حي الدورة البغدادي خارج سيطرة الحكومة: حرب مفتوحة بين الميليشيات و «المسلحين»
04/07/2006الدورة (جنوب بغداد) - الحياة : يعترف قائد قوات حفظ النظام اللواء مهدي صبيح، المسؤول عن الدورة جنوب بغداد، بخروج الحي عن السيطرة، فيما يؤكد الأهالي ان يوماً لا يمضي من دون حدث دموي، أو اغتيال، أو مواجهات مسلحة تستمر أحياناً طوال الليل لتوقع المزيد من الضحايا. فقد تحول الحي الى ميدان لصراع «نموذجي» بين ميليشيات تفرض سيطرتها على منطقة «أبو دشير» ذات الغالبية الشيعية، ومسلحين من جماعات مسلحة بينها تنظيم «القاعدة» تسيطر على الأحياء الأخرى ذات الغالبية السنية. وأكد صبيح الحاجة الى إعادة النظر في الخطة الأمنية التي بدأ تنفيذها في بغداد منذ أسابيع وفشلت في أحياء اليرموك والغزالية والدورة والعامرية، فيما أشار شهود في منطقة الاسكان في الدورة أمس الى اندلاع مواجهات مسائية واسعة بين مسلحين وميليشيات «جيش المهدي» التي تسيطر على «أبو دشير» القريبة، سقط خلالها ضحايا بين الطرفين ومن الأهالي. لكن اللواء مهدي صبيح نفى حصول مثل هذه المواجهات مع ميليشيا «الجيش» وقال ان «قوة من قواته دهمت المنطقة بحثاً عن مطلوبين، فتعرض لها مسلحون يحاولون تحويل الدورة الى مركز لزعزعة الأمن في كل بغداد». مؤكداً انه «شخصياً كان على رأس القوة المهاجمة، في حين ان المسلحين أشاعوا بين الأهالي تعرض المنطقة لهجوم من «جيش المهدي»، فزاد الاضطراب وعمت الفوضى من دون مبرر. ولا يفرق الأهالي، على ما يقول رجل دين في حي الطعمة في الدورة بين الميليشيات والشرطة، خصوصاً قوات حفظ النظام ويتهمونها بالتواطؤ مع الميليشيات. مؤكداً ان «وفداً من وجهاء الحي توجهوا الى وزارة الدفاع للمطالبة بنقل الملف الأمني الى الجيش». وأكدت جبهة «التوافق» ان منطقة «أبو دشير» أصبحت مقراً للميليشيات المسلحة، وقال أحد أعضاء الجبهة (رفض الاشارة الى اسمه) إن «سجوناً سرية للميليشيات تخطف كل من تظفر به من سكان الدورة، وتقتله بعد التعذيب غالباً». لكن صبيح يتهم المسلحين في الدورة بـ «تنفيذ حملة واسعة لتهجير الشيعة واستغلال موقع المنطقة لتنفيذ عمليات وقتل». ويؤكد ان «قذائف الهاون مصدرها، في الغالب، الأحياء ذات الغالبية السنية من عرب الجبور والبوعيثة، وتسقط في أبو دشير». ويقع حي الدورة الذي يعد من أكثر المناطق اضطراباً في بغداد، جنوب العاصمة، ولا يفصله عن مراكز الأحزاب الكبيرة في الجادرية والمنطقة الخضراء في كرادة مريم سوى نهر دجلة، فيما تمتد جنوباً مساحات زراعية وطرق غير نظامية لتصل أحياء المهدية والطعمة والاسكان (شمال الدورة) بمناطق أبو دشير والبوعيثة وعرب الجبور، وتمتد الطرق الزراعية نفسها باتجاه «مثلث الموت» الشهير الذي يضم مناطق اليوسفية والمحمودية واللطيفية. ويخشى مسؤولون أمنيون ان يتحول الحي الخارج عن سلطة الحكومة الى بؤرة لتفجير حرب بين الميليشيات الشيعية الناشطة في «ابو دشير» ومسلحين سنة في الأحياء الأخرى، تستخدم فيها القذائف الصاروخية. ويرى بعض السياسيين العراقيين ان نقل المهمات الأمنية من الشرطة الى الجيش في الدورة، على غرار منطقة الأعظمية سيساهم في تهدئة الاحتقان الطائفي. يذكر ان القوات الأميركية عقدت اتفاقات مع وجهاء ورجال دين من أهالي الدورة تضمنت منع قوات الشرطة من تنفيذ حملات دهم أو اعتقال داخل المنطقة، إلا بمرافقة أميركية ما أطلق يد الأهالي في مواجهة اي عملية تنفذها الشرطة بعد انتشار ظاهرة «فرق الموت» التي يرتدي عناصرها زي الشرطة ويستخدمون آلياتها. وفيما يؤكد عبدالهادي الجبوري (من منطقة المهدي) ذات الغالبية السنية ان الحكومة اغفلت في 26 حزيران (يونيو) الماضي شكوى قدمها الأهالي ضد قوات حفظ النظام التي خطفت سيارة تقل عمالاً سنة قرب مصفاة الدورة ثم باعتهم، بحسب أحد الناجين، الى ميليشيا قادتهم الى حي «ابو دشير» وأعدمتهم هناك، يصف أحمد الشويلي من أهالي «أبو دشير» حالات اغتيال يومية لعمال وموظفين شيعة يخطفون في الطريق الوحيد الذي يقودهم الى مركز المدينة عبر مناطق سنية، ويروي قصة خطف شقيقيه بائعي الخضار «بينما كانا عائدين من منطقة البياع القريبة باتجاه «أبو دشير»، عندما قطع مسلحون الطريق أمام الباص الذي يقلهما وتم إنزال السنة منه واقتيد الشيعة الى مكان مجهول ليعثر على جثثهم بعد حين في مناطق مختلفة، وبينهم نساء». وأدت عمليات التهجير الى جعل منطقتي «أبو دشير» والدورة مغلقتين طائفياً، فيما يفرض المسلحون نظامهم، فأسسوا محاكم وسجوناً ونقاط تفتيش وفرضوا اسلوب حياة يتماشى مع أفكارهم، ويعلق الأهالي من الحيين المضطربين بالقول: «الحكومة تفرض حظر تجوال يبدأ من التاسعة مساء وعناصر الميليشيات ومسلحو «القاعدة» يفرضوت الحظر من الرابعة عصراً».