مؤتمر وطني .. لماذا ؟ وكيف !
أن المتابع للشأن السياسي العراقي وما أفرزته الأحداث المتعاقبة والمفاجئات الأخيرة بين أصحاب القرار من سياسيين وقياديين ومسؤولين كبار .. وكيل الأتهامات علنا ً للبعض ومحاولات الأسقاط وتعطيل العملية السياسية هذا أذا كانت هناك عملية سياسية فعلا ً ! خاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية المحتلة وتركها البلاد فوضى على فوضى وخراب على خراب .. سيلاحظ الغرابة والعجب بين كل الأطراف المتنازعة ( على مصالحها طبعا ً ) وليس على مصلحة البلد أو المواطن .. لأن هذا آخر ما تفكر به أو تخطط له ! الغرابة في المواقف والسلوكيات للبعض .. والعجب من الأساليب والكيفيات للبعض الآخر .أن تصاعد وتيرة الخلافات والأختلافات وعدم الأتفاق بين من يفترض بهم أن يكونوا أول من يتفق ويتفاهم ويتعاون من أجل الوطن والمواطن كما أقسموا وعاهدوا حين أنتخابهم ووصولهم الى المناصب والتي كانت كما أصبح معلوما ً للكل كل همهم ومبتغاهم وليذهب الوطن والمواطن الى الجحيم , وعدم أتفاقهم وأختلافاتهم بشأن المئات من القضايا لهو دليل قاطع وبرهان أكيد على
أن وطنيتهم مزيفة وشعاراتهم كاذبة وأخلاصهم مصطنع .. وألا فما بال الخلافات والتشنجات وأختلاق الأزمات .. في وقت حرج وحساس والبلد يمر بأزمات عديدة قد تكون لها أسوأ العواقب وفي وقت عصيب الكل أحوج فيه الى التفاهم والتقارب والحوار أكثر من كل الأوقات لوضع البلد في مساره الصحيح وأنقاذه من مخاطر وتداعيات سوف يكون لها بالغ الأثر على مستقبله ككل .
ومع أستمرار الخلافات وتصاعد الأزمة وتجنبا ً لأنجراف البلد نحو أقتتال طائفي .. كانت هناك العديد من المبادرات والحلول المطروحة ومن ضمنها مبادرة الرئيس الطالباني لعقد مؤتمر وطني يضم كافة الأطراف للخروج من الأزمة التي عصفت بالكل ولا زالت .. وقد لاقت المبادرة أستجابة العديد من القادة والكتل وتأييد الكثير من السياسيين .. ولم يبقى ألا التنفيذ , ولأن المبادرة هي للمصالحة ونبذ الخلافات والنظر في مستقبل البلد في ظروف صعبة للغاية وتحولات جذرية وتهديدات خارجية ألخ .. كان من المفروض أن يهب الكل سياسيين وقياديين وكل المعنيين للحضور والأجتماع والوصول الى حلول بأسرع وقت ممكن طالما أن الأمر يخص البلد ككل , غير أن البعض لم يتفق في آلية التنفيذ للمؤتمر ! وهنا العلة الكبرى دائما ً حيث أننا متفقون أن لا نتفق ! فالبعض يريد المؤتمر في أربيل والبعض يريده في بغداد ! والبعض لا يحضر والبعض يحضر ولكن بشروط ! والعملية بين مد وجزر والحال كما هو ! ثم كان بعد عدم الأتفاق طبعا ً أن تكون هناك لجنة تحضيرية تمهد للمؤتمر .. ولا عجب في أن تكون هناك لجنة تحضر للجنة التي ستمهد للمؤتمر !! وهكذا من لجنة الى لجنة ومن أتفاق الى عدمه ومن حضور الى عدمه ومن ومن .. والأزمة مستمرة والبلد سائر نحو الأسوأ , والخلافات باقية والأتهامات والتهديدات جارية والى متى ؟؟ الله أعلم ..
ثم لو أن الكل متفق منذ البداية , ولماذا الأختلافات أساسا ً ؟؟ ولو أن الكل مخلص ووطني وغيور على مصلحة الوطن وأداء الواجب هذا أذا كان الدافع الوطنية والضمير طبعا ً , فبقليل من الحكمة , وقليل من الحوار والتفاهم و وقليل من التنازلات .. تحل المسائل وتنتهي الأزمات ولو أن الكل متفاهم ومتفهم للوضع وتداعياته وفي هذه المرحلة الحرجة بالذات .. ولو أن الكل يريد خدمة العراق وشعب العراق , ما الحاجة الى الخصومات وكيل الأتهامات والتشرذم والأبتعاد عن المصلحة الوطنية خاصة وأن الحكومة هي حكومة شراكة وطنية ! وترفع هذا الشعار منذ تشكيلها .
بعد كل هذا ما حاجتنا الى مؤتمر وطني ؟ وما حاجتنا الى لجان تعد وتمهد وتحضر لمؤتمر قد لا يقدم أو يؤخر ! في مسار العملية السياسية المحتاجة الى الكثير من الجهود والتضحيات والتنازلات .. ثم لماذا لا تكون المؤتمرات للبناء والأعمار والرقي بالخدمات .. لماذا لا تكون المؤتمرات لتصحيح الأخطاء وتفعيل الخطط وتنسيق الأمور .. للمضي بالبلد في ركب التطور والتقدم نحو الأفضل والأحسن في كل المجالات , وليس مؤتمرات لحل نزاعات السياسيين التي لا ناقة لنا فيها ولاجمل ! بل بالعكس نحن من يدفع الثمن دائما ً ! مع تقديرنا وأحترامنا لكل المبادرات الطيبة طالما كانت تخدم الصالح العام .. ثم أليست الكتل والقادة المتخاصمين والمختلفين دائما ً ! وطنيين أم ماذا ؟؟ أو لم يقسموا على الولاء للوطن وخدمة المواطن والسير بالبلد في الطريق الصحيح ؟؟ مؤتمر وطني لحل الخلافات وأصحاب الخلاف مختلفين على صيغة المؤتمر ومكان المؤتمر وحضوره ! مؤتمر وطني متى سيعقد وكيف ؟ ولماذا سيعقد ؟ أسئلة بسيطة ومشروعة ولكن أجاباتها صعبة .
25 / 1 / 2012 / كندا