سـلاماً صباحُـنا الريان ، سـلاماً مرشحـونا الكـلـدان
في إحـدى محاضراتي في الثمانينات عـرضتُ مسألة عـلمية ذات جـواب محـدّد أمام طلابي فـتـنوعـتْ إجاباتهم وقـلتُ لهم بسُخـرية : نصَوّت عـليها لنخـتار الإجابة الصحـيحة بأصوات الأكـثرية ، فـردّ بعـض الطلاب قائلين : أستاذ ، هـذا عِـلـْم ، ما علاقـته بالتصويت ؟ قـلتُ : أريـد أن أمارس معـكم الديمقـراطية ! قالوا : لو إعـتـمدنا عـلى هـذه العـملية ، فـقـد تأتينا بنـتيجة مخالفة للحـقـيقة العـلمية ، قـلتُ : إنـني أخـتبركم وأنا فـخـور بنباهـتـكم ، نعـم إنّ المناخات البـيئية والدوافع الذاتية ، تـؤثـر عـلى ركـّاب الديمقـراطية فـيحـصلون على نـتيجة قـد تـتـناقـض مع الحـق والبديهية ، فـهل هي نعـمة لهم أم نـقـمة عـليهم وهُم عـلى مَركـَب تـتـقاذفه الأمواج البحـرية أو في عـربة تهـبّ عـليها العـواصف الرملية ؟ وفي حادثة مماثـلة في مطلع عام 2007 شاء زميل أن يشاركَ ، رجالاً آخـرين إجـتماعاتهم لمناقـشة مسألة ما ، ولم يكـن ملماً بمادة البحـث فـوافـقـهم مبـدئياً عـلى أمر ( لا يقـبله المنطق ) ، ولما سألته كـيف قـبــِلَ بذلك ؟ قال : أنـنا صوّتـنا عـليه ديمقراطياً ! فـقـلتُ له : إنّ أمراً كـهـذا لا يخـضع للتصويت الكـلول ، بل تـتحـكـّم به العـقـول ، فالمنطق أقـوى من ديمقـراطية الفـلول .ذكـرتُ هـذا كمدخل للتحـدّث عـن مجـريات الأحـداث الحالية لأمتـنا في العـراق بلـدنا ، لأشارك تـفـكيرَ المخـلصين الكـلـدان إخـوانـنا . فـنـتائج إنـتخابات مرشحـينا لا تـرسم الخـريطة الواقعـية ولا تعـكس المشاعـر الأصيلة لشعـبنا ، فـمعالِم اللعـبة واضحة لأبنائنا ، حـينما يرَونَ أنْ ليس بالخـبز وحـده يحـيا إنسانـنا ، بل بكل ورقة يمنحـها لهم السيد الملهَم مُموّل المحـتاجـين من أبناء قـوميتـنا . نعـم ، وبالإضافة إلى ذلك فالصراحة حـلوٌ مذاقـها ، الرب أعـطانا شمساً غـنية بأشعـتها وسماءاً سخـية بأمطارها ، وأرضاً صالحة لزراعـتها ولكـن أين هِـمّة ساكـنيها ، أليست الحـقـول تـُـثـمِـر بجـهـد زارعـيها ؟ لن تـتـوقـف الحـياة إذا واجه الزارعُ موسمَ كساد ولم يحـصد غـلـته ، فأمامه موسم قادم يـنـتـظره ، وإذا لم يفـلح ثانية والسنة مَطـّارة فـليواجه الخـلل المسبّـب له ، وإذا خاب أمله ثالثة فـليـبحـث عـن تـقـصيره ، وإذا عالج كل ذلك ولم يَـجْـن محـصولاً فالبـذور مريضة وليسأل عـن دواء يستخـدمه ، وإذا يئسَ وفـقـد أمله كـله ، فـلينسحـب من مباريات إحـتلال الكـرسي والإسم والمنصب وراتبه ، وليتـواضع دون خـجل ويتـقـوقع في مغارته دون أن ينـدب حـظه ، ، وينسى هَـمّه ويُغـَـطي جـسمَه حـياً بكـفـنه ، وينـتـظر برحابة صدر تابوته ، فالتـشبّـث بالأعـذار لن يحـل مشكـلته ، والرثاء عـلى نـتائج الماضي لن يُجـْديَ نفـعاً له ، وليطمئن ! فالفـلاّحـون كـثيرون بَدائـلَ عـنه ، والأرض كـفـيلة بـبـذور أصيلة في عـمق التراب لتــُـنـْبت زرعاً جـديـداً سليماً قِـوامُه غـزيرة سـنابله .
بكل صراحة نوصيكم يا سادتـنا أن تكـتـبوا نـظرياتكم في سجلات أطماعـكم تـضمنون عِـلـّيـَّـتــَكم ، أسِّـسـوا لكم منـتـدياتكم الربحـية تــُـثــْبـِتون تــَـقـدّمكم ، فـربطات أعـناقـكم تــُظـهـِر أناقـتكم في حـفـلاتـكم ، لكن حـناجـركم مقـطوعة الأوتار في مؤتـمرات شـعـبكم ، وتـجـعـلكم مَـنـْسـيّـين أنـتم وأسماؤكم ، فـلا يسعـنا إلاّ أنْ نـقـول هـنيئاً لكم وأنـتم جالسون فـوق كراسيكم ومناصبكم مُصانة في جـيوبكم والمظلات تحـميكم من فـوق رؤوسكم .
بكل أمانة نسألكم يا سادتنـنا مرشحـينا ، أما كان يُـفـترض بكم أن تـتشبّعـوا بفـكر قـومنا لكسب ثـقة أبناء شعـبنا ؟ أما كان الأفـضل لكم تـحـديد الممكـن إنجازه في برنامجـكم الذي تـناضلون من أجل تـقـديمه حـقاً لأمتـنا ؟ أما كان الأولى بكم تجَـنـب التـظاهـر أمامنا بالمطالبة بحـقـوق تعـجـيزية مغـرية لنا ، لتـعـوّضوا بـدلاً عـنها بما يتـيسّر في أفـقـنا ، من حـقـوق جـديرة بالسعي كي تـُـنـتـزعَ من الميدان والزمان الذين يرفـضانها كمكسب لصالح أبنائـنا ؟ ولكن مع الأسف ! فالمتهافـِت عـلى المناصب لا يمكـنه تحـقـيق المكاسِب ، ومَن يشترط أن يكـون الأول في تسلسل الأرقام والمراتب ، لا يَهمّه قـيادة المواكـب بل الظـهور في الملاعـب وفـوزه بالرواتب ، و يوهِـمنا بكـتابة سلسلة عـناوين لمشاريع العجـز في قائمة الفـرز وهـو عاجـز عـن قـيادة المراكـب .
نـحـن نـكـنّ إحـتراماً لكل أبناء شعـبنا ولكـن أين قادتـنا بل أين قائـدـنا ؟ هـل يعـرفه أحـفاد الرافـدين في عـراقـنا ؟ هـل سمع العـراقـيون صوته مرة واحـدة من إحـدى قـنوات إعـلامِنا ؟ أين فارسنا المقـدام ليخاطِـب العـراقـيـين ويقـول لهم : هـذه قائـمتكم يا أبناء بـيث نهـرين الأصلاء أحـفاد حـمورابي ونبوخـذنصر النجـباء من زاخـو إلى الوركاء والبصرة الشماء ، إنـتـخـبونا فـنحـن منكم وإليكم ، فأرض العـراق تجـمعـنا وإياكم ، ومياه الفـراتـَين تـُروينا وتـُرويكم ، مثـلما دماء أجـدادنا تسقـينا وتسقـيكم .
يا سادتي الأشاوس : إلى اللقاء بعـد أربع سنوات حِـداد من نـَـفـْـيــِكُم ، لنراكم واقـفـين بإستـعـداد عـلى سواحل جُـزُركم تصفــّـقـون لركاب مخـتارين وهُم عـلى سفـينة نوح جـديـدة تبحـر أمامكم عـسى أن ترسو عـلى شاطىء أمان تــُـنـقـذ شعـبنا الذي هـو شعـبكم . ولا تـنسوا أنّ كـل كـلدانيّ يمثـل شعـبَـنا الكـلداني بإفـتخار ، في البيت كان أم في حـقـله العـلمي أم في مرفأ الإبحار ، فالسماء خـيمته وحـقـولنا موطىء قـدَمَيه في ساحة الأبرار بهـمّة الثـوّار .