مجلس الكنائس العالمي يفتتح غداً جمعيته العمومية التاسعة في بورتو أليغريه
17/02/2006تباين:يعقد مجلس الكنائس العالمي (WCC) جمعيته العمومية التاسعة بعنوان: "الله حوِّل العالم بنعمتك" من الغد الثلثاء 14 شباط الجاري الى 23 منه في مركز المؤتمرات في الجامعة الحبرية (CEPUC) في مدينة بورتو اليغريه البرازيلية، بعد ثمانية اعوام على جمعيته العمومية الاخيرة في هاراري – زيمبابوي عام 1998. انها اول جمعية عمومية له في القرن الحادي والعشرين، و"تطبع بداية مرحلة جديدة في البحث عن الوحدة بين المسيحيين"، على قول الامين العام للمجلس القس سامويل كوبيا الكيني، في رسالة كتبها في المناسبة. تحمل الجمعية العمومية ابعادا مهمة، اولا لانها تمثل "تظاهرة حاشدة" لألوف من مسيحيي العالم. فالمشاركون يتجاوزون الاربعة آلاف، وهم يأتون من 347 كنيسة اعضاء في المجلس موزعة على 120 بلدا وممثلة بنحو 728 مندوبا، وبينها كنائس ارثوذكسية وانجيلية ومعمدانية ولوثرية وبروتستانتية وانغليكانية، واخرى مستقلة. وفي الحصيلة، يعانق الغرب الشرق، وتتجمع القارات بافرادها في مكان واحد. كأن بورتو أليغريه تتحول مدة عشرة ايام قارة عالمية "مسيحية" واحدة، تحت انظار "ضيوف" من اديان اخرى وبمشاركتهم. كل سبع سنوات او ثمان، يتكرر المشهد. "عائلة" المجلس تتداعى من مختلف انحاء العالم، من اجل البحث في مسائل كثيرة، منها دينية واقتصادية واجتماعية ودينية عالمية، واخرى داخلية. هذه كانت الحال منذ انطلاقة المجلس في اول جمعية عمومية عقدها في امستردام في 23 آب عام 1948، "بحيث تحول منذ ذلك التاريخ "التعبير العالمي الاكثر وضوحا لمختلف تيارات الحياة المسكونية في القرن العشرين". واليوم، تأتي الجمعية التاسعة لتكمل الجمعيات الثماني السابقة، "في وقت تهيمن اللاعدالة والفقر واليأس"، على قول كوبيا الذي يشدد على ان "التحديات الضخمة التي تواجهها الانسانية حاليا توجب ان تكون الحركة المسكونية جاهزة لتميز حاسم للاشارات والازمنة وحاملة رؤية شجاعة الى الامل". العنوان المختار للجمعية يختصر تطلعات الوف المسيحيين المجتمعين في البرازيل. العالم يحتاج الى تحول جذري، وستكون الجمعية "مناسبة للالتقاء والصلاة والاحتفال والتشاور بين الوف المسيحيين" الآتين من اربع جهات الارض. ويقول المدير التنفيذي لبرامج المجلس – مكتب الشرق الاوسط ميشال نصير لـ"النهار" ان "الجمعية ستعرض عمل المجلس خلال الاعوام الاخيرة بعد الجمعية الاخيرة في هاراري، كما تقوم عمل الكنائس في ما بينها والبرامج الموضوعة". اهتمامات المجلس متنوعة وبرامجه عديدة، منها الحوار بين الكنائس والخدمة بينها، والتزام الكنائس العمل المشترك خلال السنوات العشر المقبلة على مناهضة العنف، والحوار بين الثقافات والاديان، وموقف الكنائس اليوم من العولمة، والشهادة المسيحية في العالم... وتضاف الى كل هذه القضايا، "الرؤية المستقبلية الى عمل المجلس، والتنظيم الداخلي لجهة اعادة انتخاب اللجان ورؤسائها"، ولاسيما اللجنة المركزية التي تنبثق منها اللجنة التنفيذية ويترأسها للدورة الثانية على التوالي منذ عام 1991، كاثوليكوس بيت كيليكيا للارمن الارثوذكس آرام الاول. الوجوه الشرقية حاضرة بقوة في عمل المجلس ونشاطه. فالى جانب الكاثوليكوس آرام الاول، كان بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغنطايوس الرابع احد رؤساء المجلس وأحد رواد الحركة المسكونية على الصعيد العالمي. كما انه احد مؤسسي مجلس كنائس الشرق الاوسط، "ومشهود له بانفتاحه على الحوار والعقل، حتى ان محمد علي الاتاسي كتب عنه بعد زيارته لدمشق انه "صاحب كلام العقل والقلب والعنفوان... وهو رجل كبير بتواضع جمّ يسمع كلاما على الحرية والانسان تنوء لصدقه وصراحته جدران البطريركية في باب توما"، على قول نصير.
العدالة والهوية والوحدة
برنامج الجمعية العمومية مثقل باللقاءات والنشاطات من التاسعة صباحا حتى السادسة والنصف مساء كل يوم. فبعد الافتتاح الرسمي في الثالثة بعد ظهر الثلثاء 14 منه (بتوقيت البرازيل)، تنطلق المناقشات والمداولات في اتجاهات عدة. فيناقش المجتمعون خلال خمس جلسات قضايا حساسة، منها العدالة الاقتصادية، والهوية المسيحية والتعددية الدينية، وتغلب الشباب على العنف، ووحدة الكنيسة، والله يحول العالم بنعمته. كذلك، تنطلق حوارات مسكونية مختلفة حول تغيير الاطار الديني والثقافي، وتغيير الاطار الكنسي والمسكوني، وتغيير الاطار السياسي والاجتماعي والاقتصادي العالمي. وفي موازاة كل هذا، تعرض اللجان المتخصصة تقاريرها عن عمل برامج المجلس ورؤيتها الى تطويرها، وتقدم في الوقت نفسه مؤسسات اهلية ومدنية ودينية من مختلف انحاء العالم مئات النشاطات الثقافية والدينية. وفي هذا المجال، ينظم مكتب الشرق الاوسط في المجلس ندوتين، الاولى عن وضع المسيحيين في العراق والثانية عن الحوار المسيحي – الاسلامي في الشرق الاوسط وسبل بناء مواطنة في المنطقة. ويقدم مجلس كنائس الشرق الاوسط عرضا لوضع المسيحيين في الشرق الاوسط وشهادتهم.
في كل هذا، اين نجد مشاركة الكنيسة الكاثوليكية؟ يجيب نصير ان "الكنيسة الكاثوليكية ليست عضوا في المجلس، انما لديها ممثل فقط في قسم الايمان والنظام في المجلس والذي يتولى متابعة كل الحوارات المسكونية التي تتم على الصعيد العالمي، علما انه ينظم سنويا مع كنيسة روما اسبوع الصلاة من اجل وحدة الكنائس".
بورتو اليغريه لم تختر بالمصادفة. القرار اتخذته الجمعية العمومية الاخيرة. فللمكان دلالاته العميقة التي وجد فيها المجلس استمرارا لبعض ما يسعى الى تحقيقه. ويوضح نصير ان "هذه المدينة البرازيلية تستضيف عادة المنتدى الاجتماعي العالمي الذي يقدم خيارات اخرى للعولمة المطروحة حاليا. وان وجود الكنائس في هذا المكان، كأنها تقول ايضا اننا نريد ان نفتش عن بدائل اخرى في النظام العالمي الجديد غير العادل". ومشيرا الى "ان المدينة تمثل ايضا نموذجا لنوع من عدالة اجتماعية لجهة الخدمات الاجتماعية المقدمة فيها الى المواطنين وتدني نسبة الفساد". الثلثاء تبدأ "الرحلة" المسكونية الحاشدة. تنطلق "برجاء بيسوع المسيح"، وترفع كل يوم الصلوات من اجل العالم. على الاقل تلتقي مئات الكنائس "لتؤسس" للمستقبل، ويبقى الامل ان تطلق دفعا جديدا لعمل مسكوني موحد واوسع اكثر.
الكنائس المشاركة من الشرق الأوسط
تشارك كنائس عدة من الشرق الأوسط في الجمعية العمومية التاسعة لمجلس الكنائس العالمي عبر ممثلين لها. والكنائس المشاركة هي بطريركية انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس، كاثوليكوسية بيت كيليكا للأرمن الارثوذكس، بطريركية انطانية وسائر المشرق للسريان الارثوذكس، كنيسة قبرص للروم الارثوذكس، الكنيسة القبطية الارثوذكسية، الكنيسة المشيخية في القدس والشرق الأوسط، الكنيسة المشيخية لسينودس النيل في مصر، السينودس الانجيلي لكنيسة ايران، الكنيسة الارثوذكسية في القدس، السينودس الانجيلي لسوريا ولبنان، الاتحاد الارميني الانجيلي لكنائس الشرق الأدنى.