كلمة الرئيس الأميركي في حفل التخرج بأكاديمية ويست بوينت العسكرية في الولايات المتحدة الامريكية
27/05/2010شِبكة أخبار نركال/NNN/
القى الرئيس الامريكي باراك أوباما كلمة في حفل التخرج بأكاديمية ويست بوينت العسكرية في نيويورك في مدرج ميتشي بالولايات المتحدة الامريكية ، وفيما يلي نص الكلمة:
الرئيس: شكرا لكم. شكرا لكم. شكرا لكم. شكرا لكم. تفضلوا بالجلوس. شكرا جزيلا لكم. أسعدتم صباحا.
الجمهور: أسعدت صباحا.
الرئيس: من الرائع أن أعود إلى الأكاديمية العسكرية للولايات المتحدة- أقدم موقع عسكري قيد الاستعمال على الدوام في الولايات المتحدة- ونحن نحتفل بتخرّج أحدث دفعة من ضباط الجيش الأميركي.
شكرا لك، جنرال هاغنبك، على التقديم، في يوم يحمل معنى خاصا بالنسبة لك ولعميد الأكاديمية، الجنرال فنيغان. وكلاكما قدم إلى ويست بوينت في دفعة العام 1971 ومضيتما في توجيه وإلهام الجنود تحت قيادتكما . لقد قدتما هذه الأكاديمية نحو الحصول على التقدير الذي تستحقه بالفعل حتى أصبحت: أفضل كلية عسكرية في أميركا. واليوم، أنتما ترنوان إلى التقاعد الذي تستحقانه بالفعل من الجيش الأميركي. أيها الجنرال هاغنبك وجودي، والجنرال فنيغان وجوان، شكرا لكم على الخدمة العسكرية الرائعة التي دامت 39 سنة من أجل أميركا.
وللقائد، الجنرال راب، ولطاقم الأكاديمية وهيئة التدريس، ومعظمهم من المحاربين السابقين، شكرا لكم على خدمتكم وعلى توجيه أولئك الطلبة العسكريين لكي يصبحوا " قادة ذوي شخصية" التي صاروا إليها اليوم. واسمحوا لي بأن أعرب عن التقدير أيضا لوجود الجنرال شينسكي والوزير ماك هيو وأعضاء الكونغرس الموجودين معنا اليوم، بمن فيهم جنديان سابقان تعرفهما هذه الاكاديمية جيدا وهما، السناتور جاك ريد والنائب باتريك ميرفي.
ولكل العائلات الموجودة هنا- خاصة كل الأمهات والآباء- إن هذا اليوم يعتبر تكريما لكم أنتم أيضا. إن قرار الالتحاق بويست بوينت قد اتخذه أبناؤكم وبناتكم، ولكن كنتم أنتم الذين غرستم فيهم روح الخدمة التي قادتهم إلى هذا المكان المبجّل في زمن الحرب. ولذلك فبالنيابة عن الشعب الأميركي، شكرا لكم على هذه القدوة وهذا النموذج وشكرا لكم على الوطنية التي تتحلون بها.
وإلى كل فرق الخريجين من طلبة الكليات العسكرية بالولايات المتحدة، وفي مقدمتهم دفعة العام 2010- إنه لتشريف خاص بالنسبة لي أن أكون القائد الأعلى لقواتكم المسلحة. وكما أوضح مدير أكاديميتكم، فإن سلطتي كرئيس محدودة بحكمة بالغة بمقتضى نظامنا الدستوري. ولكن هناك بعض المجالات التي تكون فيها سلطاتي مطلقة. ولذا فباعتباري القائد الأعلى للقوات المسلحة آمر بالعفو عن كل الطلبة المحتجزين بسبب ارتكاب مخالفات سلوكية بسيطة. وسوف أترك تعريف وصف "بسيطة" لمن يعرفون أكثر مني.
ولدفعة العام 2010 أقول، إن اليوم يومكم- إنه يوم تحتفلون فيه بكل ما أنجزتم، في أفضل تقاليد الدراسة العسكرية، ولأن تتطلعوا قدما إلى الخدمة المهمة الماثلة أمامكم.
لقد دفعتم بأنفسكم عبر معاناة التدريبات القاسية المعروفة عن ويست بوينت، التي تستمر لمدة أسابيع في المطر والطين، وقيل لي إنكم تعرضتم للفحص والتدريبات ربما أكثر من أي دفعة قبلكم. وإنني متأكد من أنكم، خلال هذا المشوار، واجهتم لحظات قليلة كنتم تسألون فيها أنفسكم: "ما الذي أفعله هنا؟" إنني أمرّ بتلك اللحظات في بعض الأحيان.
لقد تدربتم على التعقيدات والمشاكل التي تتصف بها المهام العسكرية في العصر الراهن، وأنتم تعرفون أن النجاح لن يُقاس بمجرد الأداء في ميدان القتال، وإنما أيضا بفهمكم للثقافات والعادات والتقاليد واللغات في الأماكن التي تخدمون فيها.
ولقد حققتم التواصل عبر الحدود، بحصولكم على خبرة دولية أكثر من أي دفعة في تاريخ الأكاديمية. ولم يتيسر لكم فحسب فرصة الدراسة في أكاديميات أجنبية لتشكيل علاقات صداقة جديدة، وإنما رحبتم أيضا بين صفوفكم بطلبة كليات عسكرية مما يزيد على عشر دول.
لقد تحديتم أنفسكم في مجالات العلوم والدراسات الإنسانية، وفي التاريخ والتكنولوجيا. وبلغتم مستوى من الامتياز الأكاديمي، بدون شك، حقق رقما قياسيا في الحصول على منح دراسية لمرحلة الدراسة الجامعية لأي دفعة في تاريخ ويست بوينت.
وهذا يشمل الطالبة الحاصلة على المرتبة الأولى في دفعتكم والطالبة الحاصلة على درجة التفوق - ليز بتربيد، وأليكس روزنبرغ. وبالمناسبة هذه هي المرة الأولى في تاريخ الأكاديمية التي يكون الحاصلون فيها على أعلى جائزتيْن من الإناث.
وهذا يبرز حقيقة رأيتها بين وجوه قواتنا من بغداد إلى باغرام- ففي القرن الـ21 تؤدي المنتظمات من النساء بين صفوف قواتنا دورا لا يمكن الاستغناء عنه في دفاعنا القومي. ومرة أخرى يثبتن كونهن نماذج وقدوة لبناتنا وأبنائنا. – كطالبات وكجنديات وكقائدات في القوات المسلحة للولايات المتحدة.
إن الوجوه الموجودة في هذا المدرج تظهر حقيقة بسيطة وهي: أن جيش أميركا يمثل النطاق العريض الكامل للتجربة الأميركية. لقد أتيتم من كل ركن من أركان بلدنا- من المناطق الميسورة ومن المناطق الفقيرة، من المدن ومن البلدات الصغيرة. وأنتم تؤمنون بكل الديانات والعقائد العظيمة التي تثري حياة شعبنا. وتضمّون بينكم التنوع الكبير للأعراق والأجناس، الضروري لتعزيز قوة أمتنا.
ومع ذلك، فهناك شيء واحد يميزكم عن غيركم. لقد تجمعتم معا هنا في هذه التلال الهادئة للاستعداد للاختبار الأكثر صعوبة في عصرنا الراهن. فقد انخرطتم للخدمة رغم معرفتكم بأنه سوف يتم إرسالكم إلى جبهات محفوفة بالأخطار، وفعلتم ذلك بعد فترة طويلة من قرع الطبول الأولى للحرب. إننا نعتبركم تجسيدا لالتزامات بلادنا وللفضائل الأبدية الخالدة التي خدمت أمتنا خدمة جليلة.
إننا نرى إحساسكم بالواجب - بمن فيكم أولئك الذين نالوا الرقع العسكرية المعلقة على الكتف الأيمن- الرقع العسكرية القتالية على الكتف الأيمن، مثل الجندي الذي أصيب بجروح جراء تعرضه لهجوم بقنبلة يدوية ألقيت عليه في العراق، ورغم ذلك قام بمساعدة رفاقه الآخرين من الجنود على الجلاء- نقيبكم الأول لهيئة الطلبة العسكريين، تايلر غوردي.
إننا نرى إحساسكم بمعنى الشرف – وذلك من خلال احترامكم للتقاليد، رغم معرفتكم بأنكم انخرطتم في الخط الرمادي الطويل [صفوف خريجي كلية ويست بوينت] الذي تمتد جذوره عبر قرون؛ وفي الاحترام والوقار اللذين تظهرونهما نحو بعضكم البعض، كما تفعلون حين يقف الفيلق وقفة صمت في كل مرة يضحي فيها أحد الطلبة العسكريين السابقين بحياته فداء لأمتنا. وفي الواقع، إننا اليوم نكرم 78 من خريجي هذه الأكاديمية الذين ضحوا بأرواحهم في العراق وأفغانستان في سبيل حريتنا وأمننا.
إننا نرى حبكم لبلاكم – إذ إن ولاءكم وإخلاصكم لأميركا يتجلى في الشعار الذي اختارته دفعتكم، شعار يرشد حياتكم في سلك الخدمة العسكرية وهو: "الولاء والإخلاص حتى النهاية."
الواجب. الشرف. وحب الوطن. كل ما تعلمتموه هنا، وكل ما حققتموه هنا، قد أعدكم لهذا اليوم – الذي ترفعون فيه أيديكم لأداء القسم؛ وعندما يقوم أحد أحبتكم أو المشرفين عليكم بوضع الشارات الذهبية على أكتافكم؛ حين تغدون بعد انتظار طويل ضباطا في الجيش الأميركي.
هذه هي المرة التاسعة على التوالي التي تتخرج فيها دفعة من كلية ويست بويت ونحن في حالة حرب. وقد بدأت فترة الحرب هذه في أفغانستان – وهو مكان قد يبدو بعيداً كل البعد عن هذا المنعطف المسالم الواقع على نهر هدسون كأي مكان على وجه الأرض. لقد بدأت الحرب لا لشيء إلا لأن مدننا ومدنيينا تعرضوا للاعتداء على يد متطرفين عنيفين خطّطوا ودبروا لشن هذا الاعتداء من مكان بعيد، وهي لا تزال مستمرة فقط لأن التخطيط (لشن هجمات) لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا.
لسنوات عديدة، كان تركيز اهتمامنا ينصب على العراق. وعاما بعد عام واجهت قواتنا مجموعة من التحديات هناك كانت رهيبة بقدر ما هي معقدة. ولو كان واجهها جيش أصغر لربما تحطمت معنوياته. أما الجيش الأميركي فهو أكثر صلابة. فأبناء قواتنا المسلحة يتكيفون ويثابرون، ويقيمون شراكات مع نظرائهم في قوات التحالف والقوات العراقية، وبفضل كفاءتهم وإبداعهم وشجاعتهم، فإننا نتأهب لإنهاء مهمتنا القتالية في العراق في هذا الصيف.
وحتى حين نستعد للانتقال إلى قيادة عراقية ونعيد قواتنا إلى أرض الوطن، فإن التزامنا تجاه الشعب العراقي سيستمر. وسنواصل تقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن العراقية، التي قد أصبحت بالفعل مسؤولة عن الأمن في معظم أنحاء البلاد. وإن من شأن تواجد مدني أميركي قوي أن يساعد العراقيين على تحقيق التقدم السياسي والاقتصادي. إن هذه المهمة لن تكون مهمة سهلة، ولكن هذا ما يبدو عليه النجاح وهو: عراق لا يوفر ملاذا للإرهابيين؛ عراق ديمقراطي ذو سيادة ومستقر ومعتمد على نفسه.
ومع أننا نستعد لوضع نهاية للحرب في العراق، إلا إننا نمضي قدما في خوضها في أفغانستان. أتيت قبل ستة أشهر، إلى ويست بوينت لأعلن عن إطلاق استراتيجية جديدة خاصة بأفغانستان وباكستان. وها أنا اليوم أقف وقفة تواضع لمعرفتي بأن العديد منكم سوف يخدم في أماكن محفوفة بالمخاطر. وأود أن أؤكد لكم بأنكم ستذهبون إلى هناك بدعم كامل من أمة ممتنة لكم تقدركم وتجلكم.
إننا نواجه معركة صعبة في أفغانستان. إذ إن أي حركة تمرد تواجه تحديا مباشرا سوف تلجأ إلى وسائل وتكتيكات جديدة. وهذا ما قامت به حركة طالبان من مارجا إلى قندهار، وذلك من خلال الاغتيالات والقتل العشوائي والترهيب. وعلاوة على ذلك، فإن أيّ بلد يكون قد مر بعقود من الحروب سوف يمتحن في إيجاد الحلول السياسية لمشاكله، ويوفر الإدارة التي يمكن أن تحافظ على التقدم وتلبي احتياجات شعبه.
ولذا فإن هذه الحرب قد تغيرت خلال السنوات التسع الماضية، ولكنها لا تقل أهمية عما كانت عليه في تلك الأيام التي أعقبت الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. لقد أطحنا بنظام طالبان – والآن يجب علينا كسر زخم تمرد طالبان وتدريب قوات الأمن الأفغانية. لقد دعمنا انتخاب حكومة ذات سيادة – والآن يجب أن نعزز قدراتها. لقد جلبنا الأمل للشعب الأفغاني-والآن يجب أن نتأكد أن بلدهم لا يقع فريسة لأعدائنا المشتركين. أيها الطلبة، هناك أيام صعبة تنتظركم. وسوف نتكيف ونثابر ولا يراودني أدنى شك في أننا من خلال العمل معا مع شركائنا الأفغان والدوليين، سوف ننجح في أفغانستان.
وفي حين نخوض غمار هذه الحروب التي تلقي بظلالها أمامنا علينا أن نرى الأفق الأوسع خلف هذه الحروب لأنه بخلاف الإرهابي الذي يتمثل هدفه في التدمير، فإن مستقبلنا سيتحدد بما نبنيه. وعلينا أن نرى ذلك الافق، وكي نبلغه، علينا أن ننتهج إستراتيجية من التجدد القومي والزعامة العالمية. وعلينا أن نحشد مصادر قوة أميركا ونفوذها، وأن نرسم عالما يكون أكثر سلما وأكثر ازدهارا.
ومرة تلو أخرى هبّ الاميركيون لملاقاة وصوغ لحظات التغيير. واللحظة الحالية واحدة من تلك اللحظات—فهي حقبة من التحول الإقتصادي والتمكين الفردي؛ ومن الأحقاد القديمة وأخطار عالمية جديدة؛ ومن قوى ناشئة وتحديات عالمية جديدة. ونحن سنحتاج لكم جميعا لمجابهة تلك التحديات. وأنتم لبيتم النداء. وأنتم، وكل من يرتدي لباس أميركا العسكري، لا يزالون يشكلون الدعامة لدفاعنا القومي ومرساة الأمن العالمي. وطوال فترة حينما كان الكثير من مؤسساتنا يتصرف بصورة غير مسؤولة كانت المؤسسة العسكرية الأميركية ترسي معيارا للخدمة والتضحية ساوى بعظمته أي معيار أخرى في تاريخ هذه الأمة.
أما بقيتنا—فعلينا أن نقوم بدورنا. ومن أجل عمل ذلك علينا أن نعترف أولا بأن قوتنا ونفوذنا في الخارج يبدآن بخطوات نتخذها داخل الوطن. فعلينا أن نثقف أطفالنا على التنافس في عصر حيث للمعرفة أهمية قصوى وللسوق طابع عالمي. وعلينا أن نطور طاقة نظيفة يمكن أن تشكل محرك صناعات جديدة وتنهي أواصرنا بالنفط الأجنبي وتصون كوكبنا. وعلينا أن نسعى للعلوم والأبحاث التي تكشف النقاب عن عجائب غير منظورة لنا اليوم كما كانت الرقاقة البالغة الصغر وسطح القمر قبل قرن من الزمن.
وبجلاء، يجب أن يشكل الإبداع الأميركي أساس القوة الأميركية—لانه في أية حقبة من التاريخ البشري لم تقو أية دولة ذات حيوية اقتصادية متناقصة على المحافظة على تفوقها العسكري والسياسي. وبالتالي، هذا يعني أن المواطنين المدنيين بيننا-- من والدين وقادة مجتمع ومسؤولين منتخبين ورجال أعمال -- لدينا دور للقيام به. فلا يسعنا أن نحصر ذلك الدور بالمجندين للدفاع عن هذه البلاد—بل علينا أن نتيقن من أن أميركا تبني على أسس قواها.
وفي الوقت الذي نعمل على بناء هذه الموارد الإقتصادية لقوتنا فإن الأمر الثاني الذي يجب أن نفعله هو بناء ودمج هذه القدرات التي يمكن أن تروج لمصالحنا وكذلك المصالح المشتركة لبني البشر حول العالم. إن القوات المسلحة الأميركية تتأقلم مع الأزمنة المتغيرة لكن جهودكم يجب أن يتمّمها الغير. فنحن سنحتاج للمشاركة المتجددة لدبلوماسيينا—من العواصم الكبرى إلى المواقع المحفوفة بأخطار. كما سنحتاج لخبراء تنمية باستطاعتهم دعم القطاع الزراعي الأفغاني ومساعدة الأفريقيين على بناء طاقاتهم كي ينتجوا غذاءهم بأنفسهم. كما سنكون بحاجة لهيئات الإستخبارات الأميركية التي تعمل بصورة متقنة مع نظرائها للكشف عن مؤامرات تمتد من جبال باكستان إلى شوارع مدننا. وسنكون بحاجة لأجهزة تنفيذ قوانين يمكن أن تعزز النظم القضائية في الخارج وتوفر حماية لنا هنا في الوطن. كما سنحتاج لوسائل نجدة وإسعاف أولى يمكنها أن تتصرف على وجه السرعة في حال وقوع زلازل أرضية وعواصف وانتشار أمراض.
إن أعباء القرن الحالي لا يجوز أن تقع على كاهل جنودنا وحدهم. كما لا يمكن أن تقع على كواهل الأميركيين دون سواهم. فخصومنا يودون رؤية أميركا تستنزف قوتها من خلال الأفراط في بسط قوتنا بأوسع مما يجب. وفي الماضي كانت لدينا على الدوام البصيرة لتفادي العمل بمفردنا. فقد كنا جزءا من أقوى تحالف في زمن الحرب في تاريخ البشر وذلك خلال الحرب العالمية الثانية. وقد شكلنا معا مجموعة من البلدان الحرة والمؤسسات كي تدوم وكي تسود خلال حرب باردة.
ونعم نحن نرى بكل جلاء القصور في نظامنا الدولي. لكن أميركا لم تحقق نجاحات بخروجها عن مجرى تيارات التعاون – بل أفلحنا من خلال توجيه تلك التيارات في طريق الحرية والعدالة بحيث تزدهر أمم العالم عن طريق الوفاء بمسؤلياتها ومواجهة التبعات حينما لا تفي بها.
لهذا، علينا أن نصوغ نظاما عالميا يمكن أن يواجه تحديات جيلنا. وسنكون ثابتين في تعزيز تلك التحالفات القديمة التي خدمت مصالحنا خير خدمة بما في ذلك التحالفات التي تعمل جنبا إلى جنب معنا في أفغانستان وحول العالم. ومع اتساع رقعة نفوذنا ليطال مزيدا من البلدان والعواصم سيلزمنا أن نستحدث شراكات ووضع معايير ومؤسسات دولية أشد.
ونوع التعاطي هذا ليس هدفا بحد ذاته. فالنظام الدولي الذي نسعى إليه هو نظام قادر على إيجاد حلول لمشاكل عصرنا—من خلال التصدي للتطرف العنفي وحركات التمرد؛ ووقف انتشار الأسلحة النووية وتأمين المواد النووية؛ ومكافحة آفة التغير المناخي وإدامة النمو العالمي؛ ومساعدة بلدان العالم على إطعام نفسها ورعاية مرضاها؛ ومنع الحروب والمساعدة على اندمال الجراح. وإذا حالفنا النجاح في هذه المهمات من شأن ذلك أن يقلص من فرص اندلاع الحروب حول العالم وسيكون ذلك داعما لجهود مؤسستنا العسكرية لإشاعة الأمن في بلادنا.
ونجاحنا، سيتجلى أكثر من أي شيء آخر، من خلال ماهيتنا نحن كأمة. وهذا يكتسب أهمية أكبر من أي وقت سابق في ضوء طبيعة التحديات التي نواجهها. وحملتنا لتعطيل وتفكيك القاعدة وإلحاق الهزيمة بها هي جزء من مجهود دولي عادل ولا غنى عنه.
لكن هذه الحرب تختلف عن حروب أخرى. فلن تكون هناك لحظة يتم فيها الإستسلام إيذانا بنهاية المسيرة—ولن تكون هناك هدنة وعناوين بارزة. ورغم أن النجاح الذي صادفنا في تصفية قادة القاعدة في الاشهر الأخيرة يفوق ما حققناه في السنوات الأخيرة فإن ذلك التنظيم سيواصل تجنيده، وتآمره واستغلاله لمجتمعنا المنفتح. ونحن نرى ذلك يتجلى في تفجير قنابل في كابول وكراتشي. ونلمسه في محاولات لتفجير طائرة في سماء ديترويت او سيارة رباعية الدفع مفخخة في ساحة "تايمز" بنيويورك حتى في الوقت الذي تبين فيه هذه الهجمات الفاشلة أن هذه الضغوط على شبكات مثل القاعدة بدأت ترغمها على الإعتماد على إرهابيين يخصص لتدريباتهم وقت أقصر وفسحة مكانية أقل. كما نلحظ التواتر المحتمل لهذا الصراع في تحريف القاعدة الصارخ للإسلام وعدم اكتراثها لحياة البشر ومحاولتها الاستفادة المقيتة من مشاعر الخوف والأحقاد والتعصب.
إذن هذا التهديد لن يزول قريبا؛ ولكنني أقول لكم بوضوح: القاعدة والتابعون لها رجال صغار النفوس يقفون على الجانب الخطأ من التاريخ. إنهم لا يتزعمون دولة ولا يتزعمون دينا. ولا داعي لأن نستسلم للخوف في كل مرة يحاول فيها إرهابي تخويفنا. ينبغي ألا نتخلى عن حرياتنا لمجرد أن الإرهابيين يحاولون استغلال هذه الحريات. ينبغي ألا نستسلم للانقسام لأن آخرين يريدون لنا أن نتجزأ. نحن الولايات المتحدة الأميركية نحن الولايات المتحدة الأميركية، وقد أصلحنا اتحادنا وهزمنا الفاشية وصمدنا أكثر من الشيوعية. لقد خضنا محن الاضطرابات والاعتلاجات الأهلية وتجرعنا مرارة الحرب الأهلية وخرجنا من كل ذلك أقوى شكيمة—ولسوف نفعل ذلك مرة أخرى
إنني أعلم أن هذه هي الحقيقة لأنني شاهدت قوة وصمود الشعب الأميركي. الإرهابيون يريدون تخويفنا. ولكن أبناء نيويورك يواصلون حياتهم اليومية دون خوف أو وجل. الإرهابيون يريدون حربا بين أميركا والإسلام؛ ولكن المسلمين جزء من حياتنا الوطنية، بمن فيهم أولئك الذين يخدمون في القوات المسلحة الأميركية الخصوم يريدون تقسيمنا ولكننا متحدون بدعمنا لكم— أنتم الجنود الذين تبعثون برسالة واضحة هي أن هذا البلد هو وطن الأحرار ووطن البواسل.
وكما تعلمون، ففي عصر الوصول الفوري إلى المعلومات، تحمل لنا الأخبار الكثير من التشكك وانعدام الثقة؛ وبالتالي يصبح من السهل على المرء أن ينسى السياق الأعم في خضم فيض الصور ودوامة الجدل السياسي. وقد يبدو أن السلطة والنفوذ في مد وجزر، والحروب والمخططات العظيمة يمكن أن تُعتبر على أنها حظيت بالنصر أو منيت بالهزيمة بين ليلة وضحاها أو حتى بين ساعة وأخرى. وفيما يمر المرء بتجربة الصور الفورية لطفل يتضور ألما أو لعربدة طاغية متكبر، يصبح من السهل عليه أن يقتنع أحيانا بأن التقدم الإنساني يتعثر—وأن الأحداث خرجت عن سيطرتنا وأن التغيير ليس ممكنا.
ولكن أمتنا تأسست على مفهوم مختلف. إننا نؤمن "بأن جميع بني البشر قد خلقوا سواسية وأن الخالق وهبهم حقوقا معينة لا يجوز التصرف بها؛ ومن بين هذه الحقوق الحياة والحرية ونشدان السعادة". هذه الحقيقة تشدنا جميعا وتربط بيننا—بلد يقطنه شعب توافد من كل أركان المعمورة وتحمل الصعاب والمشاق وحقق منجزات عظيمة كأمة واحدة. هذا الإيمان يصح اليوم مثلما كان صحيحا قبل مئتي عام. إنه إيمان يعتنقه شعب من كل عرق ودين في كل ركن من أركان الأرض. وهل يعقل أن يشكك أحد ويظن أن هذا الإيمان سيكون أضعف -وأقل قوة- بعد سنتين، بعد عقدين، أو حتى بعد قرنين من الآن؟ ولذا فإن جزءا جوهريا من استراتيجية أمننا يجب أن يكون دعم أميركا لهذه الحقوق العالمية التي شكلت صلب نشأتنا. وسوف ندفع عجلة هذه القيم قبل كل شيء بأن نعيشها—عن طريق إخلاصنا لحكم القانون وللدستور مهما كان ذلك صعبا وحتى حينما نتعرض للهجوم، وحتى حينما نكون في خضم الحروب.
وسوف نلزم أنفسنا بأن نسعى دائما إلى اتحاد أكثر كمالا. وسوية مع أصدقائنا وحلفائنا ستسعى أميركا دائما إلى قيام عالم ينشر هذه الحقوق بحيث أنه عندما يتم إسكات امرأة ما سنعمل نحن على أن نكون صوتها. وحيثما تقمع الأفكار سنتيح حيزا للنقاش المفتوح. وحيثما تبزغ المؤسسات الديموقراطية سنضفي عليها نسمة الأمل والتشجيع. وعندما تعصف النكبات والكوارث سنمد يد العون لإخواننا. وعندما يحرم بنو البشر من كرامتهم تهب الولايات المتحدة إلى مكافحة الفقر وتكون نبعا للفرص. هكذا نحن، وهذا ما نفعله.
ونحن نفعل ذلك من دون أوهام. ونحن نفهم أن التغيير لا يأتي بسرعة. ونحن نفهم أنه لا أميركا ولا أي دولة أخرى يمكنها أن تفرض كل النتائج كما تريد خارج حدودها. ونحن نعلم أن عالما من الرجال والنساء المعرضين للفناء أخيرا لن يكون يوما خاليا من الظلم أو الشر. ما يمكننا القيام به، ما يجب علينا فعله، هو العمل والكفاح من أجل إقامة العالم الذي ننشد -- كل واحد منا، أولئك الذين يخدمون في صفوف القوات المسلحة وأولئك الذين لا يخدمون فيها، سيان.
وفي خضم استعدادي لهذا اليوم، لجأت الى – لجأت إلى كلام أوليفر ويندل هولمز. فهو في تأمله خبرته في الحرب الأهلية قال، وأنا أنقل عنه ذلك: "من أجل أن تخوض الحرب يجب عليك أن تعتقد بشيء، وأن تريد شيئا بكل قوتك. وعليك أن تفعل الشيء ذاته لكي توصل أي شيء إلى نهاية جديرة بأن تصل إليها." وأضاف هولمز: "وأكثر من ذلك، يجب أن تكون على استعداد لأن تنذر نفسك لمسار عمل، وربما يكون مسارا طويلا وشاقا، دون أن تتمكن من التكهن بالضبط بما ستكون عليه نهايته."
أميركا لا تحارب من أجل القتال وحسب. نحن نمقت الحرب. وإذ أتحدث كشخص لم يختبر شخصيا ميدان المعركة -- وأنا أقول هذا بكل تواضع، مع العلم، كما قال الجنرال مكارثر "أن الجندي أكثر من أي أحد آخر يصلي من أجل السلام" – إننا نقاتل لأننا لا بد لنا من ذلك. نحن نقاتل للحفاظ على أمان أسرنا ومجتمعاتنا. نحن نقاتل من أجل أمن حلفائنا وشركائنا، ذلك لأن أميركا تعتقد أننا سنكون أكثر أمانا عندما يكون أصدقاؤنا أكثر أمانا، وأننا سوف نكون أقوى عندما يكون العالم أكثر عدلا.
وهكذا ايها الخريجون، هناك طريق طويل وشاق في انتظاركم. أنتم تذهبون إلى خارج أميركا لأداء خدمتكم العسكرية لأن خدمتكم أمر أساسي لأمننا في الوطن. تذهبون للخدمة في الخارج كممثلين للقيم التي تأسست عليها هذه البلاد. وعندما تواجهون الانتكاسات التي ستواجهون لا محالة -- عندما يشتد القتال وعندما تصادفون شيخ قرية وقد تملكه الخوف، وعندما تبدو النتيجة التي تسعون إليها غير مؤكدة – عودوا بأفكاركم إلى أيام ويست بوينت.
هنا، في هذا الجزء الهادىء الآمن من العالم، قمتم بالتمارين ودرستم وبلغتم سن الرشد على خطى رجال ونساء عظماء—رجال أميركيين واجهوا أوقاتا عصيبة، رجال لم يتمكنوا حتى في النصر توقع رؤية أميركا التي ساعدوا في بنائها، والعالم الذي ساعدوا في تشكيله.
لقد تمكن جورج واشنطن من تحرير زمرة من الوطنيين من حكم إمبراطورية، لكنه لم يكن قادرا على توقع أن تضم بلاده يوما 50 ولاية تربط بين محيطين.
وتمكن غرانت من انقاذ الاتحاد ورؤية العبيد وقد تحرروا، ولكنه ما كان توقع مدى ما ستقدمه بلاده من حقوق وفرص كاملة لمواطنيها من كل لون.
وكان آيزنهاور قادرا على رؤية ألمانيا وقد استسلمت ورؤية عدو سابق يتحول إلى حليف، ولكنه لم يتوقع أن يرى جدار برلين وقد انهار من دون إطلاق رصاصة واحدة.
اليوم، جيلكم هو الذي يتحمل العبء الثقيل -- الجنود، خريجو هذه الأكاديمية مثل جون ماير وغريغ أمبروسيا اللذين تحديا نيران العدو، ووفرا الحماية لوحداتهما، ونفذا مهامهما العسكرية، وحازا على تقدير هذا الجيش وتقدير بلادنا الممتنة.
منذ ولادة وجودنا وأميركا تؤمن بالمستقبل – إيمان بأن ما سنصل إليه هو أفضل من حيث كنا، حتى عندما يكون الطريق أمامنا غير مؤكد. ولتحقيق هذا الوعد، فإن أجيالا من الأميركيين بنت على الأساس الذي وضعه أجدادنا -- إيجاد الفرص، ومحاربة الظلم، وإقامة اتحاد أكثر كمالا. ولم يكن بالإمكان تحقيق إنجازاتنا هذه من دون خريجي أكاديمية ويست بوينت الذين ضحوا من أجل الواجب، من أجل الشرف، ومن أجل الوطن.
وبعد سنوات من الآن عندما تعودون إلى هنا، وعندما يكون تأثيركم على العالم قد زاد، لا يساورني شك في أنكم حينها ستكونون قد أضفتم أسماءكم إلى كتاب التاريخ. ولا يساورني شك في أنكم ستكونون قد انتصرتم في صراعات عصرنا هذا. ليس لدي أي شك في أن تركتكم ستكون أميركا التي ستكون أقوى، وعالما أكثر عدلا، لأننا أميركيون، ولأن مصيرنا لم يُكتب أبدا لنا، بل هو مصير نكتبه نحن، ونحن مستعدون لتولي القيادة مرة أخرى.
شكرا لكم. بارك الله فيكم. وليبارك الله الولايات المتحدة الأميركية.
مدرج ميتشي
أكاديمية ويست بوينت، نيويورك
الساعة 10:31 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة