Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

لماذا يؤيد الحزب الآشوري الكوتا المسيحية رغم تناقضها مع مبادئه القومية ؟

habeebtomi@yahoo.no
نحن مبدئياً مع حزب آشوري قوي متين على ان لا يتسم بالتعصب وألأقصاء لأي مكون قومي عراقي ، لقد كان للحزب الآشوري ( اقصد هنا الأحزاب الآشورية كالحركة الديمقراطية الآشورية والحزب الوطني الآشوري والمنظمات الآشورية قبل 2003) ، ثم تأسس الحزب الآشوري الآخر مؤخراً في اقليم كوردستان والذي اتخذ لنفسه تسمية المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري .
كان لتلك الأحزاب قبل 2003 توجهات قومية صحيحة غير مسيّسة همّها الأول ينحصر في الهاجس القومي ، ورغم هذا التوجه الذي كان ينبغي ان يكون مثالياً وإنسانياً باعتباره يدافع عن حقوق شعب مشرد ومضطهد ، لكن هذا الحزب تخللته بعض مظاهر التعصب والشوفينية ، لا سيما نظرتهم الى التوجه القومي الكلداني ، معتقدين ان عدم نشاط منظمات كلدانية تعني عدم وجود قومية لهذا القوم ، وفعلوا المستحيل في سبيل ان لا تنبثق مثل تلك الأفكار .
كانت الأتصالات بشخصيات ومثقفين كلدان في مطاوي التسعينات من القرن الماضي ، بغية إبعادهم عن جهود بناء فكر قومي كلداني ، وكان ذك يندرج في عِداد تلك المحاولات التي يمكن إدراجها ضمن المحاولات الرامية الى خنق تلك الأفكار وهي في مهدها ، وقد افلحوا مع بعض الشخصيات وفشلوا مع اخرين واهم هؤلاء الذين تصدوا لهم بثبات ، كان المناضل توما توماس الذي لم يقبل بدفن القومية الكلدانية والتاريخ الكلداني والمآثر الكلدانية قرباناً لرغبة القوميين المتزمتين من الاشقاء الآشوريين .
نأتي الى مربط الفرس في هذا المقال وهو ان الحزب الآشوري بعد ان استلم دفة قيادة المسيحيين من الحاكم الأمريكي بول بريمر ، الذي اثبت غباؤه وجهله بالتاريخ العراقي وتخبطه بالعمل السياسي ، على الأقل على الساحة العراقية ،لا سيما ما يخص شعبنا الكلداني ، فقد سلم هذا الشخص مقاليد المسيحيين ومصير الشعب الكلداني بيد الحزب الآشوري المتمثل في الحركة الديمقراطية الآشورية ، وفي هذه المحطة امتلأ الأخوة الآشوريين بمظاهر الغرور والتعالي ، واصبح همهم الوحيد بدلاً من توحيد شعبنا المسيحي بكل مكوناته من كلدان وسريان وآشوريين وارمن في خطاب واحد وهدف واحد ، عكفوا بدلاً من ذلك إعلاء شأن القومية الآشورية كقومية راجحة وعملوا على تبخيس ما سواها ، لا سيما ما يخص القومية الكلدانية العراقية الأصيلة والتي تعتبر ثالث قومية عراقية في الخارطة القومية العراقية ، واعتبروها مجرد مذهب كنسي ديني ، الجدير بالذكر حتى خريجي مدارس مكافحة الأمية ، يعرفون بأنه لا يوجد مذهب كنسي اسمه المذهب الكلداني .
ثم بعد ان يئسوا من مسح التاريخ القومي لغيرهم دأبوا على اختراع صيغ عقيمة لجمع التسميات ولتبخيس الآخرين منها الكلدو آشورية واخرى كلدان سريان آشور ومن ثم سورايي التي تعني عندهم الآشوريين لا اكثر ، مع احتفاظهم باسم احزابهم الآشورية وفضائياتهم وصحفهم ومواقعهم الآشورية .
وبعد ان انبثق حزب المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، فإن هذا الحزب الذي انبثق بقوة في اقليم كوردستان ، استقطب شريحة كبيرة مخلصة همها العمل بإخلاص وتفان والاسماء معروفة ولا امنح نفسي حق ذكر اسماءهم ما دمت لم لم اتصل بهم ، لكن يبدو ان تلك الشريحة الرائدة أزيحت عن المسرح تحت سطوة قوة أخرى تغريها الأمكانيات الكبيرة لهذا الحزب من الثروة المالية والمعنوية والإعلامية ، ورغم إزاحة تلك النخبة المؤسسة استطاع هذا الحزب استقطاب قوة بشرية واسعة متسلحاً بثروة مالية كبيرة يسيل لها اللعاب ، فكان بؤرة جذب اوساط كثيرة منهم محتاجين الى العمل ، وآخرين بحاجة الى العون المادي ، وغيرهم أرباب عمل ، وآخرين كتّاب يوظفون اقلامهم لنيل فائدة بشكل من الأشكال .
ولا يمكن نكران وجود شريحة منهم تعمل بدافع الأخلاص بشكل شفاف رغم كل تلك المغريات ، كما ان لهذا الحزب فضائية وهي فضائية عشتار الآشورية التي ضيقت من توجهاتها السياسية الى ما يخدم خطابها السياسي الحزبي فحسب .
بهذه الأمكانيات المادية للحزب الآشوري ومستخدماً ماكنة إعلامية كبيرة استطاع هذا الحزب ان يفرض طوق من حديد على كل فكر يدعو الى انبثاق مشاعر قومية كلدانية في اقليم كوردستان ، بل افلح بما فشلت به الحركة الديمقراطية الآشورية والأحزاب الآخرى في تبديل صيغة المسودة للدستور المؤقت لاقليم كوردستان رغم تضاربها الصارخ مع صيغة الدستور الرسمي للدولة العراقية الفيدرالية .
بعد ان هيمنت الأحزب الآشورية على الساحة السياسية لشعبنا بفضل إمكانياتها الكبيرة ، باشرت هذه الأحزاب في التناكف والتنافس فيما بينها للحصول على اكبر حصة من الكعكة ، فقد قضوا على المعنى القومي لتمثيلنا ، فلو كان الأمر حسب التمثيل القومي لكل قومية فستكون الكوتا كالآتي :
ثلاثة مقاعدد للكلدانيين
مقعد واحد للاشوريين
مقعد واحد للسريان
مقعد واحد للارمن
وهذا لا يلائم مع الطموحات السياسية للحزب الآشوري للهيمنة على كل الكعكة ، او على الأقل ان يكون له حصة الأسد منها ، فكما اسلفت فإن الكوتا القومية تضع الآشوريين في مؤخرة القائمة ، فاطلقوا شعار الكوتا للمسيحيين ، وبهذه الحالة يمكن الألتفاف على المعادلة الديموغرافية بشعارات ثورية وحدوية ، وباعتبارنا جميعاً مسيحيين .
وهكذا نزل الآشوريون متسلحين بإمكانياتهم الأعلامية والمادية ، ونزل الكلدانيون في اللعبة الأنتخابية وهم مكتوفي الأيدي ، ولا يستطيعون مجاراة السباق غير المتكافئ فالظروف كلها ليست في صالحهم .
وهكذا ترك الحزب الآشوري مبادئه القومية قرباناً للهيمنة على المسار السياسي الذي يسيل له اللعاب للحصول على المكاسب السياسية المترتبة على ذلك ، فكان التنازل عن المبادئ القومية التاريخية بتقزيمها واختزالها بتمثيل ديني مسيحي فقط ، ففي هذه الكوتا تكمن أسرار الهيمنة على الساحة السياسية ، اما المبادئ القومية فاقرأ عليها السلام رجاءً .
حبيب تومي / اوسلو في 01 / 02 / 2010

Opinions