رابطة المرأة العراقية تحتفي بمئوية رائدة الحركة النسوية نزيهة الدليمي
المصدر: صحيفة الزمان
رجاء حميد رشيد
احتفت رابطة المرأة العراقية، بالذكرى المئوية على رحيل رائدة الحركة النسويه العراقية د, نزيهة الدليمي ،وأول وزيره في تاريخ العراق والوطن العربي، والتي أسهمت في إصدار قانون الأحوال الشخصية العراقية لسنة 1959 الأكثر تقدما في المنطقة العربية ، المناضلة السياسية التي واكبت حركات التحرر الوطني والديمقراطي لأكثر من نصف قرن ، وذلك يوم السبت28_ 10 _2023 ، في المركز الثقافي النفطي، حيث تم زيارة جمع من الناشطات وعضوات من رابطة المرأة العراقية وشبكة النساء العراقيات قبر الفقيدة المناضلة د.نزيهة الدليمي، ووضع أكليل زهور على ضريحها في بغداد بهذه المناسبة. استهل الحفل بكلمة سكرتيرة رابطة المرأة العراقية المناضلة شميران اوديشو،جاء فيها « نستذكر اليوم شخصية من الشخصيات النسوية البارزة ،التي عملت وناضلت وكافحت وحفرت اسمها في ذاكرة الوطنيين الشرفاء ،وتركت لها بصمة واضحة في سجل الحركة النسوية العراقية، لا يمكن إغفاله وتناسيه ، مهما حاولت الجهات المعنية إهماله ، وأن عدم التوقف عنده والاحتفاء به لتذكير الأجيال برموز الحركة النسوية يعدُّ انتهاكاً بحدِ ذاته لنضال الملايين من النساء العراقيات على مدى مئة عام، هي الإنسانة التي دعمت وساندت وخدمت الجميع دون تمييز خصوصا الفقراء والمهمشين من بنات وأبناء الشعب ، أننا اليوم نستذكرها بفخر واعتزاز إكراما وعرفناً بما قدمته طول حياتها وما تركته من أرثِ لنا في الحياة».
أدباء وشعراء
تضمن الحفل حضره الذي عدد من أفراد عائلتها جمع من الأدباء، والشعراء، والشخصيات السياسية والمدنية ، عدد من الفقرات والكلمات،حيث القى سكرتير الحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي كلمة بهذه المناسبة ،كما ألقيت القصائد الشعرية التي تعنت بحب الوطن والتأكيد على دورة المرأة في كل المحافل والنشاطات الثقافية ، بقراءات شعرية لكل من ،غرام الربيعي ، ازهار ،وسمرقند الجابري ، ، كما أقيم معرضا للصور الفوتوغرافية للفقيدة في مختلف مراحل حياتها، ومعرض فني تشكيلي. ولدت الدكتورة نزيهة جودت الدليمي في بغداد سنة 1923، ونشأت في كنف عائلة متوسطة الحال ،حين بلغت العشرين من العمر ،كانت واحدة من طالبات معدودات يدرسن في كلية الطب في بغداد، وفي الكلية تأثرت بزميلاتها وزملائها المتنورين،المنشغلين بهموم الوطن والناس،وعن طريق إحدى زميلاتها تعرفت على الجمعية النسوية لمكافحة الفاشية والنازية واطلعت على نشاطاتها وشاركت فيها ،وفيما بعد حين تم تبديل اسم الجمعية إلى ( رابطة نساء العراق ) أصبحت وهي بعد طالبة في الكلية ، عضوا في هيئتها الإدارية . بعد تخرجها عينت في المستشفى الملكي ببغداد ،ثم نقلت إلى مستشفى الكرخ ، كانت تتعاطف مع المواطنين الفقراء وتستقبلهم مجانا إلى العيادة التي افتتحتها في محلة الشواكة الشعبية ،وفي أعقاب ذلك نقلت إلى السليمانية حيث تحولت عيادتها هناك إلى ملجأ للمرضى من المعدمين الذين كانت تعتني بهم وتقدم لهم كل ما تستطيع دون مقابل ، ثم تنقلت إلى مدن ومحافظات عديدة،عقابا لها على مشاعرها الإنسانية إزاء الفقراء وتقديمها الخدمات المجانية لهم ، وعلى نشاطها الاجتماعي والسياسي الوطني . التنقل الإجباري أتاح لها التعرف على أحوال الناس الصعبة في أرجاء البلاد المختلفة وعلى مشاكلهم واحتياجاتهم المختلفة، والاطلاع على أوضاع ومعاناة النساء العراقيات ،وكانت الحصيلة كتيبا أعدته في هذا الشأن تحت عنوان( المرأة العراقية)، حيث تبلورت لديها فكرة إعادة نشاط (رابطة نساء العراق)وانطلقت تعمل لتحقيق ذلك حتى تكللت الجهود بعد تحضير دام سنة بتقديمها مع عشرات من ناشطات الحركة النسوية وبدعم كثير من النساء الأخريات طلبا إلى الجهات الرسمية لتأسيس ( جمعية تحرير المرأة )، لكن الطلب قوبل بالرفض بناء على مقتضيات المصلحة العامة ! وردا على الرفض التعسفي قررت الموقعات على الطلب تتقدمهن د. نزيهة الدليمي المضي قدما في تنفيذ مشروعهن وتأسيس الجمعية ولو بشكل سري بعد تغيير اسمها إلى (رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية) ،وتم لهن ذلك فعلا سنة 1952 ،وجرى بعده نشر برنامج الرابطة ونظامها الداخلي وأهدافها ،وكان بين الأهداف النضال من اجل التحرر الوطني ،والسلام العالمي،والدفاع عن حقوق المرأة العراقية،وحماية الطفولة العراقية، وتحت قيادة د. الدليمي وبمشاركتها الفاعلة تطورت الرابطة وتحولت إلى منظمة جماهيرية بلغ عدد عضواتها 42 ألفا، وقدمت الكثير من الخدمات والعديد من المنجزات للمرأة العراقية وفي مقدمتها قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 .
مجلس الإتحاد
و أصبحت الرابطة عضوا دائما في سكرتارية اتحاد النساء العالمي وانتخبت د. نزيهة عضوا في مجلس الاتحاد ثم في مكتبه وفي ما بعد نائبة لرئيسة الاتحاد العالمي ، ومازالت الرابطة تشغل نفس الموقع إلى اليوم، وتحولت د,نزيهة شخصية نسوية مرموقة على المستوى الدولي فضلا عن المستوى العربي ومستوى العالم الثالث، والى جانب ذلك أسهمت الدكتورة نزيهة بشكل فاعل في حركة السلم العراقية وكانت عضوا في اللجنة التحضيرية لمؤتمر أنصار السلام الذي التأم في بغداد يوم 25 تموز 1954 ،وفي ما بعد أصبحت عضوا في مجلس السلم العالمي.
تم تعيينها وزيرة في حكومة 14 تموز ،وكانت أول وزيرة في تاريخ العراق والعالم العربي، وبعد انقلاب 8 شباط 1963 واغتيال قادتها ومنجزاتها الكبيرة،أصدرت محكمة الثورة في 4 نيسان 1964 حكماً بإعدامها ثم خفف الحكم إلى المؤبد مع الأشغال الشاقة،ثم أُعفي عنها لاحقا وسمح لها بالعودة إلى العراق ،وتعرضت الدليمي بسبب نشاطها متعدد الأوجه إلى الكثير من الملاحقة والاضطهاد في العقود المختلفة ما اضطرها إلى ترك البلاد واللجوء إلى الخارج مرات عديدة،واصلت نشاطها في الحركة النسائية وفي رابطة المرأة العراقية بشكل خاص الذي لم يكف حتى في سني التسعينات، فيما كانت هي تتقدم في السن ويتسلل الوهن إلى قواها، وكانت الندوة التي عقدت في مدينة كولون الألمانية سنة 1999 حول أوضاع المرأة العراقية أخر فعالية هامة شاركت فيها د. نزيهة بنشاط قبل أن تنخرط في التحضير للمؤتمر الخامس لرابطة المرأة العراقية الذي كان مزمعا عقده أواسط 2002 والذي أصيبت قبل موعده ( في آذار 2002) بجلطة أقعدتها تماما،وفي صباح الثلاثاء 9 تشرين الأول 2007 توفيت الشخصية الوطنية والاجتماعية البارزة في مستشفى بمدينة (هيرديكا) الألمانية عن عمر أربعة وثمانين عاماً.
وختاماً،أعلنت رابطة المرأة العراقية وبمناسبة مئوية المناضلة نزيهة الدليمي تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني في نضاله لاسترجاع وطنه فلسطين المغتصبة، وتؤكد على مساندتها بكل ما أوتيت من شجاعة وقوة لإحقاق الحق وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس ، مجداً لشهيدات وشهداء العراق وفلسطين.