Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

ماذا يعني استعادة القصر الجمهوري..؟

للسيادة الوطنية رموز وشواخص ، هي العَلم وقادة الدولة ومبانيها الرسمية.
ومن رموزها الشعار الوطني والعَلم الوطني الذي نؤدي له التحية بكل احترام وإجلال ونحن نراه بفخر يرفرف عالياً في سماء العراق وفي أرجاء الدنيا قاطبة.
ومن شواخص السيادة الوطنية قادة الدولة وشخصياتها الوطنية، حيث يحظى قادة الدولة بكل احترام وتقدير في وطنهم وفي اي مكان يحلون فيه في دول العالم، ويحتفى بهم رسمياً كتعبير عن الاحترام والاعتزاز بالشعب الذي ينتمون اليه ويتولون قيادته. واحترام القائد الوطني فضلاً عن انه رمز للسيادة فانه دليل التحضر والرقي، وهكذا ابتدعت الشعوب المتحضرة ، منذ ايام سومر وبابل واشور ، صيغاً خاصة لمخاطبة الملوك والرؤساء.
ويبالغ الشعب البريطاني، مثلاً ،بالاحتفاء بملكته ويغدق عليها كل مظاهر التبجيل والاحترام ويتكفل بكل نفقاتها ونفقات سفرها واحتفالاتها من الأموال العامة رغم انها لا تملك اية صلاحيات سوى الشكلية منها ، لانه يرى في الملكة وفي القصر الذي تسكنه رمزاً خالداً لامجاد الامبراطورية البريطانية.
وللسيادة مكان تمارس فيه هو اقليم الدولة وبشكل خاص هي ابنية الحكومة الرسمية ، سواء كان هو القصر الملكي او القصر الجمهوري او ديوان رئاسة الوزراء اوالوزارات المختلفة ، التي تدار من بين اروقتها سياسة الدولة الداخلية والخارجية وتمثل سيادتها الوطنية.
وهكذا كان القصر الجمهوري العراقي احد شواخص السيادة الوطنية ورمز من رموزها ايضاً.
هذا القصر شيدته الاسرة المالكة العراقية ولم يتح لها ان تسكنه وكذلك الحال مع الزعيم خالد الذكر عبد الكريم قاسم حيث كان قد اتخذ وزارة الدفاع مقراً له. ليدخله عبد السلام عارف لاول مرة ومن ثم اخيه عبد الرحمن عارف رحمهما الله.
هذا القصر الجمهوري كان قد وقع اسيراً بيد عصابة ما لبثت ان جعلت منه مقر للتأمر على الشعب والإنسانية ، وصدرت منه جل الأوامر التي ألحقت اكبر الكوارث الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية بحق الشعب العراقي ، نعم منذ ذلك الوقت فقد رمز السيادة الوطنية صورته التي ينبغي ان يكون عليها .
ثم ما لبثت تلك العصابة ان فقدت سيادتها عليه بفقدان العراق لسيادته بعد قرارات الوصاية الدولية واخضاع العراق لأجراءات الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة التي صدرت تباعاَ منذ اوائل تسعينيات القرن الماضي.
ان تلك الاجراءات جعلت من العراق دولة ناقصة السيادة ، لان الدولة ناقصة السيادة هي تلك الدولة التي تخضع لوصاية او اشراف دولة او منظمة دولية ، وهكذا كان حال الدكتاتور وقد جعل من دولته دولة ناقصة السيادة بعد ان كانت من اوائل الدول التي نالت سيادتها في مطلع القرن الفائت ، لتدخل فرق التفتيش الدولية حتى غرف نومه في القصر الجمهوري ، بينما كان هو في خيالاته يكابر ويتحدى .
وكان على الشعب العراق ان ينتظر 17 عاماً ليسترد سيادته على وطنه ورموزه وشواخصه، تلك الأعوام التي حملت بين ثناياها كل مآسي الدنيا واحزانها ، من أحكام جائرة وحصار وجوع وفقر ومرض واحتلال وإرهاب دموي .
وعندما يستعاد القصر الجمهوري اليوم من قبل ابناء العراق ، فان لذلك عدة دلالات منها:
ـ استلامه ولاول مرة من قبل حكومة وطنية منتخبة تمثل السيادة الحقيقية للشعب .
نعم في القصر الجمهوري اليوم ولاول مرة في تاريخ العراق القديم والحديث حكومة انتخبها الشعب بكامل حريته واردته الوطنية، زحف لانتخابها الى صناديق الانتخابات بالملايين تحت قصف وازيز رصاص الإرهاب الاعمى ،ولم يتخلف عنها حتى المقعد والضرير والعجوز الطاعن في السن ، فكان بحق شعباً حراً وابياً وحياً بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معاني ودلالات.
ـ انتهاء مرحلة الاستيلاء على القصر الجمهوري عبر تدبير المؤامرات والانقلابات العسكرية ، التي ولى امرها في العراق بغير رجعة.
ونستطيع اليوم ان نردد تلك الأهزوجة الشعبية القديمة بصيغة ديمقراطية اخرى هي ( ما كو مؤامرة تصير والانتخابات موجودة ) ، بعد ان كانت صيغتها الدكتاتورية ( ما كو مؤامرة تصير والحبال موجودة ) .
فلا حبال للمعارضة بعد اليوم في العراق ، بل للمعارضة كل التقدير والاحترام وهم يجلسون على مقاعد مجلس النواب او وهم يتنافسون عليها بالطرق الديمقراطية ، ولهم الامتيازات القانونية التي يستحقونها باعتبارهم ممثلين للشعب، فاحترام المعارضة صورة من صور احترام الشعب في العراق الجديد ، بعد ان كان حكم المعارض في ظل النظام السابق هو الاعدام هو وعائلته واقاربه وأحيانا حتى أصدقائه ومعارفه.
ـ فشل وخيبة لكل المشككين بالنظام الديمقراطي في العراق الجديد ، اولئك الذين كانوا يولولون ويتباكون بدموع كدموع التماسيح ، على سيادة العراق وشعبه، فكذبوا وكنا نحن الصادقون ، فها نحن نسترد سيادتنا على ارضنا وسمائنا ومياهنا،ونسترد قصرنا الجمهوري ومنطقتنا الخضراء وكل عراقنا ، افلا يعلنون فشلهم وينضمون لشعب العراق بصدق ويشاركونه مرحلة البناء والأعمار، فحضن العراق الدافئ يستقبل كل أبنائه حتى اولئك الذين غرر بهم .
ـ انه ايذاناً ببدء عهد جديد في حياة العراقيين ، عهد طال انتظاره منذ سقوط الدولة البابلية ، عهد بناء العراق بيد أبناؤه وبناته ،عباقرة الدنيا وبناة الحضارات العظمى في التاريخ ، ليعيدوا أمجاد وطنهم ،وليساهموا كما كانوا في بناء الحضارة الإنسانية.
وهكذا أشرق يوم تاريخي خالد في حياة العراقيين له طعم خاص ونكهة فريدة ،انه يوم 1/1/2009 ليعيد للعراقيين بإطلالته البهية صورتهم المشرقة ، صورتهم وهم أسياد على ارض وطنهم وسمائهم ومياههم .انه يوم بدء نفاذ الاتفاقية الأمنية واستلام قصرنا الجمهوري ومنطقتنا الخضراء ، ليكونا بيد ابناء العراق ، اسود الرافدين الغيارى.
استلام القصر الجمهوري.. رمز للسيادة الوطنية، وثمرة مباركة للجهد الوطني العراقي.
انه يوم تاريخي خالد، وعيد وطني كبير ينبغي ان نحتفل به كل عام ونتبادل التهاني فيه ،انه عيد انتهاء عهود الظلم والتعسف والطغيان.
انه عيد انتهاء الوصاية الأجنبية، عيد استلام القصر الجمهوري.
****************
بغداد في 2/1/2009
فارس حامد عبد الكريم العجرش الزبيدي
نائب رئيس هيئة النزاهة
ماجستير في القانون
باحث في فلسفة القانون
والثقافة العامة
بغداد ـ العراق
موقعنا: الثقافة القانونية للجميع
http://farisalajrish.maktoobblog.com/
farisalajrish@yahoo.com




Opinions