Skip to main content
Facebook Twitter YouTube Telegram

متى تتوقف المهازل في العراق ؟

استاذ جامعي مستقل

يعتقد الغالبية بان ما يكتب وينشر بالعربية عن اوضاع الشعب العراقي المتردية وما يجري في اروقة مؤسساته الحكومية من فساد واهمال وجرائم قتل وتهجير طائفي شمل كل قوميات الشعب العراقي بما فيهم المسيحيون وهم أقلية تأريخية قومية مكونة من الأشوريين والكلدان والسريان..يعتقد هؤلاء بان القادة الأمريكان لا يقرأون ولا يحركون ساكنا وكأنهم ليسوا من تسبب في ذلك من جراء حربهم , فلو كانوا يقرأون ويشاهدون ما حدث من مآسي للعراقيين لما استمر دعمهم لحكومة غير كفوءة وغير قادرة على الخروج من عباءة الطائفية والمصالح الحزبية الضيقة , هكذا يعتقد الغالبية... لكن القلة الباقية يجزمون بانهم يقرأون ومطلعون على كل الأمور .

اما ما يكتب بالإنكليزية وما ينشر عن سوء ادارة الحكومة في الحفاظ على الأمن وعدم متابعتها الجادة للمؤسسات الخدمية والفضائح المستمرة في سجونها ..وآخرها ما كان يحدث في دار حنان للايتام في بغداد فانه يُفسّر من جانب مسؤولينا على انه مؤامرة تقودها اميركا للإضرار بديمقراطية الحكومة وسلامة نهجها وادارتها الشفافة { خوش تخريج } , لكنه ومع الأسف فان البعض قد آمن بأميركا وباختياراتها وانها الوحيدة القادرة على انقاذ شعب العراق , ونتيجة لهذه السذاجة استطاعت اميركا ان تخلط الأوراق وتحقق انتصارها العسكري في تدمير العراق , وفشلت حين اختارت لحكم العراق بعضا من النماذج الطائفية والتي لا يمكن مزجها ولا اندماجها لأنها لا تمت بصلة بالوطنية لأن لها ارتباطات خارجية ذات أهداف ونوايا لا تخدم وحدة العراقيين , فتصوروا مستقبل العراق !

بعد ان علم الجميع بان اميركا ارتكبت خطأ حين دمرت العراق ومزقت شعبه , ارتكبت خطأ آخر حين هيأت لإجراء انتخابات لتشكيل حكومة وبرلمان يقومون بعدها وبمباركتها بادارة شؤون العراق , فاما الحكومة ودورها فاني لا املك وصفا دقيقا لإجتماعاتها وما يدور في اروقتها , حيث قد منعت وسائل الإعلام الصادقة والتي لا تسير على هواها , الا اني استطيع ان اتصور كيف هو حالها من خلال ما يصرح به الناطق الرسمي باسمها والذي لم اسمعه يوما يقول الحقيقة فكل ما يصرح به هو تمجيد وكيل مديح لا اكثر , اما ما يجري على ارض الواقع من قتل وفساد فلا وجود في عقله , كما انه وكما نشاهده في لقاءاته يزداد عصبية عندما يسأل عن دور ايران وتدخلها في الشأن العراقي !
اما اجتماعات البرلمان فقد بدت لنا منذ الوهلة الأولى على انها غريبة الأطوار والأشكال والمصالح حتى انه في بعض جلساته يظهر لنا وكأن اعضاءه في { جايخانة وسوق هرج } كما يقول العراقيون , وهنا اذكركم واعتقد بان الغالبية يتفق معي بان ممثلي الشعب العراقي في البرلمان حين تم انتخابهم على اساس طائفي وحزبي كان همهم الوحيد الحصول على مكاسب شخصية منها الطلب بحمايتهم مرورا بتخصيص راتب تقاعدي مدى الحياة , وانتهاءا بمنحهم جوازت سفر دبلوماسية لأن عائلات غالبيتهم مقيمون في الخارج , ولا اعتقد بانهم قد اجتمعوا يوما واحدا لنقد انفسهم او لمناقشة اسباب تدهور الوضع العراقي في القتل والتهجير الطائفي ودور الميليشيات واصحاب النفوس الضعيفة من كلا الطائفتين في ذلك , لكننا نشاهدهم عندما يظهر احدهم على الشاشات ويُسأل عن الوضع الأمني المتدهور في العراق .. يستهل اجابته بالسب والشتم وإلقاء المسؤولية على تنظيم القاعدة والصداميين والتكفيريين فقط وهذه لازمة يطلقونها كافة المسؤولين في تصريحاتهم , في حين الكل يعلم بان للميليشيات التي تدعمها ايران لها اليد الأطول في القتل والتهجير والفساد الصحي والإجتماعي , الى جانب الإرهابيين القادمين من خارج الحدود !
اوليس من المضحك ان القادة الأمريكان وعلى اعلى المستويات يكيلون المديح للحكومة العراقية وبرلمانها المهزلة ويظهرون لنا غضبهم مرددين اسطوانتهم { لقد نفذ صبرنا } وكأن العراقيين غير مدركين بان سبب ازمة العراق هو في سوء اختياراتها لإدارة الحكم في العراق .

سادتي قادة اميركا هل انكم واثقون من ان القائمين على ادارة الحكم في العراق ناجحون في ارساء اسس العدالة والأمان للشعب العراقي , وهل تيقنتم من انهم قد حققوا انجازات عظيمة لخير وحدة العراق , وهل حقا ان ما نشرتموه عن مآسي الأطفال العراقيين في دار حنان للايتام في بغداد مؤخرا وما فضحتموه عن التعذيب في السجون كان مؤامرة خططتموها انتم ضد الحكومة الحالية والتي تباركونها كل يوم .

الا ترون بانه كلما زار احدكم بغداد واربيل زادت معها حدة الإنفجارات والإغتيالات والإختطافات والتفجيرات في كل محافظات العراق وخصوصاً ما يتعرض له العراقيين سنة وشيعة ودور عباداتهم وخاصة الأبرياء من اتباع الديانة المسيحية والأثنيات الأخرى , الا تشاهدون وتقرأون ما يحدث للعراق ولشعب العراق الذي دمّر بالكامل وأصبح بسبب حربكم وادارتكم لشؤون العراق يتجه نحو الجهالة والتأخر والتمزق بعيدا عن التحظر والمدنية , الا ترون بان الإرهابيين والتكفيريين والصداميين يزدادون توحداً وانضباطا اكثر منكم واكثر شراسة وهم قد يهددون الأمن والسلام البشري , الا يمكن ان تكون سياساتكم يا سادتي خاطئة وحلولكم لإرساء الديمقراطية غير ناجحة , واختياركم لمن يحكم العراق غير دقيقة ولا معقولة .

الا تشاهدون وبعد اربع سنوات من ادارتكم للعراق , ان العراقيين بكل اديانهم وقومياتهم بائسون مهجرون وان الهاربون من جحيم الإرهاب والطائفية زاد عن الأربع ملايين موزعين على مختلف البلدان العربية والأجنبية , وان البقية الباقية في العراق يلاقون الموت كل ثانية او دقيقة , وان غالبيتهم ما زالوا يعتقدون أنه كان بالإمكان تجنب الحرب ضدّ وطنهم لو انكم كنتم صادقين في اسباب حربكم , ودقيقون في اختيار رجالاتكم لحكمهم لاحقا ؟

ختاما يا سادتي .. زياراتكم الطيرانية واتصالاتكم الهاتفية ولقاءاتكم عبر الدوائر الفديوية مع كبار الساسة العراقيين { الفلتة } ومع الذين اختيروا من قبلكم لتنفيذ سياساتكم في العراق تبدو كانها ليس لها فائدة , حيث نسمع منكم في كل مرة نفاذ صبركم ازاء اداء موظفيكم الذين يحكمون العراق تحت ادارتكم وبمباركتكم , ولا ندري متى ينفذ صبركم .. الا تعتقدون ان هذه اصبحت مهزلة ؟ فالقتل والتهجيرالطائفي والفساد والدمار والغزو الثقافي والفكري مستمر , وانتم ما زلتم مستمرون في تكرار اسطوانتكم المشمروخة ..{ لقد نفذ صبرنا } ...العراقيون ينتظرون يوم نفاذ هذا الصبر, , فهل سيكون بمقدور العراقيون ان يعلموا متى سينفذ صبركم لتوقفوا من يمول القتل والتهجير وتحاسبوا الخارجون عن الطاعة ويعود العراقيون لإعادة لم شملهم ويتحقق الأمن والسلام ؟
الا تعتقدون بان الإسراع والإعلان لمحاسبة المسؤولين عن تدهور الوضع في العراق وتشكيل حكومة انقاذ العراق من رجال وطنيين لا ينتمون الى احزاب دينية طائفية ولا قومية عنصرية دليل على حسن نيتكم لتنفيذ التزاماتكم واهدافكم التي اعلنتموها قبل الحرب , اتمنى ان يرى العراقيون إجراءاتكم الشجاعة لإعادة النظر في كل سياساتكم وخاصة فيما يتعلق بـ { سيت رجالاتكم الحاكمة } فهل سيكون بمقدور العراقيون ان يعلموا متى سينفذ صبركم لتوقفوا القتل والتهجير وتضعوا حدا رسميا لتدخل ايران السلبي في الشأن العراقي , وتحاسبوا الخارجون عن الطاعة في العراق ليتمكن العراقيون في مداوات جراحهم ويعيشون مع اطفالهم في ظل الأمن والسلام .. الحقيقة يا سادتي ..ان العراقيين هم من نفذ صبرهم وليس انتم !
.
Opinions