خبير أميركي: التوتر الطائفي في المنطقة هو الأخطر منذ غزو الوهابيين للعراق قبل قرنين
رأى مستشار سابق في البيت الابيض ان تنظيم القاعدة في العراق اوجد "ظاهرة زرقاوية" طائفية متطرفة تعمل على خلق الفوضى وبث الرعب في العراق لكنها لا تستطيع اعادة السنة الى حكم العراق.
وقال بروس ريديل، في مقال تحليلي له بصحيفة ديلي بيست، ان "ارتفاع موجة العنف الطائفي المناهض للشيعة تجتاح العراق. فقد قتل المئات في هجمات ارهابية في الصيف الحالي. وهذا الذبح الجماعي للشيعة بأيدي القاعدة يهدد بجر البلد مرة اخرى الى الحرب الاهلية. والأسوأ، ان القاعدة في العراق تصدر عنفها الى سوريا ولبنان ليس ببعيد".
ورأى ريديل، الذي يدير الان مشروع الاستخبارات الجديدة في معهد بروكنغز، ان "العنف الطائفي في منطقة الشرق الاوسط لم يصل الى مستواه المتطرف هذا منذ ان هاجم السعوديون والوهابيون النجف وكربلاء في العام 1806."
واضاف ان "جذور هذه الموجة من الطائفية المتطرفة عدة، وحكومة العراق الشيعية لا يمكنها الخلاص عن كثير من المسؤولية في السماح لهذا الحال ان يتطور. فحكومة رئيس الوزراء المالكي شجعت الهوية الشيعية والعداء الطائفي. وعومل السنة العرب بنحو سيء. وشجعت ايران سياسات المالكي الطائفية في البلد. وتدخل ايران وحزب الله في سورية في ربيع العام الحالي ادى الى تفاقم التوترات الى درجة الغليان".
واكد الكاتب، الذي عمل مستشارا في البيت الأبيض لمدة الرئاسات الأميركية الأربع الأخيرة، ان "المذنب الرئيس في هذا كله هو تنظيم القاعدة في العراق. فمؤسسه الأردني، احمد فاضل الخلايلة، (الشهير بلقب ابو مصعب الزرقاوي) كانوا ينادونه داخل التنظيم بلقب اخر هو "الغريب"، لأن آراءه الطائفية كانت متطرفة بين وسط المتطرفين. والزرقاوي هو الذي رفع درجة العنف ضد الشيعة الى مستويات لم ير لها مثيل على مدى القرنين الماضيين".
وتابع ريديل قوله "ابتداء من العام 2003، استهدف الزرقاوي زعماء شيعة وجوامع الشيعة ومراقدهم المقدسة، ومناسباتهم الدينية بأفعال عنف متطرفة. وربط الزرقاوي ضحاياه الشيعة الذين كانوا يسقطون بالمئات بانهم الصفويون الجدد، في اشارة الى السلالة الشيعية التي جعلت من ايران دولة شيعية، وكان يرى نفسه وعصابة القاعدة التي يديرها على انهم يقيمون عدالة قاتمة على الشيعة (الزنادقة). ولم يخف الزرقاوي ابدا سرا بان هدفه الحقيقي كان هو ارض الصفويين نفسها، ايران".
وقال الخبير الاميركي ان "استراتيجية الزخم التي نفذها الجيش الاميركي في العراق كان من المفترض ان تسحق القاعدة في العراق. وادت لمقتل الزرقاوي بعد مطاردة طويلة. لكن الظاهرة الزرقاوية دامت بعد الزرقاوي. لا بل في الواقع، نمت بنحو اقوى منذ مقتله".
ويتابع ريديل "قال الجنرال ستانلي ماكريستال، الذي قاد ببراعة عملية مطاردة الزرقاوي واصطياده، ان استراتيجية الزخم جاءت في وقت متاخر جدا. وقد خرج الجني من القمقم".
واليوم، كما يقول ريديل، فان "خليفة الزرقاوي يطمح، ابو بكر البغدادي (وهذا لقبه الحركي)، الى التفوق على معلمه. فقد دبر هجمات كبيرة في تموز اسفرت عن اخراج مئات السجناء من ارهابيي القاعدة. والبغدادي هذا، الذي ينادى ايضا بابو دعاء، قد اعلن ايضا ان مجموعة جبهة التنظيم في العراق قد اتسعت لتشكل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام. والشام تعني سورية الكبرى ـ التي تشمل سورية ولبنان والأردن وإسرائيل".
ويضيف المستشار السابق في البيت الابيض "اعلن البغدادي عن توليه قيادة القاعدة في جميع انحاء الهلال الخصيب"، مشيرا الى ان اسامة بن لادن كان قد اعطى الظواهري كل هذه الارض في العام 2004 عندما وهبه قيادة القاعدة في هذه المنطقة باسرها. والبغدادي حريص الان على تصدير عنفه الى لبنان، وحزب الله الموجود في الفناء الخلفي".
وتابع ريديل ان "السوري محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، عمل مع الزرقاوي في العراق قبل عقد من الزمان. وحاولت مجموعته في البداية التقليل من شأن طابعها الطائفي في سوريا الى حد ما الا انها الان تستعمل كل رموز الزرقاوي، ومن بينها رايته وكثير من خطبه عن ايران وحزب الله. وتتوافد قطعان السنة من ارجاء العالم العربي على العمل تحت راية جبهة النصرة. فالعشرات من السعوديين والتوانسة والليبيين والأردنيين قتلوا في الحرب الأهلية السورية وهم يقاتلون بين صفوف النصرة". ويلفت الكاتب الاميركي الى ان "الجولاني يعلن انه مستقل عن البغدادي ويقدم تقاريره مباشرة الى امير القاعدة في باكستان، ايمن الظواهري، لكن على ارض الواقع فان تعاون هذين المجموعتين التابعتين للقاعدة في تزايد".
ورأى ان "اعلان وزارة الخارجية الاميركية عن نقل البغدادي مقره الى سورية، ربما ليجعل من الصعب على حكومة المالكي العثور عليه. وتضع الحكومة الاميركية مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يقدم معلومات تقود الى القاء القبض عليه او قتله".
ويقول ريديل ان "العنف في العراق من المرجح انه يزداد سوءا حتى لو تم العثور على البغدادي وقضي عليه. فالقاعدة في العراق اثبتت ان بامكانها البقاء بعد قطع رأسها في اكثر من مرة. ومع ذلك، لا يمكن للقاعدة ان تستولي على العراق. ذلك انها اقلية داخل اقلية". مؤكدا ان "التنظيم يستغيث بغضب السنة العرب الذين هم اقل من ثلث العراقيين. فالقاعدة تستطيع خلق الفوضى والارهاب لكنها لا تستطيع خلق عودة سنية للسلطة في بغداد".
واعتبر ريديل ان "اعادة تجديد القاعدة في العراق وتوسعها الى سورية هو تحذير لصناع القرار الاميركي. اذ ان القليل من ميزات القاعدة او الحركات المرتبطة بها قد تعرض لتدمير دائم. اذ يمكن تعطيلها وتفكيكها الا انها تتجدد تماما ما ان ينحسر الضغط عليها. والشيء نفسه يمكن ان يحدث في باكستان وافغانستان اذا لم تشمل عملية انتقال النيتو بعد العام 2014 على بناء قدرات صلبة لمكافحة الارهاب لاستهداف القاعدة في جنوب اسيا".