في العراق سجون "VIP" للمسؤولين وابنائهم.. الفساد والاستهانة بالقانون تحت انظار العدالة
المصدر: باس نيوز
كما هو حال عموم مفاصل الدولة ومؤسساتها التي ينخرها الفساد ويسيطر عليها بشكل شبه تام ، تشهد السجون العراقية ظاهرة توفير خدمات الـ (VIP) او خدمات للشخصيات الهامة وذلك بتوفير غرفة مريحة للاعتقال وتوفير الاجهزة النقالة وشاشات التلفزيون وحتى بعض الاجهزة الرياضية مع توفير خدمة الانترنت بشكل دائم الى جانب امكانية استقبال الضيوف . والمشكلة الكبرى في هذا النوع من الفساد ، انه يشجع على انتشار واستمرار الفساد في كل مفاصل ومؤسسات الدولة ، حيث ان الفاسد لن يخشى قسوة السجن و وحشته بل يعدها فترة استجمام وراحة وبعدها يخرج ليتنعم بالاموال التي سرقها.
استغلال النفوذ والمحاباة
خبير في مكافحة الفساد اعلن عن قيام حملات تفتيش في بعض السجون وقد ضبطت من خلالها هواتف نقالة واجهزة استقبال وبث خدمة الانترنت وكذلك سجائر الكترونية وغيرها من المواد المخالفة للوائح وزارة العدل الموضوعة للسجون ، ولكن لم يعلن عن تلك الحملات لكون وجود تلك المواد بشكل مسبق يعد اختراق وتدلل على فساد او تسيب داخل هذه المؤسسات ، فيما يؤكد خبير قانوني بان الكثير من الوزارات ودوائر الحكومة لا تحال بها المشاريع إلا الى ابن المسؤول او من خلاله فيكون له نسبة مقابل احالتها الى جهة اخرى وابناء المسؤولين هم واقعاً خارج القانون وحدود المحاسبة وهم يتسلطون بناءً على نفوذ اهاليهم.
رئيس مؤسسة النهرين للشفافية ومكافحة الفساد محمد الربيعي ، قال لـ(باسنيوز)، ان "ظاهرة تخفيف الاحكام عن ابناء المسؤولين ودخلوهم الى سجون الـ (VIP) يعود الى استغلال النفوذ والمحاباة من قبل الجهة التي تلقي القبض على هؤلاء ويكون ذلك باستغلال او استجابة لنفوذ المسؤولين الذين يتورط ابنائهم بقضايا مخالفة للقانون".
واوضح الربيعي، ان "سجن ابناء المسؤولين او المسؤولين انفسهم يكون اشبه بدار الضيافة ويكون بعيد عن السجناء الاعتياديين ويمكن ان يأتي اليهم الضيوف وغيرها من الخدمات وبعض هؤلاء يمارسون اعمالهم من داخل السجون حيث لديهم هواتف نقالة واجهزة كمبيوتر مع توفر خدمة الانترنت".
رئيس مؤسسة النهرين للشفافية ومكافحة الفساد، أشار الى ان "بعض السجون قد شهدت حملة تفتيش أمنية وقد ضبطت من خلالها هواتف نقالة واجهزة استقبال وبث خدمة الانترنت وكذلك سجائر الكترونية وغيرها من المواد المخالفة ولكن لم يعلن عن تلك الحملات لكون وجود تلك المواد بشكل مسبق يعد اختراق وتدلل على فساد او تسيب داخل هذه المؤسسات".
الافتقار الى المؤسساتية
تجدر الإشارة إلى أنّ ملف السجناء في العراق من الملفات المعقّدة، ولا سيّما مع الاكتظاظ والانتهاكات والخروقات المختلفة، من بينها إدخال الممنوعات. كذلك لا تتوافر بيانات رسمية خاصة بعدد السجناء في البلد، غير أنّ أرقاماً متضاربة تبيّن أنّها تقترب من 100 ألف سجين يتوزّعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل الاستخبارات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب.
من جانبه أكد الخبير القانوني امير الدعمي، ان "العراق يفتقر الى وجود الدولة المؤسساتية وما لديه انما سلطة استولت عليها مجموعة من الجهات وكل منها فرحة بما لديها وإلا كيف يمكن لابن المسؤول المدان والمسجون ان يعامل معاملة والده الوزير او المسؤول".
وبيّن الدعمي لـ(باسنيوز)، ان "الكثير من الوزارات ودوائر الحكومة لا تحال بها المشاريع إلا الى ابن المسؤول او من خلاله فيكون له نسبة مقابل احالتها الى جهة اخرى وابناء المسؤولين هم واقعاً خارج القانون وحدود المحاسبة وهم يتسلطون بناءً على نفوذ اهاليهم سواءً كان والدهم او والدتهم هي الشخص المسؤول في الحكومة".
تشجيع على الاستهانة بالقانون
ولفت الخبير القانوني، الى ان "وجود سجون الـ (VIP) تعد احدى النقاط التي تشجع وتساهم باستمرار عمليات الفساد فيقول الفاسد انه لا يهم وإن تم اعتقاله بسبب الفساد فانه سوف يعيش حياته بشكل شبه اعتيادي وبشكل مريح في السجون التي توفر خدمات للشخصيات ذات النفوذ والتأثير او تلك التي تمتلك اموال طائلة لشراء تلك الخدمات".
ويبلغ عدد السجون في عموم البلاد 30 سجنا، تضم نحو 60 ألف سجين بين محكوم وموقوف بجرائم جنائية أو بقضايا "الإرهاب" ، ومن بين السجناء 1500 امرأة و1500 سجين عربي ، إضافة إلى سجن آخر فدرالي يعرف بسجن "سوسة" في محافظة السليمانية ضمن إقليم كوردستان ومرتبط بوزارة العدل الاتحادية.
البرلمان على إطلاّع
وكان رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي ، أرشد الصالحي، قد صرح في وقت سابق ، بأنه وصلتهم في لجنة حقوق الإنسان النيابية شكاوى من سجناء وذويهم عبر نواب ، قاموا على إثرها بإجراء زيارات مفاجئة لعدد من السجون ، وانهم وجدوا مافيات لها نفوذ مُقسّمة بين من تُدخل المخدرات وتوزعها على المتعاطين، ومن تبيع وتشتري (تبتز) السجناء، وثالثة معنية بالأطعمة، وأخرى متخصصة بإدخال الهواتف النقالة (الخلوية) وشبكات الإنترنت.
مشيراً ، الى انهم وجدوا كذلك قاعات "VIP" دفع من خلالها السجناء، بغض النظر عن خلفياتهم، رشوة تصل قيمتها إلى 300 ألف دينار (200 دولار) شهرياً لتوفير وسائل راحة وخدمات كاملة. كذلك يُطلب في بعض السجون مبالغ من عوائل السجناء للسماح لهم بمقابلتهم، رغم أنه حق يُفترض أن يتم دورياً وحسب القوانين النافذة، وهذا فساد واضح ينبغي عدم السماح باستمراره.