Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

عراقيون ناقمون من العنف لا يجدون ما يواسيهم سوى الطقس المعتدل

 بالنسبة للكثيرين من السكان الضجرين بهذه المدينة، ممن واجهوا صيفا دمويا من التفجيرات بملاعب كرة القدم والمقاهي والأسواق المفتوحة، مما أسفر عن أعلى معدل وفيات يشهده العراق خلال خمس سنوات، هناك أمور محدودة جدا يمكن أن يكنوا مشاعر الامتنان لها مثل الطقس.

وتقول نسرين محمد، وهي معلمة بمدرسة في بغداد: «نحمد الله أن الصيف لم يكن قاسيا علينا هذا العام. ربما أتت رحمة الله لتعوضنا عما نعاني منه». فيوم الخميس مثلا، بلغت درجة الحرارة 42 درجة مئوية. ومقارنة بفصل الصيف المعتاد في بغداد، تعتبر هذه هدية من السماء.

ينظر العراقيون، الذين يشتد إيمانهم في أوقات المصاعب، إلى الطقس الأقل حرارة نسبيا - حتى وإن كان يعتبر في معظم الأماكن بمثابة موجة حارة حادة - باعتباره رحمة من الله.

في بغداد، عادة ما يحل الصيف مبكرا ويستمر لفترة طويلة، وعلى غرار التفجيرات المتكررة، يأتي بآلامه على نحو لا يعرف التمييز: سيارات شديدة الحرارة وليال بلا راحة وحالة مزاجية سيئة. وتضيف الحرارة، خصوصا خلال شهر رمضان، بعدا جديدا لعذابات الحياة المعتادة هنا. لكن ليس هذا العام.

وقال داود شاكر محمود، المدير العام للهيئة العامة للأرصاد الجوية العراقية: «على الرغم من أن هناك الكثير من التفجيرات، فإنه لا يزال بإمكانك رؤية الشوارع مزدحمة. إنهم جميعا يشعرون بالراحة بسبب حالة الطقس».

بحسب الإحصاءات الحكومية، بلغ متوسط درجة الحرارة العظمى اليومي في يوليو (تموز) الماضي 43 درجة مئوية، مقارنة بـ46 درجة مئوية في الشهر نفسه من العام الماضي. ربما يبدو هذا فارقا طفيفا، ولكن بالنسبة للعراقيين، يبدو أشبه بإنقاذ مؤقت، لا سيما مقارنة بالارتفاع المفرط في درجات الحرارة الذي شهدته مواسم الصيف في الأعوام الأخيرة، عندما كانت درجات الحرارة تزيد في بعض الأحيان على 46 درجة مئوية.

حينما ترتفع درجة الحرارة عن 46 درجة «يصبح الناس في حالة من العصبية والتوتر»، بحسب سعد فرج، مدير قسم المناخ بالهيئة. ويضيف: «حينما يكون الطقس ألطف، يتعاملون بشكل أفضل مع الناس. يمكن أن تشعر بالاختلاف في الطقس هذا العام».

لاحظ فرج تحسنا ملحوظا في الحالة المزاجية العامة للناس على اعتبار أن الناس يولون أهمية لدرجات الحرارة في ظل تصاعد العنف: قتل أكثر من 820 شخصا في شهر رمضان، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. واستمر العنف يوم السبت، مع وقوع سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة وقت احتفال العراقيين بعيد الفطر المبارك. وقال فرج: «لو توفر العاملان لواجهنا كارثة»، في إشارة إلى التفجيرات والطقس شديد الحرارة.

إذن، بالنسبة للعراقيين، أتاح الطقس المعتدل نسبيا، على الرغم من كونه يتجاوز 38 درجة مئوية يوميا، مساحة ضئيلة للاستمتاع بالأمور الأكثر واقعية، حتى في خضم الخوف المتصاعد من التفجيرات ومشاحنات الاختناق المروري الناتجة عن العمليات الأمنية ونقاط التفتيش الجديدة. ويقول البعض إنه بات بإمكانهم الاستمتاع بتناول الآيس كريم في الخارج من دون أن يذوب على الفور، وتمزح النساء بقولهن إن الماكياج الذي يعتمدنه لا يُزال بسهولة.

ويقول أحمد طلال، الذي يعمل في مقهى في حي الزيونة: «هذه درجة حرارة محتملة، ويمكنني التعايش معها. أتذكر أنه في العام الماضي، لم يرغب أحد في الجلوس في حديقة المقهى، وفضلوا الجلوس بالداخل بجوار مبرد الهواء. لكن الآن، في ظل هذا الطقس المبهج، يجلس الجميع بالخارج يدخنون الشيشة ويحتسون الشاي».

ومع معاناتهم من الاختناق المروري، أصبح العراقيون الآن أقل ميلا لإغلاق نوافذ سياراتهم للسماح لها بأن تبرد، ويقول كثيرون إنهم ينعمون بنوم أفضل. وقالت سارة محمد، وهي موظفة حكومية: «أتذكر كيف كنت أستيقظ على الفور من نومي عندما تنقطع الكهرباء بسبب الحرارة، لكن الآن صار الوضع أفضل ليلا، إذ أكتفي بفتح النافذة لأنعم بالطقس اللطيف».

وقال أبو حسين، ويعمل فني صيانة أجهزة تكييف، إنه عمل هذا العام لفترات أقل في إصلاح الوحدات التي يتم إرهاقها على نحو يفوق طاقتها، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه سيعمل لفترات أقل من أجل راحته الشخصية. وقال إنه خلال فصل صيف حار العام الماضي، «كان المزيد من الناس يأتون إلينا طالبين منا أن نصلح لهم أجهزتهم، وكان لزاما علينا أن نعمل ليلا ونهارا، وأحيانا ما كان تحديد المواعيد يستغرق أكثر من أسبوع». وأضاف: «آمل أن يستمر هذا الصيف على هذا النحو حتى نهاية الموسم».

بالنسبة لمحمود وفرج، الموظفين الحكوميين في مجال التنبؤ بحالة الطقس، يرتبط الطقس المعتدل بتعامل الناس بشكل ألطف معهم. فأثناء تجول محمود حول ضاحيته أو حرم جامعة بغداد، حيث يشرف على الأبحاث أو يزور المطاعم التي يعرف فيها على حد قوله، يحدثه الناس قائلين: «شكرا على هذا الصيف». ويقول: «يشعرون كأنني قد جعلت الطقس أكثر برودة ولطفا!».

يبدو أن هناك تأثيرا سلبيا واحدا لهذا الصيف اللطيف: لم ترتفع درجات الحرارة بالدرجة الكافية لكي تعلن الحكومة عن عطلة رسمية، مثلما تفعل في المعتاد، عندما ترتفع درجة الحرارة عن 50 درجة مئوية. في العام المنصرم، كانت هناك أربع عطلات على هذه الشاكلة.

غير أن السواد الأعظم من العراقيين راض بالاستغناء عن بضعة أيام إجازة مقابل درجة حرارة ترتفع قليلا عن 38 درجة مئوية. ويقول قتيبة حازم، وهو موظف حكومي في العاصمة: «إنه الأمر الوحيد الإيجابي الذي يحدث في العراق. آمل أن لا تسعى الحكومة لاستغلاله لصالحها».


 

Opinions
الأخبار اقرأ المزيد
منصة إلكترونية لمساعدة النساء في إقليم كردستان العراق: استجابة سريعة للعنف منصة إلكترونية لمساعدة النساء في إقليم كردستان العراق: استجابة سريعة للعنف أطلقت وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان العراق، شمالي البلاد، اليوم الخميس، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة "يونيسف"، منصة إلكترونية مخصصة للنساء والفتيات لتقديم الدعم العاجل لهن • السيدة باسكال وردا تدعو الجهات الحكومية إلى الاهتمام بمراكز إيواء النساء المشردات دعت السيدة باسكال وردا رئيسة منظمة حمورابي لحقوق الإنسان، وزيرة الهجرة والمهجرين الأسبق، عضو شبكة النساء العراقيات، الجهات الحكومية الى إعطاء المزيد من الاهتمام من اجل أقامة مراكز إيواء للنساء التي يتعرضن للعنف و الإرهاب و الإشكال الأخرى التي تحد من كرامتهن وتهدد حياتهن وليم وردا يشارك في أعمال المؤتمر الثاني لوزارة العدل بشأن الخطة الوطنية لحقوق الانسان (2021-2025) وليم وردا يشارك في أعمال المؤتمر الثاني لوزارة العدل بشأن الخطة الوطنية لحقوق الانسان (2021-2025) لبى  الأستاذ وليم وردا مدير العلاقات  العامة في منظمة حمورابي لحقوق الانسان دعوة وزارة العدل للمشاركة في اعمال المؤتمر الثاني للخطة الوطنية لحقوق الانسان في العراق للأعوام 2021-2025 بالاشتراك مع منظمة الحرية الدولية المسيحية منظمة حمورابي تستعد لتقديم مواد إغاثة للعوائل النازحة في محافظة دهوك
Side Adv2 Side Adv1