حول الوضع في قضاء الشيخان يوم 15/2/2007
بداية نشكر جميع الجهود والنداءات التي ساعدت على تهدئة الوضع الحالي في قضاء الشيخان الذي كاد أن يشكل عمل مأساوي وكارثة لمجتمع مسالم لا يريد سوى العيش بسلام وتآخي وأمان. لقد تابعنا تطورات الموضوع بدقائقه واتصلنا بجميع الجهات بما فيها المحايدة للإطلاع على حقيقة الأمر، وانتظرنا بعض الأصدقاء لكي يخرجوا بنتيجة حقيقية ويعلموننا بما حصل، وكذلك تابعنا الموضوع من على المواقع الالكترونية التي لم تبخل في كشف الحقيقة بشكل متوالي وهم مشكورون على بذل هذه الجهود الحثيثة. وبعد هذا وجدنا أن نسأل أنفسنا قبل غيرنا سؤالاً محدداً على خلفية ما ورد على لسان السيد ماجد الدوسكي (مراسل إحدى القنوات الكردية) من على صحيفة بحزاني، هل بإمكان شخصان أن يخطفا امرأة من غير عقيدتهما الدينية في هذا الوسط الملتهب ويتجها بها إلى نفس المكان الذي يقطن أهاليها مروراً بالعديد من المعارف من الجهتين؟ وقد قالها السيد الدوسكي؛ كان الخطف بهدف الزواج، هل ممكن لشخصين أن يتزوجوا إمراة واحدة بالشراكة؟ إن الكلام الذي ورد على لسان السيد الدوسكي عارِ عن الصحة وهو يريد أن يغطي الحقيقة التي قالتها المرأة أمام القاضي قبل قتلها؛ حيث قالت بأن الشابين الإيزيديين لم يمساني بسوء وإنما كان عملهما إنساني بحت وطلبت منهما بأن ينقذاني من القتل.إن الذي حصل قد لا يخلوا من الإشكال، ولكن ما هو ذنب الأماكن الدينية والمراكز الثقافية وقاعات الاجتماعات في هذا الشأن؟ وكيف يتم تفسير هذا الهجوم الإرهابي على ناس ليس لهم علاقة بالموضوع على مرأى ومسمع من الحكومة الكردية وقواتها الأمنية إذا لم يكن للموضوع سوابق؟ وإذا كان الموضوع هو تصرف بعض الطائشين والخارجين على القانون لماذا لم تتدخل قوات الأمن لتأديبهم وحل المشكلة؟ وماذا كان المتوقع لو حصل ردة فعل من الطرف الأخر وتم قتل العشرات من الطرفين لمجرد نزوة من بعض المتطرفين من الطرفين؟ وماذا كان العمل لو حصل تدخل من جهات لها غرض سياسي معين وبث التفرقة والشقاق فيما بين أبناء البلدة الواحدة منذ عشرات المئات من السنين؟ فالموضوع مخطط له مسبقاً والهدف هو إخراج الإيزيديين من قضاء الشيخان وإعادة نظام الفتاوى إلى الوجود من جديد. وأن التغيير الديموغرافي الذي يحصل في أماكن تواجد الإيزيدية الآن، ومنذ سنتين، لم يحصل في تاريخ العراق بأكمله. ويوم أمس تعرضت امرأة إيزيدية في بيتها في قرية مل جبرا إلى القتل والتمثيل بالجثة على خلفية ما جرى في الشيخان.
إننا وبحكم معرفتنا بالواقع الذي جرى الآن ومن قبل هذا الوقت على الخلفية التاريخية المعروفة نرى، بأن الذي يجري الآن هو امتداد لما كتبه السيد أنس محمد شريف الدوسكي في كتابه المشئوم "أتباع الشيخ عدي من العدوية إلى اليزيدية". ومن قبل ذلك من قبل آزاد سعيد سمو وكريم محمد عارف الجزراوي عندما أعلن من على منبر منارة الشيخان بدعوة الإيزيديين إلى الإسلام علناً ولم تحرك الأحزاب الكردية ساكناً آنذاك رغم الدعوات التي صدرت وطالبت بالتحقيق في القضية.
ليكن بالعلم بأن الإيزيديين ليسوا بالسهولة التي يتوقعها البعض ولكنهم يتحلون بالحكمة والدراية ويقدرون الظرف الذي يمر به البلد ومأساة ومعاناة الإنسان العراقي في هذا الوقت. ولكن إذا ما تجاوزت الأمور حدودها فإن الأمر سوف يكون في غير هذا الوضع وان الإيزيديون ليسوا عبيداً لأحد وليسوا بالسهولة التي قد يتوقعها البعض بأنهم لقمة يمكن هضمها بالكيفية التي يتمناها البعض. ولقد قاومنا العشرات من حملات الإبادة من الأكراد أنفسهم، ونعلم باليقين بأن الذي يجري الآن هو من أخطر ما تعرض له المجتمع الإيزيدي على مر التاريخ وأن الكلمات المعسولة التي تعبر عن بعض الوجاهة سوف لن تمر بهذه السهولة التي قد يتوقعها البعض بأن المجتمع الإيزيدي لا يفهم ما يدور حوله من مؤامرات تخص مستقبله والنيل من ديانته. وعلى هذا الأساس ندعو الذين في قلوبهم مرض أن يصحوا ويدركوا مخاطر النار الذي يلعبون به وأن يغيروا العزف على مثل هذا الوتر، وأن الذي يجري الآن هو في الأساس ليس في صالح العملية السياسية للأحزاب الكردية في المقام الأول.
وعليه، وكما كنا نقول في السابق فإننا سوف نرسل بهذه الرسالة إلى جميع المنظمات التي لها شأن دولي في قضية حقوق الإنسان وقضايا الشعوب المهددة بالانقراض بأن تعتبر هذه الرسالة من الوثائق الرسمية في قضاياها التي تدافع بها عن حقوق الأقليات العرقية المهددة بالانقراض في شمال العراق بعد (زمن الديمقراطية). كما وندعو جميع الإيزيديين في سنجار من ممثلي الأحزاب الكردية ومنظمات المجتمع المدني وشيوخ العشائر والشباب والمرأة ورجال الدين إلى التظاهر في اليوم الذي سيتم تعيينه لاحقاً للتعبير عن سخطها واستنكارها لما حصل في قضاء الشيخان في الوقت الذي كان بالإمكان تلافي الموضوع ببساطة ومعاقبة المعتدين من قبل السلطة دون إثارة هذه النعرات التي لا تخدم سوى مصلحة أعداء العراق في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها البلد. كما وندعو كافة الإيزيديين في العالم للتظاهر وتقديم مذكرات احتجاج إلى السفارات والبرلمانات في بلدانهم بهذا الخصوص.
إن الذي حصل في قضاء الشيخان في الآونة الأخيرة هو إهانة للمقدسات الإيزيدية وتجاوز على حرمة المساكن والتهديد بالقتل والتشريد وهو مخالف للبنود والاتفاقيات الدولية وخاصة البند السابع والعشرين من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الأقليات الدينية والعرقية. ولذلك نرفع صوتنا عالياً من خلال هذه المنابر العالمية بأن تتأكد من ما كتبنا في السابق بهذا الخصوص، وما نراه ونلمسه من تجاوزات على القيم والرموز الدينية الإيزيدية وأن يتم توفير حماية عالمية لمرقد لالش، لأن الذي ورد في كتاب السيد أنس محمد شريف الدوسكي هو بداية المطالبة بهذا المرقد الذي يعتبر حج الديانة الإيزيدية. نأمل أن لا يتطور الوضع إلى مزيد من التدهور. ومن الله التوفيق.
علي سيدو رشو/ ناشط في حقوق الإنسان
سنجار في 16/2/2007
rashoali@yahoo.com