Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

شعبنا والطريق الصحيح

كانت ذكرى شهداء سميل مناسبة فريدة لي لكي أتعرف عن كثب على هذه الواقعة الأليمة التي حدثت قبل عشرين عاما من مولدي، وازدادت معرفتي بتفاصيلها بعد أن حضرت الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة على قاعة محمد عارف جزيري في دهوك عصر يوم 7 آب 2008، حيث الحشد الجماهيري الملفت للنظر والذي غصت به القاعة رغم الأعداد الاضافية التي أضيفت لها من المقاعد فقد انتظر المئات منهم خارجها ليكون بنظري تجمعا متميزا يُدخل في النفس الأمل بأن الأمة بعونه تعالى سائرة بالاتجاه الصحيح نحو توحيد خطابها القومي ومطالبها التي طالما تقنا إليها وتمنينا لو أنها تتحقق اليوم قبل الغد.

ومن علامات الفرح أيضا تواجد القسم الأعظم من أحزابنا القومية فيه وجميعهم يتحدثون بذات المفهوم المطلوب وإن تعددت اللغات التي استخدموها فقد تخون المتكلم قدراته اللغوية لاختيار بعض المفردات المهمة من خطابه ولا يستطيع أيصال المعنى المطلوب لذلك فإنه يستخدم لغة غريبة أي ليست لغة شعبه في كلامه، ومن المتحدثين من أراد أيصال المعلومة لجمهور أوسع عندما تحدث بلغة يفهمها جميع العراقيين ألا وهي العربية.

إن ذلك كان النجاح بعينه لخطوة المجلس الشعبي "الكلداني السرياني الآشوري" عندما استطاع جمع كل هذه الجماهير وعلى حد علمي طلب العديد من الوفود السماح لهم بإحظار المزيد لكن المجلس كان رجاؤه اختصار الوفود لضيق المكان ولكي يكون المكان فسيحا للجميع من خلال التمثيل البسيط والرمزي، فجميع القرى والبلدات كانت موجودة، ورجال الدين من درجات مختلفة كانوا متواجدين، الرجال والنساء، الكتاب والشعراء، مسؤولين ومواطنين عاديين، والأحلى أيضا هو الاخراج الفني المتميز ودور قناة عشتار في تسجيل كل الاحداث، لكي يطّلع عليها أبناء شعبنا أينما كانوا ويتيقنوا بأن العراق مازال بخير وشعبنا موجود وبقوة رغم نزيف الهجرة المؤلم.

وإن العمل لقومي سائر إلى أمام نحو تحقيق الاهداف، وهنا نستذكر المقولة المشهورة لأحد آبائنا القديسين عندما قال: "دم الشهداء بذار لحياة جديدة" فها هو دم شهداء سميل وصوريا ورحّو وعبّودي ورغيد وبولس اسكندر قد أخصب الأرض لتنموا براعم كثيرة وحياة جديدة وأمل عظيم بأن أمتنا سيكون لها موضعا تحت الشمس كغيرها من الأمم وسنكتب هذا التاريخ بأنفسنا سواء بأيدينا أو دمائنا أو بأفعالنا المخلصة وبجهود جميعنا من قادة أو أناس عاديين، فقد انفتحت صفحة جديدة في السابع من آب وعلينا أن نديم هذه الصفحة بجعلها أكثر أشعاعا وتأثيرا كي يأتي من هو بعدنا ويقطف الثمار ويكون كل أولياء أمورنا من الكلدان السريان الآشوريين وسوف لن يبقى في قواميسنا كلمات تتكلم عن اضطهادنا لأن الموظف الفلاني من طائفة أخرى وحاقد علينا، وستكون الأرض والبيوت ملكنا وتتكلم بلغتنا وبإخلاصنا وتفانينا وأمانتنا سنُري العالم أية أمة نحن ومن أي معدن أصيل قد خلقنا الله وكيف قد أشرف أسلافنا الشرفاء المخلصين على تربيتنا وأحسنوا فيها التربية.

إذا لنحصر كل من يُحاول وضع العراقيل أمام الأفكار والانطلاقة الجديدة حتى ولو بالكلام أو تأويله بغير موضعه أو من يلتقط منك كلمة ويحاول تفسيرها على هواه الذي هو يعزف لحنا نشازا بين المقطوعة الجميلة التي عزفت عصر ذلك اليوم الساخن من آب، وفي مدينة نوهذرا الخالدة (دهوك). لكن هذا وغيره يبقى أولئك أخوة لنا طالما لديهم بذرة من الايمان كوننا أمة واحدة. ولا مكان فيها لمن يدّعي أنه الأكبر فيها، لأن المسيح قال: "من كان فيكم كبيرا ليكن لكم خادما"، كما لم يبقى من يقول لأخيه الأصغر : أنت صغير لا تنفعني، لأن هذا الصغير قد شبَّ عن الطوق وأصبح له شاربين وعقل مستقل وأفكارا تمكنه من رفد الأمة بما يفيدها.

هكذا إذا هو حاضر الأمة بعد (15) شهرا من مؤتمر عينكاوا الخالد، وعلينا أن نتصور الحال الذي سنصبح عليه بعد مدة مماثلة أخرى وبعد انعقاد مؤتمر ثانٍ للأمة، فها هي القرى يُعاد تعميرها، وها أبنائها يحرسونها، وأيضا هناك الأطباء الذين يتجولون بين قراها ومعهم الأدوية ، كما أصبح لدينا النوادي الرياضية بهيئاتها الادارية المنتخبة ويمكننا جمعها لتتكون لدينا لجنة أولمبية "كلدانية سريانية آشورية" ، ويمكننا أن نجمع الأطباء والمهندسين والعمال و و و باتحادات مهنية ونقابات ليكون لنا الأرضية الخصبة لحكم ذاتٍ خاصٌ بنا.

سنكون بعد كل هذا موضع فخر للعراق وسيمجدنا التاريخ ويمجد الأشخاص والأحزاب وكل من ساهم في الوصول إلى هذا الواقع، فلكل المخلصين أقول: كفاكم غيرتكم على أمتكم فهي الكفيلة بالوصول بها إلى مراتب متقدمة، وانزعوا من صدوركم كل ما من شأنه أن يبعدكم عن أخوتكم، فالشعراء تغنوا بالآثوريين وهم ليسو بآثوريين وتغنوا بأبناء الأمة لأننا جميعا أبنائها، وفوق كل هذا ننتظر منكم المزيد.

عبدالله النوفلي
دهوك 8 / 8 / 2008


Opinions