في وداع صاحب الكلمة الصادقة........المؤرخ الدكتور هرمز ابونا
في البدء يحق الرثاء أولا للعراق في رحيل عاشق ترابه المؤرخ العراقي الدكتور هرمز موسى ابونا ثم عزاءنا لأهله ومحبيه بالصبر والسلوان .في رحيلك أيها المعلم والصديق ربما توقفت فصول مجالسك بخمود جسدك وتوّقفِ نبض قلبك و تعّطل اليراع الدفّاق قبل أن تكتمل صفحات الحقيقة كما أردتها , لكن روح الكلمة وعمق صدقها خالدة ستعيش وسيبقى صداها يحوم في فضاءات ودهاليز السنين وسيرّن مزمجرا في مسامع و أذهان الأجيال, تلك الروح بنصاعتها وعلميتها بلسمت جراح أزمنة طالت سنين عبثها , وبحفيف نسمات صراحة الكلمة وجرأتها أزحت الأغبره والعوالق التي كست الحقيقة ردها طويلا, نعم سيظل بريقها يطارد ظلمات عصر غدا التزييف فيه ديدنه المخيف.
من ذا الذي سيسد الفراغ الذي خلّفته بعد رحيلك يا سيدي ليكمل الصفحات التي بدأت بها ومن ذا الذي سيرأب الصدع الذي عكر منامك يا ابا فرات .
لقد مضيت ورحلت عنّا بجوانحك المثقلة بالهمّ والألم طيلة سنين حياتك يا سيدي, أما شموخك ففي شبه صمتك أمام مزورّي الحقيقة وصغار المعرفة كنت الأقوى دائما.
أذهب يا سيدي, نم قرير العين في عالمك الجديد وأتركنا نهيم في عالمنا المليئ بالأمراض والمحكوم بالأوهام ,فعالمك الجديد لن يسلبك حقك فيه أحد ولن يحاكمك سوى رب الأنام ويا لها من نعمة لم تحظى بها بيننا.
مهما كتبنا وقلنا عنك يا سيدي, يبقى ألم فراقك كبير, والأكثر إيلاما أنك كنت الإنسان الذي لن يتكرر,,,سيبكيك في الغد بعد أن يتعافى من مرضه ذاك الذي جافاك ظلما و حارب قلمك الناطق بكل الحقيقة .
ودّعتك أخر مرة يا سيدي ليلة السادس من نيسان قبل سفري الى القوش بساعات وأنت تكرر طلبك مني بتقبيل جدار اي بيت القوشي يصادفني حين تحط قدماي أرض آبائك . كان إحساسي وأنا استمع إليك يفزعني من أني من القوش سوف ابلغ روحك بأني قد أديت الأمانة التي كنت تطلبها مني كلما شديت الرحال الى أرض أبائك , لقد قبلت جدار الدير ربان هرمز يا سيدي وقضيت ليلة بقربه مع راهب أحبك وذرف من دمعه حزنا على فراقك.
نم قرير العين يا معلمنا , ستبقى مجلداتك وكلماتك نواقيسا تقرع حيثما تلعثمت الألسن أو تعثرت الحقيقة, رحمك الله يا معلمّنا وصديقنا المؤرخ العراقي (الألقوشي) الدكتور هرمز ابونا .