Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

قوة الردع الأمريكية بين الترهيب والاستهانة

بعيداً عن وسائل الإعلام يعمل إستراتيجيو البيت الأبيض بجهد وتواصل لمواجهة احتمالات المستقبل الدراماتيكية في مجال تحدي " الدول المارقة" والمنظمات " الإرهابية" للإرادة والقرار الأمريكيين وهي في الوقت الحاضر محصورة بكوريا الشمالية وإيران ومنظمة القاعدة وطالبان وحزب الله اللبناني. ولكل واحد من هذه العناوين إستراتيجية محددة ومعدة سلفاً في أروقة البيت الأبيض والبنتاغون والسي آي أ . فالخبراء العسكريون يجهدون اليوم في اختيار الأهداف المهمة والخطيرة داخل إيران ذات الأولوية الإستراتيجية، وإعداد مخططات وآليات إحكام الطوق والحصار البحري والجوي والبري لإيران ومراجعتها وتطويرها يوماً بعد يوم. وسواء أكانت هذه مجرد مناورات تخويفية أم استعدادات حقيقية جادة لتنفيذ قرار القائد العام للقوات المسلحة الأمريكية لأول وأكبر جيش في العالم بشن حربه الثالثة خلال فترتي ولايته وقيادته لأمريكا منذ عام 2000 إلى يوم الناس هذا، فإن هناك تبايناً في الآراء والتقديرات بين الخبراء حيال ما تزمع أمريكا فعله تجاه إيران. بيد أن الأغلبية بينهم جازمون اليوم على أن المواجهة العسكرية أكبر قوة في العالم والثيوقراطية الإيرانية المتهمة بسعيها لحيازة السلاح النووي أمر حتمي لا يمكن تفاديه إن آجلاً أم عاجلاً.
ولو حدث مثل هذا الاعتداء، كيف سيكون رد فعل الجمهورية الإسلامية الشيعية الأولى في العالم ؟ هل يمكنها الاعتماد على دعم ومساندة " العالم الإسلامي " السني بغالبيته العظمى؟ وهل ستضمن انحياز ودعم الـ 216 مليون شيعي في العالم من أتباع " أهل البيت" الموزعين في كل أنحاء المعمورة؟ من المؤكد أن هذه الحرب الرابعة في منطقة الخليج لو اندلعت ( بعد حرب العراق وإيران وحرب الكويت وغزو العراق بين 1980 و 2003) ؟ فمما لاشك فيه أن بوسع طهران أن ترد بهجمات مكثفة ومدمية ضد الـ 160000 جندي أمريكي المنتشرين على حدودها وبالقرب منها في أفغانستان والعراق والخليج وتركيا إلا إذا استخدمت واشنطن أسلحتها الفتاكة والنووية وصواريخها الموجهة وحولت إيران إلى أرض جرداء وصحراء قاحلة . والحال أن أمريكا خدمت إيران وخلٌصتها من عدوين وخصمين لدودين لها هما نظامي طالبان في كابول ونظام صدام حسين في بغداد لكنها لم تكسبها إلى جانبها ولم تضمن تأييدها لسياستها الشرق أوسطية.
منذ عام 2001 ، ووقوع أحداث أيلول الدامية داخل العمق الأمريكي، يشهد العالم تسخيناً للتوترات وتصعيدا في اللهجات العدائية ويقترب من النقطة الحرجة التي قد تتسبب في وقوع الكارثة النووية على صعيد دولي. هذا ما يشعر به الإنسان العادي المتابع للأخبار ووسائل الإعلام إلا أن المراقب الدقيق يرى الظواهر من منظور آخر. فكوريا الشمالية تجرأت وأجرت تجربتها النووية الأولى متحدية أمريكا والمجتمع الدولي ، وإيران تعلن أنها ستواصل تخصيب اليورانيوم مهما كان الثمن الذي ستدفعه ضاربة بعرض الحائط التحذيرات والإنذارات الأمريكية والدولية، والعراق يغوص أكثر فأكثر في الحرب الأهلية ويغرق في إعصار الفوضى والعنف والدمار والشلل التام،والتمرد العسكري المسلح ضد الوجود الأجنبي ، والنظام السوداني يتعمد في تسويف الأمور وتأجيج الفوضى في دارفور دون أن تتمكن الأمم المتحدة من التدخل بل تجرأ الرئيس السوداني على طرد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة من السودان، وفي الصومال نجحت المحاكم الإسلامية المتطرفة الأصولية في السيطرة على الحكم بعد حرب أهلية دامية ، وفي أفغانستان تتعرض قوات حلف الناتو إلى اندحارات متتالية وخسائر متنامية إثر استعادة قوات وميليشيات طالبان لعافيتها وإعادة تنظيم صفوفها وأخذ المبادرة في شن هجمات انتحارية إلى جانب نشاط أمراء الأفيون وعصابات المافيا والجريمة المنظمة على غرار ما يجري في العراق. وفي الباكستان يعيش تنظيم القاعدة وزعيمه في أمان وهناك احتمال وقوع السلاح النووي الباكستاني بين أيدي الإرهابيين الإسلامويين المتطرفين والتكفيريين بينما تستمر الطغمة العسكرية الحاكم على الإنكار ولم تعد الباكستان تتعاون جدياً في الحرب العالمية ضد الإرهاب الدولي، وفي لبنان يرسخ حزب الله وجوده ويدعم حضوره وتأثيره على الشارع اللبناني وهيمنته على الحكومة والمجتمع بدعم لا محدود من إيران وسورية، ولا توجد حتى بوادر متواضعة لإمكانية تجريده من السلاح كما جاء في القرارات الدولية بشأن لبنان بعد الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على لبنان، وفي فلسطين يتطرف الشباب هناك أكثر فأكثر تحت راية القوى والأحزاب الإسلاموية المتطرفة كحماس والجهاد الإسلامي ، وفي روسيا هناك تباطؤ في من جانب الكرملين في تطبيق الدموقراطية والليبرالية واقتصاد السوق والحد من الانفتاح تجاه الغرب، والصين تستمر في منافستها للعالم الغربي على مختلف الصعد وتقديم المساعدة التقنية حتى في المجال النووي لكثير من الدول كإيران وكوريا وغيرها،اللائحة طويلة لتعداد بؤر زعزعة الاستقرار الدولي من منظوره الأمريكي.
النظام العالمي الجديد الذي بشر الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب في أعقاب حرب تحرير الكويت بات مجرد سراب وماضي بعيد وحلم صعب المنال بعد أن تحول إلى وهم بعد أن كان أمراً ممكناً في أعقاب انهيار النظام الشيوعي الشمولي.
لماذا يعيش العالم اليوم عنفاً سياسياً وعسكرياً وعودة للنزاعات الدينية والإثنية ؟ أحد أهم الأسباب لهذا الانحدار والتدهور في الأوضاع الدولية هو شلل مجلس الأمن والأمم المتحدة وفقدان أمريكا لسلطتها الدولية الرادعة باعتبارها الدولة الوحيدة من الدولة الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي تمتلك قوة عسكرية عصرية حديثة ومتطورة ومجهزة تجهيزاً جيداً وقادرة على الوصول وبسرعة إلى أية نقطة في العالم وغياب قوات دولية دائمية حقيقية تابعة للمنظمة الدولية وتابعة لقيادة دولية خاضعة للأمم المتحدة وبالرغم من ذلك نلاحظ عدم خشية الخصوم من التهديدات الأمريكية.
من المؤكد إن تورط واشنطن في العراق قد شوه القدرة الرادعة للجيش الأمريكي وأفقدها مصداقيتها ولم يعد أحد يعر إهتماماً للآراء والمطالب الأمريكية ولم يعد هناك من ينتابه الرعب من واشنطن. من اللافت للانتباه أن الولايات المتحدة كانت تثير الخوف والهلع عندما تتعرض لدولة ما أو منظمة ما. ففي الخامس من شباط 2003 وهو تاريخ مناقشة حرب العراق في مجلس الأمن والتي نقلت عبر وسائل الإعلام الدولية والقنوات الفضائية كانت هيبة الردع الأمريكي في أوجها وكان مجرد نشر 50000 جندي أمريكي في الكويت كافياً لإثارة الخوف في نفوس المعادين لأمريكا في المنطقة وأن هذه الأخيرة جادة في موقفها ومستعدة لإقران الأقوال بالأفعال. وحتى صدام حسين كان قد فهم جيداً خطورة الموقف وجديته فأرسل عبر الصقر الأمريكي ريشار بيرل رسالة سرية إلى واشنطن تتضمن مقترحات باستعداده لتنفيذ أية مطالب وشروط تفرضها أمريكا على العراق لكن " أمير الظلام" أي ريشار بيرل أخفى ذلك ولم يأخذها بعين الاعتبار . وكانت إيران في تلك الفترة قد اقترحت فيها بنفسها وقف نشاطاتها في تخصيب اليورانيوم لتثبت حسن نواياها.
إن فشل أمريكا المريع والواضح في العراق هو الذي شجع حكام طهران وخلق لديهم شعوراً بالمنعة لاسيما بعد أن فهم زعماء إيران أن الكونغرس الأمريكي لن يسمح لإدارة بوش في الظروف الحالية بمهاجمة إيران . ولم يعد لأقوال ومطالب وضغوط أمريكا في مجلس الأمن ضد برنامج إيران النووي نفس الثقل السابق إذا لم ترفق بإمكانية استخدام القوة العسكرية. والأدهى من ذلك إن مضاعفة أسعار النفط الخام ثلاث مرات وفر لنظام الرئيس الإيراني محمد أحمدي نجاد وفرة من الأموال الفائضة لتمويل القوى والمنظمات الإقليمية والمحلية الموالية لإيران والمنفذة لسياسة طهران وتحقيق طموحاتها كما لاحظنا ما فعله حزب الله الذي صار يوزع ملايين الدولارات للسكان المتضررين بالحرب الإسرائيلية على لبنان وهي بالتأكيد أموال إيرانية . وهكذا كانت نقطة العد العكسي لهيمنة الردع الأمريكي قد بدأت في 20 آذار / مارس 2003 أي منذ لحظة غزو واحتلال العراق بصورة منفردة وبدون غطاء دولي وشرعي للحملة الأمريكية.
وأصبح المجتمع الدولي اليوم يعيش حالة من النزاعات والصراعات المسلحة والصدامات العرقية والدينية والقومية كما كان عليه حال أوروبا في 1789 كما يقول هنري كيسنجر . فالنظام الدولي الحالي يذكرنا بما كان عليه الوضع في القرن السابع عشر بغياب أي مبدأ تنظيمي للبنى المجتمعية والسياسية وعودة الدين لكي يصبح المحرك للفعل السياسي والعسكري. ومن وضع التفكك والفوضى ولد سنة 1815 في أوروبا نظام هو الأكثر استقراراً أي نظام كونسيرتو الأمم كما يسميه كيسنجر أو نظام توازن القوى ولم يكن يسمح لأي دولة بالتفوق على غيرها لكي لا تهدد التوازن والاستقرار القائم آنذاك . ةقد كرر التاريخ نفسه وانكسر التوازن الدولي بانتهاء الحرب الباردة في أواخر القرن العشرين وبروز القوة المهيمنة الوحيدة في كطلع القرن الواحد والعشرين وبالتالي فإن المهمة الإنقاذية والخلاصية التي تسكن أعماق الرئيس جورج بوش ربما تتحول إلى سياسة كارثية على مستقبل القوة الأعظم في العالم وهذا ما دفع وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر لإحداث المقارنة والتوازي بين ما حدث في فيتنام وما يحدث في العراق والذي كرره الرئيس الأمريكي أخيراً وعلى لسانه معترفاً بالأمر الواقع فهل سيتعلم الدرس؟
د.جواد بشارة / باريس
Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
العراق الممزق بين المواطنة والمواطن في الداخل والخارج مرت أعوام المنفى ألقسري كدبيب النمل تارة وكالإعصار الهادر تارة أخرى، وكنٌا حفنة من الوطنيين الشرفاء، قبل أكثر من ثلاثة عقود مضت على بلد وقع رهينة بيد عصابة مستبدة ومتوحشة ودموية تعبد المال والسلطة وتبطش بكل من يخالفها الرأي أو يعارضها، نعيش معاناة هذا ال النائب اسامة النجيفي يلتقي السفير البابوي في بغداد شبكة اخبار نركال/NNN/بغداد/ التقى النائب اسامة النجيفي عن الكتلة العراقية الوطنية في مجلس النواب العراقي يوم 15/10/2008 سعادة الموسنيور فرنسيس داسيس جوليكات السفير البابوي في بغداد التأني والحذر في اختيار التحالفات بات واضحا للجميع بان الغالبية العظمى من العراقيين غير راغبين بحكم الطائفة او الحزب الواحد المالكي والنجيفي يتحملان المسؤولية الأمنية والأخلاقية في قتل وتهجير مسيحيي الموصل السؤال المطروح بعجالة هو : من المسؤول عن حماية مسيحيي الموصل من عصابات القتل والخطف
Side Adv2 Side Adv1