمكن لها أن تتأكد دائما من دقة هذه كل المعلومات قبل بثها أو نشرها، خصوصا وأن العمل الإعلامي هو دائما سباق مع الزمن، وهذا أمر يعرفه العاملون في وسائل الإعلام المرموقة، كما يعرفه المسئولون والمتخصصون والقضاة.
وأضاف الكفائي إن التعامل مع وسائل الإعلام بهذه الطريقة البدائية هو أمر خطير ولا يبشر بخير وإن دل على شيء إنما يدل على نقص الخبرة والمهنية الإعلامية عند مستشاري السيد المالكي المكلفين بالملف الإعلامي. وقال إن المالكي رجل معتدل ومنصف ومن المستغرب حقا أنه اقتنع بقرار الإغلاق هذا، لكنه ربما اعتمد على مشورة قاصرة من أحد المحيطين به.
وأضاف أن بإمكان قناة العربية أن تلجأ إلى القضاء العراقي لمعرفة إن كان قرار الإغلاق هذا قانونيا.
وأستطرد قائلا: لا يمكن لأي حكومة أن تتحكم بوسائل الإعلام في عصر الإنترنت والفضائيات والهاتف المنقول، بإمكان وسائل الإعلام أن تعمل من أبعد نقطة على سطع الأرض وتبث إلى أبعد نقطة في الجهة الأخرى من العالم، لذلك على الحكومات أن تعلم محدودية ما تستطيع أن تفعله في هذا المجال.
وطالب الكفائي الحكومة العراقية بالالتزام بمبدأ حرية وسائل الإعلام واستقلالها التي كفلها الدستور لأن ذلك هو العمود الأساس للدولة الديمقراطية. كما طالب الحكومة بأن تسمح لكل وسائل الإعلام بالعمل الحر في العراق وتقدم لها التسهيلات والحماية اللازمة، وتترك للمواطن والمتلقي العراقي حرية اختيار وسائل الإعلام التي يثق بها لا أن تقرر هي نيابة عنه أي وسيلة إعلام يستقي منها معلوماته. إن عرقلة عمل وسائل الإعلام سوف يقود إلى تغطية إعلامية منقوصة وغير دقيقة وهذا بالتأكيد لن يخدم الإنسان العراقي في نهاية المطاف. وقال إن وسائل الإعلام لن تتوقف عن السعي للحصول على المعلومة بوسائل أخرى لذلك فإن قرار الإغلاق يضر بالعراق أكثر منه بوسائل الإعلام.
ثم تساءل الكفائي: "هل تستطيع الحكومة العراقية أن تضمن أن كل وسائل الإعلام العاملة في العراق تقدم تقارير منصفة وأخبارا دقيقة؟ وهل هي قادرة على مراقبة كل تقاريرها وأخبارها وتعليقاتها؟ بل هل فعلت ذلك مع وسائل الإعلام العراقية أو تلك المملوكة للدولة الممولة من المال العام؟ وهل من حق الحكومة أن تفرض نمطا معينا من العمل على وسائل الإعلام في الدولة الديمقراطية؟ إن دقة المعلومات وتوازن الأخبار أمر متروك لوسائل الإعلام المختلفة وهو المجال الذي تتنافس فيه في ما بينها، ويتميز الجيد منها عن السيئ والملتزم بالمعايير المهنية عن غيره، والحكم في هذه الأمور متروك للمتلقي، وهو المواطن العراقي، ولا شأن للحكومات فيه". واختتم بالقول: إن قرار إغلاق مكتب قناة العربية في بغداد قرار خاطئ وغير مبرر ويتنافى مع مبادئ الحرية والديمقراطية وسيادة القانون التي يحلو لنا أن نتغنى بها يوميا، وأن هناك قنوات ووسائل إعلام أخرى تعمل في العراق هي أقل توازنا وأكثر تحاملا على العراق الجديد من قناة العربية ولكن لم يتعرض لها أحد بسوء حتى الآن.
Opinions