Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ذكريات موصلّية ... ليست العِبرَة في الكُثرة !!

في مثل هذه الأيام قبل ثلاث سنوات تقريباً ، كانت الصُدفة؛ لتجمعُني في لقاءٍ ودّي مع شخصية موصلية طيبة ، وهو الأستاذ وليد كشمولة ( رحمه الله ) ، الذي راح هو الآخر شهيداً للوطن ولمدينة الموصل العزيزة على قلبه . بعد أن آغتالته يد الظلم والإجرام ، تلك التي أُتيحَ لها ان تعبث بأرض العراق فساداً وقتلاً وإجراماً قلّ مثيله في صفحات التأريخ !. ولن نقول لهم شيئاً هنا سوى ؛ ( أن أغفر لهم يارب لأنهم لايعرفون ماذا يفعلون . ) .....
ماأنا بصدد الحديث عنه ؛ هو لقائي مع هذا الرجل وما تمخض عنه لاحقاً . ففي تلك الأيام كان الأستاذ وليد في زيارة تفقدية، أخوية، لأحد أساقفتنا الأجلاّء ... ويبدو أن مثل هذه الزيارات واللقاءات كانت ولازالت ، تقليداً أصيلاً من تقاليد العوائل الموصلية العريقة ،، حيث الزيارات ، والإحترام المتبادل مابينهم وبين قادة كنائسنا الأجلاء وعوائلنا المسيحية الطيبة ، فالكل حريص منذ زمن طويل ولحد الآن على ديمومة العلاقات والأواصر المتينة التي تربط اهالي هذه المدينة الجميلة مع بعضهم البعض ولنا في ذلك ذكريات طيبة سنتحدث عنها لاحقاً .
في بداية اللقاء وقبل أن نتعارف ،، أوحَتْ لي ملامحهُ الأولى على إنه أحد أبناء الكنيسة ممّن يترددون بإستمرار لزيارة سيدنا العزيز ،، إلى أن عرّفني عليه سيدنا بأنه الأستاذ وليد كشمولة... فتشرّفتُ بلقائه ثم جلسنا نرتشف فنجان القهوة (المُهيلة) معاً ليبدأ الحديث والحوار البنّاء والإيجابي في العديد من المواضيع لاسيما مايخص أوضاع مدينة الموصل وحاضرها ومستقبلها في ظلّ الأوضاع الجديدة التي حلّت بالبلاد بعد أحداث نيسان /2003 فوجدتُ في ذلك الإنسان معاني إنسانية راقية، ممزوجة بشفافيةٍ في المنطق والحجة . مع مايملك من رصيد في الفكر والثقافة والوطنية والمحبة والإحترام المتبادل للجميع دون استثناء مادام الكل تحت خيمة العراق العظيم ،، وقد شدّتني عباراته الجميلة وحرصه الكبير على أداء دوره الوطني على الساحة السياسية بما يرضي الله والضمير ..... فكان لابد من تبادل وجهات النظر في ما بيننا بشأن العديد من القضايا والأحداث ودور المواطن في الإسهام في حماية وبناء الوطن بما وهبه الله من إمكانيات ومواهب عديدة ...............، حتى أوصلني بالحديث الى (مربطِ الفرس) :
لقد سألني في موضوع دور المسيحيين في خضمّ هذه الأحداث ؛ ماهو الموقف الحالي لهم ؟؟ ماهو القرار ؟؟.. كيف يُتَّخذ ؟؟... من يُقرر ؟؟.... من هو المسؤول عن حاضركم ومستقبلكم السياسي ؟؟... من هي الجهة التي تمثلكُم رسمياً ؟؟... ومن هو خاصةً صاحب الخطاب السياسي الحاضر والمسؤول عن حماية حقوقكم المشروعة ؟؟ أو المطالبة بها ؟؟.
كلها أسئلة ( دوّختني !! ) ربما لم أسأل نفسي عنها حيث لم أكن من العاملين في السياسة ولا من هُواتها !! كما لم يسألني عنها أحد ، حتّى إني لم أجد أجوبةً شافية لها !!،، ثم حاورني الرجل مستغرباً من كُثرة المسمّيات والعناوين للتنظيمات والتشكيلات السياسية التي تمثل المسيحيين بشكل أو بآخر . فقال لي بالحرف الواحد ( ياأخي أنتم وكما يقول المثل الموصلّي بأنكم ؛ تْريْ وْ بَلكيْ !! ) بينما نسمع عن أكثر من 30 تنظيم سياسي مابين حزب واتحاد وومجلس ومنظمة وجمعية ورابطة و....... الخ ، والحديث كان قبل ثلاث سنوات وليس الآن !! ثم أجرى عملية حسابية بسيطة قسّم فيها بشكل منطقي عدد المسيحيين العاملين في الساحة السياسية على هذا العدد من التنظيمات السياسية فتبيّن أن عدد أعضاء بعضاً منها قد لايزيد عن / 500 عضو !!!! ثم آستطرد محدثي قائلاً بمرارة وحزن ؛ ياأخي العزبز ، وياسيدنا الكريم ، ليست العبرة في الكثرة !! بل في النتائج ، وفي نوعيتها بالذات . إعملوا أيها السادة على توحيد صفوفكم ،، وإلاّ فستذروكم الرياح !!..
والحقيقة أن كلام الأستاذ وليد ( رحمه الله ) قد أفزعني وأفزع فيّ جملة من المعاني والتساؤلات ذات الصلة ،، وشعرتُ في حينها بصغَر حجمي إزاء هذا السُمُوْ في الطرح المشروع والإيجابي الذي يصدر من شخص مُحبْ لاغير !!!! .
إنتهى اللقاء ! ولكن أبعاده ظلّت قائمة ، شاخصة ، مما دعاني شخصياً لمراجعة الكثير من المواقف والأفكار ، فتحدّثتُ مع العديد من الأصدقاء والمقربين الّذين فوجئوا هم أيضاً بالأرقام والأعداد والعناوين والمسمّيات الكثيرة لمُمثلينا !! وقد أثبتتْ الأيام والسنين إنها لم ولن تُحقق أهدافها مادام كلُّ منها يحرص على هذه الإنفرادية ( المقيتة !) في العمل والنضال على الساحة السياسية ، وقد وصل الأمر الى تقديس وتأليه بعض هذه المسميات !!! . وبعد ثلاث سنوات فإن النتائج تشهد على هذا التخبّط والفشل !! ماذا حصدنا ؟... ماذا حصلنا ؟ .... أين وصلنا ؟.... أين هي الحقيقة ؟ ...... عند مَن نجدها ؟ .... من يُحقق لشعبنا المسيحي الغاية والأهداف ؟. والحقيقة إنّ كل ذلك مفقود وضائع للأسف بين هذا المسمّى وذاك، فكلُّ من جهته يدّعي صحة نظرياته وبرنامجه السياسي ، وكأن الأمة المسيحية لم تنجب سواه !!!!.
أتمنى أن يقولها لنا أحد من المسؤولين ، تلك الحقيقة المُرة التي ربما لانشعر بنتائجها اليوم ،،، ولكن ستكون علقماً لأبناء كنيستنا في المستقبل !! . وسيلعن أحفادنا ما صنعناه لهم اليوم من دَواعي ومسببات الفرقة والإنقسام ، الذي جعلنا ضعفاء ، مُشتّتينْ ، مُختلفين ومُتخالفين ، والكلُّ يتفرّج علينا !!!! مثلما يتفرّجون على إنقساماتنا الكنسية / الدينية / الطائفية !!! .



الشماس / صباح سليمان كويسا
مالبورن / أستراليا
كانــــــون الثانــــــي / 2006
Sabah_youhana@yahoo.com
Opinions