ليس بالسلاح وحده يذبح الآشوري بل بكل رشفة عسل مسموم..
إلى أرواح شهداء مذبحة سميل وصورية الذين رسموا بدمائهم التاريخ الآشوري الحديث .لا احد منا من أبناء الأمة الآشورية لم يتربا على قصص ومآسي مذبحة سميل وصورية, ولم يرضع الغيرة والقوة من أحداثها الأليمة . من منا لم تمر عليه هذه القصص سواء كانت طريق احد الأجداد أو من خلال الكنيسة أو عن طريق الكتب والمجلات التي تحدثت كثيرا عن هذا الحدث التاريخي , الذي أصبح واحدا من أهم موروثاتنا الحضارية والتاريخية والذي يختزل آلاف السنين من قصة شعب حارب وناضل من اجل تعزيز جذوره في عمق ارض الرافدين . ومن منا لم يسمع بأول مذبحة ترتكب في تاريخ العراقي الحديث. تلك المذبحة التي أسالت دماء الآلاف من الأطفال والنساء , الشيوخ وخيرة الشباب من أبناء آشور , والسبب هو لأنهم شعب أرادوا أن يثبتوا للعالم أنهم أبناء الأرض التي لبست الدجلة والفرات شالا أزليا لها وبأنهم أحفاد من مدوا أيديهم شرقا حتى الصين وغربا حتى بلاد الفراعنة . لقد ذبحوا لأنهم أبناء أول من اخترع العجلة وأول من وضع أسس الرياضيات والهندسة والطب , وأول من أمن وأبحر بعلوم الفلك . لقد ذبح أبناء الأمة الآشورية على أيدي من شاطرنا التاريخ و الأرض والماء والهواء والذي اعتقد يومها انه يضع نهاية لحضارة بدأت منذ الوقت الذي لمست الشمس ارض الرافدين ومن اللحظة التي نبتت فيها أول فكرة وأول كلمة وأول نخلة . لكن ابن الأرض ما كان ليذبح يومها وما قبل لنفسه أن يمسح وجوده وان تبتر جذوره بل جدد عرسه للأرض فسقاها من دمه وفداها بفلذة كبده فأهدانا أرضا معمذتا بروحه مباركتا بجسده .
لقد رسم أجدادنا لنا الطريق نحو الخلاص معلما إيانا إن كل ما يوهب للأرض هو ارخص ما يكون مهما غلى ثمنه . لقد فدانا أجدادنا بأرواحهم كي يقولوا للعالم كله أن ما ورثناه من آبائنا نهبه لأحفادنا وهاهم أحفاد أولائك الإبطال ألان يعبثون بثروتهم . هاهم اليوم أحفاد الإبطال يصنعون من تاريخهم رمادا يذروه تحت أقدام واهبي الأموال ها هم أبناء من زرع الأرض سلطانا وشموخا يترامون في أحضان أحفاد من كان ولا زال يحمل السيف لذبحنا . لقد ذبحنا بالأمس بسيوفهم المسنونة واليوم نذبح بقوارير عسلهم المسمومة ذلك العسل الذي يلبس في كل مرة رداء جديد فمرة نراه بحلته الخضراء وبزي الدولارات ومرة نراه بيتا ورديا في قرانا ومرة يلبس زي كنيسة جديدة تبنى على أساس ما بني بعرق أجدادنا ومرة أخرى نراه يخرج إلينا شبكة من صليب بطرك أو مطران ليجمع أبناء الأخيار ليحولوهم إلى عبيدا لا أحرار . فاعذرونا يا أجداد الأرض فقد بدلنا دمائكم الزكية بعسل مسموم وقد بدلنا تاريخكم بطريق آخر مرسوم , لقد أعطيتمونا اسمكم فبدلناه بآخر مقطعا وموصول وهبتمونا الأرض فحولناها خبزا يشبع بطوننا وما يدخل البطون مصيره الفضلات ..... فلما نرضى أن نهب أبنائنا الفضلات ؟
مع احترامي للجميع .