Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

عتباتنا المقدسة بين الصرف الصحي والصرف المالي...

كثيرة هي الوعود التي تطلقها الحكومة العراقية،كما اطلقتها الحكومات المتعاقبة،في مجال تحسين الخدمات والتي شهدت ترديا ملحوظا وعلى امتداد خمسة اعوام منذ التحرير/الإحتلال، وتبريرهذا التردي الذي ارهق المواطن وزاد من معاناته،هو الواقع الأمني الذى وضعته الحكومة الحالية في قائمة اولوياتها وكرست له ما كرست من جهد وطني وإمداد مالي، وكان المالكي قد صرح بان عامنا الجاري سيكون عام البناء والإعمار والإنجاز الخدمي بعد ان اثمرت جهود حكومته..او هكذا يفترض..في مجال تحسين الواقع الأمني والسيطرة على فوضى الميليشات وحمى الأرهاب..

ومن شواهد التحسين الخدمي ومنجزاته الكبيرة،التلوث البيئي وانتشارالأوبئة والأمراض ابتداءا من الإسهال والإضطربات المعوية الى الكوليرا والأورام السرطانية، اذ ان مشكلة الصرف الصحي و شحة المياه الصالحة للإستهلاك البشري امست من المشاكل المستعصية كغيرها من مشاكل عراقنا العظيم،ورغم انها مشكلة عامة يعاني منها العراقيون في شتى انحاء البلد عدا المنطقة الخضراء،إلا ان لهذه المشكلة خصوصيتها في المدن المقدسة لاسيما ان الحكومة تعول كثيرا على السياحة الدينية، وتعكف وزاراتها المختصة على احتساب عائدات العتبات المقدسة وايراداتها فزخم الوافدين من الخارج والداخل يشير الى فخامة حجم العائد،واذا كانت عائدات السياحة عموما تقدر بخمسة مليارات سنويا فللسياحة الدينية حصة الأسد من تلك العائدات..

المدن المقدسة كغيرها من مدن العراق تستغيث،فشبكات الصرف الصحي متهرئة وبطاقة استيعاب محدودة لا تحتمل عبء سكانها،وتقنيات معالجة المياه الثقيلة معدومة او شبه،فلا محطات لتعفين النفايات الصلبة ولا مواد كيمياوية لمعالجة المياه المستعملة ولا احواض ترسيب وما اليه...
والسؤال هو:
كم طن من النفايات والفضلات البشرية تخلفه السياحة الدينية بمواكبها المليونية في تلك المدن؟
هل هناك من جهة فنية معنية بدراسة كيفية تصريف هذا الكم الهائل من الفضلات وتداعيات هذا الضغط العالي على شبكة متهرئة اساسا لا تفي بتصريف فضلات سكانها!...
وهل هنالك تنسيق بين الجهات الفنية المختصة والمؤسسات الدينية التي ترعى شؤون المناسبات والزيارات المليونية وتعكف على إحتساب الإيرادات وسبل تصريفها خدميا وأمنيا وتطويريا!، دونما اكتراث لسبل تصريف الفضلات كخدمة اساسية لامجال لتجاهلها، فالمدن المقدسة ينبغي ان تنعم بنقاء بيئي لا بتلوث، وبروائح عبقة تسر الأنفس لا بروائح المستنقعات الآسنة وخزانات التعفين الطافحة،وهذا لا يعني إغفال بقية المدن بقدر ما يعني تحصين المدن المقدسة بيئيا اذا كنا نعول على الدخل السياحي وعلى ضرروة الإحتفاء برموزنا الدينية جماهيريا وباعداد مفتوحة،وحيث تتواجد اضرحتهم في مدن مكتظة يعوزها الكثير...

هل هنالك من فكر بحجم الكارثة البيئية من جراء سياحة دينية لا يواكبها جهد هندسي وتخطيط، وعمل فني دؤوب وتمويل مالي لتطوير شبكات الصرف الصحي وتحسين طاقات استيعابها بما يتناسب مع البيانات المعلوماتية التي يعتمدها المختصون في هذا المجال،وبتواز مع جهود مماثلة في مجال تحسين شبكات الإسالة ومحطات الضخ لتوفير المياه الصالحة للشرب وبعد معالجة مشكلة الكهرباء،وهي من المشاكل العالقة ايضا، فلا ضخ دون طاقة...

اين تذهب ايرادات العتبات وهنالك لجنة عليا من السماحات الأجلاء، ولجان فرعية من رجال الدين النجباء،واجبها رعاية هذا المال واستثماره وتحت غطاء وزارة طويلة عريضه ترعى شؤون الأديان والمقدسات،كما ان سدنة العتبات ولجانها ليسوا كسدنة الآبار، فهم عراقيون اخيار يسبحون بأسم الواحد القهار فلا مستشار اجنبي يقف وراءهم ولا شيطان...

ادرج لكم الخبرادناه والذي تناولته الصحف والفضائيات بطرائق مختلفة،ويبدو قد مر به السياسيون المعنيون بالشأن العراقي كما مرت به المرجعيات الدينية مرورالكرام..والتمس لهم العذر،فكارثية الإختلاط بين جنسي البشر اعتى واشد من كارثية اختلاط المياه الثقيلة بمياه الشرب!،والفصل بين الجنسين ضرورة استحوذت على جهودهم،فهي ليست كضرورة الفصل بين جنسي الماء،ثقيله وخفيفه فهذا ترف مؤجل ولابد من احترام الأولويات!

((..قررت السلطات المحلية في محافظة النجف ترحيل العائلات القاطنة في احد احيائها بعد الاشتباه في تفشي مرض السرطان بين قاطنيه.
وقال عبدالحسين عبطان نائب المحافظ في تصريح خاص لـ «راديو سوا» الاميركي انه تم اكتشاف المرض بين افراد نحو 37 عائلة من سكان احدى مناطق حي الانصار الشعبي جنوب المحافظة، وتم ترحيل هذه العوائل وتخصيص قطع اراض لهم في اماكن اخرى بالمحافظة، واكد ان المسؤولين لايعرفون حتى الآن الاسباب المحددة الكامنة وراء هذا العدد الكبير من الاصابات في هذا الحي بالتحديد.
غير ان الدكتور رضوان الكندي مدير صحة النجف قال ان لجانا صحية مشتركة اجرت فحوصات سريرية ومختبرية للمصابين وان شبكة الصرف الصحي مهترئة، نظرا لقدمها مع وجود تسريب يؤدي الى اختلاط مياهها الثقيلة بمياه الشرب.
واضاف ان هناك احتمالا آخر يتمثل بأن السكان سبق ان استخدموا حاويات يحتمل ان تكون معرضة للاشعاع النووي))
شكري للسيد محافظ النجف ونائبه للترحيل والتخصيص السريعين (علما أن رئيس مجلس محافظة النجف كان قد نفى ما صرح به الرفاق في المحافظة لعدم توفرالامكانيات!)....ولكن.. هل اجراء كهذا،إن حصل،سيستأصل اورام تلك العوائل وينهي معاناتهم،ام تراه سيستأصل المشكلة من جذورها وبشقيها .. الصرف الصحي،والصرف الإشعاعي!...



فاتن نور
08/06/09


Opinions