شعبنا المسيحي هل يتلقى مساعدات ام صدقات ؟
في الحقيقة انا محتار في أمري في هذه الأعلانات اليومية التي تظهر على المواقع الألكترونية لشعبنا خصوصاً على موقع عنكاوا ، عن تخمة شعبنا بالمساعدات التي تقدمها الجمعية الخيرية ... والمجلس .. وغيرهما ، لا أدري ما هي العبرة في مثل هذه الأعلانات غير الدعاية الفارغة .فالذي يمنح مساعدة او حتى صدقة يتعين عليه ان يضعها طي الكتمان ولا ينبغي الأعلان عنها في المواقع او على الفضائيات . أقول :
يمكن ان نعلن عن تشييد بناية او مدرسة او جسر له نفع عام او مستشفى ، او أي عمل فيه استفادة عامة ، لكن ان يقدم أخ لأخيه مساعدة ويعلنها على الملاء تدل هذه الحالة على الشماتة بأخيه وليس لها تفسير آخر .
قُدم لأحد أقاربي في العراق مساعدة عينية ورأيته هو وأطفاله يظهر على قناة عشتار وبيده أكياس خمنت انها ( بطانيات ) ، ورأيت كيف توجه له اسئلة ربما يراد بها تقديم الشكر والتقدير للجهة التي قدمت هذه الأغطية ، في الحقيقة فرحت لظهوره في عشتار واعتقدت ان يكون قدم له مبلغ معين مع هذه البطانيات لكن عرفت فيما بعد ان الأمر اقتصر على ثلاث بطانيات له ولأطفاله ، وأتساءل هل تحتاج هذه المساعدة ومهما بلغت الى الأعلان عنها اصلاً ؟
في نادي بابل الكلداني في بغداد وزعنا مساعدات بمبالغ معينة مقدمة من أبناء شعبنا الكلدانــي في اميركا ، ووزعت في النادي بعد مناداة على كل اسم ، وكنت اعرف اكثر من واحد بأمس الحاجة الى ذلك المبلغ ، ولكن كرامتهم لم تسمح لهم بالوقوف في مجتمع لأخذ مساعدة تمنح على شكل صدقة ، وربما كان الفرضية لهذا التوزيع بغية توثيق توزيع المبلغ على مستحقيه .
يتعين علينا ان نقر بأن لجميع ابناء شعبنا شخصية وكرامة إن كان فقيراً او غنياً ، وكرم الأخلاق وكرم الرجولة تجبرنا ان نقدم هذه المساعدة لمستحقيها دون منية ودون شكر ، واعتقد الأخلاق الدينية تقر بأن من يعطي صدقة او مساعدة فإن يده اليمنى يجب الا تعرف باليد اليسرى التي منحت هذه المساعدة ، فإن واجب الأخ ان يساعد أخيه واقول واجب وأوكد انه واجب ولهذا ينبغي ان تمنح هذه المساعدات للأشخاص دون النيل من قيمتهم او إحساسهم بكونهم بحاجة الى مساعدة .
الجهات الدولية تقدم المساعدة دون منية وإن أمريكا بصدد تقديم عشرة ملايين دولار لشعبنا كما قرأنا قبل ايام ، وقدمت هذه المبالغ دون ان ينتظروا شكر وتقدير من الذين يستلمون هذه المساعدات لانهم يقولون هذا واجب إنساني ( نعم واجب ) فعلينا برأيي المتواضع ان نكف عن هذه الأخبار التي تجعل من شعبنا منتظراً بفارغ الصبر الصدقات التي يتصدق بها محسنون .
والسياسي ينبغي ان لا يوظف هذه المبالغ المقدمة لأبناء شعبنا للتحشيد لتأييد حزبه .
ومن باب الصراحة لا بد ان اشير الى الخبر المنشور على موقع عنكاوا والذي يفيد : بأن اساقفة مدينتي أربيل وكركوك الذين اجتمعوا مع وزير الخارجية الأيطالي فرنتيني وطلبوا منه تقديم مساعدة للشعب العراقي وبضمنهم المسيحيين ، ولما سال وزير الخارجية عن المساعدة التي يمكن ان تقدمها الحكومة الأيطالية لمسيحيي العراق ، أجاب الأسقف رابان ان مشكلة الأمن هي نفسها لجميع الشعب العراقي وبضمنهم المسيحيين .
وفي الحقيقة أحترم المطارنة الأجلاء ولكن أبدي استغرابي لنوعية الطلب المقدم لوزير الخارجية الأيطالي ، ماذا يعني توفير الجانب الأمني ؟ وما هي علاقة وزير الخارجية الأيطالي بهذا الأمر وماذا يمكن ان يقدمه في الجانب الأمني ؟ إن كانت قوات التحالف والقوات العراقية لا تستطيع توفير الجانب الأمني ، وحتى لو صح هذا الطلب فإنه فإنه من صلب اختصاص حكومتي الأقليم والحكومة المركزية ، وابقى أضع علامة التعجب امام هذا الخبر لطلب مساعدة المسيحيين في الجانب الأمني .
أقول : إن شعبنا من كلدان وسريان وآثوريين وارمن ينبغي ان نتعامل معهم بندية وصداقة دون أي اعتبارات اخرى .
أقول : نحن مسيحيون علينا ان نتعاون ونتكافل ليس بعقلية ( المكرمة ) التي كنا نتلقاها عبر البطاقة التموينية . علينا ان نكون في هذه المسألة أسرة واحدة ، وفي الأسرة الواحدة لا منية من أخ على أخيه حينما يقدم مساعدة له ، إنه ببساطة يقوم بواجبه ليس أكثر .
تحياتي لكل من يقدم أية مساعدة مهما كانت صغيرة لمستحقيها دون ضجيج ودون اعلان .
حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.com