سيبقى صوت كامل شياع يطاردهم ويؤرق حياتهم.. وستبقى قامته شامخة..!
يقيناً إن من كان يقف وراء قتلة كامل شياع سار, ولو لخطوات قليلة, خلف جنازته, وربما تعامى عمداً ووجه العزاء لعائلة الشهيد ليُبعد حركة الأصابع التي كانت ستمتد لتؤشر بها إليه وتصرخ ... أنه القاتل الفعلي...!ويقيناً إن من كان وراء قتلة كامل شياع حضر أو سيحضر ليشارك في بعض أو كل المآتم التي ستقام في الذكرى السنوية الثانية والقادمات من السنين لقرار ارتكاب الجريمة البشعة, قرار إعدامه رمياً بالرصاص, ليدفع التهمة عنه بعيداً...!
ويقيناً أن القتلة يحومون حول رفاق فكر وطريق وأصدقاء كامل شياع .. إنهم ينتظرون صيداً آخر...أقل حماية وأكثر حيوية في الدفاع عن الإنسان العراقي وعن قضيته العادلة وعن المجتمع المدني الذي كان عزيزاً على عقل وقلب كامل شياع..!
ويقيناً أن القتلة يتربصون اليوم أيضاً بالفكر الحر الديمقراطي, بالفكر الإنساني النير الذي كان يحمله في عقله ويسعى إليه بقلبه وضميره الحي كامل شياع وتصوروا أن الفكر سيموت بموت أحد ابرز حملته .. ولكنهم خسئوا فما مات هذا الفكر ولن يموت..
لثور الفكر تاريخ يذكرنا بألف ألف مسيح دونها صلبا
خسئي المجرمون القتلة ومن يقف خلفهم.. فقد ترك كامل شياع خلفه فكراً يسارياً حراً وديمقراطياً وجمهرة كبيرة من البشر ممن حملوا معه نتاج الحضارة الإنسانية, نتاج المدنية الحديثة, وأرادوا زرعها مجدداً في الأرض العراقية غير المحروثة منذ زمن بعيد, أرادوا غرسها في عقل الإنسان العراقي الذي تعرض للجدب عقوداً كثيرة, أرادوا تكريسها في الحياة اليومية العراقية.. وهم ما زالوا من بعده يسعون إلى ذلك رغم النكسات والضحايا الغالية..!
خسئي المجرمون فستبقى صورة كامل شياع عالقة دوماً في أذهان العراقيات والعراقيين وشوكة في عيون المجرمين القتلة, وسيبقى صوته الهادئ والناعم والرصين يعلو ويعلو ليدخل حتى إلى تلك الآذان الصماء لتذكرهم بالجريمة التي ارتكبوها, ولكنها ستوقظ أيضاً ودوماً رفاقه لتذكرهم بما يفترض أن يؤدوه لكي لا يذهب دمه هدرا.
قبل وبعد استشهادك أيها الصديق العزيز سالت ولا تزال تسيل دماء العراقيات والعراقيين يومياً في شوارع وأزقة المدن العراقية لتصبغ الأرض العراقية باللون الأحمر القاني, بشقائق النعمان. مئات القتلى والجرحى والمعوقين يتساقطون على أيدي المجرمين القتلة من أتباع القاعدة والبعث ألصدامي والمليشيات الطائفية المسلحة, ودموع الثكالى تتزايد يومياً لتسد النقص المتفاقم في مياه دجلة والفرات.
والحكام في العراق, أيها العزيز, الذين عجزوا عن تشخيص قتلتك, هم عاجزون اليوم أيضاً عن وضع اليد على قتلة أبناء الشعب وإيقاف حمامات الدم, وهم لا زالوا يعانون من انفصام الشخصية, من غياب الثقة, من الخشية المتبادلة, من البسمة الخادعة. إنها المرارة التي تسحق الإنسان العراقي وتدميه قبل أن تصل متفجرات الإرهابيين والقتلة لتحصدهم أيضاً.
اللوعة تمردنا أيها الصديق الأعز, أيها الغائب الحاضر بيننا, والألم يعذبنا وموت الناس يخنقنا ويدمي نفوسنا, ولكن سيبقى الأمل والحلم يعيشان معنا وسنبقى نتطلع ونعمل من أجل أن يعيش هذا الشعب الجريح حياة أفضل وأكثر هدوءاً واستقراراً وأكثر سعادة, تماماً كما كنت تأمل وتحلم في حياتك القصيرة والغنية في آن.
24/8/2010
كاظم حبيب