شاعر العصر والآشوري الثائر المغفور له ملفونو يوحانون قشيشو
شاعر العصر والآشوري الثائر المغفور له ملفونو يوحانون قشيشو.. في الذكرى الحادية عشر لرحيله
المرحوم ملفونو يوحانون قشيشو رأى النور لأول مرة في مسقط رأسه ببيث زبداي/ آزخ في بلاد آشور – اليوم منطقة التقاء الحدود العراقية، السورية والتركية – وذلك في 27 كانون الاول من عام 1918 ووالده المعروف باسم القس ملكي موسى .
والجدير بالذكر، أن منطقة بيث زبداي لها شهرة واسعة حيث أنجبت شاعرا آخر والذي يعد بالفعل أمير الشعر السرياني، ألا وهو العلامة والمطروبوليت مار عبديشوع الصوباوي مطران نصيبين وأرمينيا على الكنيسة المشرقية الآشورية .
لقد اشتهر المغفور له مار عبديشوع الصوباوي، الذي توفي في أوائل القرن الرابع عشر بكتابه المشهور ( المقامة أو فردوس عدن ) حيث هو غاية في الاعجاز اللغوي والذي بزّ فيه العرب في شعرهم.
حقيقة لا مبالغة فيها أن المرحوم ملفونو يوحانون قشيشو كان منذ نعومة أظفاره منكبا على تعلم اللغة والطقوس الكنسية وفق تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية الشقيقة بحيث برع فيها غاية الابداع.
في عام 1927 انتقل مع والديه الى مدينة الموصل/ نينوى ، ولكن بسبب الأحداث المأساوية والدموية وقتئذ لم يمكث في الموصل حيث قفلا والديه راجعين الى بيث زبداي موطنهم الأصلي .
في عام 1929 نزح مع والديه من جديد الى مدينة القامشلي- بيث زالين - من أعمال الجزيرة السورية والتي كانت تحت الانتداب الفرنسي وقتئذ.
وفي القامشلي التحق بمدرسة الطائفة التي كانت تحت إدارة القومي الآشوري النشيط المرحوم شكري جرموكلي، حيث تعلم اللغات السريانية، العربية والفرنسية وبعد تخرجه توجه إلى مدينة حلب حيث درس ما بين اثنتين وثلاث سنوات في الشؤون اللغوية والتاريخ.
وبعدئذ غادر حلب كي يدخل الميتم الآشوري* في بيروت حيث انكب فيه تعلم اللغة السريانية، العربية ، الفرنسية والانكليزية ومن بيروت غادرها الى فلسطين مع والده الذي عينته الكنيسة قسا لكنيسة بيت لحم .
في فلسطين اكمل تحصيله العلمي بحيازته على البكالوريا باللغة الانكليزية ، وبعدها غادر بيت لحم إثر وفاة والده المرحوم وذلك عام 1948 الى مدينة حلب مرة ثانية حيث كان يدرس في مدارس الطائفة .
الملفونو يوحانون قشيشو لمع نجمه في تآليفه اللغوية، القومية والتاريخية الغزيرة حيث ألف قصائد كثيرة عن أمتنا الآشورية ومجدها التليد . و في كتاب أشرف على طبعه وإنجازه الأندية الآشورية في بلاد السويد عام 1993 مشكورين والذي ينوف على خمسمائة صفحة ويحوي على مائة وخمسة وثلاثين من قصائده الشعرية التي معظمها قومية في تمجيد تاريخنا الآشوري على الأخص ، وله قصيدتان ، سلام عليك يا نينوى وبيث نهرين مهد الحضارة يمكن أن تكونا من المعلقات في كل بيت آشوري بالإضافة الى قصائده الأخرى من رثاء ومديح وإجلال الشهيد الآشوري وكافة ملافنة شعبنا الميامين من أمثال نعوم فائق، فريد إليا نزها، آشور يوسف، سنحريب بالي، شكري جرموكلي، حنا سلمان وغيرهم كثيرون.
ونتيجة الحالة المضطربة في سوريا غادرها الى بوخارست ليعلم اللغة العربية هناك حتى انتهاء مهمته حيث قفل راجعا الى سوريا ومدينة حلب بالذات حتى غادرها للمرة الأخيرة إلى بلاد السويد وذلك عام 1976 حتى وافته المنية وذلك في الأول من شهر نيسان عام 2001
والجدير بالذكر له مؤلفات غير شعرية حيث ألف أيضا سلسلة تدريس اللغة السريانية في سبع أجزاء على التوالي والتي كانت تدرس في مدارس الطائفة في مدينة القامشلي لسنوات طوال حتى منعت الحكومة السورية تدريسها باعتبارها لغة أجنبية في أواخر السبعينيات من القرن الماضي.
وفي بلاد السويد ، لم يثن عزمه المضي في العمل القومي رغم تقدمه بالسن، حيث كان من الأوائل الذين وضعوا اللبنة الأولى في تشييد الصرح القومي لدى الأندية الآشورية في ذاك البلد.
قال عنه الملفونو أوكين منوفر وهو من القامشلي على صفحات المجلة الآشورية ” كوكبوآثورويو ” بحيث كان من المقربين له : ” يصنف الفقيد الكبير الملفونو يوحانون قشيشو بين أدبائنا الأكثر عطاء في جيلنا الحاضر، وأسلوبه في الكتابة تغلب عليه البساطة والشفافية …”
إن مؤلفاته الغزيرة ملأت صحفنا ومجلاتنا القومية وعلى سبيل المثال ” الجامعة السريانية ، للأستاذ المرحوم فريد نزها من الأرجنتين، مجلة حويودو لسان حال الأندية الآشورية في بلاد السويد حيث يعتبر أحد من المؤسسين لها ، ومجلة كوكبو آثورويو لسان حال الاتحاد الآشوري الأميركي والنشرة السريانية في مدينة حلب السورية وغيرها .
والآن تعالوا معي لنقرأ معا ما قاله في قصيدته المشهورة ” سلام عليك يا نينوى ” :
ܫܠܡܠܟܝ ܢܝܢܘܐ ܒܝܬ ܡܥܡܪܐ ܕܐܒܗܬܐ
ܫܠܡܠܟܝ ܢܝܢܘܐ ܡܕܝܢܬ ܫܘܒܚܐ ܘܬܡܝܗܘܬܐ
ܫܠܡܠܟܝ ܢܝܢܘܐ ܡܠܟܬܐ ܕܠܗ ܣܓܕܝ ܡܠܟܘܬܐ
ܫܠܡܠܟܝ ܢܝܢܘܐ ܐܬܪܐ ܒܪܝܟܐ ܕܟܠ ܙܟܘܬܐ܀
ܫܠܡܐ ܠܗܢܘܢ ܡܠܟܐ ܪܒܐ ܢܚܫܝܪܬܢܐ
ܫܠܡܐ ܠܗܢܘܢ ܪܒܝ ܚܝܠܐ ܘܩܪܒܬܢܐ
ܫܠܡܐ ܠܓܝܣܐ ܕܐܫܘܪ ܒܝܘܡܐ ܨܡܘܚܬܢܐ
ܫܠܡܐ ܠܐܪܥܐ ܕܡܘܥܝܐ ܥܠܝܡܐ ܚܝܠܬܢܐ܀
ܫܠܡܐ ܠܢܝܢܘܐ ܣܡܬ ܐܣܐ ܕܡܠܦܢܘܬܐ
ܫܠܡܐ ܠܢܝܢܘܐ ܣܡܬ ܛܒܐ ܕܒܪܘܝܘܬܐ
ܫܠܡܐ ܠܢܝܢܘܐ ܐܡܐ ܒܪܝܬ ܡܕܝܢܝܘܬܐ
ܫܠܡܐ ܠܢܝܢܘܐ ܡܕܝܢܬܐ ܪܒܬܐ ܕܓܬܒܪܘܬܐ܀
وقصيدته على شهداء آشور في سبيل الحرية يقول:
ܣܗܕܐ ܠܡ ܕܐܬܘܪ ܣܗܕܐ ܕܚܐܪܘܬܐ
ܐܫܕܘ ܠܕܡܝܗܘܢ ܡܛܠ ܫܪܝܘܬܐ
ܥܠ ܥܦܪܐ ܕܐܬܘܪ ܩܪܒܘ ܚܝܝܗܘܢ
ܒܟܠ ܓܢܒܪܘܬܐ ܢܩܝܘ ܢܦܫܝܗܘܢ܀
ܨܚܚܐ ܠܡ ܚܕܬܐ ܐܟܬܒܘ ܒܕܡܝܗܘܢ
ܘܐܗܦܟܘ ܠܗ ܠܫܘܒܚܐ ܗܘ ܕܐܒܗܝܗܘܢ
ܫܠܡܐ ܠܟܘܢ ܣܗܕܐ ܡܢ ܟܠ ܐܚܝܟܘܢ
ܡܢ ܐܒܗܝܟܘܢ ܘܡܢ ܟܠ ܚܒܪܝܟܘܢ܀
أما في قصيدته ” تاريخ الجبابرة – ܬܫܥܝܬܐ ܕܓܒܪܐ “ عن القومي الآشوري المرحوم فريد الياس نزها يقول:
ܒܠܠܝܐ ܘܒܐܝܡܡܐ ܟܪܒ
ܘܒܚܩܠܐ ܕܐܫܘܪ ܢܨܒ
ܐܝܠܢܐ ܕܠܡܚܪ ܝܪܒ
ܘܦܐܪܐ ܒܣܝܡܐ ܝܗܒ
ܚܢܢ ܥܠܝܡܐ ܘܓܢܒܪܐ ܕܐܫܘܪ
ܕܡܢ ܒܝܬ ܢܗܪܝܢ ܘܕܚܒܘܪ
ܟܠܝܠ ܫܘܒܚܐ ܒܪܝܫܗ ܢܩܛܘܪ
ܘܐܝܟܢܐ ܕܙܩܪ ܚܢܢ ܢܙܩܘܪ
وفي الختام نتذرع الى العلي القدير أن يسكنه فسيح الجنان ، كما نطلب من شعبنا أن يحيي ذكراه مع الرهط الأول من القوميين الأشاوس نظرا للدور الريادي الذي لعبه في خدمة أمته
الآشورية التليدة.