Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

رسالة إلى العراقيين من غير المسيحيين

alkosh50@hotmail.com
في كل مرة نكتب للكلدان وعن الكلدان في العراق ، معاناتهم ، توجهاتهم ، أهدافهم ، وذلك بسبب كون الكلدان هم الشريحة الأصيلة في العراق ، وهم سكنة العراق الأصليين منذ آلاف السنين ، مخلصين كانوا وما زالوا يحبون وطنهم ويضحون من أجله ، ولم تنقرض هذه القومية الأصيلة منذ آلاف السنين ولحد ألان ، وإنْ دخلوا في صراعات وأعتنقوا مذاهب وأديان ، فهم كلدان ويبقون كلدان .

لقد كان الكلدان منذ بداية الزمان يلفّهم الجهل بالإيمان ، ثم جاءت المسيحية ليعتنقوها ويدخلوا فيها زرافات ووحدان ، وظل القسم الآخر باقٍ على عبادته للأوثان ، وقد أنتشر الكلدان في مناطق جنوب تركيا وغرب وجنوب غرب إيران بالإضافة إلى كل العراق والخليج وباقي دول العربان .

أجدادهم أعتنقوا الدين المسيحي منذ أكثر من ألف وثمنمائة عام وكانت أكثر القبائل العربية تدين بدين الكلدان وأشهر شعراء الجاهلية ومقاتليهم كانوا يدينون بالديانة المسيحية ، ثم ولأسباب معينة عديدة وظروف قاسية قاهرة ، أهتزّت لدى البعض منهم القيَم الدينية وفضّلوا الحياة الفانية على الحياة الخالدة ، لربما لكثرة معاناتهم أو لما رأوه من كثرة الدماء أو لغيرها من الأسباب ، المهم تركوا دين آبائهم وأجدادهم وأنتسبوا إلى الدين الجديد الذي قدم من الجزيرة العربية ، وهنا بدأ الإيمان الجديد ينسحب على الهوية القومية فبدلا من أن تكون التسمية القومية هي السائدة وإن تغير الدين ، أنقلبت الآية مما أدى إلى أضمحلال الهوية القومية وأنتشار هوية الدين على حسابها .المهم من هذا كله هو تذكير لما مضى وتوجيه لما هو آتٍ .

أيها العراقيين الأصلاء من غير المسيحيين

قررت اليوم مخاطبتكم لتوضيح صور هامة من حياة المسيحيين العراقيين ممن خانتهم الذاكرة أو القلم في رصد ما سوف نذكره .

أيها الإخوة : لو عرفتم قيمة التضحية التي قدّمها المسيحيون العراقيون على مر الزمان ، وعِظَم المبادئ الدينية التي يؤمنون بها ويسيرون بِهَدْيِها لتعجبتم من ذلك أيما عجب ، ولكنتم تجعلونهم تيجانا فوق الرؤوس ، وحاشا للمسيحيين أن يقبلوا بذلك ، لأنهم قمة في التواضع وليس من مفهوم الضعف ، كلا أبداً وذلك بسبب إيمانهم بتعاليم دينهم وبوصية المخلّص الذي سفك دمه من أجل الجميع .

المسيحيون أيها الإخوة صانعي سلام لكونهم أُمروا بذلك ، ويتوقعون ذلك ، لأنه قال لهم بأن لا ينتظروا شهرة أو ثروة ، بل نوحاً وجوعاً واضطهاداً ، وأكَّد لهم بأنهم سوف يُكافأون ولكن ليس في هذه الحياة .

وقد أعتبر المسيحيون تعاليم السيد المسيح له المجد على أنها دستور أخلاقي ومعيار للسلوك لكل المؤمنين ، ومقارنة بين قيَم الملكوت وقيم العالم الفانية .

المهم أيها الإخوة فإن واحدة من صفات المسيحيين هي صناعة السلام ويا محلاها من صنعة ، وقد أُمِروا بذلك " طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدْعَون "

فمن كان يريد أن يكون إبناً لله يصنع السلام ، وهكذا هي أمنية جميع المسيحيين .

لقد أضطُهِدَ المسيحيين كثيراً وعلى مرَّ زمنِ طويل ، لذلك يستحقون أن يرثوا ملكوت الله أكثر من غيرهم بسبب المعاناة المريرة التي تجرعوها والفقدان المتواصل وتقديم الشهيد تلو الشهيد ومسيرة الشهداء لم تنقطع منذ ما يزيد على الألفي سنة ولحد الآن ، لذلك أستحقوا قول المخلّص فيهم :

" هنيئاً للمضطَهَدين من أجل الحق ، لأن لهم ملكوت السموات "

أعزائي العراقيين

أنتم لا تعرفون شريعة المسيحيين حق المعرفة ، وذلك بسبب الغبار الكثيف الذي نشرته الحكومات العراقية السابقة لتغطي به معالم وتعاليم أصيلة ومشرّفة ومقدسة وإنسانية جاء بها السيد المسيح روح الله وكلمته ، هذه التعاليم هي بمثابة لا بل بالحقيقة هي إشعاع الأمل في القلوب ، تعطي صيغاً قويمة للمجتمع الأفضل وتصل به إلى حد المثالية المطلقة ، أسمعوا وقارنوا بين ما أمر به السيد المسيح أتباعه وبين تعاليم الآخرين وأختاروا الأفضل : ــ

" سمعتم أنه قيل لآبائكم ، لا تقتل ، فمن قتل يستوجب حكم القاضي ، أمّا أنا فأقول لكم : مَنْ غضب على أخيهِ أستوجب حكم القاضي ، ومَنْ قالَ لأخيه يا جاهل ، أستوجب حكم المجلس ، ومَنْ قالَ له : يا أحمق : استوجب نار جهنم " . متى 5 : 21

تأملوا في عظمة التعاليم المقدسة ، لقد قيل لا تقتل ، وهو أوصانا بأن لا نغضب ، وذلك من منطلق فلسفي هو ، أن الغضب يؤدي إلى القتل ، وإن غضبت تكون قد أرتكبت القتل في قلبك ، القتل خطية شنيعة ولكن السيد المسيح جعل الغضب خطية كبيرة لأن الغضب هو تعدي على وصية الله وعلى صفات الخالق عز وجل عن المحبة والرحمة ، والغضب يشير إلى حالة الغليان والشعور بالمرارة ضد أحد الأشخاص مما يسبب الخروج عن ضبط النفس وبالتالي يؤدي إلى العنف والأذى والتوتر العقلي والروحي مما يحرمنا من محبة الله ورحمته ورضائه علينا .

هذه هي شريعتنا ، وهذا هو قانوننا ، فأي عيبِ فيه ؟

وهل هناك تعليم أو قانون يفوق هكذا محبة ؟

أليست هذه أصول المجتمع الحضاري المتمدن الذي يجب أن نسعى إلى تطبيقه جميعاً ؟

كيف تريدون المجتمع المثالي أن يكون ؟

هل على شريعة أحبار اليهود عندما أمروا السن بالسن والعين بالعين ؟هل الأنتقام هو المطلوب وهو الذي يوصلنا إلى الطريق الصحيح ؟

لقد أنتقم العراقيون من بعضهم البعض ، فانظروا ما الذي جنيناه من هذا الإنتقام ؟ أحقاد مستمرة ومتأصلة بسبب غياب المحبة وفقدان الإيمان بالله ، دماء تسيل ,,, فقدان أعزّاء ,,,, تهديم دور ,,,,, تهجير ,,, قتل ,,,, أرامل ,,,, أيتام ,,,, ثكالى ,,,,, دمار البلد .... الخ

ما هو العلاج الشافي ؟ كيف يمكننا أن ننقذ المجتمع ؟ هل بتمسكنا بهذه التقاليد البالية لزيادة الأحقاد والضغينة؟ أنا أقترح الحل كالآتي :

أسمعوا ماذا تقول شريعتنا التي يجب أن نسعى إلى تطبيقها جميعا لكونها أنجع دواء لمجتمعنا الذي يئن تحت ثقل الأمراض المختلفة المتعددة :

" قال يسوع : سمعتم أنه قيل عينٌ بعينٍ وسِنٌّ بسنٍ ، أمّا أنا فأقول لكم : لا تقاوموا مَنْ يسئ إليكم ، مَنْ لطمك على خدّك الأيمن فحول له الآخر ، ومن أراد أن يخاصمك ليأخذ ثوبك فاترك له رداءك أيضاً ، ومَنْ سَخَّرّك أن تمشي معه ميلاً واحداً ، فامشي معه ميلين ، ومن يطلب منك شيئاً فآعطه ، ومن أراد أن يستعير منك شيئاً فلا ترده خائباً ".

بهذه الشريعة دعانا السيد المسيح أن نتخلى عن الأخذ بالثأر وذلك لكي يحمينا من أن ننفذ القانون بأيدينا ، وأن نتغلب على الشر بعمل الخير ، وهذا الفعل لا يستطيع الإتيان به إلا الأبطال .

ماذا تقولون ؟ هل هناك عيباً في ذلك ؟

إذن السؤال الذي يطرح نفسه أو يفرض نفسه هنا هو

لماذ يُضطهد المسيحيون في بلدهم ؟

لماذا يقتلون كهنتهم وشيوخهم ويسلبون دورهم ويهجرونهم ؟

لماذا يُعتدى على شرف نسائهم ؟

لماذا يستمر مسلسل الجرائم بحقهم ؟ وآخر الكلام هو ما جرى لإمرأة مسيحية في منطقة الدورة في حي المعلمين أمام مرأى من زوجها طريح الفراش والمصاب بجلطة يقتلونها أمام ناظريه ، لا تأخذهم في ذلك رحمة ، ولا يطالهم قانون ولا يعرفون الإنسانية ويتنكرون لله في أعمالهم بعكس ما يلهج به لسانهم ، وعلى قول أشعيا النبي القائل :

" هذا الشعب يكرمني بشفتيه ، وأما قلبه فبعيد عني وهو باطلاً يعبدني " .

وإلى اللقاء في رسالة ثانية أستودعكم الله .

Opinions