صدى اسم الكلدان .. في مزار فاتيما
كانت زيارتي لمزار المدينة المقدسة , فاتيما التي ظهرت فيها العذراء مريم للآطفال الرعاة الثلاثة ( لوسي , فرانسوا , وياسانيت ) هي الزيارة الآخيرة في رحلتي الى أوربا التي استغرقت حوالي سبعة أسابيع . الزيارة الآولى كانت لمدينة لورد المقدسة (الفرنسية ) , والثانية لعاصمة المسيحية مدينة الفاتيكان المقدسة ولا سيما الكنيسة العظيمة كنيسة القديس بطرس الصخرة التي بنى عليها الرب يسوع المسيح كنيسته الآرضية , هذه الكنيسة التي تحوي كنوزا من الاثار كبانوراما للمسيرة التي سارت عليها كنيسة المسيح . ولكني سوف أتكلم عن الزيارة الآخيرة في سفرتي هذه وهي الى مدينة فاتيما المقدسة .تقع مدينة فاتيما على مسافة حوالي 120 كم من لشبونا العاصمة البرتغالية , في منطقة شبه جبلية تكثر فيها الآشجار بمختلف أنواعها ولا سيما أشجار السنديان التي تشبه أوراقها أوراق شجرة الزيتون أما ثمارها فتشبه ثمار شجرة البلوط الصغيرة. سافرت اليها ضمن وفد كنيسة مار يوحنا في سودرتاليا ( السويد ) برعاية الآب الفاضل سمير , وأشرف على تنظيمها الشاب النشيط ادمون انطون بكفاءة نادرة , وكان وصولنا الى فاتيما مساء يوم 19-8-2009 , وصباح يوم 20-8-2009 تم التنسيق بين الآب سمير وأدمون من جهة وبين أستعلامات المزار من جهة أخرى , فتم الآتفاق عل تخصيص يومين لآقامة القداس الآلهي في أحدى الكنائس العديدة في المدينة وكذلك الآشتراك في قراءة أحد أسرار الوردية المقدسة التي تتلى يوميا في الساعة التاسعة والنصف مساء والى الساعة الحادية عشر مساء مع الزياح بتمثال العذراء في مسيرة لالاف المؤمنين حاملي الشموع ومرددين ترتيلة ( افيه ماريا )
وصلاة الوردية تقام يوميا بلغات متعددة حيث يخصص لكل وفد سر من الآسرار ليتلوه بلغة بلده وأحيانا قد يشترك أكثر من وفد في تلاوة السر الواحد ويردد بعده الآلاف ابانا الذي , والسلام لك كل بلغته الخاصة . وهكذا طلبنا أن يكون أحد الآيام المخصصة لنا أن تكون التلاوة باللغة الكلدانية , فكان أن خصص لنا يوم الجمعة المصادف ليوم 22-8-2009 لتلاوة الوردية . وعادة يذهب الشمامسة والكهنة الى غرفة تبديل الملابس قبل فترة مناسبة من بدء صلاة الوردية وهكذا ذهبت الى الغرفة وهناك التقيت بالآب المشرف على الصلاة في ذلك اليوم وكان من البرتغال , فطلبت منه بصيغة رجاء أن يطلب من الجميع أن تصلي كذلك من أجل العراق ومسيحيي العراق لآنهم فعلا بحاجة الى صلاتهم , فابتسم وسألني بأي لغة ستتلو السر , فقلت له باللغة الكلدانية التي هي لغة معظم مسيحيي العراق ولغة كنيسة العراق , وسألني أيضا , كيف تقال كلمة (ويل كوم ) فقلت له ( بشينا ) فكتبها بالحروف الآنكليزية , وهكذا صعدنا الى المذبح مع أكثر من ثلاثين من الكهنة وأسقف واحد وشمامسة , وبدا كلمته بكرازة , وما فهمناه كان ترديده لثلاث مرات أسم العراق وأسم الكلدان وأخيرا ألتفت نحوي وقال ( بشينا ) فأومأت راسي تعبيرا عن شكري وتقديري .
بدأت صلاة الوردية بوفود من مختلف اللغات , اللغة البرتغالية والآيطالية والفرنسية , والآنكليزية مع الكورية متقاسمين السر الرابع مناصفة وحان دوري , فصعدت الى المنبر فتلوت السر الخامس من أسرار الحزن ( موت المسيح على الصليب ) والتأمل باللغة الكلدانية , وبعدها بدأت بالصلاة الربية الى كما في السماء كذلك على الآرض, ليكمل الالاف من المؤمنين كل بلغته ووفدنا باللغة الكلدانية , وبعدها بدأت بعشرة مرات السلام لك باللغة الكلدانية والالاف تكمل, يا قديسة مريم , كل بلغته ووفدنا باللغة الكلدانية , ومن ثم الزياح والمسيرة بالشموع وبالتراتيل الى النهاية . وفي غرفة التبديل تقدم نحوي العديد من الكهنة وهم يسألوني عن الكلدان والكلدانية , فأجبتهم بأن الكلدان هم أصل العراق وأن معظم مسيحيي العراق هم من الكلدان وأن كنيسة العراق معظمها هي كنيسة كلدانية فبدا عليهم الفرح والسرور , وفي الخارج كان هناك عدد من الآجانب ينتظرونني فأخذوا يشدون على يدي ويرحبون فشكرتهم بكلمات انكليزية
كانت فعلا أيام لا تنسى من روعتها قضيناها في هذه المدينة المقدسة , نكرر صلواتنا وتضرعاتنا الى شفيعة هذه المدينة أن تحمي العراق وشعبه ومنهم المسيحيين , وأن تحفظ كنيسته المجاهدة , وأن تنير دروب رعاته , ليكونوا رعاة أمناء لآبنائهم , وأن ينير ضمائر العاملين على الدس والتفرقة بين أبناء هذه الكنيسة العريقة , لتعود كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية .
الشماس
بطرس شمعون ادم