زوعا و زهريرا – غلطة الشاطر بألف
ابتداء, يجب القول اننا نفهم الهدف من الكتابة الحرة كونها الخط العياري الذي يحدد , حسب اجتهاده مخطئا او مصيبا , الجزء السالب والموجب من اداء مَن يقع تحت فعل التقييم بعيداعن التاييد الاعمى او الرفض الأصم , دون ان يغيب عن بال الكاتب المنصف الحر ان التحليل النقدي , سلبا او ايجابا , لايعني درجات في الوطنية والاخلاص تُنجح هذا وتُرسب ذاك , بل يؤمن ان الجميع يجتهد مخلصا في فعل مايراه مفيدا لشعبنا ويبغي الوصول الى الهدف بطريقه الفرعي الخاص , ولاغبار على ذلك طالما ان هذا الطريق الخاص التكتيكي لايتعارض مع مسلمات الستراتيج المتفق عليه اولا , ولايتقاطع بحيث يكون جهدا معرقلا او هداما لجهود الاخرين ثانيا. طالما نتفق على هذه الاسس , وننطلق قبلها من حسن نية الكتابة الحرة التي لاتقصد اطلاقا القدح والتجريح والتخريب , بل تتوق الى رؤية ادائنا بصورة افضل لانها تعلم ان ذلك سيدر بالفائدة عليها , فان ذلك سيتركنا اكثر قناعة بالمثل القائل في ان نفرح بالذي يُنًبه وينتقد ولانقول يُبكي , اكثر من الذي يُضحك ويمدح.منذ فترة وتهمة الانحياز لزوعا تُلاحقني , حتى ان البعض بعث برسالة تقول انني دائم الميل لزوعا فاجبت مازحا , حظي مع الفقراء, وهنا اتذكر بيتا لنزار قباني يقول فيه ( لاتزال تهمة العشق ورائي لا رأني ربي أردًُ إتهاما ) . وبالرغم من انني أكدت مرار بعدم وجود اية علاقة رسمية تربطني بالحركة الاشورية تنظيما , تستوجب ان اعمل ( بوقا ) لها او ان التزم كل مواقفها بعيون مغلقة , بل اؤمن اساسا ان ليس مفروضا على المنتمي لاية حركة ان يكون كذلك , إلا انني لا أنكر في انني كتبت وساكتب حيثما وجدت ذلك استحقاقا داعيا الى مساندة جهود هذه الحركة كما الجهود الاخرى حيثما التقت الرؤى , كما تناولت بالنقد وعلى موقع زهريرا قبل باقي المواقع معتقدا بوجوب إحداث بيريسترويكا تشمل المبادئ والنهج والاساليب والهيكل ينبغي ان تقوم بها هذه الحركة حتى تستطيع معايشة الحالة الجديدة بما يؤمن لها ان تكون رقما بارزا في قضية شعبنا ومصيره.
لقد صعقني حقا موقف الحركة الاشورية وموقع زهريرا , احد المواقع الاعلامية المرموقة لشعبنا, ازاء الصمت المحكم الذي لحق بهما اتجاه الحادث التاريخي المتمثل في رسامة صاحب الغبطة البطريرك عمانويل الثالث دلي كاردينالا على يد قداسة البابا. ترى هل تستطيع الحركة اقناع مؤازريها وانصارها بان حادث الرسامة هو احتفال ديني بحت في الوقت الذي تنشر على موقع زهريرا باستمرار اخبار دينية متنوعة , ناهيكم عن ان حادث الرسامة قد اخذ بسبب الكاردينال عمانويل دلي بعدا سياسيا غير مسبوق تجلى في حضور شخصيات سياسية , وفي اشارة خاصة من قداسة البابا لمغزى اختيار البطريرك دلي كاردينال كما في الاهتمام الاعلامي الكبيرا, هل يُعقل ان تنقل قناة العراقية الرسمية احتفال الرسامة على الهواء مباشرة , بالرغم من التقطيع والقص لعبارات دينية , ولايشير موقع زهريرا من قريب او بعيد الى ذلك ! اذا كان من حق جميع العراقيين الافتخار بالكاردينال دلي فهو حق علينا وواجب نحن , الشعب الكلداني السرياني الاشوري , فعل ذلك. لقد قلت لاصدقائي الكلدان , ليس تملقا او رياء , ارى نفسي انا السرياني مساويا لكم في الفخر والاعتزاز بهذا الحدث التاريخي , نعم لست اقل فخرا من حبيب تومي او نزار ملاخا , أم هل سيبرر زوعا ذلك بالادعاء انه موقف سياسي واخلاقي قد قطعه على نفسه في الابتعاد قدر الامكان عن الخوض في الامور الدينية الكنسية , بعد الاشكالات التي حدثت بسبب حادثة الانشقاق في الكنيسة الاشورية القديمة والتي دفع زوعا سلبا بعض الثمن فيها بسبب محاولات توريطه من قبل بعض المحسوبين عليه او بالضد منه بل قد يذهب زوعا الى الاعتقاد بان الرسامة قد تم استغلالها من قبل البعض من داخل شعبنا وخارجه لتقوية الشعور الديني على حساب الشعور القومي , وهنا ايضا تظهر هشاشة العذر بسبب اختلاف الحالين والمشهدين وتاثيريهما على دور شعبنا ووحدته , ناهيكم عن ان الشعور الديني والشعور القومي هو وجهان لعملة واحدة هي شعبنا . ربما تلجأ الحركة الاشورية الى القول , وهو اجتهاد خاص , في ان الموقف الحالي من الرسامة هو رد فعل لمواقف واختلافات سابقة في الرؤى بينها وبين نيافة الكاردينال دلًي , وهنا ايضا تقع قيادة زوعا في خطأ كبير , حيث لايمكن لكائن من كان ان ينكر على البطريرك دلي حقه المشروع باعتباره رأس الكنيسة الكلدانية ومسؤولا عن رعيته في اتخاذ المواقف التي يراها كفيلة بايصال سفينة هذه الرعية الى شاطئ الامان. ان غبطة البطريرك دلي قد استلم مهمته الخطيرة والحساسة في وضع عراقي يقول عنه السيد يونادم كنا شخصيا انه بالغ التعقيد , وان الحق يجب ان يقال في ان البطريرك دلي قد اثبت مهارة فائقة في خوض هذا البحر الهائج رافعا مشعل السلام والمحبة والتاخي للجميع , مزمجرا بصوته الاليم الرافض لكل اعمال العنف والارهاب والاكراه على التهجير وترك الهوية التي ارتكبت وترتكب بحق ابنائه واخوته المسيحيين في العراق. اما اذا كانت الحركة الاشورية تعتقد في ان لا مكان لها في حفل الرسامة او ليست مدعوة اليه فان ذلك وهم كبير لان البطريرك دلي ليس حصة خالصة لهذا او ذاك بل هو احد رموزنا الكبيرة التي يشعر الجميع انه يفتخر بها و يمتلك فيها مثلما يمتلك غيره , ولذلك كنت سارى بعين التقدير والاكبار السيد يونادم كنا وهو يقف مع جموع العامة في ساحة القديس بطرس مشاركا في احتفال الرسامة او قداس الاحد , خاصة وان هذا الحدث قد تزامن مع زيارته لاوربا وللسويد تحديدا. ان الامل يملأ الكثيرون في رسالة قادمة من الاستاذ يونادم كنا تُخبرنا قولا وفعلا باننا نكتب عن كابوس مزعج ليس إلا.
ان الدافع الرئيسي للسطور اعلاه يكمن في التاكيد مرة اخرى على الحركة الاشورية كما لغيرها , في ان التاريخ سيذكر باكبار مواقف التضحية ونكران الذات والتفاني من اجل العمل الموحد. ان سركيس اغاجان هو يد من ايادي شعبنا ويونادم كنا يد ثانية وابلحد افرام يد اخرى وهكذا نمرود بيتو والاخرون , وان الذي يطمع في ان يسمع ويُسمع الاخرون صوت تصفيقه عليه ان يطرق يده بيد رفيقه , اما محاولة التصفيق بيد واحدة فهي اشبه بغرف الماء.
wadeebatti@hotmail.com