قـد تـَمشي الأرض بنا تحـت أقـدامِـنا
المقال مستـَوحى من أغـنية فـيروز ( مِن عِـزّ النوم ) والتي تقـول فـيها – أمشي وتمشي فيَّ الأرض .ومَن قال الأرض لا تمشي ؟ ها هي الأحـزمة تمشي تحـت أقـدامِنا خـلال فـترة التـدريب في القاعات ، أوعـنـد الممرات الطويلة في المطارات ، وكـذلك في أروقة السياسة أثـناء عـرض مسرحـية الإنـتخابات . البعـض يمشي عـلى الأرض فـيَصلُ هـدفـَه الـذي يبتغـيه فـيُصفـق له المُعـجـبون كـصاحـب جـلل ، والبعـض الآخـر يقـف عـلى الحـزام الماشي عـلى الأرض ويأخـذه إلى المَوصِل الـذي يريـده فـيُـزقـزق له العاجـزون برُخــْصٍ ومَـلل . الأول يتسلق الجـبال ويتصبّب عـرَقاً فـيرتقي قـمة إڤـِرسْتْ الناتـئة ، وآخـر يخـطو عـلى العـتبة الـدنيا لحـزام سُـلــّم كـهربائي ليصل به إلى الرفـوف الخاسئة . الأول يقـف في ساحة أنيقة يحـطم الأرقام السابقة فـيحـرز عـلى إنجازات فائقة ، والثاني يضم نفـسه داخـل خانات مظلمة مغـلقة ، ويؤخـذ عـلى كـرسيّ المعـوقـين فـوق أحـزمة متزحـلقة تحـت قـدمَيه الـدبقة ، لـترسوَ عـليه الراية المُـتجـعِّـدة البراقة ، دونما حاجـة إلى وُرَيقات ممزَّقة ، فـَيـُطِـلّ بإبتسامة مُخـجـِلة خـَرقة ، عـلى شـُرفة مُـنمّـقة . الأول يبذل جـهـداً فـتـُكـرمه الحـشود في سطور الشرف ، والثاني ليس له ما يفـقـده أو يستهـلكه سوى موائـد الترف ، فـيتـَبجّـح بسَطـْوٍ مُقــْرفٍ ، والمتفـرجـون غـصون مائلة ترقـص عـلى إيقاعات الـدف . هُـوَ ذا الصنــّوج يرنّ من هَـبّة الرياح أو رعـود أصنام الأرواح ولكـن حاوياتها جَـوفاء فـيركـن إلى الجـفاء . مَن ذا الـذي يُـؤَمِّنُ لنا الوفاء ؟ فالوفيّ نزع الرداء في وقـت الشـتاء ، ليستـَضعِـف نفـسَه ويبحـث عـن وهـم الشفاء ، فإرتشف من أقـداح الرياء أملاً في معانقة سـراب الأثير وفـراغ الهـواء ، إنها سـمفـونية العـصر تعالِج الـدَّواء بالـداء .