كفاكم خداعا للناس.. تنبيه وتحذير

ناقشتُ مع نفسي أكثر من عنوان لهذا المقال وما أريد طرحه من خلاله. ومن العناوين التي وردت إلى خاطري:

(نصب واحتيال)

(إحذروا هؤلاء)

(القانون لا يحمي المغفلين)

(احترم نفسك.. لكي يحترمك الآخرون)

(كفاكم ضحكا على الذقون)

(الإعلام رسالة مقدسة، وبعض ثمنها.. دماء)

(إلى متى يبقى بعض الإعلام في العالم العربي فاقدا للنزاهة والمصداقية)

وأرى أن العنوان الأخير هو الأقرب إلى جوهر الموضوع التي أود التحدث عنه في هذا المقال إلى جانب مفهوم النصب والاحتيال.
مما لا شك فيه أن حمى كأس العالم بكرة القدم.. تطغى حاليا على كل ما سواها من اهتمامات البشر في أرجاء المعمورة، لا بل أنها في العراق، على سبيل المثال، تكاد تكون متنفس المواطن وهو يتابع مشاورات الكتل السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة.. مع ما يحمله الأمر من آه... وأوف، وآخ.. و.. حسبي الله ونعم الوكيل.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!.

ندع ذلك جانبا، فلستُ راغبا بعد في الكتابة في السياسة حاليا!!.. ولا أريد أن أوجع رؤوسكم بصداع هو في الأصل.. مزمن!!.
من القنوات الفضائية العربية الشهيرة اليوم.. قناة الـ (mbc).. ومن البرامج الرياضية الشهيرة التي تعرضها هذه القناة برنامج (صدى الملاعب) الذي يعده ويقدمه الإعلامي السوري الشاطر المصاب بعقدة النساء: مصطفى الآغا.
والبرنامج يُعرض يوميا عند الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل بتوقيت العراق و(مكة المكرمة).. (التاسعة والنصف ليلا بتوقيت غرينتش، ولا أعرف كم تكون بتوقيت مشيغان والنرويج وألمانيا، و.. سدني)، (وأرجو أن لا تتصور جارتي الصبية الحلوة التي اسمها سدني أنني أقصدها هنا، وهي التي تحمل اللابتوب في حضنها يوميا على دكة الباب.. وشعارها أن الدنيا حارة جدا)!!!. والبرنامج المقصود بهذا المقال.. يتصدى لمجمل الأحداث الرياضية العالمية والعربية يوميا.. وقد لاقى متابعة وشعبية كبيرة.
ومع انطلاق مونديال جنوب أفريقيا قبل أيام (مونديال أبو الأبواق التي صارت تصم الآذان.. وقد يكون ذلك من أسباب ضعف وهزالة المستوى حتى الآن )، فقد صار البرنامج يحمل مؤقتا ومن باب المواكبة.. اسم (صدى العالم).. نسبة إلى كأس العالم.
ويبدأ الآغا مصطفى كل حلقة من البرنامج بعبارة شهيرة: (إربطوا الأحزمة.. فسينطلق صدى الملاعب.. أو صدى العالم، من القناة الأحلى والأجمل والأكمل والأمثل.. من الـ mbc شاشة كل العرب).
حتى الآن: لا مشكلة، فالموضوع شطارة ومهارة إعلامية، وإمكانيات مادية وفنية تقنية متميزة.. فأين المشكلة:

مع انطلاق المونديال، ومع بداية كل حلقة من البرنامج، وبعد أن يستعرض الآغا عناوين ونتائج مباريات اليوم بشكل سريع قبل (الدخول) في التفاصيل!!، فإنه يعلن عن قيام البرنامج والقناة بوضع ثلاثين سيارة نوع (شيفروليه كروز) هدية مقدمة للمشاهدين من متابعي هذا البرنامج وهذه القناة.. بمجرد أن يرسلوا إلى البرنامج رسالة قصيرة (sms) على أرقام الهواتف المخصصة لبلدانهم والتي تظهر أسفل الشاشة، على أن يتضمن هذا الـ (sms) فقط اسم المنتخب الذي يشجعه المرسل. (هذا المقال ليس دعاية للبرنامج والقناة.. إنما دعاية عليه.. وعليها)!!.
المتابع للبرنامج يقتنع ومن خلال إلحاح مصطفى الآغا وتكريره على أن هذه (الهدية المجانية التي تقدمها القناة الأحلى والأجمل والأكمل والأمثل)!!!.. تتطلب فقط إرسال هكذا رسالة قصيرة إلى البرنامج، وسيكون ذلك كفيلا بإدخال رقم الهاتف الخليوي (الموبايل) للمرسل المسكين الحالم بربح سيارة حديثة بمجرد (مسج قصير).. إلى قرعة الحصول على هذه السيارة. وإذا حالفه الحظ فإنه سيتلقى اتصالا من كونترول البرنامج الذي يُبث على الهواء مباشرة، للتهنئة بحصوله على السيارة هدية (حلالا زلالا) لا كلفة لها إلا (مسج واحد). وقد حصل على سيارة اليوم الأول، (بحسب قرعة الكومبيوتر).. لاعب كرة قدم أردني مقيم في اليمن، وفي اليوم الثاني مواطن سوري من بلدة بانياس، وفي اليوم الثالث متقاعد جزائري من بلدة باتنة، وفي اليوم الرابع مواطن عراقي يبدأ رقمه بـ (0750) ولم يرد على اتصال كونترول البرنامح به.. لأن الساعة كانت قد تجاوزت الثانية فجرا!!.
جوهر الموضوع: روى لي صديق مقرب أنه قرر المشاركة في هذه المبادرة لبرنامج (صدى الملاعب ـ صدى العالم) على الـ (mbc) لعل وعسى أن ينتهي حظه (الفُكر) في الحياة (بتخفيف الكاف)، فيفوز بسيارة شيفروليه.. بمجرد أن يرسل عبر الموبايل رسالة قصيرة (واحدة) مهما كانت كلفتها التي لن تتجاوز بضعة سنتات أو دنانير.
وقد يفكر أحد القراء الكرام الآن أنني أنا الذي كنت هذا المشارك، ولكنني أخجل من النتيجة التي آل إليها الأمر، فأضع تبعاتها على أحد الأصدقاء.. ولا مشكلة في هذا التفكير!!.
وعلى أية حال فقد أرسل هذا الصديق (من خلال الأرقام المرادفة لبلده " العراق " والظاهرة على أسفل الشاشة "كورك وآسيا سيل" رسالة قصيرة تتضمن اسم المنتخب الذي يشجعه) وتلقى (تم التسليم).. وصار ينتظر بلهفة أن يدخل رقمه قرعة الكومبيوتر.
وفجأة.. وبعد ثوان قليلة.. يتلقى (مسجا)، (كلمة المسج هنا منصوبة لأنها مفعول به).. من الـ (mbc) عبارة عن سؤال رياضي مخادع يحتمل إجابتين، والمطلوب منه إجابة واحدة فقط.
ولما كان صديقي قد حسب كلفة الرسالة الأولى فوجدها تترواح بين (920 ـ 1200) دينار عراقي، أي ما يعادل نحو (دولار أميركي) زائد ناقص.
فقد فكر في نفسه أنه إذا لم يرسل (مسج آخر) للإجابة عن السؤال، فإن الدولار كلفة المسج الأول سيذهب سدى. فقرر أن يضحي بدولار آخر للإجابة بعد أن تورط في الأمر ويريد الآن أن يصل لخاتمته!!.
وإذا به يتلقى مسجا آخر يقول له أن الإجابة خاطئة، مع سؤال آخر جديد لكنه سهل هذه المرة، (استدراج).
ففكر صديقي أنه إذا لم يجب فإن الدولارين سيذهبان سدى.. وأنه متأكد من الإجابة الصحيحة هذه المرة.. ولا مشكلة في التضحية بدولار آخر على أمل أن يدخل رقم موبايله ضمن قرعة البرنامج التي يجريها في نهاية كل حلقة للحصول على سيارة الشيفروليه. وإذا به يتلقى (مسج) آخر يقول إن الإجابة صحيحة.. ولكن:..... مع سؤال آخر جديد.
وهكذا.. وبعد أن خسرتُ.. أقصد أن صديقي خسر من رصيده نحو أربعة إلى خمسة دولارات على هذه (المسجات) وعلى كل من (الكورك) و (الآسيا سيل) على هذه المسابقة، والأمر لا يتعلق بشركة الموبايل إنما بهذا البرنامج وهذه القناة، فقد قرر التوقف.. بعد أن تذكر أن القانون لا يحمي المغفلين.
(لست متأكدا من أن الآغا مصطفى، كمعد ومقدم للبرنامج.. يعلم بما تفعله القناة والبرنامج والكونترول)... لكني أقول:

أنني متأكد بأنها مكيدة ومحاولة استدراج لاستنزاف الرصيد ولكن بطريقة بعيدة عن النزاهة والمصداقية.. وعن ما يعلنه مصطفى الآغا ويتم عرضه على السبتايتل وبالنص: (لتربح واحدة من 30 سيارة شيفروليه كروز يوميا أرسل اسم الفريق الذي تشجعه على الرقم المرادف لبلدك..).
وأنا بدوري صرت أتسائل: إلى متى يبقى بعض الإعلام في العالم العربي فاقدا للنزاهة والمصداقية متلاعبا بمشاعر الناس؟؟؟.
إنه تحذير وتنبيه لكل مهتم ومتابع.. أن لا يرسل (مسج) إلى (صدى العالم) على الـ "mbc" الأحلى والأكمل والأجمل والأمثل).. لأنه سيتورط بنزيف للرصيد لن يتوقف. مع رسالة عتب شديدة اللهجة سيتم إيصالها إلى الإعلامي مصطفى الآغا: (كفاكم لعبا بمشاعر الناس، وضحكا على الذقون).. (هذه ليست شطارة إعلامية.. إنها نصب واحتيال، لكن بطريقة لا يحاسب عليها القانون لأنه لا يحمي البسطاء الطيبين الذي يصدقون، عن نية طيبة، ما تقدمونه لهم بصخب وبهرجة كبيرة).