فوضى السياسة والامن المفقود
شبكة اخبار نركال/NNN/
التدهور الامني الذي يعصف بالعراق عموما وبعاصمته خصوصا هذه الايام يذكرنا بأيام التدهور الامني في العراق عموما وفي بغداد على وجه الخصوص .. هذا ما تبادر الى أذهان الكثيرين بعد الانفجارات المتعددة التي طالت بغداد في الاسابيع الماضية لحين تعرض البصرة الى نفس نوعية التفجيرات التي تحمل بصمات اصابع الارهاب الذي عرفناه منذ نهايات 2003 اي بعد التحرير وسقوط نظام الطاغية واستفحال تنظيم افعى برأسين قاعدي وبعثي في العراق..
لن يخفى على اي مراقب ان هناك حالة من التدهور الكبير في الاستقرار الامني على الساحة الامنية في البلاد ..والذي يريد ان يشخص المعضلة بشكل دقيق عليه ان لايجزأ الصورة الكاملة الى صور اصغر حجما .. بل عليه ان ينظر الى الصورة الاكبر التي تضم كل مفردات الحالة العراقية .. وليس بأعتبارها مشكلة امنية اجرائية فقط ولكن اسقاطات الوضع السياسي المتداعي اليوم في العراق ترد بشكل مباشر وبدون استئأذان على الوضع الامني ..
فمن حصد الارواح البريئة الى الخطوط المائلة التي تخترق ادق تفصيلات الوزارات المحصنة الى ارهاب العراقيين الابرياء من اي ذنب او جريرة الى الطائفية المقيتة التي – قد تنجح- في تمزيق الصف العراقي.. وتلك هي النتيجة التي تقف ازاءها السلطات الامنية بعجز تام .. فلا عمليات استخبارية حقيقية لحماية العراقيين من العمليات المتزامنة والتفجيرات .. ولا حماية حقيقية للموظفين العاملين في وزارات محصنة ولا حتى حماية لعمال فقراء يعملون في مخابز ومحلات حلويات هم في مأمن من هذا الغول الارهابي الذي لا يشبع من دماء العراقيين ..
منذ عشرة سنوات وتوالي السنة اثر الاخرى وخالقي الازمات يلقون بخطابات غير مسؤولة وذات ابعاد طائفية وحزبية ومن ورائها تقف مكاسب انتخابية وامال بمكاسب اخرى مادية وكنتيجة لهذه الخطابات النارية يسقط مايعادلها مرات عديدة شهداء ابرياء من عمال المسطر والطلاب والكسبة في الاسواق ... الا ان تلك الخطابات الطائفية والحزبية بعيدة كل البعد عن سقوط شعره خجل من جلود مفتعلي تلك الازمات وحاصدي الدم العراقي البريء فأجترار المواقف السلبية لهؤلاء والتدافع بالخطابات المؤزمة والتي تروج لتسويق بضاعة الطائفيين التي لم تولد غير الذعر والخوف وقوافل الارامل والايتام وضمور التنمية وفرص العمل وفقدان الاستقرار الاقتصادي والخدمي والامني واصبحت شدة التهديدات والخطابات السياسية مقترنة بمزيد من الدم والرعب في الشارع العراق
ومن المؤسف ان كثيرا من سياسيي الاحزاب والتنفيذين لم يستوعبوا او يفهموا ان هذا التأزيم سينتج عنه دم ابراياء وفقراء واطفال ..ولم يكفوا عن ذلك ويترجلوا الى لغة التكامل والحوار والمباشرة بعرض الملفات تباعا على طاولة الحل باحترام جميع الاراء والاحتكام الى الدستور.. بل على العكس من هذا كله.. فقد طغت لغة التأزيم على لغة العقل والمنطق اما الاداء الامني فهو يتحمل الجزء الاخر من هذه المأساة .
فجهازنا الامني اليوم اصبح من العدة والعدد بحيث انه يظاهي المنظومات الامنية في المنطقة ولكنه ليس بمستوى المهمات الملقاة على عاتقه وصار يُدك في عقر داره وانتقلت زمام المبادأة الى يد العدو واصبحت قياداتنا الامنية تدافع عن نفسها بالتحصينات العملاقة واساطيل الحمايات بدلا من ان تحيط محيط بغداد لكي تبعث رسالة اطمئنان للمواطن المنهك معنويا وتبعث رسالة اخرى الى الارهاب بأنها موجودة في ساحة المعركة وانها تمسك زمام الامور وترفع الروح المعنوية للناس
وفوق هذا وذاك صارت الرتب العملاقة في المؤسسة الامنية تضاهي وتتفوق على كل الرتب العسكرية والامنية السائدة في دول المنطقة وبمعدل مرور سنة واحدة فقط لكل رتبه من الرتب القيادية, وقد انشغلت معظم القيادات الامنية في المصالح الخاصة بينما تعاظمت المسؤولية على الشرطي والجندي البسيط الذي ينتظر في الشارع طلقة القناص وكاتم الصوت والعبوة الناسفة وبقيت الخطط العسكرية ذات طابع عسكري كأنها وضعت لمقاتلة جيوش وليس لمقاتلة زمرا ارهابية موجودة بين طبقات المجتمع وعجزت المنظومة الامنية عن خلق منظومة معلومات مهنية متخصصة والتي يفترض ان تكون مهمتها الاولى هي الكشف الاستباقي لما تريد ان تقدم عليه هذه المجاميع
خلاصة القول .. ان لم نقم بتأهيل هذه المنظومة الاستخباراتية المعلوماتيةوالتي يطالب بتطويرها المواطن البسيط والسياسي ورجل الدين ولكن دون جدوى , فلن نستطيع ان نحقق الامن في البلاد خاصة اذا كانت المنظومة الامنية نفسها متعددة ومشكلة برؤية حزبية ضيقة وكذلك بقاء الكثير من القادة في نفس المواقع ولفترة طويلة جدا في عروشهم على الرغم من فشلهم المتكرروهذا ما أفرغ العمل الامني من الابداع وزاد الترهل واللامبالاة في التحسب والاحتراز ورد الفعل السريع واعطاء بعض القادة قرار غير واقعي في الحلول المستعصية والانية مما افقد القرار الامني المركزي فاعليته وتمكنه من وضع الحلول واستتباب الامن
انها ايام عصيبة يشهدها العراق .. وان لم تتمكن المنظومة الامنية من لم قدراتها والعمل بجدية لتطويق الاجرام الارهابي فسنعود مع الاسف الشديد الى المربع الاول الذي خرجنا منه بشق الانفس عام 2007
المكتب الاعلامي للنائب شروان الوائلي