ضياع حقوق الشعب الكلداني بين الحكومة العراقية وأحزاب شعبنا المتنفذة
habeebtomi@yahoo.noفي مقال آخر سأتطرق الى ضياع حقوق الشعب الكلداني في اقليم كوردستان .
بعد عقود وقرون من الصهر القسري الذي فرض على شعبنا الكلداني ، كان يغمره الأمل بعد سقوط النظام عام 2003 ان يستعيد مكانته التاريخية ، وأن يستقر في وطنه وفق مبادئ حقوق الأنسان وحقوق الأقليات المتسمة بعناوين المساواة والكرامة والإخاء ، إن هذه المبادئ قد أقرت في كثير من لوائح المعاهدات بشأن إنصاف الأقليات الأصيلة باعتبارها الشرائح الأجتماعية التي يطالها الأهمال والتهميش ، ناهيك عما يصيبها من عمليات القمع والأضطهاد من قبل الحكومات أضافة سلوكيات العنف الأجتماعي وفوق تلك المظالم تأتي العمليات الإرهابية التي تحصد هذه المكونات وتهجرها من وطنها الأم ولعل شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق إضافة الى المكونات الأخرى من اتباع الديانات غير الأسلامية تأتي في مقدمة تلك المكونات التي نتحدث عنها في هذا المقال .
يعتبر الشعب الكلداني من الشعوب الأصيلة في وطنه العراقي لكن الغريب ، ولحد اليوم يعامل شعبنا بمفاهيم الصهر القومي من خلال المحاولات والعمل على إلغاء القومية الكلدانية ، وكأننا نعيش في ظل نظام شمولي ديكتاتوري يمنع المجاهرة بالأنتماء الديني او القومي ، وكأن هذا هذا النظام لم يأت نتيجة انتخابات ديمقراطية ، حيث يجدر مراعاة جميع المكونات ومنحها حقوقها الأجتماعية والسياسية والدينية والقومية والمذهبية ، وإلا ماذا يعني الحكم الديمقراطي ، إن كان ظالماً لمكون عراقي اصيل كالشعب الكلداني . هل ينبغي علينا نحن الكلدان التملق ومداهنة الحاكم لكي تمنح حقوقنا المشروعة في وطننا العراقي ؟
لماذا لا تعامل الحكومة العراقية الشعب الكلداني كمكون عراقي قومي اصيل ؟ لماذا تضعنا تحت وصاية الحزب الآشوري وكأننا عبيد وخدم لغيرنا ؟
اليست القومية الكلدانية ثالث قومية عراقية ؟
الم يكن للشعب الكلداني دوراً مشهوداً في تأسيس الدولة العراقية الحديثة ؟
فلماذا تقبل الحكومة العراقية ان تضع هذا المكون الأصيل تحت الوصاية ؟
حقاً إنه سلوك مجحف من قبل هذه الحكومة وهو منافي لأبسط قواعد الديمقراطية ، ولأبسط قواعد حقوق الأنسان وحقوق الأقليات .
إن الحقيقة البديهية التي غبار عليها هي ان الشعب الكلداني هو من الشعوب الأصيلة في وطنه العراقي ، وإذا خرجنا عن حدود العراق سوف نقرأ عن لوائح وقوانين دولية حول حقوق الشعوب الأصيلة وهي مضمونة في هذه الدول التي تحترم حقوق الأنسان وتطبق هذه القوانين وتبين وتبرز ما تدين به البشرية للشعوب الأصيلة وإذا تتبعنا المادة 22 حول هذه الشعوب نقرأ :
( إن للشعوب والجماعات الأصيلة وغيرها من الجماعات من السكان الأصليين دوراً حيوياً لتلعبه في إدارة البيئة والتمنية نتيجة معرفتها للبيئة وممارستها التقليدية ، وعلى الدول الأعتراف بهويتها وثقافتها ومصالحها ومنحها كامل المساعدة اللازمة والسماح لها بالمشاركة الفاعلة وفي تحقيق تنمية مستدامة ) .
إين موقع هذه المادة من حقوق شعبنا الكلداني ؟ كيف نوفق بين هذه المساحة من الحرية التي تضمنها المواثيق والمعاهدات الدولية ولوائح حقوق الأنسان وحقوق الأقليات ، وبين ما يتعرض له شعبنا الكلداني الأصيل من ظلم وسلب حقوق وكم الأفواه ؟ ومن محاولات التشويه التاريخي الذي يتعرض له هذا الشعب الأصيل في وطنه العراقي ؟
بالأمس كان صدام حسين يمنعنا عن المجاهرة باسمنا الحقيقي ويجبرنا على تدوين التسمية العربية في السجلات ، وهذا لم يكن غريباً على الحكم الدكتاتوري الشمولي الذي اراد للجميع الأنصهار في بودقة العروبة ، ولم يكن هنالك اي شك ان هذا التوجه كان في سياق الفكر القومي الفاشستي الذي يؤمن بتفوق ونقاء القوميات ودونية قوميات أخرى .
ولكن سؤالي اليوم كيف نستطيع ان نبعد هذا الفكر من الفكر القومي المتعصب لبعض احزابنا القومية ؟ ان لذي يتعمد بإلغاء القومية الكلدانية الأصيلة وتذويبها هي الأحزاب القومية الآشورية ، مع الأسف ان الحزب الآشوري يحاول اليوم ان يلعب نفس الدور في مسألة إلغاء التسميات القومية التاريخية لشعبنا .
في الحقيقة تأخذني الحيرة والدهشة امام سلوك الحزب الآشوري ، وأقصد بالحزب الآشوري بشكل رئيسي الحركة الديمقراطية الآشورية والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، وفي قراءة حيادية نزيهة في احداث التاريخ المعاصر سيجد المرء امامه عام 1918 قبائل آثورية نازحة من مناطقها في اورميا وجبال حكاري حيث سلبت املاكهم وأراضيهم واستقر بهم المطاف بعد رحلات شاقة ومهلكة أستقروا في معسكرات للاجئين في بعقوبة ، وسيجد القارئ ان محاربة هذه القبائل جرى في وضح النهار من قبل العرب والأكراد والتركمان في حوادث مذكورة بوضوح في مصادر كثيرة ، لكن كل منصف يعترف بأن المكون الوحيد الذي وقف بقوة وشجاعة مع هذا الشعب في محنته الأجتماعية والسياسية والأنسانية كان الشعب الكلداني .
لقد قدم لهم الشعب الكلداني لهم كل ما يمكن تقديمه ، لكن مع كل ذلك نجد الحزب الآشوري وهو في موقع قوة بعد 2003 ينكر تلك المواقف الأنسانية الشجاعة ويقابلها بنكران تاريخ الشعب الكلداني وإلغاء قوميته الكلدانية ، حقاً انها معادلة تبعث على الحيرة وعلى إدراج وطرح كثير من علامات الأستفهام .
لكن الأنصاف يقتضي الأعتراف بأن هذه الحالة ليست عمومية عند الشعب الآثوري فقد افرحني وأزال شيئاً من حيرتي سيادة المطران الجليل مار باوي سورو حينما قام وبارك بصراحة وشجاعة مؤتمر النهضة الكلدانية ، الذي عقد في كاليفورنيا مؤخراً ، لقد كانت بركاته وتهانيه بمنطق شخصية منتمية الى القومية الآشورية ويحمل المذهب الكاثوليكي ، ونفس السلوك الطيب انطبق على الأستاذ لنكولن مالك الشخصية الآثورية المعروفة .
خلال سفرتي الأخيرة الى الوطن ، تصلتني معلومات عجيبة غريبة وهي مؤسفة حقاً ، فقد علمت انه في احتفالات اكيتو لم يحتفل بها ابناء شعب واحد ، إنما كانت بين مصارعين على الحلبة وكل شخص يريد هزيمة خصمه اللدود ، ومن ثم ابراز حزبه السياسي وليس إظهار ان المحتفلين باعتبارهم يمثلون شعب بينهريني واحد ، لقد كان كل طرف يريد التغلب على خصمه .
فضائية عشتار التي تدعي الحيادية تبرز العلم الآشوري فحسب ، وحينما اخذت مغنية على المسرح العلم الكلداني بيدها سارعوا الى إزالته وتسليمها علم أشوري ، وكأن العلم الكلداني يعود لحزب نازي وليس لشعب حليف او صديق ، اما الزوعا فكانت تسعى ان يكون الأحتفال عبارة عن احتفال زوعاوي فحسب فلا اعياد اكيتو ولا هم يحزنون ، والمغنين كلهم مؤدلجين بالأفكار الثورية التي تقتضي إبراز ( الأنا ) الحزبية والقضاء على الخصم القادم من الفضاء الخارجي ويريد تمزيق الأمة . أجل هذا ما استشفيته من كثير من المشتركين بالأحتفال من خارج مكون الحزب الآشوري .
إذا تركنا موضوع الأحتفالات وتطرقنا الى جانب آخر سنجد إن الحركة الديمقراطية الآشورية تسعى ان تكون جميع الوظائف في الحكومة العراقية من ابناء شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ان تمر تحت ابطها ، وحتى اصغر الوظائف ، ( هذا ينطبق على المجلس الشعبي الذي يلعب نفس الدور في اقليم كوردستان وسنأتي علي ذكره في مقال آخر ) يا ترى هل الحركة تأخذ جانب الحياد في توجهها هذا ؟ أنا شخصياً لدي كامل الأحترام لسيادة وزير البيئة الذي رشحته الحركة لهذا المنصب ، ولكن آلية التعيين جاوزت حتى دائرة الحزب لتصل الى دائرة تعيين الأقارب فحسب ، ( اكرر تقديري وأحترامي لشخصية السيد وزير البيئة ) فليس لي اي تحفظ على شخصيته . ولكن انا اعترض على آلية التعيين فحسب وليست الأسماء مهمة عندي .
لقد علمت من بعض المصادر ان السيد يونادم كنا يحاول عرقلة تثبيت المدير الجديد للوقف المسيحي وهو احد ابناء الشعب الكلداني ويبدو ان تعيينه حصل بمنأى عن قنوات الحركة الديمقراطية الآشورية . أليس هذا السلوك مناقضاً لما ترفعه هذه الأحزاب من شعارات وتزعم فيها بأننا شعب واحد ؟
إن الشعب الكلداني يجري تذويبه وصهره والأجهاض على شخصيته وقوميته من خلال حزبين متنفذين هما الحركة الديمقراطية الآشورية في عموم العراق ، ومن قبل المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري في اقليم كوردستان ، ولدي شواهد كثيرة على هذا السلوك من قبل الحزبين اللذين يدعيان اننا شعب واحد ، فهل نحن شعب واحد بالأحترام المتبادل والأخوة والتعاون والتفاهم ؟ ام اننا شعب واحد وفق عمليات التذويب والصهر وفرض الحصار الأقتصادي ولوي الأعناق وكسر العظام ؟
على الأحزاب الآشورية ان تقرأ التاريخ المعاصر جيداً وسيجدون الشعب الوحيد الذي وقف الى جانبهم في محنتهم هو الشعب الكلداني فقط والى اليوم . فلماذا هذا السلوك المنافي لكل معاني الأخوة والشعب الواحد ؟
حبيب تومي / القوش في 07 / 05 / 11