Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لقاء مع الأستاذ جميل روفائيل

إعداد وتقديم
ريمون كانون – ألمانيا

من المهمّ أن يعرف الشعب الآشوري ما لا يعرفه عن طريقة تفكير الكتـّاب الآشوريين وتعاطيهم الشخصي مع الشأن القومي، ومن هنا رأينا بأنه يجب إجراء لقاءات مع أصحاب الأسماء اللامعة في مجال الكتابة أو الصحافة، ومنهم الأستاذ جميل روفائيل الذي كان لنا معه هذا اللقاء الذي تطرقنا فيه إلى مراحل حياته الصحفية، ثمّ الشؤون القومية والسياسيّة الآشورية بشكل عام.


الأخ والأسـتاذ الفـاضـل جميـل روفـائيـل، مـرحبـا بـك بيـن أبنـاء شـعـبـك.

ـ شـكرا لكـم وأهـلا ومـرحبـا، واعـتـزازي الذي لاحـدود لـه بـأبنـاء شـعبي الذيـن أنـا مـنـهم ومعـهـم فـي كـل سـراء وضـراء ..

مـن هـو جميـل روفـائيـل وأيـن ومتـى ولــد ؟

مـواليـد (لا يوجـد تـاريخ مـؤكـد كحـال كـل القـرى العـراقيـة قبـل أكثر من نصـف قـرن) ولكـن التـقريـبي 15 كانـون الأول عـام 1936 (أمـا فـي سـجلات النـفوس فهـو فـقـط 1939) في قـريـة تـلازقيـبا _ تللسـقف فـي سـهل نيـنوى 25 كيـلومتـرا شـمال آثـار مديـنة نيـنوى، والقـريـة مـدونـة في سـجلات المـواقـع الأثـريـة علـى أنـها كانـت مـوجودة مـنذ العـهود الآشـورية، ويـوجد بـمحـاذاة القـرية مـن الجهـة الجنـوبيـة تـل مـرتـفع ( ومـنه جـاء اسـمها : تـلا زقيــبـا الذي يعـني الـتل المرتـفع أو التـل المنـتـصب) والتـل حـاليـا هـو ضـمن المواقـع الأثـرية الـمحـميـة مـن قبـل مـؤسـسة الآثـار العـراقية ولا يجـوز لأي جهـة غيـرها التـلاعـب بـه، ولـم تجـر حتى الآن تنـقيبات منظمـة في التـل، ولكـن أهالـي القريـة عثـروا بالصدفة عـلى أنـواع اللقـى الآثـارية فيـه العـائدة للعــهود الآشـورية، والتـل ليس طبيـعيـا وإنـما هو صـنـاعـي، مـايعـني أنـه تـمت إقـامتـه مـن قبـل الآشـوريين - بحسـب الخبـراء - ليكـون ضمـن الخطـوط العـسكرية الدفـاعيـة ومـراكز الإتصـالات فـي شـمال العـاصمـة نيـنوى، وهـو مـا يـؤكـد الإنتـماء الآشـوري لسـكانـها، خصـوصـا أنـها بـقيـت عـامـرة ومسـكونـة دائـما مـن أهـلـها أنفسـهم عـلى رغـم النـكبـات والمصـائب التـي واجـهتـهم مـن قبـل الحـاقـدين والمعـتدين فـي عهـود الظـلام المختـلفـة، والتـي كـان آخـرها فـي العـهد العـنصري البعـثي الصـدامي الـذي أراد أن يسـتـوطـن فـيـها مجـموعـة مـن شـذاذ الآفـاق الـذين لا عـلاقـة لهـم بالإنتـماء القـومي أو الديـني لأهـل القـريـة الأصـليـين، حيـث صـادر النظام قسـما مـن أراضـي سـكان القـرية وجعـلها 78 قطعـة سـكنـيـة ووزعـها عـلى شـراذم مـن عـملائـه وعصـاباتـه مـن وسـط العـراق وجنـوبه، ولكـن،وهـم يتـهيـئـون لبـنائـها بـالأمـوال التـي أغـدقـها عليـهم صـدام، تـمت الإطاحـة بصـدام وهـرب هـؤلاء الغــربـاء إلى غيـر رجعـة، وعـادت الأراضـي المصادرة إلـى أهـلها الذيـن لا يوجـد اليـوم أي غـريب عـن ديـنهم وانتـمائـهم القـومي بيـنهم، وكـان عـدد سـكان القـريـة عشـية الإطاحـة بصـدام نحـو سـتة آلاف نسـمة، فـي حين أصـبح الآن عـددهم أكثـر مـن اثـني عشـر ألـف نسـمة نتيـجة عـودة الكثيـر مـن أهلـها الـذين كـانـوا غـادروها إليـها، والقـريـة اليـوم تمثـل مـركزا تجـاريـا واقتـصاديا ومهـنيـا رئيسـيـا للمنطقـة المحيـطة بـها، فـفيـها ـ مثـلا ـ نحـو 300 محـل تجـاري وسـبعـة أطبـاء وطبـيبات بمختـلف الإختـصاصـات والفحص الطبـي وصـيدليـتان ومـراكـز عـديدة للأنتـرنيت إضـافة إلى أنـواع المدارس مـن الروضـة وحتـى الأعـدادية العلـمية والأدبيـة والصـناعيـة (ثـانـوية آشـور الصـناعية) وأن مـوقـع تلازقيـبا - تللسـقف الإعـلامي يُـدار مباشـرة مـن داخـل تللسـقف وبالتـعـاون مـع إداريـيـن مـن قـرى المنطقـة الأخـرى، ولا عـلاقـة للخـارج بموقع تللسقـف (ومهـمتـي أنـا بـالمـوقع هـي الإشـراف الإعـلامي فـقـط) وفي القـرية كنيسـتان قديمتـان عـامرتان، إضـافة إلى بقـايا أثريـة لديريـن إثنيـن بجـوار القـرية أحدهما في شـرقها والآخـر في غـربها.

وحـاليـا اتـهيـأ لتصفـية عـملـي الصحـافي فـي الخـارج بـأسـرع وقـت مـمكـن لأعـود إلـى تللسـقف وأنصـرف إلـى تـرتيـب مسـودات كتـبي بخصـوص قضـايا شـعبـنا القـوميـة والإجتـماعية، ومـذكراتي عـن الأحـداث اليوغسـلافية التـي عـايشـتها لنحـو 27 عـاما،إضـافـة إلى كتـب أخـرى عـن تللسـقف وقـرى وبلـدات شـعبنا الأخـرى في شـمال العـراق .


أستاذ جميل باختصار، متى وكيف وأين بدأت َ العمل الصحفي ؟

قصـتي مـع العـمل الصحـافي، هـي حكـاية العـمر، ولا أغـالـي إذا قلــت بـأنـني عـشـت مـع الصحـافة مـنذ تـمكـنت مـن القـراءة والكتـابـة، كنـت وأنـا فـي الإبتـدائيـة أسـتعـير مـن المقـهى (التـي كـان صـاحبـها مـن أعـمامي) والتـي يجـلس فيـها المعلـمون، الصحـف التي كـانت تـأتي يوميـا مـن الموصـل للمعلـمين نتيـجة اشـتراكهم بـها، فكنت آخـذ الصحـف مسـاء وأقـرأها ليـلا وأعيـدها صـباحا إلـى المقـهى، وأنـا في الخـامس الإبتـدائي عمـلت نشـرة حائـط وكذلـك عـندما كنت في الصـف السـادس كنـت أشـرف على نشـرة حـائط شـهرية للمدرسـة .. وعـندما انـتـقـلت إلى المتـوسـطة في الموصـل كنت أذهب يوميـا بعـد الدوام إلـى المكتبـة العـامة لقـراءة الصحف والمجلات واتجهـت نحـو كتـابة الشـعر والقـصص القصـيرة، وفي الثانـوية فـي بعـقوبة حيث كـان المجـال واسـعا لأنـني كنت في القسـم الداخلـي كنت عضـوا في هيـئة تحـرير مجلـة الثـانوية الشـهرية المطبوعة، كمـا كنت أراسـل صحيـفتي (البـلاد) و (الحـرية) اليوميـتين الصادرتيـن في بغـداد بـأخبـار طلابيـة وغيـرها، وهكـذا اسـتمر حـالي في مواضيع متـنوعـة وصحـف متـفرقة حتـى عـام 1970 حيـث تخليـت عـن مجالات الشـعر والقصـة وآثـرت الإنصـراف للصحافة والسـعي بكـل مـالـديّ مـن إمكانـات للإبـداع والعمـل النـاجح المثـمر فيـها بقـدر مـا هـو متـوفر لـي حيـث أصـبحت محـررا في جـريـدة الثـورة لسـان حزب البعـث العـراقي لأنـه لـم يكـن مشـروطا في حيـنه أن يكـون الصحـافي في الجريـدة بـعـثيا وعملـت في قسـمي المنـوعـات والتـحقيقـات مسـؤولا عـن الأمـور الثـقافيـة والتـأريخية والآثـارية وفـي الوقت نفسـه كنت أكتب في صحـف ومجـلات عـراقية أخـرى كمـا عملـت في برامج متـنوعة في إذاعـة وتلفـزيون بغـداد، وكنت في هيـئة تحـرير مجلة "قالا سوريايا" للجمعيـة الثـقافية للناطقين بالسريانية في بغداد ومجلـة (مـوردنا آتـورايـا - المثـقف الآثـوري) للنـادي الثـقافي الآثـوري بـبغـداد، ومعـدا لبـرنامج المجلـة الثـقافية السـريانية في تلـفزيون كركوك الذي كـان لـه برنامج يـومي باللغـة السـريانية، وأيضـا أصـبحت لفتـرة مسـؤولا عـن صفحـة الثـقافة الآشـورية فـي جـريدة التـآخي وهكـذا حتـى عـام 1980 بعدما تسلم صدام رئاسة الجمهورية، وبدأت الاغراءات والضغوط على غير البعثيين في جريدة الثورة للانتماء لحزب البعث، ورفضت ذلك لتناقض هذا الانتماء مع أفكاري القومية واليسارية وكرهي لدكتاتورية صدام وعبادته، واستطعت الحصول على قبول في الدراسات العليا من كلية العلوم السياسية بجامعة بلغراد حيث انتقلت الى يوغوسلافيا، وإضافة الى الدراسة واصلت عملي مراسلا لجريدة الثورة وصحف ومجلات عراقية اخرى وإذاعة بغداد، وبعد انتهاء دراستي بقيت في يوغوسلافيا مراسلا لوسائل الإعلام العراقية، حيث أخذت ضغوط السفارة العراقية في بلغراد تشتد علي لأكون عميلا لصدام ونظامه حتى 1990، فرفضت، ما جعل ممنوعا علي الذهاب الى العراق منذ منتصف 1990 وملاحقا من مخابرات صدام في الخارج حتى الاطاحة بالنظام الصدامي المقيت، لكن الغريب في نظام الصدامي أن ينشر اسمي رئيسا لوفد يوغوسلافيا الى مؤتمر المغتربين في بغداد في عام 2000 على رغم أنني كنت مطرودا من يوغوسلافيا (صربيا) بطلب من السفارة العراقية فيها منذ منتصف عام 1993 ومنتقلا الى مقدونيا وممنوعا علي دخول يوغوسلافيا (صربيا) وان اسمي كان منشورا ضمن لائحة الصحفيين العراقيين الهاربين الى الخارج والمرتدّين التي اصدرها عدي عام 1996، واللافت أن هذا الدس الصدامي ضدي للإساءة الى سمعتي قد انطلى على العديد من الصحف العربية خارج العراق ومنها مجلة (رسالة العراق) للحزب الشيوعي العراقي التي كانت تصدر في لندن على رغم أن المسؤولــَين الصحافيـَـين للمجلة كانا من أصدقائي وهما فائق بطي وسعود الناصري ما جعلني أكتب نفيا للخبر وتوضيحا للدس الذي ورد فيه من المخابرات الصدامية، علما أنني كنت انتقلت منذ 1990 للعمل في جريدة الحياة الصادرة في لندن موظفا مسؤولا لمكتبها في منطقة البلقان وراديو مونت كارلو الفرنسي مراسلا له في منطقة البلقان، ولازلت أعمل حتى اليوم في المؤسستين، إضافة الى خبير شؤون منطقة البلقان لراديو بي بي سي لندن، كما عملت في الوقت نفسه، وفي فترات متفرقة في عشرات محطات الإذاعة والتلفزيون العربية في الدول العربية والأجنبية .

ما هي مؤهلاتك وتحصيلاتك الجامعية ؟

درسـت الإبتـدائـية في تللسـقف والمتـوسـطة في الموصـل والثـانـوية في بعـقـوبــة وكليـة التـربيـة وعلـم النفس في بغـداد ودراسـات عليـا في الصحافـة والعـلاقـات الدوليـة في بلغـراد (يوغسـلافيا) ..

ماذا تتطلب مهنة الصحافة من الانسان لأن يكون صحفيا ً وناجحا ً ؟

بالنسـبة لـرؤيتـي الخـاصـة وتجـربتي الذاتيـة وقنـاعتي العمليـة، أن يكـون ملمـا في اللغـة التي يكتب بـها أسـلوبا وقـواعـد وإمـلاء وخطـاً، ودقيـقا فـي الكلمـات والعـبارات والأفكـار التي يتـناولـها ويطـرحها لكـي لا يقـع في التـناقضـات وضـعف الحـجج والأدلة خصوصـا أن الصحيـفة يـقرأها الآلاف ويمكـن أن يعثـر العـديد منـهم على أي هـفوة فيـها فيكتـبوا للصحيفة ويضـعوا المحرر في موقف حـرج، وأن يكـون غيـر منـتـم كحـزبي لأي جهـة سـياسية لكي تـتـوافر لـه الحـرية الحيـادية في الأمـور التي يتـناولها، وأن يكـون إجتـماعيـا مـدركـا لنـهج التـعامل مـع الإتجـاهات المتـباينـة للنـاس الذيـن يسـتـوجب عمـلـه الصحـافي التـعامل والإلتـقاء معـهم، وأن يكـون صـبورا عـلى المصاعـب (عـندما يتطـلب عملـه مـلاحقـة الأخبـار والأحـداث في أماكـن متـنوعة) ويتحمـل السـهر (إذ كثيـرا ما يتطلب العمل الصحافي البقـاء طـوال ليـالي في مقـر الصحيفة أو مواقـع الأحـداث) وأن يـؤمـن بالقضـاء والقـدر وضـرورة إداء الواجب إذا تطلب عملـه متابعـة أحـداث الحـروب (كما حصـل بالنسـبة لـي في متابعـة حروب وصـراعـات البوسـنة وكوسـوفو ومقـدونيـا) وأن يكـون أميـنا في نقـل حقيـقة مـايحصـل فيـها مـن دون إنحيـاز لأي طـرف أو تملـق خـوفا أو تـعـاطفـا لأي جهـة على رغـم مـايجلـب لـه ذلـك مـن مشـكلات ومـعانـاة (كمـا حصـل لـي كثيـرا) وأن يتـعـلـم لغـة البـلد الـذي يعمـل فيـه مـراسـلا إذا كـانت لغـتـه مـختـلفـة عـن لـغـتـه، وأن يبـقى يعـتـبر نفسـه هـاويـا للصحافـة مهـما بلـغ مـن مقـدرة وخبـرة ومـراكز صحـافية رئيـسية ويتجنـب الغـرور، لأن الصحـافـة هـوايـة وإبـداع قبـل ان تكـون عمـلا واكتسـابا .

ما هو الدافع الذي جعلك تسلك هذه المهنة الشاقة عمليا وفكريا ؟

قـدري كـان معـها دائمـا وأن أسـتمر فيـها .. إذ أن كثيـرا مـن زمـلائي الذيـن كـانوا معـي في العمل الصحـافي في جريدة الثـورة قبـلوا الإنتـماء إلى حزب البـعث فـأصبحـوا سـفراء وقناصـل وملحقيـن إعلاميـين في السـفارات العراقية ووكلاء وزارات ومدراء في مؤسـسـات الدولـة العـراقية، أمـا أنـا فـقـد رفضـت الإنتـماء للبـعث وإغـراءاته ومنـاصبـه ومكاسـبه المتـنوعـة، وآثـرت البـقاء مـع قـدري في الصحافـة، لكـن المهـم عـندي، على رغـم كـل المعـاناة والخسـائر، أنـني بقـيت جميـل روفائيل ( معـتـزا باسـمي واسـم والدي الذي أنجبـني، أدونـه في كل المجالات، ورافضـا بـأبـاة اي اسـم مسـتعـار فـي أوقـات الشـدائد والمعـوقات) شـامخ الـرأس في منـزلـتي التـي أسـتحقـها وحـالتـي المتـواضعـة التـي ارتضـيتـها، بعيـدا عـن التـأثـر بالحسـابات السـياسـية والمناصبـيـة، وابـن تلازقـيـبا - تللسـقف بكـل انتـماءاتـها، في العـراق والغـربـة وانتـظار العـودة .

الآن تعمل في مجال الصحافة بشكل رسمي، ماهي الصحف أو الاذاعات التي أنت متعاقد للعمل معها ؟

حـاليـا أعـمل فـي جـريـدة الحيـاة التي تصـدر في لنـدن مسـؤولا لمكتـبـها في منطقـة البلقـان (كرواتيا، البوسـنة، الجبل الأسود، صـربيـا وكوسـوفو، مقـدونيا، ألبـانيا، شـمال اليـونان، بلغـاريا) كما أعمل مراسلا لراديو مونت كارلو الفرنسي في قضايا منطقة البلقان، وخبيرا في شؤون منطقة البلقان لراديو بي بي سي لندن، إضافة الى مساهمات متفرقة في العديد من الإذاعات والمحطات التلفزيونية .

لكـن العمـل الصحافي، أضـرني كثيـرا في كتـابة أفكـاري وأبحـاثـي ونشـرها خارجـه، حيـث جعـل وقـتي خـارجـه فـي أضـيق الحـدود، إذ أن جـريـدة الحيـاة التـي أتـولى مهمـة واسـعـة فيـها، تتطلـب منـي العمـل مـن أجلـها مـن الصـباح وحتـى الرابعـة عصـرا على الأقـل، تصـدر يوميـا عـلى مـدار الأيـام والأسـابيع والأشـهر والسـنة، أي لا يـوجـد لـها عـطلـة حتـى ليـوم واحـد خـلال السـنة، والـذين يتـابـعـون الأحـداث في الخـارج لايمكنـهم تـرك العـمل يـومـا لأنـه قـد تـحـصل فيـه أحـداث مهـمـة وينـبـغي أن تــتــنـاولـها الوسـائل الإعـلامية، ولا تـوجد وسـيلة إعـلامية تـقـبـل أن يـفـوتـها حـدث مـهـم، كمـا لا يوجـد صحـافي حـريص على مهمـتـه يـقـبـل أن يكـون مقصـرا في إداء واجبـه وبحيـث يكـون الآخـرون أفضـل منـه فـي تـقـديـم الأحـداث .. وهـذا مـا أدّى إلـى قلـة نشـري المواضـيع التي تخص قضـايـا شـعـبـنا في المواقـع والصحـف وعـدم تـوافـر الـوقـت حتـى الآن لإصـدار كتـبي، على رغـم أن غالبيـة مـواد هـذه الكتـب جاهـزة لـديّ إضـافة إلـى المسـودات المكتـوبة والأفكـار الكثيـرة الموجـودة فـي ذهــنـي، فـكثيـرا مـا أضـطر للتـوقـف عـن الكتـابـة فـي موضـوع يـهم شـعبنـا، للمواقـع ووسـائل إعـلام شـعبنا، وقـد كتـبت نصـفه، بسـبب حـدث صحـافي طـارئ ومهـم، وقـد تـمر مناسـبة الموضـوع فـأفقـد فكـرة لـديّ وتعبـا بذلتـه في إنجـاز نصفـه .

ما هو التخصص الذي تتميز به كصحفي (مراسل، خبير ..) والذي تعتمد عليه في تعاطيك مع وسائل الاعلام المذكورة ؟

متـابـع للأخبـار والأحداث ومحـلل لـها ومـواقـف الأطراف المختـلفة منـها والتـحقـق مـن أسـبابـها والتـوقـعات في شـأنـها .

ألا ترى اليوم أن الصحافة العالمية باتت مُتهّمة في التقصير تجاه الواقع كما يراها متلقيّها، أم نظرتك كإعلامي عالمي تختلف في هذا الاتجاه ؟

بالتـأكيـد، تـوجـد إسـاءات فـاضحـة مـن قسـم مـن الصحافييـن لـقـدسـية عملـهم الإعـلامي في نـقـل الحقيـقة، حـتى صـار الكثيـر مـن النـاس يسـتهزئـون مـن الصحف بقـولـهم لكـل كـلام يبـعـث على عـدم الصـدق (حـكـي جـرايـد) ولـي على ذلـك مئـات الأمثـلة التي عـانيـت منـها وهـي مـدونـة في الكتـاب الـذي أسـعى لـنشـره عـن معـايشـتي لأحداث يوغوسـلافيا السـابقة، وهي أمثلة تخص نظـام صـدام، وتشـويه لحقـائق أحـداث منطقة يوغوسـلافيا مـن قبـل الجـهات ووسـائل الإعـلام الغـربية، إضـافة إلى إنحيـازات الصحافيين العـرب بمـا يرضـي نـهج وسـائل الإعـلام العربية التي يعملـون فيـها في مواقـفها مـن الجهـات البلقانية المتصـارعة وقضـايا وأحداث المنطقة .. ولكـن بصـراحـة أن جـريـدة الحيـاة لـم تكـن مـع المنحـازيـن ووقـفـت بجانبي في المشـاكل التي عـانيت منها بسبب إلتـزامـي الحقيـقة ولـي وثـائـق حـول الموقف الإيجـابي لجريدة الحيـاة ودعـمها الكامـل لنهـجي الصائـب، سـأنشرها في كتـابي خـدمة في نقـل صحـة الأمـور وتثـبيتها تـأريخيا .

ما هو واجب الصحفي تجاه البلد الذي يعيش فيه وما هي حقوقه، وهل تُتاح له مطلق الحرية في نقل الواقع أمام المشاهد أو القارئ أم هناك ضوابط وحدود ؟

أن يعـرف لغـة البلـد الرسـمية، وأن يكـون على عـلاقـة طيـبة مـع كـل أطـرافـه الحكوميـة والحزبيـة والقـومية والدينيـة والشـعبيـة، وأن يكتـب بنـاء عـلى أمـور ومصـادر موثـوقة خصـوصـا القـضـايا الحسـاسـة التي قـد تثـيـر عـدم الإرتيـاح مـن بعض الاطراف، وهو بذلـك يمكنـه ممارسـة الحـرية اللازمـة لـه لإداء عملـه، لأنـه مـادام يملـك الدقـة والوثـائق فـي الأمـور التي كتبها، يمكنه الدفاع عـن نفسـه وقلمـه في حـال الإعتـراض والإحتـجاج والسـؤال، وبالـتأكيد مـررت بـهذا الإمتـحان الصعـب وخـرجت منـه ناجحـا بأمتـياز شـامخ الـرأس، وكنت أود توضيح بعض ذلـك ولكن محـدوديـة مجـال الأسـئلة والأجـوبة تجعـل شـرح نمـاذج منـه مدعـاة للإطـالة أكثـر مـمـا ينبـغـي .

من النادر أن تجد أو تسمع هناك في الوسط الآشوري، بأنه يوجد صحفي متخرّج، ألا ترى معي أنه من واجب الصحفي أن يؤثـّر على الجهات التي تتحكم بمصير الشعب الآشوري وذلك بتبيان ووضع الحقائق، بدلا من تمرير الأكاذيب التي يستخدمها الانتهازيون بحق الأمة الآشورية، والسعي لتوعية أبناء الأمة الواحدة ؟

الحقيـقة، يـوجـد كثيـر مـن الصحافيين الآشـوريين المتخـرجين، وغـالبيـة الصحـف والمجـلات الرئيسـية في العراق في العهدين الملكي والقاسـمي كان أصحابـها مـن الصحـافيين الآشـوريين (لغـة العـرب - الأب أنسـتاس مـاري الكرمـلي، البـلاد - روفائيـل بطي، الزمـان - توفيـق السـمعاني، الأخبـار - جبـران ملكـون، صـوت العروبـة - اسـكندر معـروف، كناس الشـوارع ـ ميخائيل سيسـي ، الحقيقـة ـ جرجيس فتح اللـه في الموصل ... ألـخ) وحـاليا يوجد، وأنا أعرفهم، العشـرات من الصحافيين الآشـوريين، لكـن المشـكلة أن الكثيرين منهم اضطروا للنزوح خارج العراق وعـدم الإهتمام بالقضايا الآشـورية وإنمـا الإتجاه إلى مجالات صحافية أخرى أو أعمال مفيـدة مـاليـا، لأن العمل الصحافي لأبناء شـعبنا يـكفـي فقـط لتـوفير العيش، حتـى أن صـديقا صحافيـا غـادر إلى ديتـرويت اتصـل بـي هاتفيـا وقـال :

" أنصحـك أتـرك العمـل الصحافـي واسـتأجر دكـانا بقـدر إمكاناتـك وضـع فيـها عـددا مـن صـناديق الطماطـة والفاكهـة وثلاجـة مرطبـات وبعـد فتـرة سـيكون لـك بيـت وعمـارة مثـلي .."

أمـا الذين لايزالون في الداخـل فإنـهم يكتـبون ولكن بصـورة محدودة بسـبب ظروف العـراق الصعبـة، والمطلـع على الصحف الموجودة داخل العـراق بصورة منتظمـة يرتاح لمـا يكتبـه فيـها الصحافيـون الآشـوريون، وإن كان قسـم مـن هـذه الكتابات لايـزال متـأثرا بالإنقسـامات السـياسية والمذهبيـة، ولكـن طبعـا هـذه اسـتثـناءات بحسـب قاعـدة ( لا يوجـد لحـم مـن دون عـظـــم) .


قبل سنين كنتُ أقرأ اسم جميل روفائيل في بعض الصحف العربية والدولية، لكني لم أتوقع أن التقي به وفي السنين الثلاثة الأخيرة جرى الاتصال بيننا عبر الانترنيت، ليكون لي صديقا ومعلما وما يشرفني هو أن جميل روفائيل لا يؤمن بغير انتمائه القومي الآشوري هل هذا صحيحا ً؟

بـالـتـأكيـد هـو صـحيح، وهـذا الإنتـماء تـؤكـده الأحـوال الجغـرافيـة والوثـائق التـأريخيـة والمـوروثـات الإجتـماعيـة، كتـبـت عـنه بـكل جـلاء وهـو منشـور فـي الصـحف والمجـلات والمـواقـع، أنـا بـإنتـمائـي الكـامل : آشـوري الأمـة ومسـيحي الديـن وكلـدانـي كاثـوليكي المـذهـب، هـذه جـذوري ولا أرضـى بـأي تـلاعـب بـها والواجـب عـليّ الإلتـزام بـها إنطـلاقا مـن إعتـزازي بكـل مـاورثتـه عـن آبـائي وأجـدادي، وأنـا واثـق وراسـخ بـإصـالتـي الآشـورية والمسـيحيـة (مـن دون الإهتـمام بالتـغيـيرات المذهبيـة التـي حصـلت لأجـدادي) .. ولكـن، وعـلى رغـم إنتـمائـي الآشـوري، فـإنـني لا أجـد ضـررا فـي الإسـم الرسـمي المـركب (كلداني آشوري سرياني) في المرحلـة الراهنـة التـي تـتـطلب جمـع الشـمل والإتـفـاق بيـن كـل أطـراف شـعـبنا لإزالـة التـشـتـت بيـن التسـميات المتـداولـة لأسـباب مذهبيـة واجتـماعيـة ومنـاطقيـة، وأؤكـد أن يكـون ذلـك للإسـتـخدامات الرسـمية فـقـط كـالقـوانين والوثـائق الحكوميـة والأمور الاحصائية (وكحالـة مؤقـتة اقـتـضـتها المرحلـة) ريثمـا تــتم إزالـة الخـلافـات وأسـبابـها، وأيضـا مـع وجـوب الإحتـفاظ بالإنتـماء الأصـلي الآشـوري راهنـا خـارج المجـالات الرسـمية التـي ذكرتـها، علمـا أنـني أرفض بالمطلـق أيّ إسـتخدام قـومي لكلمـة (سورايا) التي أخـذ البعـض يـروج لـها أخيـرا، لأن الكلمـة ذات مدلولات دينـية مسـيحية ومـن الخطـورة جـدا إقحامـها في المجـال القـومي، بسـبب البـون الشـا سع بيـن القـومية والديـن وفـداحة مصـائب الخـلط بيـن القضـايا القوميـة والشـؤون الدينيـة .

نحن نعرف أن مصطلح " القومية " لم تعرفه الشعوب قبل القرن الثامن عشر، برأيك ماهو الرادع الذي تخلل المجتمع الآشوري وأبعده عن التفكير بالقومية ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين ؟

بحسـب علمـي، أن القـوميـة بصـورة عـامة كرابطـة إجتماعيـة تشـير إلـى الشـعوب كانـت موجـودة دائمـا، ولكـن الـذي حصـل منـذ القـرن الـثامـن عشـر، بـدايـة فـي أوروبـا، هـو إتـخـاذ القـومية مـبـدأ سـياسـيا وهـو مـا أسـفر عـن النـزعة القـومية التـفضيلية التـي أدّت إلـى أمـرين، الأول تجمـع كـل قـومية في دولـة خاصـة بـها وسـعيـها إلى القـوة والتسـلط والتـوسع، والأمـر الثـاني حصـول الحـروب الكبيـرة ذات التجمـعات الدوليـة والصـراعـات بيـن المرامـي الإسـتـعمارية والأهـداف الإسـتـقلالية للمناطـق القـوميـة وتحـولها إلـى أوطـان قوميـة .. والـذي بـرز أيضـا في المنطقـة العـربية مـع مطلـع الـقرن العشـرين ..

أمـا بالنسـبة للمجتـمع الآشـوري، فـقـد ظهـرت أيضـا الأفكـار القـومية واضحـة مـع ظهـورها في المجتـمع العـربي بسـبب التـأثيـرات المشـتركة النـاتجـة عـن العيش في منطقـة واحـدة، والدليـل ظهـور أسـماء لدعـاة القـومية الآشـورية وهـي معـروفـة لدى شـعبنا حاليـا ومتـداولة في أوسـاطه المختـلفـة، لكـن الدعـوة القـوميـة الآشـورية واجهـت صـعـوبات رئيسـية تمثـلت فـي التشـتت الحـاصل داخـل شـعبنا بسـبب الظـروف الزمنيـة والمعـوقـات المذهبيـة والتـأثيـرات القـوية لـرجـال الديـن في المذاهب المختـلفـة، كمـا وقـع قسـم مـن دعـاتها في أخطـاء سـببت كوارث لشـعبـنا كمـا حصـل بالنسـبة لحركة 1933 التي سببت كوارث لشعبنا التي كانت من أكبر الأخطاء، فعلى الرغم من مبررات الحركة فإنها وقعت في أخطاء فادحة، فإن وقت قيامها بعد فترة قصيرة من وفاة الملك فيصل الأول وتسلم ابنه غازي العرش حيث كانت مشاعر العراقيين في حزن على الملك الراحل وأمل من الملك الشاب، كما أن سيطرة الجماعة المحيطة بالسيدة سرمه عليها وربطها بالاصرار على أن تجمع زعامة مار شمعون على الشؤون الدينية والقومية أدى الى عدم مشاركة غالبية العشائر الآشورية المعارضة لذلك فيها إضافة الى ان أتباع المذهب الكلداني المنتشرين حول سيميل (منطقة اندلاع الحركة) الذين لم يرق لهم الهيمنة المذهبية المختلفة عن مذهبهم على الحركة، وأن اختيار سيميل كان خطأ جغرافيا وعسكريا لنها منطقة سهلية مكشوفة يسهل محاصرتها من قبل القوات العراقية، وأن أسلحة المشتركين بالحركة كانت ضعيفة بالنسبة لأسلحة الجيش، إضافة الى الفارق العددي بين المشاركين المشاركين بالحركة الذي كان بالمئات وبين الجيش الذي كان في إمكانه توفير الآلاف التي يحتاجها من الجنود .. وعليه كانت حصيلة الحركة كارثة إبادة للمشاركين فيها وفرار الناجين الى سوريا وثم الى أميركا ما جعل الحركة القومية لشعبنا تفقد أفضل دعاتها وعناصرها وتصاب بنكسة فقدان المنطقة الجغرافية التي كانت وعدت بها الحكومة لاستقرار الآشوريين في المنطقة المحيطة بدهوك وأضرار جسيمة أخرى لحقت بالمساعي القومية نتيجة إرتجالية الحركة وعدم دراسة كافة الحسابات المحيطة بها، إذ أن القائمين بها اعتمدوا على شجاعتهم فقط، وهذا عنصر واحد كان ينبغي حسبانه بين عشرات العناصر الأخرى، أما اتهام الحكومة بالعنصرية فهو ذريعة لتجنب الاعتراف بالأخطاء، لأن غالبية أعضائها، ومنهم حكمت سليمان وزير الداخلية الذي كان يتولى التفاوض مع الآشوريين، معروف عنهم بأنهم من العناصر الوطنية العراقية العاملة من أجل العراق وحده .

برأيك إلى متى ستبقى الأمة الآشورية تعاني من عدم التعامل بجديّة تجاه القومية ؟

بحسـب مـا أراه وألاحظـه مـن خـلال المعـايشـة داخـل العـراق أن الوعـي القـومـي للأمـة الآشـورية (الكلدان الآشوريون السريان) في تقدم سـريـع وبنـهج عـقـلانـي ينـاسـب أوضـاع العـراق فـي التـعـامل مـع اسـتـقرار أوضـاع الآشـوريين القـوميـة والجغـرافيـة والأجتماعيـة والإقتصـادية والتـعـامل مـع الأخـوة الكـرد للعيش كجيران في شمال العراق، لكـن المشـكلة هـي في طـروحـات المتطرفيـن مـن شـعبـنا في الخـارج الذيـن ليس لهـم غيـر الكـلام وإبـراز العضـلات بالأرض والحدود والاعتماد على جهات دولية توعد ولا تفي وتقديم المذكرات ذات الأمور التعجيزية والمطالب والأحزاب والمؤتمرات والشعارات الخيالية التي تلحق الضرر بالصامدين في الداخل، وأنا قلتها جهارا وأكررها الآن بكل وضوح وجلاء إن الذين هم في الخارج ليس من حقهم تأسيس أو اتنماء الى أحزاب لشعبنا وليس لهم الحق بأي تدخل في شؤون الداخل باستثناء المساعدات المالية والمساهمة في مشاريع إقتصادية في بلدات وقرى شعبنا للمشاركة في تطويرها، إذا كانوا حقا أوفياء نافعين لشعبهم، لأن الموجود في الخارج يعمل في أرض خالية من فائدة لاستقرار وبقاء شعبنا بخصائصه الكاملة، كما أن علاقته تنقطع نهائيا مع الأمور القومية واللغوية والثقافية لشعبنا مع أبنائه وأحفاده .. أما الـذيـن هـم في الخـارج - أفـرادا وجماعـات - ويريـدون التدخل في قضايا شعبنا في الداخل، فينبغي عليهم أولاً العودة الى مناطق شعبنا في شمال العراق – كما عاد كثيرون، وثم من حقهم وبكل الحق والحرية التدخل كما يشاؤون وحتى بأقصى درجات التطرف إذا شاؤا .. وعجيب أمر المتدخلين من الخارج في شؤون الداخل، فمثلا، توجد قرية رائعة اسمها (بدريه) على الطريق الرئيسي من الموصل إلى دهوك وهي إلى الغرب من ألقوش، كان كل سكانها من الآشوريين (الآثوريين) وطردهم منها صدام، أسوة ً ب 183 قرية مسيحية في شمال العراق دمرها صدام بالكامل (هذا العدد لا يشمل القرى والبلدات المسيحية التي أسكن صدام المستوطنين من شذاذ الآفاق فيها) فغادروا (أهل بدرية) إلى خارج العراق، وبعد الاطاحة بصدام سيطر الكرد عليها وطلبوا من سكانها العودة إليها، كما عاد سكان غالبية القرى المدمرة الأخرى، ولكن حتى اليوم لم يعد فرد واحد من أهل بدرية إليها، ومع هذا فإن العديد من سكانها في الخارج يتاجرون بالتطرف القومي .. أليس أمرهم وكثير من أمثالهم في الخارج يدعو إلى الألم والتأمل والإستنكار ؟ !!

أستاذ جميل أنت ذكرت في احدى مقالاتك بخصوص هذا الموضوع موضحا أن قوميتنا جميعا (أتباع الكنيسة الكلدانية والسريانية والشرقية) هي آشورية، هنا يطرح السؤال نفسه : ألا ينبغي لشعب إذا يريد أن ينهض قوميا، أن لا يسمح للطائفة الكنسية بالتأثير على مصير الأمة بالشكل الذي وصلت أمورنا الى حد الانقسام ؟

هـذا أكيـد، ولكـن بدايـة أود أن أوضـح بـأنـني أفـرق بيـن الآشـوريـة ( كتسـمية في المجـالات القوميـة) والآثـورية (الدالـة على أتبـاع مذهب كنسـي مسـيحي معيـن) ووجـوب بقـاء كـل مصطـلح فـي إطـاره الخـاص مـن دون الربـط بينـهما بـادعـاءات تسـمية واحـدة سـببت اللغـة الإختـلاف فـيها باستـبدال حـرف الشـين بحـرف الثـاء، وثـم أقـول جـوابا للسـؤال : الـدين لـه إطـاره ولا يجـوز لرجـال الديـن تجـاوزه إلـى أمـور متـناقضـة مـعه في التـوحيـد وجمـع الشـمل، وكتبت أنا مواضيع كثيرة أشـرت فيـها إلى زعـماء دينـيين تـدخلوا في مجـالات ليس من حقـهم التـدخـل بـها، ونشـرت موضـوعـا فـي الزاويـة الأسـبوعـية الـتي أكتـبها بعـنوان (نسـائم الوطن) في جريـدة (العراقية) التي يصدرها الصديق موفق سـاوا في العاصمة الأسـترالية سـيدنـي، بعـنوان "رجال الدين" (الأربعاء 8/8/2007) ومما جاء فيه ".. فقد حشر هذا البعض - البعض من رجال الدين - نفسه في أمور جعلته جزء ا من الانقسامات، واصطف مع فريق في صراعه مع الفرقاء الآخرين، ومن هذه الأمور : الأحزاب السياسية والجمعيات الاجتماعية الطائفية (غير الدينية) والشؤون القومية والتكتلات المناطقية والعشائرية وتشجيع الهجرة (بالنسبة للذي يقيم في دول الاغتراب) واستغلال مقامه الديني في مراجعة سلطات البلد الذي يقيم فيه وتقديم طلبات الأقارب والمعارف ودافعي (أجور التعب) .. الخ لتسهيل تمشية طلباتهم" وفي الموضوع أمثلة عديدة في شأن الممارسات المخالفة للدين المسيحي من قسم من رجال الدين .. ولكن للحقيقة أنه يوجد أيضا رجال دين من كل المذاهب المسيحية في منتهى الروعة دينيا واجتماعيا وقوميا وثقافة عامة .

بماذا تصف السياسي الآشوري المتعلق برؤوس الطائفة التي يتبعها، حين يظن أنه ليس في الساحة القومية وعي في الوسط الآشوري بمختلف طوائفه، ويستخدم كافة وسائل الخداع في سبيل مصالح ضيقة جداً إلى حدّ الشخصية، وعدم مصداقيته بائنة للعيان ؟

أصـفه (بــالــزُوان) الـذي ينـبت فـي حقـول الحنـطة ويضــر بـها، ولكـن مصيـره في النـهايـة هـوعـزلـه عـن الحنـطة ورميـه بعيـدا، عـندمـا يـأتـي دور المـنـخـل لغـربلة الوضـع بيـن الحنـطة الصالحـة والشـوائب الطالحـــة

هل من كلمة أخيرة للشعب الآشوري ؟

أنـا أرى، أن شـعـبنا داخـــل العـراق، حـيـث أرض الآبـاء والأجـداد ومـوطـن الصـمود والبـقـاء .. بـدأ مـنـذ نحـو عـام نـهضـة جـديـدة فـي مجـالات تـرسـيخ وحـدتــه القـوميـة والإجتـماعيـة واللغـويـة وتـأكيـد هـويـتــه المـــتـميـزة، وهـو يحقـق تـقـدمـا كبيـرا وثـابتــا فـي كـل ذلــك، ولكـن عليـنا أن نـنـظـر إلـى الأمـور بحقيـقة الواقـع الـذي تـركتـه المعـاناة المـؤلـمة والإنقسـامات المـتـراكـمة، ولكـن أنـا واثـق مـن حقيقـة (كـل مـن سـار عـلـى الـدرب وصـل) وقال حكيمنا أحيـقار في نصـه الآرامي (مـن لا يـفـاخـر بـأسـم أبيـه وأمـه فلـيـت الشـمس لـــم تشــرق عليـه، لأنــه رجــل شـــريـر) .. أؤكـد أن الـذي يـهـمـني فـي المجـال القـومي لشـعـبـنا هـو الصـامـدون داخـل العـراق، لأنـهم الأمـل بـالـمسـتـقـبـل المشـرق لشـعـبـنا، وكـم هـو رائـع لـو كـل فـرد مـن شـعـبـنـا البـاقـي فـي الخـارج أن يـزور مـرة كـل عـام ديـاره الأصـليـة فـي العـراق ليـرى أي إنـجـازات رائعـة وتـأريخية يـحـقـقـهـا الصـامـدون .. حـراس الـديــار وبنـاة قـلاعـــها .

أسعدني جداً اللقاء بك أستاذنا الفاضل، على أمل أن نلتقي في مرات قادمة، وإلى ذلك الحين أتركك بخير واتمنى لك الموفقية في شؤونك وأعمالك الشخصية والمهنية ودمتم برعاية الله سالمين .

شـكـرا جـزيـلا .. المهـم أن نـنـظـر إلـى الأمـام دائمـا.. وإذا نظـرنـا إلـى الـوراء فـذاك للعـبـرة مـن أجـل المسـتـقـبـل الأفضـل دائمــا لأمــتــنــا . Opinions