في الذكرى التاسعة لرحيل الشاعر عبد الأحد قومي16/1/2000م
قبل عام وربما قبل شهرٍ واحد كان يرتحل مع أغنيهأمانيه اليتامى عبرَ شوارع مدينة الحسكة وهناك في دمشق التي طالما باح لها بسرائر النفس العصية .
يتوحد في عشقهِ كما يتوحد الراهبُ في صومعتهِ.
قبل تسعة أعوامٍ مضت كحلمٍ بائس.
كان شاعرنا عبد الأحد قومي وهو يُصلي لله كي يجمعهُ مع إخوته الذين فرقهم الزمن عبرَ بلاد الصقيع وهو الذي كان يحنو برفقٍ إلى مواسم لقياهم.
كتب القصائد لكنها لم تكن لتشفي له الظمأَ المتأصل
في كينونتهِ...
هناك خبأَ أحلامهُ في زوادةٍ واستودعها لمن له الأمانة.
الشوارع التي عرفته لم تعد تُدرك خطاه...
ثمة زوجة تحلم بالرحيل وطفلة رائعة كماها أخويها
الأول له سمة الأجداد والثاني زهرة البنفسج....
وجدتهم التي تغسلُ بدموعها العتمة البائسة.
في يوم الأحد من الشهر الأول من عام ألفين
كانت الفجيعة وكان الرحيل بدون وداعْ.
ثمة نظراتٍ فيها الكثير من الأسئلة العصية كانت تكحلُ عيونه التي فقدت بريقها....
تغتالهُ العصافير التي كتب لها....
وتسجيه أغاني العاشقين الذين أحبوه...
تضجُّ المدينةُ على نبأٍ لم تصدقهُ الأرواح والعقولْ.
هاهم الأهل والأقرباء والأصدقاء الأوفياء...
هاهي المدينة التي أحبها بأهلها تضجُّ لهُ.
منْ يُصدق النبأَ إلاّ ذاك الذي رأى البطل الثوري الذي حاصرته كل العفونات.
حين لم تُدرك كيف لها أن ترعاهُ وخير دليلٍ على ما نقول تلك القصيدة العصماء التي ألقاها الشاعر الشاب خالد نشمي خليف فها هو يصورُ حقيقة ما نقول:
حين قال:
لكَ في المنابرِ وصمةٌ بيضاءُ /// وعلى المسارحِ قمةٌ شماءُ
ومع الشبيبة كنت كنزاً غائراً /// لو يدرك الكنز الدفين دهاءُ
نسر الحداثة ما لقلبك واجماً! /// أعظم بقلبٍ للوفاء فداءُ
ظلموك حين استبعدوك لغايةٍ /// واستنكروك لأنهم نكراءُ
حسدوكَ في الإبداع لمّا صغتهُ /// فاحتار فيما صغتهُ شعراءُ
فلئنْ جفوكَ عن المناصب نقمةً /// لكَ في القلوب مناصبٌ ورواءُ
ساءت لهُ قبل الممات شراذم /// فاحفظ له يا ربّنا ما ساءوا.
هذه بعض أبياتٍ من القصيدة التي رثا فيها الشاعر خالد نشمي خليف شاعرنا عبد الأحد قومي.
كما رثاه الشاعر يوسف عبد الأحد بقصيدة رائعة.
وكلمات الإخوة والأخوات عديدة فها هو ابن جيرانه الأستاذ حسين حمدان العساف والشاعر أحمد الدريس
والأخت الرائعة الخنساء إبراهيم التي توشحت بالسواد
وصديقه الحميم أيوب كمّو الذي حل هو الآخر بعد بأشهر قليلة......
وهنا لا يسعنا إلا أن نقدم لكل من بكى رحيل شاعرنا
الشكر والأماني بطول العمر...لهذا نشكرهم عب كلمة مدينة الحسكة المدينة التي عاش بها شاعرنا.
لكن الحياة ستستمر والموت سنة كُتبت على الإنسان
وبقاء الإنسان فيما يُخلفه ولنا في ابنته نور الرائعة وولديه قومي ونوّارْ كل الأمل.
لكن شاعرنا الراحل عبد الأحد قومي يُطل بعد غياب
إلى فضاءاتٍ أرحب من تلك التي كان يعيشها...فها هو يُخاطب الروح فتكتب حين قررنا تأسيس موقعٍ باسمه
بوفانكا الخابوري
كما كان يُحب هذا اللقب الأدبي.
فإلى ما جادت به الروح .
جميعُ هذه القصائد وغيرها مُهداة إلى روح أخي الشاعر الراحل عبد الأحد قومي.
وهذه القصيدة كتبتها بتاريخ 18/2/2008م بمناسبة افتتاح موقع (بوفانكا الخابوري )لأخي الشاعر الراحل عبد الأحد قومي... وكون الموقع قد تمّ تصميمه باللغة الألمانية فقد واجهنا صعوبات...لهذا تمت عملية إغلاقه...
أما هذا الموقع .موقع (مملكة الحب والنهار سيجمعُ البشر)هو لأسحق وعبد الأحد قومي.
فكتبتُ بلسان حال أخي الشاعر الراحل وهو يقول:
قُلْ للذين أَوهموا أحلامهمْ :::::: هذي هبوبي أشرقتْ ياصاح ِ
هلتْ تباشيرُ المُنى واستذكرتْ :::::: تِلكَ النفوسُ رحلتي وكفاحي
إنْ يبكوا أوهاماً لهمْ ما ضرني :::::: ماتَ الضميرُ واكتسى بوشاح ِ
لازلتُ في صدرِ المجالسِ أتكي:::::: وأُعاقرُ من صبوتي أقداحي
إملأْ كؤوسَ العزِّ واسقِ روضيَّ:::: شيمُ النفوسِ حبيَّ ملاّحي
أطلقني حُزناً من عِقالِ سجنيَّ ::::: لأواصلَ في الملتقى أفراحي
يا قارئاً هذي الصحيفة مرْ بها ::::: واكتبْ على صرح ِ الضميرِ نواحِ
إنْ يَحلمِ الإنسانُ فيما يشتهي ::::: طوبى لهُ، جُلَّ الذي في الرّاحِ
إيهٍ( ابتسامٌ) هلْ كما كُنتِ بعدْ::::: لا تحطبي أملاً بيوم ِ رياح ِ؟!!
(نورٌ) هلا يا بكريَّ ظلّي الوفا :::: في درسكِ يحلو المُنى ونجاحِ
(قومي) علامَ أنتَ في سكناتكَ:::: غردْ كما طيرُ الهنا بجناحِ
(نوَّارُ) يا زهرَ الرّبى كمْ شاقني::::أنتَ النشيدُ والهوى أتراحي
أنتمْ قوافلي في بوادي غُربتي ::::: اللهُ يازمنَ البُعادِ مراحي
أنتمْ ستبقونَ النشيدَ أعزفُ ::::: قدْ غادرتْ أياميَّ وجّراحي
****
اسحق قومي
وكتبتُ لنفس المناسبة أقول ...وكأنه هو من كتبْ:
هلَّ لكَ أنْ تقرأَ رسالتي :::::: فهي زماني والهوى يتجمّلُ؟!!
أقسمتُ أَني لنْ أُغادرَ موطني ::::: مهما يكنْ منْ غُربة ٍ تتعجلُ
رحتُ إلى حيثُ المنايا كأسها :::: من علقم ٍ باتَ يغصُّ ، أنهلُ
في دوحةِ الشعرِ ليَّ من وقفة ٍ:::: (والقصةُ) في دميَّ أُرفّلُ
حَسبُ الحياة ِ من مواقف عشتها::: طوراً إذا باتَ النوى ، يتململُ
أودعتُ في سرِّ الحياة ِ همستي:::: معجونةً بالسّرِ راحتْ تسألُ
يا سائلاً عني طيورَ هجرة ٍ :::: هلَّ يمرُّ زائرٌ يتعقلُ ؟!!
أَبقوني وحدي في الدِّيارِ حارساً :::: لأُعانقَ هذا الثرى أَتحملُ
ما مرّني منهمْ ولا قدْ جاءني ::::: طيفٌ يمرُّ، حينها أَتحاملُ
الكلُّ يأتيهمْ أَهاليهمْ ، بلا ::::: لكننيّ وحدي أُراقبُ أسألُ
أينَ ديارَ الأهل ِ أينَ وجههمْ :::: أَلعلهمْ باتوا ظعوناً ترحلُ؟!!!
يا بدرُ إنْ مريتَ فيهمْ قُلْ لهمْ ::::: كانَ بشوقٍ للقا ِ يتعللُ
إنْ مرني منكمْ فلا من حجة ٍ :::::نادوا بقبري حينها، أتباخلُ
نومي عميقٌ والزّمانُ قدْ قسا :::::عُذراً أيا أَهلي فلستُ مقبلُ
هذي هبوبي إنْ أردتمْ تُخبرُ :::: والكلُّ يمضي والزمانُ يُثقلُ
****
شعر: اسحق قومي
فإلى جنان الخلد أيها الشاعر الراحل
حرامٌ أن تسكت البلابل في الربيع
وحرامٌ أن يجفَّ النهر في ذروة انبثاقه
لكن إرادة الله هي الأولى.
***
أخوكم اسحق قومي
ألمانيا15/1/2009