Skip to main content
لا تراجع لظاهرة عمالة الأطفال في العراق Facebook Twitter YouTube Telegram

لا تراجع لظاهرة عمالة الأطفال في العراق

المصدر: العربي الجديد

ترتدي مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين العشرة أعوام والخمسة عشر عاماً ملابس متسخة، ويحملون عدة تصليح السيارات في منطقة الشيخ عمر الصناعية في بغداد، وهم يؤدون عملهم اليومي كما لو كانوا رجالاً. يمكن لدى النظر إليهم إدراك أنهم يعيشون وضعاً استثنائياً. 
المشهد يتكرّر في أماكن مختلفة في العراق، إذ يمارس الأطفال أعمالاً شاقة بعضها لا تحتاج إلى جهد بدني، لكنها تقضي على سنوات طفولتهم، بدلاً من الذهاب إلى المدرسة واللعب وممارسة الهوايات. ويقول عدد من هؤلاء الأطفال إنهم يملكون خبرات لا تقل عن خبرات رجال يفوقونهم عمراً وقوة بدنية، وقد اكتسبوها من خلال سوق العمل ومخالطة الكبار، فبعضهم دخل إلى السوق بعمر سبعة أعوام، وآخرون بعمر أقل.
من بين هؤلاء طفل يلقب نفسه بأبو شاهين، نسبة إلى شخصية خيالية عراقية اشتهرت على مواقع التواصل الاجتماعي. اسمه أحمد سلام، ويقول إنه ولد عام 2018، ولا ينوي الدخول إلى المدرسة لأنه اعتاد أن يكون برفقة العاملين في الحي الصناعي الذي تسكن عائلته بالقرب منه، وهو لا يمارس مهنة محددة، بل يمكنه توصيل طلبات الطعام من المطاعم إلى الورش، ونقل الحاجيات والمشتريات لأصحاب المحال، ويؤكد أن ما يتقاضاه يومياً من نقود هو المصدر الرئيسي لمعيشة أسرته المكونة من أب مريض غير قادر على العمل ووالدته وشقيقتين تكبرانه بأعوام قليلة.
وتشهد عمالة الأطفال انتشاراً واسعاً في العراق، وسببها الأول الفقر. ويفيد المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان بأن العراق يحتل المرتبة الرابعة عربياً في عمالة الأطفال بعد اليمن والسودان ومصر، ويتركز عملهم في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات.
للعام الرابع على التوالي، يزاول مهند صالح (11 سنة) مهنة تلميع الأحذية، متخذاً عدة مواقع في بغداد مقراً لعمله، وهو يرافق ابن خالته الذي يكبره بستة أعوام. يختار مهند صباحاً الجلوس أمام مقهى يقع إلى جوار أحد المصارف، وبالقرب من العديد من الشركات التجارية. يطلب كثيرون منه تلميع أحذيتهم، ثم ينتقل عند الظهر إلى موقع آخر، وفي المساء يختار موقعاً في مناطق السهر.

يقول الطفل العراقي إنه لم يعد يأبه لحياة الطفولة، وإنه ترك الدراسة قبل عامين، وانخرط في سوق العمل جراء الديون التي تراكمت على كاهل والدته المنفصلة عن والده، وإنه من خلال عمله سدد ما عليها من ديون. يضيف: "أسعى لجمع المال حتى أبدأ العمل بتجارة السلع الكهربائية، وهو مشروع المستقبل الذي أحلم به. أكسب جيداً من عملي، وأصبحت أعلم كيف أختار زبائني، وكيف أقنعهم أن يدفعوا أكثر. ما أكسبه يومياً يتراوح بين 100 إلى 150 ألف دينار (75 إلى 115 دولارا)، لكني أعمل ما يزيد عن 12 ساعة يومياً".
ومن بين الأطفال المنخرطين في سوق العمل من يحرص على الاستمرار في دراسته، مثل جعفر هاشم (14 سنة) الذي يحلم أن يكون محامياً. ويؤكد لـ "العربي الجديد" أنه يدرس جيداً إلى جانب العمل، ولم يتبق أمامه سوى أربعة أعوام ليدخل كلية الحقوق.
يعمل جعفر في بيع الملابس بالتجزئة داخل سوق شعبي في بغداد، ويمتلك بسطة صغيرة يعرض عليها بضاعته من ملابس الأطفال، ويقول: "أنا وأخي ليث الذي يكبرني بعامين نعمل وندرس، وقد اضطررنا إلى العمل لسوء حالة أسرتنا المادية. نساعد والدنا في الإنفاق على تعليم بقية إخوتنا، فنحن عائلة كبيرة مكونة من ثلاثة أبناء وأربع بنات".

ويؤكد متخصصون أن الأطفال في حال لم يعيشوا طفولتهم سيعانون من آثار نفسية واجتماعية. وتقول الباحثة الاجتماعية ميس النداوي لـ "العربي الجديد" إن "هناك العديد من العوامل التي تجبر الأهالي على دفع أولادهم إلى العمل بدلاً من الدراسة، من بينها الفقر، والحاجة الماسة نتيجة مرض المعيل أو التعرض لخسارة مالية، وأيضاً النزاعات المستمرة والأوضاع الأمنية السيئة التي قد تؤدي إلى انقطاع الدراسة وتشتت الأسر، ما يجبر الأطفال على البحث عن وسيلة للرزق. العائلات التي تعاني من الفقر قد لا تجد بديلاً سوى عمل أطفالها، وفي بعض الأحيان، يكون دخل الطفل المادي مهماً لاستمرار الأسرة".
وتلفت النداوي إلى أن مشاكل عديدة يعيشها المجتمع من جراء عمالة الأطفال، ومنها "تأثير العمل على صحة الأطفال ونموهم الجسدي والنفسي، فالأطفال يعملون في بيئات صعبة، ويختلطون بمختلف الشرائح الاجتماعية، ما يشكل خطراً على مستقبلهم، والعديد من التقارير الحكومية وغير الحكومية التي أصدرتها جهات متخصصة تفيد بأن عدداً كبيراً من الأطفال يزاولون أعمالاً غير قانونية مثل الاتجار في المخدرات والعمل في الدعارة".

Opinions
الأخبار اقرأ المزيد
السيد لويس مرقوس نائب رئيس منظمة حمورابي • بدأنا نشهد نزوحا ثانيا للنازحين باتجاه مراكز المدن • خيبة الأمل و الفقر و البحث عن الخدمات محركات أساسية لهذا النزوح الجديد "تشريع مرتقب".. المندلاوي: الأقليات مصدر قوة للعراق وسنقر قانون التنوع أكد النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاوي، يوم الاثنين، أن الأقليات مصدر قوة للعراق وجزء أساسي من نسيج المجتمع، فيما كشف عن توجيه بإنضاج قانون التنوع وحماية الأقليات مطلع الفصل التشريعي المقبل. بشان جريمة نسف و تدمير كنيسة الطاهرة للسريان الارثودوكس في الموصل بشان جريمة نسف و تدمير كنيسة الطاهرة للسريان الارثودوكس في الموصل • السيدة باسكال وردا تجري عددا من الاتصالات مع شخصيات حقوقية و مؤسسات معنية بالتراث الديني • السيدة وردا ينبغي أن تتواصل المواقف لكي لا ينسى هذا الحادث الاليم الذي طال مقاما مسيحيا عراقيا عريقا منظمة حمورابي لحقوق الإنسان تشارك في احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للفرانكفونية منظمة حمورابي لحقوق الإنسان تشارك في احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للفرانكفونية شاركت منظمة حمورابي لحقوق الإنسان مع مؤسسة فجر الحدباء للثقافة والتعليم والمعهد الثقافي الفرنسي في الموصل في احتفالية بتنظيم من قسم اللغة الفرنسية في جامعة الموصل ووحدة الركن الفرانكفونية بمناسبة اليوم العالمي للفرانكفوونية
Side Adv1 Side Adv2