رفاقي في مطاكستا و زوعا ... أيها القابضون على جمر (1)
لم يعد خافيا على المتابعين للشأن القومي الآشوري ما تعتريه الساحة القومية مؤخرا من مطبات سياسية كادت تقضي على المكتسبات القليلة التي انتزعتها القوى السياسية المخلصة من أبناء شعبنا في سوريا والعراق، عقب نضالات وتضحيات مريرة قدمتها على مدى العقود الماضية فاقت كل التصورات إذا ما أخذنا بالاعتبار الظروف الدقيقة والصعبة التي مرت بها أمتنا و شعبنا )بما فيها هذه التنظيمات التي تشكل طليعته ونخبته السياسية( من ظروف قهر و سجن واعتقال وملاحقة وتهديد ونفي، لتتوج بحملة الإعدامات التي طالت هذه النخب والقيادات السياسية أوائل الثمانينات. وعندما نتحدث عن نخبة قومية في سوريا والعراق فإننا نقصد بها حتما مناضلي زوعا و مطاكستا، التنظيمين الآشوريين الأبرز والأقوى و الأكبر والأنضج والأعرق والأجدر بلا جدال على الساحة القومية في الوطن والمهاجر.
لقد تعرض هذان التنظيمان إلى ضغوطات هائلة منذ تأسيسهما من قبل السلطات القمعية في كل من العراق و سوريا، لكن هذه الضغوطات اشتدت عليهما بالتزامن منذ انعقاد مؤتمر بغداد في تشرين العام 2003 والنجاح السياسي الكبير الذي حققه لجهة خلق مظلة جامعة ومرجعية قومية تجمع العديد من المؤسسات والأحزاب والكنائس والشخصيات. وتخطى المؤتمرون حينها محاولات اللعب على وتر التسمية، في سابقة كشفت حجم المؤامرات التي تحاك ضد شعبنا من قبل الجهات المتضررة من نيله لحقوقه من جهة، وبينت القدرة على الاستشراف السياسي والواقعية والموضوعية التي يتعاطى بها هذان الفصيلان الكبيران في الشأن القومي والوطني.
واليوم، يتعرض زوعا و مطاكستا إلى أعنف حملة تشويه وتكفير سياسي، و أقسى حرب إلغاء وتهميش مبرمجة أعلنت عليهما بالتزامن. فهي حرب إعلامية سياسية متزامنة التوقيت مختلفة المصادر متطابقة الأهداف، غايتها محاربة التنظيمين الأكثر جرأة وواقعية و مصداقية بين أبناء شعبنا الآشوري، والمرتبطان مع بعضهما بشكل يصعب الفصل بين كوادرهما ونهجهما و فكرهما وسياستهما وتوجهاتهما وعملهما، واللذان وقعا منذ حوالي عقدين من الزمن على وثيقة العمل القومي المشترك، والتي كانا قد وقعا عليها قبل ذلك بالأخلاق والشرف، والتي بقيت وستبقى صامدة قوية رغم كل محاولات ضربها لفك هذا التلاحم السياسي، بالمؤامرات تارة وزرع الفتن واللعب على التناقضات والتمايزات تارة أخرى، من قبل بعض الوصوليين والمتسلقين والمشعوذين الذين ما انفكوا يمارسون كل أنواع الشعوذة السياسية (بما فيها السحر وضرب المندل وكتابة الحجب) لضرب العلاقة بين زوعا ومطاكستا بتوجيه استخباراتي من الجهات المتضررة من عملهما المشترك، وتضحياتهما ونضالهما القومي والوطني، لأن العمل القومي المشترك والجاد والفعال ممنوع حسب مفهوم هذه الجهات المتضررة، والمطلوب هو أحزاب كرتونية وهمية خلبية لا يتجاوز عدد أعضاؤها أصابع الكف الواحد (وأصابع القدمين بالحد الأقصى المسموح به) تدور في فلك هذه الجهات وتمشي بأوامرها وتنفذ تعليماتها بدقة.
أبدأ مع "زوعا" :
لا شك إن استهداف زوعا في العراق من قبل جماعات معلومة الخلفيات والمحسوبة قسرا على أنها من أبناء شعبنا قد حقق بعض المكاسب الرخيصة المدفوعة الثمن لهذه الجماعات. لكنه في المقابل كشف بما لا يقبل الشك أن زوعا هو في مقدمة الصف لان الطعنات جاءته من الخلف، وأنه الكامل لأن الملامة جاءته من ناقص. وانه المدافع الأقوى والأصلب عن الحقوق لأنه الوحيد المستهدف من أشباه الأحزاب الموجودة على الساحة العراقية، وانه الأشرف والأنزه لأنه لا يقبل التنازلات والمساومات عن الحقوق وعليها، وأنه الوحيد الذي يخيف ويرعب أعداء أمتنا وشعبنا، لأن هؤلاء الأعداء هم في حالة حرب شرسة مفتوحة معلنة ضده، وهم يهاجمون زوعا بأسلحة آشورية سريانية كلدانية، ومن جبهات متعددة كنسية وسياسية واجتماعية و شعبية وإعلامية و مالية موجهة بالكونترول المخابراتي، بلغت حد محاربة مساندي زوعا وأعضاءه بلقمة العيش. وكانت الحرب التدميرية الشاملة ضد زوعا قد اشتعلت منذ العام 2004 و كرست عمليا في انتخابات العام 2005 ، ثم التآمر من أجل إقصاء زوعا من حكومة الأقليم وحكومة المركز عبر صفقات خبيثة، ثم ضرب الصيغة التوفيقية الجامعة لتسمية شعبنا في الدستور، وضرب القاعدة الجماهيرية لزوعا عبر شراء ذمم رجال الدين والسياسة، خنق إعلام زوعا عبر ممارسات ابتزاز عصاباتية على طريقة المافيا تمثلت بعرض مبالغ مالية طائلة على إعلاميين وصحفيين وكتاب ومطربين وشعراء، وزج اسم زوعا في خلافات كنسية، و تطول القائمة إلى حد يصعب حصرها في مقال.
لاحظوا سادتي كيف انطلقت هذه الهجمة الشرسة على زوعا وفكره ورجاله ومؤسساته وإعلامه، لاحظوا أن الأدوات التي نفذت بها هذه المؤامرة هي أدوات كلدانية سريانية آشورية. ولاحظوا أن أيا ممن يقفون اليوم في وجه زوعا ويحاربونه ليسوا (في الظاهر على الأقل) غرباء ولا بعيدون ولا شعوب أخرى ولا مؤسسات لأقوام أخرى. إن أدوات هذا التحالف الشيطاني الغريب ضد زوعا هم من أبناء البيت نفسه ( لست بحاجة إلى استعراض أسماء الأشخاص والجهات ) ، تمعنوا بها ولاحظوا ماذا يجمع أعضاء هذا التحالف الشيطاني وستكتشفون أشياء خطيرة جدا جدا. لكن رغم هول ما يجري فإن الجماهير النبيلة والمخلصة لقضاياها من أبناء شعبنا لم تتخل عن التصاقها بزوعا ونهجه ومسيرته وخياراته، ولا دليل أوضح على هذا خير من التفاف الجماهير حول زوعا في المسيرة البنفسجية الحاشدة التي غصت بها شوارع نوهدرا قلعة زوعا الحصينة الأبية (مسيرة التحدي 2007 و مسيرة الوفاء 2008 ) رغم كل المال غير النظيف الذي يدفع لمن يكفر بزوعا ونهجه.
في الجزء القادم سنتحدث عن الهجمة المخابراتية الشرسة التي تطال المنظمة الآثورية الديمقراطية لإضعافها وتفتيتها وضربها من الدخل وإشغالها بقضايا خلافية واستنزافها في صراعات تنظيمية لضرب النجاح السياسي الكبير الذي حققته لصالح القضية الآشورية على الساحة الوطنية مع قوى إعلان دمشق.
نور شوبينغ - السويد