سجناء يُدانون مرتين على نفس القضية.. سجون العراق تكتظ بآلاف البشر وانتشار المخدرات والأمراض
المصدر: شفق نيوز
يعتبر ملف السجون العراقية واحد من أهم المواضيع التي يجب أن يراعى فيها موضوع حقوق الإنسان، ويعد الاكتظاظ بالسجون واحدة من الحالات الكثيرة التي وثقتها لجنة حقوق الانسان النيابية مع الأمراض والمخدرات التي تباع داخل السجون، يضاف إلى ذلك نزع الاعترافات من المتهمين بالتعذيب من قبل المحققين أثناء التحقيق، وبقاء إرهابيين خطيرين ومن جنسيات أوروبية داخل السجون العراقية.
70 ألف مسجون
ويقول رئيس لجنة حقوق الانسانية النيابية ارشد الصالحي، لوكالة شفق نيوز، إن "سجون العراق مكتظة بالمحكومين الموقوفين، ويصل أعداد السجناء فيها يتراوح بين 60 الفاً الى 70 الف مسجون ومحكوم وموقوف وهذه الأعداد تولد اكتظاظاً بعدد السجناء في السجون المنتشرة في بغداد وعدد من المحافظات ويبلغ عدد السجون بحدود 30 سجناً، ومن الامور التي اطلعت عليها ميدانيا وجود الأمراض والأوبئة في السجون وهذه الأمراض تفتك بالنزلاء".
ويؤكد أن "لجنة حقوق الانسان النيابية فاتحت وزارة الصحة الى معالجة المرضى وتوفير العلاجات الطبية عبر لجان تقوم بمهام جولات ميدانية في السجون لغرض معالجة المرضى وتوفير أجواء صحية مناسبة للنزلاء في السجون العراقية جميعها بما فيها سجون الإقليم".
كل شيء يباع
ويشير الصالحي، إلى أن "السجون العراقية تباع فيها المخدرات وكذلك اسرة النوم والقاعات التي ينام فيها السجناء تباع بمبالغ مالية كبيرة من قبل متنفذين في السجون، وأن على وزارة العدل أن تسيطر على ما يجري داخل السجون، ورغم سعي وزير العدل لإصلاح الكثير من الحالات التي تعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان الا ان هناك تدخل سياسي بعمل وزارة العدل من قبل بعض الجهات وتصور أن المخدرات تدخل للسجون وتباع عن طريق سماسرة وهذا يعني ان هناك اختراق لهذه المنظومة التي يقضي فيها النزلاء محكوميتهم".
وتسعى قوى سياسية سنية - ضمن تحالف إدارة الدولة - لتشريع قانون العفو العام في إطار الاتفاق السياسي الذي أفضى لتشكيل حكومة محمد شياع السوداني ولكن هذا الاتفاق لا يتحقق لوجو اعتراض على القانون.
ويقول رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية ارشد الصالحي أن "عدم وجود اتفاق بين الشيعة والسنة على فقرات قانون العفو العام يسبب عدم وجود اتفاق لغرض التصويت عليه في مجلس النواب كون القانون احد فقرات تشكيل حكومة السوداني، ولو أقر القانون فسوف يساهم في تخفيف الكثير من السجون بعد اطلاق سراح المشمولين، ونحن مع تشريع قانون العفو العام وابعاد المتورطين بالارهاب والقتل والفساد وامن الدولة والمخدرات وغيرها من القضايا التي يجب عدم شمول أصحابها بهذا القانون".
10 آلاف دينار للسجين
ويشير الصالحي، إلى أن "لجنة حقوق الإنسان تعمل مع الجهات في وزارة العدل على تشريع قانون العقوبات البديل وهذا القانون ينص على تكليف السجناء من المحكومين بقضايا صغيرة بمحكوميات عام وعامين حيث نقوم بتكليفهم بأعمال التنظيف، أو العمل في المصانع الحكومية تحت مراقبة وزارة العدل وهذا يخفف ايضا من اعداد السجناء في السجون العراقية لأن المحكومين والنزلاء يكلفون الحكومة العراقي يوميا 10 آلاف دينار كطعام وشراب، وقس على عموم السجناء فإن مبلغاً مالياً كبيراً يصرف عليهم، ولو تم التخطيط لتحفيف السجون لوفرت الوزارة مبالغ مالية كبيرة".
وتؤكد مصادر رسمية من وزارة العدل أن عدد السجون في عموم البلاد يبلغ 30 سجنا، تضم بين 60 الى 70 ألف سجين بين محكوم وموقوف بجرائم جنائية أو بقضايا "الإرهاب"، ومن بين السجناء 1500 امرأة، إضافة إلى سجن آخر فدرالي يعرف بسجن "سوسة" في محافظة السليمانية ضمن إقليم كوردستان العراق المرتبط بوزارة العدل الاتحادية.
تعذيب والحكم مرتين
ويؤكد رئيس لجنة الحقوق الانسان النيابية ارشد الصالحي أن "هناك العشرات من حالات التعذيب وثقت لدى اللجنة واطلعنا عليها بعد زيارتنا لعدد من السجون، فتصور هناك من النزلاء من أتم محكوميته ولم يطلق سراحه بسبب الروتين، ومن القضايا الغريبة انك تجد مسجون صدر الحكم عليه في محاكم اربيل او السليمانية بتهمة ما وبعد انقضاء محكوميتة وعند العودة الى محافظته يتفاجئ بان عليه مذكرة قبض من إحدى المحاكم الاتحادية وبنفس القضية ويتم اعتقاله والحكم عليه ثانية، وهذا الامر يجب ان يعالج من قبل مجلس القضاء في بغداد واربيل في اقليم كوردستان، وكذلك الحال في استخدام التعذيب لنزع الاعتراف من المعتقلين وهذا الأمر في غاية الخطورة كونه يجعل الشخص البريء يعترف بأمور لم يقم بها، وهذا مخالف للقوانين والانظمة التي تمنع التعذيب عند التحقيق".
أنشطة ثقافية
وبين الصالحي أنه "رغم الأعداد الكبيرة للسجناء في البلاد، تمكنت وزارة العدل من تنفيذ أنشطة وورش مهنية وبعض البرامج الإصلاحية التي تساعد السجناء على الاندماج بالمجتمع وتحد من عودتهم إليها مستقبلا، وأن السجون تضم أنشطة ثقافية ومكتبات وساحات رياضية لكرة القدم والطائرة والمنضدة، فضلاً عن فعاليات تنظيم دورات ومسابقات بين الأقسام، واكمال الدراسة لمن يرغب من السجناء للمراحل الابتدائية والثانوية، وقسم خاص لطلبة الجامعات وآخر لدراسة تكنولوجيا المعلومات وغيرها من الانشطة".
إرهابيون وجنسيات أوروبية
وعن سجناء الإرهاب، يقول الصالحي، هناك عشرات من إرهابيي داعش في السجون العراقية ويحملون جنسيات فرنسية وأوروبية أخرى، وبعضهم من أصول عربية وهؤلاء يشكلون خطرا على امن الدولة والعراق لأن هذه المجاميع الارهابية خطير ويجب العمل على إنهاء تواجدهم في هذه السجون".
ويقول رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية أنه زار مخيم الدعة واطلع عن قرب على عوائل داعش والبالغ عددها 700 عائلة تعمل الحكومة والمنظمات الانسانية على تأهيلهم مجتمعيا ولكن البعض منهم يحمل فكر داعش الإرهابي وحين سأل عدداً منهم لماذا لا تعودون الى محافظاتكم؟ قالوا أنهم يرفضون عودتنا، قلت اين تفضلون الذهاب؟، قالوا نريد السكن في كركوك، وهذا القول وضعنا أمام سؤال لماذا كركوك؟ والجواب هو أن هناك تسهيلات تقدم لهم من قبل ادارة كركوك لأسباب قومية الإدارة تعرفها لأن كركوك اصبحت تجمع كل من جاء إليها".
ويروي الصالحي أن "هناك متهمين أكملوا محكومياتهم وخاصة أصحاب قضايا الفساد حيث هناك من بذمته أموال للدولة ولا يمكن إطلاق سراح من بذمته أموال مالية كبيرة ولكن هناك مبالغ مالية يمكن تقسيمها على راتب المفرج عنه بعد انقضاء محكوميته وهي مبالغ ليست كبيرة وهنا يمكن لنا تحفيف السجون بعد إيجاد حلول للكثير من هذه القضايا ولكن المدانون بالفساد المالي الكبير لا يمكن اطلاق سراحهم الا بعد اكمال محكوميتهم وقرارات المحكمة الخاصة بهم".
كينيات ونيجيريات في السجون
وعن وجود النساء في السجون يقول الصالحي أن "هناك نساء عراقيات مسجونات وموفقات وفق قضايا كثيرة ومنهن يحملن جنسيات افريقية واسيوية وخاصة تلك النساء اللاتي تم دخولهن الى العراق للعمل وبعد انتهاء عملهن ومحاولة المغادرة يتم توقيفهن بسبب الدخول بصورة غير شرعية، ووثقنا موقوفات من جنسيات كينية ونيجيرية وهذا الأمر يثقل السجون النسوية ويمكن للحكومة التواصل مع سفارات دولهم وترحيلهم للدول من خلال قطع تذكرة لهم وترحيلهم إلى بلدانهم".
ويقول مدير عام دائرة العلاقات العدلية أحمد لعيبي عبدالحسين، إن "الوزارة مستمرة بالتعاون مع المنظمات الدولية لحقوق الانسان من اجل تطبيق القواعد الإنسانية لمعاملة السجناء داخل الأقسام الإصلاحية".
وأضاف أن "البرامج الإصلاحية المطبقة داخل السجون تهدف الى تخليص النزلاء من العقد النفسية التي ساهم بدخولهم الى السجن، والسعي لإعادة اندماجهم بالمجتمع بعد انقضاء محكوميتهم، وذلك من خلال اتاحة الفرص الدراسية واكسابهم المهارات والفنون في الورش التأهيلية".
وأشار إلى أن "لقد قطعنا اشواطاً في تطبيق هذه القواعد، واننا في وزارة العدل تعمل كجزء من الحكومة العراقية على تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات لتعزيز الواقع الإنساني للنزلاء في كافة الأقسام الإصلاحية".
في حين يقول الناشط المدني محمد عباس لوكالة شفق نيوز، إن "موضوع السجون في العراق يعتبر من الملفات المعقدة والتي تحتاج الى حلول برلمانية وحكومية وفي مقدمتها موضوع الاكتظاظ وإقرار قانون العفو العام والعمل على اطلاق سراح الابرياء من غير المدانين بأعمال إرهابية أو قتل لان قانون العفو العام سوف يضع قائمة المشمولين بالقانون".
ويشير إلى أن "السجون العراقية تعتبر مواقع لتنشئة أجيال من المتطرفين والمتشددين وهذا ما حصل مع تنظيم داعش الإرهابي الذي كان يعمل ويجند الشباب داخل السجون ولديه شبكة عنكبوتية خارج السجون وكان يستغل الشباب من السنة المعتقلين وقت الاحتلال الأمريكي للعراق".
وتابع أن "على الحكومة معالجة ملف اكتظاظ السجون وإطلاق سراح من انهى محكوميته والعمل على اعداد قانون العفو العام واستثناء الجرائم التي يتفق عليها جميع الاطراف السياسية لتشريع القانون وعند تقليل العمل فانه يمكن السيطرة على الاعداد القليلة وتمنع تداول الأمور التي يدور الحديث عنها مثل المخدرات وبيع الممنوعات داخل السجون العراقية".