ظاهرة التملّص من المسؤوليات في خلفيّة شخصنة الإنطباعات ,ح1
حلقة رقم 1/2بين حين وأخر, تصدر من بعض الأصدقاء إستفسارات حول خلفيّة اللغز الكامن وراء السكوت على مساعي البعض في محاولة جرّ أهلنا (الكلدواشوريينالسريان) ومشاغلتهم في خوض ماراثونات خاسره, وهي عديده لو أردنا حصر أوجهها و تشخيص منابعها , و الكشف عنها وعن النفاخين في قربها (كسر القاف وفتح الراء) لم يعد بالأمر الصعب , لكن الإنشغال معها معناه الرجوع بنا خطوات أخرى للوراء , وبسبب تكرار مثل هذه المحاولات , فقد إعتادها مثقفونا وإكتسبوا منها ما يكفيهم من تجربة كي يتحاشوا الإنجراف وراءها , لذلك يتوهّم أحدّهم حين يتصوّر بأنّ الناس نيّم, ويخطيئ من يتغافل حقيقة أن من سمات التحضر لدى الإنسان الناضج هي بتركيز أنظاره إلى الأمام و مواصلة عناء السير مع موكب النخبة ألتي نذرت نفسها للجميع في مسار إفترشته الأشواك و إكتنفته المخاطر, و واجب إزاحة هذه الأشواك ومواجهة تلك المخاطر يبقى من أبسط مهام هذه النخبة المتقدمّه و مسؤولية كل من يرى في صحبتها ضالّته.
في هذا الصدد سأمنح لنفسي الحق كي أدلو بما أراه مفيدا , و بعد الذي قرأته من تعليقات ومقالات متبادلة بين بعض الإخوة والاصدقاء حول هذا الشأن ,تولّدت لدي فكره واضحة سأنطلق من خلالها , كما أرجو أن يكون واضحا لدى القاريئ الكريم بأنّ مشاركتي متواضعة في فكرتها و في بساطة أدواتها , لكن أسطرها ستطول نوعا ما لذا إستوجب الإعتذار من القاريئ مقدمّا .
مساهمتي ليست مسخرّه من أجل نصرة أخي على أبن عمّي , فكلّنا في مركب واحد, وأي تجافي للحقيقه هو تحقيق لخسارتي مع الجميع لا محال ,لذلك سوف أطرح رؤيتي الخاصة بي دون التقيّد بما تراه , على سبيل مثال, الحركة الديمقراطيه الأشوريه مناسبا لها, رغم مساندتي وتأييدي لأفكارها وتطلعاتها , ولن أتقيّد في نفس الوقت لا بالذي يناسب رغبات السيد سركيس أغاجان مثلا و الذي_ اصبح أمره يشغل الكثيرين_ولا بما يعارض رسالة الحزب الكردي الذي ينتمي إليه .
ومن أجل تحاشي إقحام أنفسنا في دوّامة ربمّا تؤخذ علينا كونها ضرب من المزايدات السجاليه,
دعونا إذن نبتعد قليلا عن ردود أفعال التحزبات لنبحث فيما يخدم قضيتنا ,كي نجتمع أولا على مُسَلّمة تقنيّه وأكاديميه معروفه مفادها بأنّ معايير و أسس متحضرّة عرفها العقل وأدرك صلاحيتها رغم تأثيرات تمايلات القلب وعاطفياته المزاجيه, وقد عُمِلَ بها(معايير) كنهج في إنجاز التقييم المنصف بحق أي طرف , وعليها يعتمد في إخراج خلاصة ما هو ناجح بحق اي نظرية أو مشروع سواء كان زراعيا أم صناعيا, طبيّا أم هندسيا, سياسيا ام دينيا , فلو أريدَ لذلك التقييم أن ينجح ليكون مقبولا , لابدّ له أن يراعي في نهجه النقدي و التقييمي حجم ومساحة اللياقه الفكريه والثقافة التخصصيّه التي يتحلّى بها صاحب المشروع والتي تعززها إلتزامات ضوابط البحث أو الحوار في القدرة على إنتقاء المفرده الدالّه على أمانة المُلقي (الباحث) ومدى جديّته في مساعدة فهم المُتلّقي له , لذلك أتمنى عدم إعتبار عنوان مقالي مأخذا على أي طرف قبل الإنتهاء من قراءة المقال بالكامل ,لأن قراءة المتبّقي من المقال بحالة متشنجه سوف يضيع الكثير على القاريئ.
للدخول في محور أقلامنا و حال ومستقبل شعبنا الذي يهمنّا , أنا أعتقد مبدئيا , بأنّ الرتابة التبعيّه في إعتماد جذابيّة الموضات الرائجه في الظهور أمام الناس , هي ليست من سمات الإنسان السوي والثابت في تحملّه مسؤولية تحقيق التغيير المطلوب نحو الأحسن ,كما لا أعتبر هذه الوسيلة معبرا متينا للمبدع الذي يستهوي إجتذاب الجمهور له لتجعل منه نجما في سلّم الصعود.
اقول أيضا, بأنّ ظاهرة البقاء على سهولة إستخدام المهفّه اليدويه, دون بذل القليل من جهد التفكير في كيفية التدرّج خطوة خطوة نحو إرتقاء مرتبة إستخدام المكيّف الكهربائي بديلا للمهفّة من أجل تطوير الحال, هي حالة تعتبر من حالات العجز الموصوفة بالإنكماش الإكتفائي مع الذات , و في نفس السياق, علينا ألحذر وعدم الذهاب بعيدا بحجة البحث عن أوساط الأمور في حلولها , فمثلا , حين يقول قائل : في حال لم يستطع ابن عمي نجدتي في إسترداد ثروتي المسروقه فلا بأس بالذهاب كلانا سوية والتفاوض مع اللّص على فرز حصة له من الثروه ليرّد البقية دون الإنتظار قليلا ليرى ما سيقدّمه القانون القضائي له!!! , هنا سنقع في حفرة قابله للتوسّع للحد الذي يتمكن كلاهما , اللص والقانون , من إبتلاعنا ومعنا كل ما نمتلكه .
بالعودة إلى تقييم ما تخطّه أقلامنا من أفكار ورؤى , لابد لي القول هنا, بأنّ عدم إمتلاك عقل صاحب اليراع لأي مادة ذاتيه مبتكره من نتاج عندياته التي تؤكد إنتمائه الحقيقي لقضيته, حتى وإن كانت متواضعة في بداية تكوينها , لكن صدق طرحه لها هو الذي سيمنحه كفاية من الحريّة للتحرك بها والتدرّج فيها مع تقادم الأيام من أجل رفع البناء طابوقة طابوقة , ففي حال إفتقاره إلى تلك المادة الذاتيه التي هي بمثابة العنصر الأساسي في البناء , لايمكننا إطلاقا التعويل على قلمه او فكره في اللحظة التي نقر فيها ونعترف بأننا بأمّس الحاجة إلى أقلام عقول متزّنه تساهم في بناء الأسس الصحيحة, لكن مع ذلك سيكون ردّنا له هو بالتحفظ او ربما بالرفض.
أمّا ظاهرة(موضة) مجاملة الكبار والتدرّج نحو كيل المدائح لهم والتعويل على ثرائهم المالي , ثمّ التدحرج التلقائي نحو أشكال التزلّف والتملّق , فهي مظاهر لم تتأثر في تقييمها ووصفها لا ألأزمنة ولا الجغرافيات, وكتب السماء قديمها وحديثها , وهكذا أرشيفات بلاطات الملوك ومشاهير الحكّأم تحدثنّا مشيرةً إلى هذه الظاهرة والى رموزها (( وعّاظ السلاطين)) كما يصفهم مفكرينا وعلمائنا في كل مناسبة , و الحالات ألتي نعيشها اليوم من هذه الصنوف ليست من الصعوبة كشفها , ولمثقفيّنا الواعين القدرة الكافية للحكم عليها , لكن شريطة الإعتماد على المعيار المتعارف عليه بعيدا عن عقدة التحزّبات والعشائريات حتى لا نكون قد ظلمناها حين نصنّفها ضمن الحالات المركبه في تعقيدها أو ضمن الحالات الأحاديه البسيطه في وضوح قصورها المعرفي , اي أن لكل حالة ظروفها الخاصة بها, ومن الظروف ما تشكّل سببا يبّرر حصول تلك السلبية , ولهذا السبب يجب أن نفرّق ما بين الفلاح الريفي المسكين الذي يمتدح سيّده الملاّك ليشكره بعفوية القروي في رد الجمائل و بحكم العلاقة الإنتاجية/المعاشيه التي تربطه به, وبين ذلك الشاعر أو الكاتب((المثقف)) الذي يمتدح السلطان بقلمه وحنجرته أليوم, بينما كان نفسه((المثقف)) قبل ثلاث ليالي يرثي جاره الشهيد ألذي لقي حتفه في إحدى زنزانات السلطان هذا!! .
يتبع في الحلقة الثانية