شاهدت .. سمعت .. قرأت من مكتبتي ! / 2
Sabti_kallo@hotmail.comشاهدت
عن طريق مقالاته واصدارات دار نشره والشبكة العنكبوتية ربطتني بكاتب واديب مغترب صداقة متينة واصبحنا على اتصال دائم عبر الهاتف ، نشارك اطراف الحديث في التاريخ والثقافة والادب والفنون ، واصبح يرسل لي عدة نسخ من اصدارات الدار ، وفي احدى زياراتي الى اوربا قررت زيارته واستقبلني بحفاوة كبيرة واصطحبني الى بعض معالم العاصمة ثم الى شقته المتواظعة وبعد الحديث المتشعب عن ازمة النشر ومعوقاته وقلة القراء في المغتربات وكلفة التسويق البريدي اصطجبني الى مطبخ الشقة لكي نحتسي قدحا من " استكان" الشاي " العصرونية " وكان المطبخ يحتوي اضافة للطباخ ودواليب الاواني المطبخية كرسيان تتوسطهما منضدة صغيرة وجهاز الحاسوب ، ثم سالني :الا ترغب بان تشاهد دار النشر التي اصدر عنها الكتب ! اجبته على الفور طبعا وتواقا الى ذلك ، ابتسم وقال لي : من هذا المطبخ اتصل بالمؤلفين واصدر الكتب وهذه هي دار النشر التي اصدرت منها اكثر من عشرة كتب ومن هذه الغرفة اكتب للمواقع الالكترونية ومن هذه الغرفة احرر القسم العربي لمجلة ... ومن هذه الغرفة اطل على العالم الثقافي والسياسي واتابع الاصدرات الحديثة ودور النشر.
ارتسمت على وجهي علامات التعجب والدهشة واخذت اسال نفسي ! هناك مؤسسات وجمعيات واتحادات ثقافية وادبية ولكن ما زالت في سبات عميق !! بالرغم من ان بعضها يتلقى دعما بالالاف من الدولارات !! من هنا وهناك !! ولا يصدر عنها اي مطبوع سوى بيانات الشجب والتائيد .
سمعت
" ابو علاء " كان يفرش المجلات والصحف على الرصيف الذي يقع قرب فندق الاهالي في شارع الرشيد الكائن في منطقة " المربعة " وكان يقف احد الموظفين عنده قبل التوجه الى دائرته ويلتقط احدى الصحف ويلتهم الصفحات الاولى سريعا لدقائق ثم يضعها في مكانها ويغادر الى عمله ، واسترعى انتباه "ابو علاء " ما يقوم به هذا الموظف خلافا لبقية " قراء العشت " * في ذلك الزمان الذين كانوا يتصحفون كل الصفحات سريعا ، واصبح البائع في حيرى من امر هذا الرجل ! وعن ماذا يبحث في الصفحة الاولى وفي احد الايام وقبل ان يضعها في مكانها ساله :
- استاذ انت ماذا تبحث على الصفحة الاولى !
اجابه الاستاذ بسرعة :
- عن الوفيات ! واستغرب بائع ا الصحف ! لان الوفيات لا تنشر في الصفحة الاولى ، فساله :
- يا استاذ ان الوفيات لا تنشر في الصفحة الاولى بل في صفحة الوفيات اي في الصفحات الداخلية
رد الاستاذ على البائع:
- عمي الذين ابحث عن خبر وفاتهم لا تنشر اسمائهم الا بالصفحات الاولى !!
قرأت
عن كتاب " يوم في بغداد " لشوقي عبدالامير :
" أعرف شارع المتنبي وسوق الوراقين " السراي " منذ طفولتي .. لقد كانت لي فيه اجمل النزهات برفقة اصدقاء الطفولة وقد كنا شغوفين منذ تلك السنوات بحب الأدب والفن والعلاقة مع الورق والكلمة والفنون ... ولهذا كانت هذه الحارة وماقيها أجمل وامتع اماكن العاصمة بالنسبة لنا ... كنت فارقت هذا المكان منذ اواخر الستينات و لأعود اليه في مطلع القرن الجديد ...اربعة عقود لم اكن انسى قط وجود باعة الكتب ، الحوار معهم ، علاقاتهم بهذه الكائنات الحية التي يعيشون معها ، يقرأونها قبل أن يبيعونها فهم يقدمون لك فكرة ما عن الكتاب ، صورة عن مؤلفه وعن أهميته ككتاب وكطبعة حينما تكون نادرة أو نافذة ، وقبل أن يقدموا لك الكتاب الذي تقتنيه ، يمسحون الغبار عنه برقة وحنان وكأنهم يودعون عزيزا .
* قراء العشت : القراء الذين يزدحمون قبالة باعة الصحف وعيونهم تلاحق مانشيتات الصحف بدون شراء اي صحيفة .