صور مشظاة...
عندما استمع لقيادات عراقية تدلى بتصريحاتها على الشاشة الفضية،اشعر بالفخر يئن في حناجرهم ولكنهم وحسب ظني لا يشعرون،فكلما ظهراحدهم لا بد له ان يفتح وبعفوية تصريحية،شبابيك عذريته السياسية أمام الملأ،ورغم اني من عشاق عذرية الأشياء صغرت ام كبرت إلا اني امقت بشدة العذرية السياسية وعذرية الساسة، فالسياسة لم تك يوما عذراء ولن تكون..والسياسي لا بد ان يكون ثيبا مطمئنا لفحولته او أنوثته عند دخوله الفضاء السياسي..(في الدول الديمقراطية والفتية منها خصوصا،لا يجوز خصخصة "مفردة ثيب" لصالح النساء فالمساواة بين الجنسين مطلوبة، وهذا قد يكلف المرأة التنازل عن نعوتها اللغوية إن ارادت حقا المساواة!)..عندما ظهر وزيرالداخلية العراقي وادلى بتصريحه كنت ممسكة بأصبعيّ الإبهام والسبابة بحبة شباب متأخر تلألأت فوق جبيني المتلألىء اصلا بحنكة الساسة وانجازاتهم المهيبة في كافة انحاء العراق العظيم !،كنت على وشك ضغطها بما امتلك من قوة لتلفظ قيحها وتستريح،إلا أن السيد الوزير سبقني وسبقها اذ ادلى بتصريحه التالي "... من كل اربع سيارات مفخخة نمسك ثلاثا..."
التفت الى صديقتي الأمريكية وترجمت لها ما ادلى به الوزير فأجابتني متساءلة: هل هذا يعني انهم انجزوا شيئا.. آولم يكن من الأفضل لو صرح ..من كل اربع اياد تفخيخية نبتر ثلاثا!!!
أجبتها وقد سال القيح ليكتسح جبيني فقد نجحت في إحداث ضغطة قاهرة : عزيزتي ..بتر ثلاثة ارباع الأيادي التفخيخية يعني ارتفاع نسبة المعاقين في البرلمان العراقي بشكل ملحوظ وهذا سيحبط الأسوياء!!!
......
سألني احدهم : هل تتوقعين خيرا من وراء مؤتمر شرم الشيخ؟
قلت له بيقين متدفق..بلى والله بلى كل الخير اتوقعه، فقد اعدوا عدتهم هذه المرة لاخراج الناقة المستفزعة من خرم الأبرة..
سألني ..عن اية عدة تتحدثين ياسيدة وأية ناقة..هلا اوضحتي!..(كان السيد جادا وظنني لست بجادة، مثلي كمثل اي عراقي داسته اقدام الطغاة والعصاة وسماسرة الوطنية ومرتزقة الأديان بشتى صنفوهم..!!)
أجبته..آولم ينهي المؤتمر اعماله بتشكيل لجان امنية واقتصادية وانسانية...لا تقاطعني من فضلك ودعني استفيض.. يا حضرة االسيد..اللجنة الأمنية هي لجنة متخصصة لتمشيط الخرم وتسليكه بتقنيات عالية الجودة،اما اللجنة الأقتصادية فلتحميل الناقة بالمؤن الساخنة بما يتفق مع طاقتها الاستيعابية او يتجاوزعليها بقليل فيما لو تطلب الأمر،فلا بأس بتجاوز معقول يقع ضمن قدرة إستيعابها الأحتياطية ولا يخل بتوازنها فتبرك اضطرارا، فنحن امة لا تبرك ابدا لا بخيلها ولا بنوقها عدا أستثناء واحد خلده التاريخ!..اما اللجنة الأنسانية فمن اجل ترويض الناقة برفق تعاونيّ محسوس شارك فيه ابلجهم واشعثهم وابقعهم، لتجتاز خرم الأبرة نحو ضالتهم المنصوبة بالجهد الظاهر على أبتساماتهم اللاارداية،
..لا تلتفت كثيرا يا سيد لما يثار حول خرم الأبرة من اشاعات مغرضة،ولا تصدق أن خروج ناقة منه كان ومازال مضربا للمثل ليس إلا في احياءنا الصاخية بالأمثال المربكة،فكل ما يثار من اجل احباطنا فقط ،وكل ما يقال هو من افرازات أخيلتنا الفكرية المنفتحة على ظواهر الاحتباس الحراري،وهو احتباس قديم لا يمت بصله للاحتباس الذي يتحدث عنه علماء اليوم فلكل احتباس علماءه وخبراءه المتخصصين!،آن لنا أن نؤمن يا سيد بخرم الأبرة وبقدرته على التوسع والإتساع ،وبالناقة وبقابليتها لتلقي الترويض والتمغط داخل خرم أبرة قبل اجيتازه برشاقة نحو الفردوس الكوني.. صدقني يا هذا.. خرم الأبرة تلك التي دخلت اجنداتهم في المؤتمر وبشكل رسمي جاء محفوفا بفضل الكرماء منهم ، يسع ناقتك وناقتي ونوق الجوار،وجوار الجوار ان كان لديهم نوق مثلنا!....ثانيا،آولم يمكث بلد بأسره في خرم أبرة لمدة ثلاثة عقود ونيف وخرج سالما مفخخا بغنائمه!..هل تريد أن تقول لي يا سيد بأن شعوبنا لم تحلم احلاما سعيدة وهي مضطجعة بسلام، منذ فجر الأسلام الى فجر السلالات الدكتاتورية،في خرم ابرة!
......
منذ تغريب العراق بأزاحة طاغيته،وهكذا نحن في بلداننا نغترب بسقوط الطغاة فنهب نحبو بأغترابنا حتى يشتد عودنا فنقوى على فلسفة او سفسطة الواقع الجديد، وغالبا ما تساهم دول الجوار في السفطسة فهذا اختصاصها،هذا طبعا بعد ان تحشرالوحوش العالمية والأقليمية انفوفها ومؤخراتها، اقول منذ تغريب العراق وذلك الشريط الأخباري الصغير المتحرك في القنوات الفضائية ينقل لنا بهدوء وكل يوم تقريبا، اعداد الجثث مجهولة الهوية التي تعثر عليها الشرطة العراقية (المجهدة) في انحاء متفرقة من العاصمة الموقرة وضواحيها،والعجيب ان ما ينقله لنا الشريط الأخباري لا نسمعه في النشرات الأخبارية، رغم أن القنوات لا تغفل فاجعة عراقية إلا ونقلتها بعد تلميعها طائفيا وغربلتها سياسيا وخبزها اعلاميا للمتلقي،والاكثرعجبا بالنسبة لي هو أن الشرطة العراقية لم تفاجئنا ذات يوم بعثورها على هويات من عثرت عليهم (وما زالت تعثر) بدون هوية!!..والأسئلة الملحة هنا هي :
اين يخبىء القتلة رؤوس ضحاياهم،في اية ارض يقبرونها؟
هل ارهقت التعويضات التي تمنحها الحكومة لذوي الضحايا!، خزانة الدولة العراقية المرهقة سلفا بالاستلاب،فوجدت أن الضحية اذا كان بلا هوية سوف لا يرهق خزانتهم،عفوا خزانتنا، فهي ارخص بكثير من ضحايا الهويات!!
كيف،وعلى مدى اربعة اعوام بغثها الذي لم يأتنا بسمين مكتف بسمنه،ورغم استمرار مسلسل العثورعلى جثث بلا هوية ،كيف وحق الكعبة منذ أيام هبل، لم يبد مسؤول عراقي اهتمامه،ولو اعلاميا،بموضوع كهذا رغم اهتمامهم بمشاريع المصالحة والمساءلة والورش العشائرية،ورغم تصاعد اعداد المجرمين،اؤلئك الذين تقبض عليهم قواتنا الباسلة بين آونة وآخرى، آولم يجدوا ولو خيطا رفيعا يربطهم بمخابىء الهويات او على اقل تقدير بمخبيء انفرادي لهوية واحدة!!
قال لي احد الأصدقاء وكنا نناقش موضوع الهوية : الهوية القومية هي هوية الأنسان اللغوية،اما الهوية الدينية فهي هويته الروحية..
قلت له بتواضع، حسنا.. اقطع رأسي بالله عليك وألق به في نهر المسسيبي مطحونا،ستجدني غدا حاضرة في وسائل الأعلام المرئية والمقروءة كجثة هامدة مجهولة الهوية رغم اني والله بهوية اعتز بها.. لم لا نتفق يا صديق على أن رأس الانسان هويته وليكن ما يكون،فقط عليه أن يعي وزن رأسه كمطرقة فلا يسقطه وبكل سذاجة تحت مطارق الآخرين!
فاتن نور
07/05/11