Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

علبة سبانخ واحدة لن تحول المالكي إلى باباي خارق

في أحيان كثيرة تبعث الكوارث بإشارات تكون ساذجة ولا تستحق الوقوف أمامها أو تحليلها فمن يقول بأن ذلك الدخان السخيف سيتحول إلى بركان أو تلك الأمواج العاتية ستبتلع المدن بعد أن تتحول إلى تسونامي وهكذا حدث أيضا مع كل كوارثنا السياسية لأن مغامرات صدام انطلقت كلها بشكل غير مدروس ورؤية غير واضحة لمعطيات كل مرحلة بدأها باستهتار وختمها أبناء العراق المغلوبون على أمرهم بالكثير من الدم والدموع بالجوع والحصار وبالخوف والقلق من المواجهة مع أقوى جيوش العالم التي لم يتردد في أثارتها وتحريضها على بلاده التي كانت لحد ما بعيدة جدا عن فيضان التطرف الديني وزلزال الانقسامات الطائفية وهكذا حدث أيضا مع مغامرات القادة الجدد أصحاب السجلات النظيفة كما يعتبرونها في مواجهة النظام السابق والمنتمين إلى عوائل عريقة أو أحزاب محظورة سابقا لا تقل ضحايا كل تصنيف من تلك التصنيفات عن مئات المعدومين وآلاف المهجرين هكذا بدؤا بناء العراق الجديد بإشارات مختلة ساهمت في إبعاد أبناء شعبهم عن بعضهم البعض وركز كل واحد على مكاسبه القادمة وعلى خسائره الماضية واستحقاقاته التعويضية توقفوا أمام أبواب مراكز الاقتراع وذكروا البسطاء بطائفيتهم ولم ينجحوا فدخلوا إلى قلب تلك المراكز وحثوا المترددين في مذهبيتهم والكثير من المستقلين في قرارهم على الالتزام بالأرقام الجديدة التي اختاروها لتذبح العراق فلم يكن صعبا اكتشاف الكارثة الجديدة التي خيمت حتى قبل أن تصلنا علاماتها الكثيرة ولم يعلم منجمونا الذين عاشوا خلف الحدود لفترة طويلة أية براكين ستفجرها عقود الحرب والحصار ولحد الآن لا زال الكثير من السياسيين متشبثين بموقفهم رغم معطيات الواقع التي تشير إلى الكثير من الحقائق القاسية على الشعب إذ في ظل هذا الحرمان العام يخرج أحدهم ويقول وزارت عديدة ستسحب منها مبالغ ضخمة لأنها لم تنجز حتى نسبة 1% من مشاريع خدمية قررت ورصدت لها مبالغ طائلة في موازنة العراق الانفجارية وكأننا سنعيش قرنين لكي ننتظر هذه الحكومة التي أخذت فرصا أكثر من تلك التي تستحقها فعلا وأخر يقول أن المحافظة (( س )) لم تنفق 95% من ميزانيتها وان صح هذا الكلام فهذه بالتأكيد ليست محافظة في بلد غني على أبواب القرن الواحد والعشرين أنما منطقة محرومة من كل شيء أشبه ما تكون الحالة فيها بمناطق القبائل المغولية قبل سقوط بغداد على يد هولاكو وليس بوش فالفرق بين الاثنين شاسع جدا وما أشبه الأمس العراقي باليوم لولا وجود بعض الحرية فيه .
في البداية كانت حكومة المالكي أملا لكل العراقيين أرادوا من خلالها الخروج من مأزقهم ولكن السلع الرديئة ينخفض عليها الطلب كلما ارتفعت القدرة الشرائية ولو ترجمنا هذا القانون الاقتصادي إلى قانون في السياسة فالحقيقة تقول بأن كلفة الاحتفاظ بالمالكي وحكومته الضعيفة التي تحصل على علب السبانخ المنشطة من الأمريكيين لوحدهم ستكون كبيرة جدا فقد يتحول العراق كله إلى خرائب ريثما تقوى هذه الحكومة على السيطرة فيه ونحن لا نريد ذلك نحن كعراقيين يحق لنا أن نضع الشروط أمام المالكي وحكومته وليس الكونغرس الأمريكي ونحن أدرى بالجرع التي تنشطها فهي لا تحتاج إلى ملياري دولار وأكثر لتأمين رواتب شركات الأمن الخاصة بل إلى استئصال الأسباب التي دعت إلى جلب مثل تلك الخدمات تحتاج حكومتنا لكي تستمر إلى محاولات جادة للانفتاح على كل معارضي سياستها في الداخل والخارج دون شروط لأنها ليست في وضع قوي لكي تضع شروطا أمام الخارجين عن أرادتها تحتاج لتدخل إلى خانتها كل العراق مهما كان ثمن ذلك فنحن لن نتحمل عبأ مرحلة جديدة بدأت ربما هي الأخرى ستنتهي بالكثير من الحروب والمآسي بعناوين مختلفة عن تلك التي عاهدناها في السابق ولكنها ستشترك مع الماضي في إضاعة هذا البلد لأسباب ستقول عنها الأجيال القادمة .. تافهة.. ولا تستحق كل ما يحدث اليوم من تأخير وتأجيل لكل أشكال الحياة في بلد ينبض بالكثير من أسبابها ولو أستمر الحال كما هو عليه سترون كل من صفق للحرية في عراق جديد يعيد التفكير في قراره وينظر إلى الضعفاء باعتبارهم شريحة لا تستحق أن تحكم يوما واحدا وليس سنة مفضلا في ذلك الأقوياء وجبروتهم ودكتاتوريتهم لأن المستحيل هو أن نرى العراق دون عراقيين وهذا ما سيحدث لو اعتمدت حكومتنا على سبانخ أمريكية تذوب قبل أن تأكل وعلى بضعة ألاف من المجندين في الجيش والشرطة ومنطقة محصنة صغيرة لا يخرج أغلب قادتنا من حدودها الضيقة. العراق يحتاج إلى إستراتيجيات داخلية أكبر من الدعم الخارجي ولحلول شعبية ووطنية تساعد المالكي على فرض القانون والسلطة في كل مكان فكل سلطة البعث وقبضته الحديدية لم تستطيع قمع العراقيين بشكل مطلق ولم تحول دون وقوع أعمال عنف وشغب وتفجيرات في الكثير من مناطق العراق أطلق عليها النظام السابق غوغاء أو أعمال تخريب ومنفذوها كانوا يؤمنون بأنها شيء أخر كما يحدث اليوم بين دعاة العراق الجديد وبين فصائل كثيرة يطلق عليها البعض مقاومة وآخرون يقولون عنها فلول البعث...... والخ من التسميات وكأن قدرنا هو أن نعيش في صراع دائم على السلطة وبعناوين جديدة تعيد التاريخ مرة أخرى وتثبت لنا بأن العراق لن يستقر مطلقا دون مفاهيم جديدة تسود بين مكونات شعبه فقبل بضعة أعوام كان فصيل واحد يحكم والغالبية تشتت بين الخضوع والمقاومة واليوم أيضا لم يتغير شيء لا زال العراق كما هو مشتتا مجزأ فقيرا متفجرا بالعنف الدامي فيه فصيل يحكم وعشرة فصائل أخرى موزعة بين الانغلاق على الذات أو تدبير المكائد وتفجير الجسور أو الاستقرار خلف الحدود في خطوة تشير إلى فترة طويلة قادمة من رفض السلطة ومعايير الحكم الجديدة في بغداد والبسطاء من أبناء العراق لم يتبقى لهم الكثير من الدم لدفع فاتورة هذا المتعجرف أو ذالك الضعيف والأجدى لحكومة المالكي أن تبحث لنفسها عن منشطات بين أبناء شعبها بعيدا عن عضلات بوش وأسنان كوندي الحادة وذلك ما سيترتب عليه نتائج خيالية لن تستطيع الجيوش تحقيقها وبدون انتصار داخلي سندور في حلقة مطولة من مسلسل أسمه الفائز في العراق لا يملك طرقا سهلة فأما سيكسر ويضرب عنقه لأنه كان ظالما وقاسيا أستحق نهاية تماثل أعماله أو يسحق بالأقدام في بلد يحتاج إلى الكثير من القوة والصبر والتضحيات ليروض ويصبح جاهزا للانطلاق.


عصام سليمان – تلكيف Opinions