Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لماذا صوم نينوى مفروض على الآشوريين فقط ؟؟

‏‏24‏/01‏/2010

إن عادة الصوم مارسها الإنسان منذ ماقبل التاريخ ولا زال لحد اليوم بغض النظر عن الدين الذي يتبعه أو الإله الذي يعبده ، وبشكل عام ، فإن الصوم من الناحية العلمية مفيد للإنسان ، وكثيرا ماينصح الإطباء مرضاهم بالصوم أو بالإقلال من مآكولات معينة وخاصة الدسمة منها ، والتي قد تضر بصحة الجسم اكثر مما تنفعه. هذا من ناحية علاقة الصوم بالجسد ، أما علاقة الصوم بالروح فهي الأكثر شيوعا بين المؤمنين ولها تأثير ثنائي على الإنسان ، تأثير روحي نفسي تجعل الإنسان متواضعا هادئا مُتَسامحا مُتحمّلا ، وتأثير جسدي يجعله نشيطا قويا ، سليما ، وصحيح البنية.
أما بالنسبة للصوم الذي نحن بصدده والذي دُعيَّ بـ( صوم نينوى ) ، فالأمر لا يختلف عن غيره من الصُوَمْ إلا من ناحية الأسباب التي تُلزمنا بأن نصومه ولمدة ثلاثة أيام متتالية . فأسباب صومنا مدة ثلاثة أيام لما يُسمى بـ( صوم نينوى ) يعود بالدرجة الآولى الى مُدَوّني كُتاب التوراة ، حيث إستطاعوا بحيلهم وبمكرهم أن يقنوعوننا نحن الآشوريون بأننا لسنا سوى أحفاد الزُناة والخطاة والملحدين والأشرار والقتلة المجرمين الذين كانوا يعيشون في مدنية نينوى ، { وكأنه لم تحدث شرور وفواحش عند الشعوب الأخرى إلا عند الآشوريين } . فرأفة بهم من قبل اله اليهود ( يهوا) فقد أوعز يهوا الى نبيه يونان بن أمتاي أن يتوجه الى مدينة نينوى العظيمة لينادي فيهم بأن يتوبوا ويترفعوا عن شرورهم وآثامهم ، حتى لا تُدمّر مدينتهم بالكامل على رؤوسهم قائلا:
" قُمِ اَذهَبْ إلى نينَوى، المدينةِ العظيمةِ ونادِ بأنَّ أخبارَ شُرورِها صَعِدت إليَّ "
يونان ( 1ـ 2 )
" قُمِ اَذهَبْ إلى نينَوى، المدينةِ العظيمةِ، ونادِ بما أقولُه لكَ » يونان.( 3 ـ 2 )
" فقامَ يونانُ وذهبَ إلى نينَوى كما كلَّمَهُ الرّبُّ، وكانت نينَوى مدينةً عظيمةً جدُا يستَغرِقُ اَجتيازُها ثلاثةَ أيّامِ. فدخلَ يونانُ إلى المدينةِ، وسارَ فيها يومًا واحدًا وهو يُنادي ويقولُ: «بَعدَ أربعينَ يومًا تُدَمَّرُ نينَوى» فآمنَ أهلُ نينَوى باللهِ ونادوا بصومِ ولَبِسوا مُسُوحًا، مِنْ كبـيرِهِم إلى صغيرِهِم يونان"(3 , 3-5 )
وبلَغَ الخبَرُ مَلِكَ نينَوى، فقامَ عَنْ عرشِهِ وخلعَ عَنه رداءَهُ ولبِسَ مِسْحًا وجلسَ على الرَّمادِ. وأمرَ أنْ يُنادَى ويُقالَ في نينَوى: «يأمرُ المَلِكُ وعُظماؤُهُ أن لا يذوقَ بشَرٌ ولا بهيمةٌ شيئًا وأن لا يَرعَى بقَرٌ ولا غنَمٌ شيئًا، ولا يشربُ ماءً وأنْ يلبَسَ البشَرُ معَ البهائِمِ مُسوحًا، ويَصرُخوا إلى اللهِ بشدَّةٍ ويرجعوا عَنْ طريقِهِمِ الشِّرِّيرِ وعَنِ العُنفِ الـذي فعَلَتْهُ أيديهِم، لعلَ اللهَ يرجـعُ ويندَمُ، ويعودُ عَنْ شدَّةِ غضبِهِ فلا نَهلِكُ».فلمَّا رأى اللهُ ما عَمِلوهُ وأنَّهم رَجعوا عَنْ طريقِهِم الشِّرِّيرِ، نَدِمَ على الدَّمارِ الـذي قالَ إنَّه يُنزِلُهُ بِهم، ولم يفعلْ.) ( 3 : 6 ـ 10 )
...ولو ناقشتَ اليوم أي أشوري عن سبب صيامه لصوم نينوى حتما، سيعيد على مسمعك أسطوانة النبي يونان ، والتي سمعها مرارا لكثرة تكرارها من قبل أبأؤنا الأجلاء في الكنائس خلال موعظة قُدّاس اليوم الثالث لـ ( صوم نينوى ) من كل سنة , كيف أمر الله النبي يونان بالتوجه الى نينوى ، وكيف كان يريد الهرب من المهمة ، وكيف هاج البحر ، وكيف أُلقيَ يونان في البحر فإبتلعه الحوت ، وكيف كان يصلي داخل جوف الحوت ثلاثة أيام ، وكيف سار مدة ثلاثة أيام الى نينوى ، وكيف ملكه الغضب لأن الله لم يدمر نينوى ... الى آخر هذه الأسطونة. ولذلك فإن الآشوريون وحدهم فقط يصومون هذا الصوم لحد اليوم لسببين لا أكثر.
السبب الأول:
يعود لجهلنا للخفايا والنوايا السيئة لكُتّاب التوراة الذين لم يذكروا أجدادنا الأشوريين إلا بالسوء والشر، والذي يُطالع كتاب التوراة سيرى فيه إن إن أنبياء اليهودب عاشو كل أوقاتهم في حروب وصراعات وزرع الفتن وإقتراف الآثام والشرور والعيش في تناقضات وخلافات حتى مع ألههم بدأ من سفر التكوين حتى آخر سفر فيها وهو سفر الملاخي ، ولم نجد هؤلاء الأنبياء يتفقون معا على اي موضوع حتى سوى موضوع واحد وهو الإساءة الى الآشوريين وتشويه حضارتهم .
وهذا ما أمرَ الرّبُّ على الأشُّوريِّينَ: «لا يكونُ لكُم نَسلٌ يَحمِلُ اَسْمَكُم فيما بَعدُ، ومِنْ بَيتِ إلهِكُم أُزيلُ التَّماثيلَ والمَسبوكاتِ، وأجعَلُ قُبورَكُم كأنَّها لمْ تكُنْ».ناحوم (1 : 14)
وَيلٌ لمدينةِ الدِّماءِ! يملأُها الغَدْرُ والرُّعْبُ ولا يَجولُ فيها طَرْفٌ.ناحوم ( 3: 1 )
´سَقُمَتْ عِظامُكَ، فلا جبْرَ لِكَسرِكَ. كُلُّ مَنْ يَسمعُ بِخبرِكَ يُصفِّقُ علَيكَ بالكَفَّينِ ´ناحوم ( 3 : 19 )
يقولُ الرّبُّ القديرُ إلهُ إِسرائيلَ: سأُعاقِبُ مَلِكَ بابِلَ وأرضَهُ كما عاقَبْتُ مَلِكَ أشُّورَ " إيرميا (50 : 18 )
والسبب الثاني:
لأننا مثل الببغاء ، أو كمن يمشي في المنام تحت تأثير التنويم المغناطيسي ، لا نعي مانردده ومانقول ومانفعله.. .
أما الحقيقة المهمة التي يعرفها كل مُطلع وباحث عن هذا الصوم ، منشأه ، تاريخه ، مصدره .... فإنه يعرف حق المعرفة بأن صوم نينوى وبمضمونه الحالي والتي ترسخت صورته وإنطبعت في العقل الباطني لأبناء شعبنا الآشوري ، لم يكن هذا الصوم وبهذا المضمون والمعنى ، موجودا حتى عهد الجاثليق حزيقيال(570-581)م ، حيث في عهده حَدَثَ أن إنتشر وباء الطاعون المميت في المنطقة ، وقد أصيب به خلق كثير، فطلب أسقف نينوى آنذك من رعيته أن يصوموا ثلاثة أيام للرب ليبعد هذا الوباء عن البلاد . ومنذ ذلك الحين سُمي هذا الصوم بباعوثا دنينوايه ،وكلمة (باعوثا) تعني (الطلب) في اللغة الآشورية .
وأيضا يؤكد مارديونيسيوس بن الصليبي 1171م في كتابه المجادلات بأن ماروثا مفريان تكريت هو الذي أمر بإستعمال صوم نينوى سنة 649 م . وكذلك ورد في مخطوطة سريانية أخرى: أن مار يوحنا أزرق أسقف الحيرة هو وضع طقس الباعوث لصوم نينوى ، وهو الذي وضع الصلوات الطقسية الخاصة بهذا الصوم أيضا ورتبها واقرها ايشوعياب الثالث 694م .
وإن هذه الدلائل لا تقودنا الا الى نتيجة واحدة وهي : بأن صوم نينوى لم يكن موجودا قبل أكثر من 1500 سنة من الآن . والسؤال المطروح هو:
إذا لماذا الإصرار من قبل آباؤنا الكهنة بربط هذا الصوم بقصة النبي يونان وبخطايا وكفر وأثام أهل نينوى ؟؟ في الوقت الذي هم يعرفون هذه الحقائق أكثر من غيرهم ؟؟؟
اليس الأجدر بهم أن يطلبوا من أبناء كنائسهم الآشورية متابعة هذا الصوم والإستمرار به ، ليس لأنه تكفير عن خطايا وآثام أهل نينوى ، إنما لإحياء ذكرى سقوط عاصمة الآشوريين نينوى سنة 612 ق.م لعلى وعسى نتجنب سقوط آخر!! لأن نينوى لم تسقط بسبب ( آثامها وشرورها أمام الله ) ، إنما سقطت لسبب واحد وهو تآمر اليهود عليها وخيانتهم لها وبإعتراف أنبيائهم . لأن شرور وآثام الآشوريين لم تكن أكثر من شرور وآثام اليهود أنفسهم حيثُ هم أنفسهم يعترفون بذلك . فكل الجهود والقرابين والذبائح التي بذلها أنبيائهم لأجل خلاص شعبهم الجاهل والمتخلف والتائه في صحراء سيناء ، لم تنفع بإقناعه بالعودة الى إطاعة إلههم ، فما أن ينتهي إجتاع تقديم الذبيحة لإلههم ، حتى تراهم يعودون الى ممارسة آثامهم وأفعالهم الشنيعة من جديد ، الى أن وصلت شرورهم الى الله على حد تعبيرهم .

{ وعمِلَ بَنو إِسرائيلَ الشَّرَ في عينَيٌ الرّبٌ } قضاة ( 6 : 1 )
{ وفعَلَ بَنو إِسرائيلَ الشَّرَ في عينَيٌ الرّبٌ ونسَوا الرّبَ إلهَهُم وعبدوا البَعلَ وعَشتاروتَ} قضاة ( 3 : 7 )
{ وعادَ بَنو إِسرائيلَ وعَمِلوا الشَّرَ في عينَي الرّبٌ،. } قضاة (13 : 1)
{ وعادَ بَنو إِسرائيلَ فعَمِلوا الشَّرَ في عينَيٌ الرّبٌ بَعدَ موتِ إهودَ، } قضاة ( 4 : 1 )

لكن هذا الإله لم يفكر قط بأن يدمّر مدنهم الخاوية على رؤوسهم بسبب تلك الشرور والآثام والأفعال الشنيعة ، إنما لفت إنتباهه فقط الآشوريون في مدينة نينوى العظيمة صاحبة الحضارة ، ليدمرها على رؤوس أبنائها بسبب آثامها على حد تعبير كتبة التوراة في سفر النبي يونان !!! .

والواقع فإن كل المكتشفات الأثرية والرقم الطينية والكتابات المسمارية في موقع نينوى، لم تشير بأي شكل من الأشكال بقدوم النبي يونان الى نينوى ، أو قيام أهل نينوى بالصوم لمدة ثلاثة أيام متواصلة مع مواشهم وأطفالهم دون أكل ودون شرب . لأن مثل هكذا حدث ما كان ليمر دون أن يدوّن على لوح أو على جدارية أو رُقيم طيني ، كما هو الحال في تدوين أمور أقل أهمية من هذا الحدث بكثير ، مثل عقد تجارية ، عقد زواج ، سرد حوادث تاريخية ... .
ومن ناحية أخرى هل من الممكن أن نجمع الحار والبارد على سطح واحد ؟؟ هل من الممكن أن يكون أبناء نينوى العظام، أصحاب أعظم حضارة عرفتها الإنسانية، قمت بتهذيب شعوب العالم ونقلتهم من الحالة الوحشية البدائية الى الحالة الإنسانية الواعية ، وأرشدتهم لعبادة الله ، وإستنبطت القوانين ووضعت الشرائع التي تنظم المجتمع البشري وتطوره ... هل يعقل أن يكونوا هؤلاء بمستوى ذلك الوصف المهين الذي جاء على لسان كُتّابْ التوراة ( المتوحشين ، القساة ، المجرمين ،القتلة ، فاعلي الشر بعين الله ...) ؟؟
ومن ناحية أخرى كيف يستسيغها عقلنا ، بأن ملكا جبارا مثل ملوك الآشوريين ، شملت أمبراطوريته معظم بلاد الشرق الأدنى ، كيف يُعقل أن يصغي ويطيع أمر يونان ويرتد مباشرة هو وكل شعبه وخلال ثلاثة أيام فقط من عبادة الإله السماء آشور ، أو كما يسميه اليهود إله الأوثان، ليعود الى عبادة يهوا إله يونان اليهودي ؟؟ هذا إذا إعتقدنا جدلا إن يونان فعلا وصل الى نينوى عاصمة الآشوريين وبشّر فيها !!
لكن في الحقيقة فإن يونان لم يصل الى نينوى ، ولم يراها إطلاقا حتي يتم له التبشير بآلهه هناك ، وكل ما كُتب عنه وعن تبشيره في نينوى تلفيق من قبل كَتَبَة التوراة علما إن النبي يونان بريء عن كل ماجاء في سفره عن نينوى.

الباحث كمال صليبي يفند إدعاءات النبي يونان
يقول كمال الصليبي في كتابه خفايا التوراة وفي الصفحة 281 من الكتاب :
{ يعتقد معظم أهل الإختصاص بأن تدوين سفر يونان تم في العراق قرابة 350 أو حتى 250 قبل الميلاد .
أما المصادر التي أخذت عنها قصة يونان ، فلا بد من أنها أقدم بكثير من نصها المدوّن كما نقرأه اليوم . ومن الدليل على ذلك ان هذا النص يحتوي على اسماء كثيرة للأماكن أبقاها المدون العراقي كما سمعها من الرواة أو قرأها في المصادر التي كانت لديه، دون أن تكون له أية معرفة بمواقع الأماكن التي تشير إليها هذه الأسماء . ولم يُغيّر من أسماء الأماكن هذه إلا واحدا كان في الاصل ـ على مايبدو ـ نِزْوًه ، فحوّله الى نينوى ( نينوه ) .
وبمعنى آخر فإن نينوى عاصمة الآشوريين لم تكن هي المدينة التي زارها النبي يونان ، بل كانت نِزْوَه وليس نينوى ( نينوه ) . لكن كما ذكرنا، فإن كتبه التوراة حرفوا الكلمة ليعنوا بها نينوى عاصمة الآشوريين للتشفي بالآشوريين ليس أكثر . فكل الأدلة تؤكد بأن النبي يونان لم يطأ نينوى عاصمة الآشوريين إطلاقا ،لأن النبي يونان عاصر عهد الملك شلمانصر الثالث وتوكلت نينورتا الثاني في حوالي سنة 862 ق.م أي قبل أن تنتقل عاصمة الآشوريين من مدينة سرجون ( شارو_كين ) الى نينوى في عهد الملك سنحاريب ( 705- 681 ق.م ) حيث إستمرتْ نينوى كعاصمة للآشوريين حتى سقوطها . أي إن نينوى في زمن النبي يونان لم تكن مهمة حتى عهد الملك سنحاريب الذي جاء بعد عصر يونان بحوالي مائة سنة .
ولمطابقة التواريخ نعود الى سفر الملوك الثاني الإصحاح الرابع عشر السطر الثالث والعشرون يقول :
" في السَّنةِ الخامِسةَ عَشْرَةَ لأمَصْيا بنِ يوآشَ مَلِكِ يَهوذا، ملَكَ يَرُبعامُ بنُ يوآشَ على إِسرائيلَ بِالسَّامِرةِ إحدى وأربَعينَ سنَةً. وفعَلَ الشَّرَ في نظَرِ الرّبِّ وما حادَ عَنْ جميعِ خطايا يَرُبعامَ بنِ نَباطَ الذي جعَلَ شعبَ إِسرائيلَ يَخطَأُ. وهوَ الذي اَستَرَدَ لإِسرائيلَ الأرضَ التي خسِرَتْها مِنْ لَبو حماةَ في الشَّمالِ إلى البحرِ المَيتِ جنوبًا، كما قالَ الرّبُّ على لِسانِ عبدِهِ يونانَ بنِ أمتايَ النَّبيِّ الذي مِنْ جتَ حافِرَ. الملوك الثاني ( 14 : 23-25 )
ويُقال ـ والكلام للباحث كمال الصليبي ــ إن يونان تنبأ بتوسع لمملكة إسرائيل ،في عهد يربعام بن يُؤآش الذي كان ملكا على إسرائيل في السامرة سنة ( 786 ــ 746 ) ويستنتج منه إن يونان إما كان نبيا معاصرا للملك يربعام المذكور ، أو سابقا لعهده بمدة قليلة ، وبمعنى آخر إنه كان من أنبياء القرن التاسع أو الثامن قبل الميلاد .
والواضح من هذا الكلام إن أهالي المدينة كانوا يعبدون نفس الإله الذي كان يعبده يونان ، والواضح أيضا من الكلام نفسه إن نينوى كانت مدنية يعتمد إقتصادها على البهائم مثل الأبقار والأغنام ، علما إن هذا الوصف لا ينطبق على نينوى التي كانت عاصمة المملكة الآشورية بشمال العراق حتى آواخر القرن السابع قبل الميلاد ، وهي كانت مركزا لا لرعاية المواشي وتسويقها ، بل لأمبراطورية عسكرية كانت لها المكانة الأولى بين دول الشرق الأدنى في زمانها . أضف الى ذلك إن نينوى عاصمة الآشوريين كانت لها أديانها الخاصة بها ، ولم يكن أهلها ولا ملوكها في أي وقت من الأوقات على دين يهوه، أو على دين يونان .
ولما لم ينفذ الإله قراره بتخريب نينوى ، قائلا : أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة الكبيرة التي يوجد فيها أكثر من إثنتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شماله ، وبهائم كثيرة ؟؟
وهذه إشارة أخرى الى إن إقتصاد نينوى كان يقوم أساسا على إقتناء البهائم ، ويبدو أن هذه المدينة كانت سوقا للماشية في منطقة رعوية غنية ، وهي لم تكن إطلاقا نينوى عاصمة آشور ، إنما كانت ( نِزوَه ) في الجنوب حيث مركز للماشية والأبقار والمراعي .
فالإعتقاد السائد هو إن أحداث قصة يونان جرت بين سواحل يافا بفلسطين ومدينة نينوى بشمال العراق ، والمسافة بين المدينتين هي أكثر من 1400 كم وإن إجتيازها مشيا أو على الدواب يحتاج الإنسان الى مالا يقل عن شهرين ، وفي سفر اليونان يذكر إن المسافة الى نينوى هي ثلاثة أيام ، وهو قطعها بأربعة أيام لأنه دار حول المدينة بيوم واحد } " إنتهى الإقتباس ".

أما إذا كنا لا نستطيع التخلي بسهولة عن هذا الصوم وعن تسميته بباعوثا دنينوايه ، لأنه ترسخ في عقلنا الباطني مثل ترسيخ الكثير من المغالاطات التي تسيء الى أجدادنا الآشوريين وحضارتهم ، ونستمر بتكرارها يوميا بوعي أو بدونه ، فإننا على الأقل نقدر ونستطيع أن نوجهها لما هو لصالح شعبنا وأمتنا وكنيستنا بآن واحد ، فبدلا من أن نربط هذا الصوم بقصة النبي يونان ونردّد أسطوانة كتبة التوراة في سفر يونان ،فالأجدر أن نصوم صوم نينوى لأجل أهل نينوى اليوم ونطلب من إلهنا الحي أن يوقف سيف التشريد والقتل والخطف الذي يلاحق أهلنا وأبناء شعبنا في بيوتهم ومدنهم وقراهم في الموصل وضواحي نينوى بشكل خاص والعراق بشكل عام .
يمكننا أن نصوم صوم نينوى لأجل أن ينير الهنا السماوي عقول قادتنا الروحيين والعلمانيين لتتوحد طوائفنا وكنائسنا الآشورية وتعمل معا بقلب وبيد واحدة كما علمنا ربنا يسوع المسيح.
يمكننا أن نصوم صوم نينوى لنعود الى رشدنا ونعرف أنفسنا من نحن.
يمكننا أن نصوم صوم نينوى لأجل أن يقف الله معنا وليس ضدنا في محنتنا اليوم
وأخير يمكننا أن نصوم صوم نينوى لأجل نشر السلام في وطننا ، وليس لأجل رفع أثام لم يقترفها أجدادنا .
Opinions
الأرشيف اقرأ المزيد
توالي ردود الفعل الغاضبة توالت ردودُ الفعل ِالغاضبة على التفجيراتِ التخريبيةِ التي طالت امس عدداً من الكنائس ِفي بغداد وكركوك، واكد المُنَددونَ بهذه التفجيرات ان هدفـَها البعيد القاء القبض على ستة ارهابيين مشتبه بهم في الموصل شبكة اخبار نركال/NNN/ الموصل, العراق / افادت القوات المتعددة الجنسيات بأن قواتها وقوات الامن العراقية في حماس تتعهّد حماية مسيحيي غزة تباين:تعهد القيادي في حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في قطاع غزة محمود الزهار امس حماية المسيحيين داخل القطاع من اي اعتداء قد يتعرضون له من عناصر مسلحة، اثر تفاعل قضية الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد خاطفو الرياضيين يطلقون مدير نادي الطلبة بغداد ـ «الشرق الأوسط»: أفرج امس عن مدير فريق نادي الطلبة العراقي لكرة القدم احمد صبحي الذي اختطف اول من امس مع رئيس اللجنة الاولمبية العراقية احمد عبد الغفور السامرائي وعدد من مسؤوليها، حسب مدير مكتب رئيس اللجنة الاولمبية محمد الهبش.
Side Adv2 Side Adv1